-->

رواية جديدة البريئة والوحش لأميرة عمار - الفصل 26

 

قراءة رواية البريئة والوحش كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية البريئة والوحش 

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أميرة عمار


الفصل السادس والعشرون


إبتعلت ما بجوفها ونظرت بعيناه لترى تأثير حديثها عليه وجدته كما هو جامد وجهه لا يظهر عليه شئ يستمع إليها فقط 


-فطلبي من حضرتك النهاردة لو إنتَ فعلاً بتحب نغم إبعد،ابعد عنها وسيبها تبني حياة تكون هي راضية عنها 

سيبها تتخطاك وتعيش حياة صحية 

وقتها اظهر قدامها زي ما إنتَ عاوز، ولو ليكوا نصيب في بعض وقدرت تخليها تحبك من تاني 

ساعتها هتقدروا تعيشوا مع بعض حياة سعيدة 


يتذكر وقتها أنه اقتنع بحديثها بنسبة كبيرة 

فهو ونغم وصلوا لمنطقة صعبة، كان يجب البعاد حتى يرى كل منهم وجهته وطريقه 


بَعَد تماماً بعد طلاقه منها، لم تجمعهم صدفة واحدة ولو بالخطأ كان يتجنب لقائها بشتى الطرق

وعندما علم أنها نزلت سوق العمل وأصبحت فرد أساسي بشركة "علي" أصبح يتجنب الحفلات التي تجمع شركته مع شركة "علي" لكي لا يراها 


لم يكن هذا القرار سهلاً عليه بتاتاً ولكنه فعله 

يريدها أن تكون بخير، يعلم أنه أذاها وكسر أشياء كثيرة بداخلها وكان هذا أقل عقاب له وهو بعده عنها


كان يشاهد صورهم الذين إلتقطوها وهم سوياً

للحقيقة هي من كان تلتقتهم رغماً عنه وتقول له أنها تحب تخليد الذكريات 

أصبح الآن يعيش على هذه الذكريات 


خرج من شروده الذي طال على صوت زين الذي دخل الغرفة بعدما طرق الباب ولم يستمع جواب 


-ايه يا بني بقالي ساعة بخبط


قالها مازن وهو يربط على كتفه حتى يستدير له 


أخرج حديثه بهدوء تام وهو يقول:


-معلش كنت سرحان شوية 


-طب يلا اللقاء فاضل عليه ٥ دقايق بالظبط 


أماء فارس له وهو يقف أمام المرأة يعدل هيئته حتى تناسب ظهوره على الشاشة 


❈-❈-❈


وأتى الليل ومعه اللقاء المنتظر الذي ينتظره ملايين من الأشخاص، اللقاء الإعلامي الضخم الذي يصور مع رجل الاعمال الشهير " فارس الهواري"


نظرت نغم لساعة يدها وجدت الساعة العاشرة

فانتفضت من مكانها بإرتباك وهي تقول:


-عن اذنكم هطلع أنام 


رد عليها علي وهو يقول بتساؤل:


-هتنامي بدري كده يا حبيبتي


-اه يا بابا حاسه إني مرهقة شوية...تصبحوا على خير 


-وإنتِ بخير يا حبيبتي


غادرت نغم غرفة الجلوس ومن ثم صعدت إلى غرفتها وهي تسارع الخُطى


أما مازن فرفع يده صوب عيناه ليرى الساعة وجدها العاشره فنظر لطيف نغم وإرتفعت زاوية شفتيه بإبتسامة ساخرة


رغم مرور كل هذا الوقت يعلم أن قلب شقيقته 

مازال محفور بإسمه، يرى ذلك بعيناها عندما يأتي اسمه صدفة في الحديث 

معروف فارس دائماً بذكائه ودهائه واستخدم طرقه في الدهاء على أخته بعد الطلاق 

بعَد تماماً حتى يجعل الفضول يتأكلها وتبقى تُفكر به وأين يمكن أن يكون؟

ونجح في ذلك فبعد مرور الأيام اختفى تماماً كره نغم له ونست ما حدث بالماضي

وكل ما أصبح يشغلها الآن هو ان تتابع أخباره 

وتتلهف على رؤية اي صورة له 


-إيه يا مازن يا بني سرحت في ايه


قالها علي ليخرج مازن من حالة الشرود التي إبتابته 


نظر مازن لأبيه بأبتسامة وهو يقول:


-مفيش يا بابا 


- مش ناوي يا حبيبي بقى تفرحني بيك، نفسي أشيلك عيل من صلبك قبل ما أموت


-بعد الشر عليك يا بابا ربنا يديلك طولت العمر 


قال علي بحزن عميق:


-العمر مبقاش فيه قد اللي راح يا مازن يا بني 

وأنا نفسي أشوفك مستقر في حياتك وعيالك حوليك 


- سيب كل حاجه في وقتها يا بابا، انا لسه مش مستعد للخطوة دي


صمت علي قليلاً وهو يأخذ قرار بينه وبين نفسه أيقول ما يريد قوله أم يصمت ولكن بالأخير خرج الكلام من بين شفتيه قائلاً:


-لو عاوز يا بني تتجوز سارة بنت الهواري أنا معنديش مانع المهم أشوفك مرتاح وسعيد وأكفر عن ذنبي اللي بقيت أخاف أنام وأموت بذنبكم 


ابتلع مازن ريقه بقهرة يريد أن يصرخ به ويقول ما فائدة هذا الحديث الآن بعدما دمر حياته وبعدهم عن بعضهم بأحقر الطرق 


ولكن إبتلع ما بحلقه غصباً حتى لا يجرح أبيه فهو لا يريد أن يحمله ذنب على عاتقيه أكثر مما يشعر به 

فهو يعلم أنه ندم أشد الندم على ما فعل ولكن ما فائدة الندم بعد فوات الأوان 


رسم بسمة معذبة على شفتيه حتى لا يُحزنه قائلاً:


-بلاش نفتح في الماضي يا بابا، واللي ليه نصيب في حاجه هيشوفها


ثم استكمل حديثه قائلاً:


-أدخل حضرتك أوضتك ولا هتفضل قاعد قدام التليفزيون لأني طالع أوضتي 


-لاء خليني قاعد شوية


قالها علي بحزن وهو يرى قهرة مرسومة بعين إبنه ويحزم أنه إذا جلس لثواني معدودة لهبطت دموعه حزناً


قام مازن من مكانه وهو يُردف:


-عن إذنك يا بابا


غادر مازن المكان وصعد لغرفته حتى يختلي بنفسه ويجلد نفسه على ما فعله الزمن به 

❈-❈-❈


تجلس على فراشها وبصرها معلق على الشاشة الموجودة أمامها تستمع إلى تقديم المُذيع له بقلب يتهافت على رؤيته 


أردف المُذيع بنبرة مليئة الفخر والاعتزاز:


-النهاردة اتكتبلي إن أقعد قدام أسطورة من أساطير المقاولين، رجل من رجال الأعمال التقال مش في مصر بس لاء ده في الوطن العربي...فخور بإنه قبل عرضي وطلع معايا 

النهارده رغم رفضه القاطع في الظهور على شاشