رواية جديدة نزيلة المصحة لريناد يوسف - الفصل 36
قراءة رواية نزيلة المصحة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية نزيلة المصحة
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
الفصل السادس والثلاثون
أردف حسام مكملاً.. بعد أن اخذ نفساً عميقاً؛ إستعداداً للقادم.
ومعدوش غير يومين بس.. وكل اللي خايف منه وحسبت حسابه لقيته بيحصل.. لما لقيت سمر بتتصل بيا لتاني مره وأنا في الشغل.. فعرفت إن فيه كارثه تانيه حصلت.. فتحت السكه وأنا متوقعها هتقول أيه بنسبة ٩٠٪؛ لأني لسه كنت عندهم إمبارح، وكل الأمور كانت تمام.
وبالفعل توقعي كان صحيح، وأكدتهولي سمر وهي بتقولي بصوت بيرجف من الخوف:
-حسام الحقني ود جات هنا وإتخانقت معايا وضربتني، وكانت عايزه تموت قاسم.
أنا بمجرد ماسمعت كده غمضت عنيا بألم، وحسيت إن كل حاجه بتنهار من حواليا، وتوقعت أسواء الإحتمالات.. واللي هي إن ود تسيبني بعد اللي عرفته دا.. لكن الأسواء اللي أنا توقعته.. إكتشفت إن فيه أسواء منه.
خرجت من الشركه جري ركبت عربيتي وطلعت بيها علي الفيلا؛ عشان أكون موجود لما ود ترجع، وأحاول بكل الطرق إني أمتص غضبها، وأخفف عنها الصدمه بأي كلام وأي تصرف..حتي لو هضطر إني أطلق سمر.
إبتديت أمشي في الشوارع علي اقصى سرعه، وكسرت كل إشاره كانت بتقابلني، وفي الآخر حصلت آخر حاجه تمنيت إنها تحصل في الوقت دا بالذات..
لما لقيت إتنين أُمناء شرطه بموتسيكلات بيحاولوا يوقفوا العربيه،
لكني فضلت ماشي لغاية ماواحد منهم إتقدم عليا ووقف قدامي، وإضطرني إني أقف بالعربيه، ونزلوني، وإبتدا واحد منهم يفتش العربيه، والتاني يسألني علي بطاقتي ورخصتي..
ويادوب طلعتله البطاقه، واديته الرخصه من العربيه لقيت تليفوني رن برقم ود.. رديت عليه بلهفه وخوف عليها..
وبمجري مافتحت فضلت تصرخ في التليفون، وتشتم، وتلعن فيا بكل لغات الغضب..
وأنا فضلت أحاول إني أهديها بالكلام، لكنها ماادتنيش أي فرصه. وبعد الصراخ والشتايم صوتها هدي مره وحده.. وسألتني بصوت مكسور خلى قلبي إتمزع نصين:
-"حسام أرجوك قول إن كل دا مش حقيقي، وإنك متجوزتش عليا.. أرجوك.. حسام أنا ود حبيبتك.. فلو كنت بتهزر معايا، ولا عامل فيا مقلب، فأحب اقولك إن دا مقلب سخيف أوي وموجع فوق ماتتصور.. وإرجوك كفايه وقولي إن كل دا تمثيل..
ولما لقتني سكت.. بكت بصوت عالي وهي بترد علي نفسها:
" مادام سكت يبقي حقيقه.. حقيقه.. حسام ليه عملت فيا كده؟ طب مش إنت قولتلي قبل كده إنك مش عايز عيال، وإنك عايزني أنا بس.. غيرت رأيك ليه دلوقتي، أيه اللي حصل.. طب إنت إتجوزت وخلفت، أنا هعمل أيه؟ هترميني عشان مش ليا لزمه تاني صح؟
خلصت جملتها دي وسكتت، وأنا مأنكرتش، ورديت عليها:
-" ايوه ياود إتجوزت.. لكن مش حقيقي إنك ملكيش لزمه، إنتي حياتي كلها وعمري ماأقدر أستغني عنك ياود.
ولسه هكمل كلام سمعت صوت صرختها مع صوت فرملة عربيه.. عقلي وقف عن التفكير، وحسيت برعشة خوف سرت علي طول جسمي.. تجاهلت اللي واقفين معايا وجريت علي العربيه، حاولت أركبها واطلع بيها بسرعه؛ عشان الحق ود اللي مش عارف هي فين ولاجرالها أيه، ولا أبدأ أدور عليها من فين..
لكني قبل ماأدخل العربيه، لقيت أمين من الاتنين مسكني وبيحاول يمنعني، صرخت فيه عشان يبعد.. لكنه مسك فيا أكتر. محسيتش بنفسي غير وأنا بضربه؛ عشان أخليه يسيبنبي..
وبمجرد ماعملت كده، الأمين التاني طلع المسدس بتاعه ووجهه عليا، ومسك جهاز اللاسلكي وإتصل علي الشرطه.. ومفيش دقايق وكانت عربية البوكس واقفه قدامنا.
وأخدوني علي القسم، وإتعملي محضر، وكل دا وانا بموت، واترجي فيهم عشان يسيبوني اروحلها وياخدوا عليا اي ضمانات.. لكن محدش راضي..فإتصلت بأمي وقولتلها عاللي حصل..
وطلبت منها إنها تخرج تدور علي ود، وتحاول تعرف مكانها بأي طريقه.. وهي فضلت تهدي وتطمن فيا وتقولي إنها هتعمل كده..
أما ود فمن بعد اللي حصل وتليفونها كل ماأتصل عليه بيديني مغلق أو غير متاح.
صبرت شويه، ولقيت كريمه بتتصل بيا وبتقولي:
-" إن ود فيه عربيه خبطتها، وإتنقلت للمستشفي، وحد إتصل عليها من تليفون ود وبلغها بالكلام دا" .. وبمجرد ماسمعت صوتها وبلغتني بالخبر، صرخت فيها بكل غل وقولتلها:
-أنتي السبب فكل حاجه بتحصل لود، حسبي الله فيكي ياشيخه، روحي ربنا ينتقم منك.. إستفدتي أيه لما قولتيلها، أخدتي أيه دلوقتي.. إزاي بتقولي عليها بنتك وبتقدري تشوفيها وهي متدمره كده!
إنتي إنسانه مريضه ياكريمه، والمفرض من أول غلطه ليكي في حق ود كنتي بعدتي عنها.
خلصت كلامي ولقيتها قفلت السكه فوشي، وإتمنيت لو إنها كانت قصادي في اللحظه دي.. كنت خلصت عليها خالص وإرتحت من شرورها.
إتصلت بمحامي الشركه، وخرجني من القسم بإجرءات معرفتش وقتها حتي هي أيه..
لكن كل اللي فاكره إني إتأسفت لأمناء الشرطه، وشرحتلهم الموقف وهما تفهموا، وإتنازلوا عن محضر الإعتداء علي موظف شرطه أثناء تأدية وظيفته.
وخرجت علي بالليل.. وكلمت أمي عرفت منها ود فأنهي مستشفي؛ لأنها راحتلها لما عرفت العنوان من كريمه..
وقالتلي إن ود طردتها أول مادخلت عليها، فراحت لسمر عشان تطمن عليها وعلي قاسم.
وانا بمجرد ماخرجت من القسم، جريت علي المستشفي بروحي قبل جسمي، وأول ماوصلت المستشفي فضلت أدور علي ود زي المجنون لغاية مالقيتها.. ولما دخلتلها لقيتهم مدينها منوم عشان أعصابها ترتاح.. من شدة الضغط العصبي اللي كانت فيه..
مكدبش عليكم وقتها لما شفت كريمه قدامي.. كل ذرة عقل فيا طارت..
وإفتكرت كل عمايلها معايا ومع أمي، ومع ود طول السنين اللي فاتت دي،
ولقيتني بهجم عليها، وأطبق بأديا علي رقبتها.. وخلاص عقلي وقلبي وكل كياني أيدوني فإن موت كريمه لازم يتم دلوقتي علي أيدي.
لكن صراخها خلي الناس اللي في الطرقه إتلموا عليا، وخلصوها مني، وطاقم التمريض إتصلي بالأمن رموني بره المستشفي.
فضلت قاعد بره المستشفي وممنوع من الدخول، وحاسس إن روحي جوا المستشفي..
وجسمي بس اللي بره، وعارف إن دي أهم لحظات لازم أكون فيها جنب ود، وإلا الشرخ اللي حصل دا مفيش أي محاوله لترميمه هتنجح وهيفضل علي كده لباقي العمر.
كنت هموت واطمن عليها، ولما ملقتش فايده.. اديت لواحد من العاملين في المستشفي فلوس، وخليته دخل وعرف حالتها بالظبط من الدكتور، وجه طمني.. وقالي إنها مفهاش أي إصابات خطيره، أو كسور.. هي شوية رضوض بس،وخدوش صغيره، وهتخرج علي بكره الصبح بإذن الله.
إطمنت شويه، وقلبي إرتاح من ناحية إنها ممكن تكون فيها إصابات جسديه..
مفيش بس غير الكدمة القلبيه اللي حصلتلها بسببي..ودي اللي علاجها هيكون بمعجزه من ربنا،ومحاولات مستميته مني.
❈-❈-❈
أنهي حسام حديثه، وأخرج من حقيبته ورقة أخري، وأعطاها لعبدالله.. الذي قرأها أولاً، وأعطاها بدوره لحمزه، وقد كانت تقريراً من المشفي، باليوم والساعه والتاريخ؛ لدخول ود اليها، وسبب الدخول، وحالتها بعد التشخيص.
وهاهو دليل آخر ملموس على قول حسام، يضحض ماسبق وقالته كريمه بخصوص تلك الحادثه، وذلك اليوم!
وأكمل حسام حديثه قائلاً:
وإستنيت قدام المستشفي لتاني يوم الصبح، وقضيت الليل كله وانا قاعد في عربيتي، وماصدقت قرآن الفجر أذن ورحت صليته، ودعيت ربنا إنه يحل المعضله اللي وقعت فيها دي من عنده وبقدرته.
ورجعت للمستشفي، وعدت ساعات النهار، وبقينا الساعة ١١ وأثناء إنتظاري شفتها في الطرقه من بعيد جايه متسنده علي كريمه.. خرجت من العربيه وجريت عليها، ولما قربت منها وبصيتلها.. مكانتش أبداً ود اللي اعرفها!
الوجع والصدمه غيروا شكلها ١٨٠ درجه.. كأنها كبرت فوق عمرها عمر تاني.. واللي وجع قلبي أكتر.. بصتها ليا بمنتهي الهدوء، وإنها مأبدتش أي رد فعل لما شافتني قدامها.. وعدت من جنبي كانها مش شيفاني أصلاً.
وحتي لما حاولت إني أمسك أيدها وأدخلها العربيه.. جات معايا بمنتهي الإستسلام، وركبت ورا وكريمه ركبت جنبها،
وسندت دماغها علي كتف كريمه، وغمضت عنيها ونامت، مصحيتش غير وأنا واقف قدام الفيلا وبفتح الباب عشان تنزل..
ومسكت دراعها لتاني مره، وساعدتها تنزل، ودخلتها للفيلا.. وبرضوا كل دا من غير أدني مقاومه منها.
وفي اليوم دا.. ود اللي دخلت الفيلا كانت وحده تانيه غير ود القديمه خالص.
إنعزلت في أوضتها، وبقت طول الوقت ساكته مبتتكلمش.. إنطفت بعد ماكانت قنديل قايد طول الوقت.. إتكسر جناحها بعد ماكانت فراشه مش بتبطل رفرفه، ولا تتنقل من مكان لمكان بمنتهي النشاط.
شفتها بتدبل قدام عيني يوم بعد يوم.. وانا بحاول بكل جهدي إني أخرجها من حالتها دي.. لكني مكنتش. قادر ولا عارف؟ نوبات خوفها زادت.. واللي بيظهرلها دا تقريباً إستغل ضعفها، ومبقاش يسيبها فحالها.. إضطريت إني أجيبلها دكتور نفسي للبيت عشان يشوف حالتها، ويحاول يعالجها.. لكن كلام الدكتور خوفني عليها بذيادة؛
لما قالي إنها وصلت من الاكتئاب لمرحله خطيره.
وكلامه طلع صحيح؛ لما بعد يومين بالظبط صحيت من نومي الصبح علي صراخ جاي من أوضة كريمه خلي الرجيف دب فقلبي.. جريت علي الأوضه وفتحت الباب بخوف والمنظر اللي شفته خلي روحي إتسحبت مني.. شفت بركة دم جنب السرير وايد ود الدم لسه بينزل منها.. خطفتها وجريت بيها علي المستشفي، والحمد لله لحقتها، وقدروا ينقذوا حياتها في الوقت المناسب.. إحتاجوا دم وفصيلتي كانت نفس فصيلتها، وإديتلها الدم اللي محتاجاه، ودمي جري فعروقها زي ماهي بتجري فدمي..
وخرجتها ومبقتش اسيبها لوحدها، فضلت معاها طول الوقت، ليل ونهار قاعد جنبها، وخايف عليها أحسن ترجع تفكر تموت نفسها مره تانيه.. ونتج عن دا إهمالي للشركه، وإهمالي لبيتي التاني، ولإبني اللي مبقتش أفكر فيه، ولا حتي أسأل عنه، وكأن دنيتي انحصرت في ود وبس.
وبمرور الأيام أمي إبتدت تثور وتحتج علي الوضع، وتقولي حرام عليك إنت بتموت نفسك كده، وبتدمر كل اللي حواليك، وبتخسر كل حاجه.. وفي محاوله منها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه عملت حاجه متهورة جداً كانت من وجهة نظرها الحاجه الوحيده الصح في الوقت دا، والحل الوحيد اللي هيرجع كل الأمور لنصابها.. والحاجه دي إنها جابت سمر وقاسم يعيشوا معانا في الفيلا.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية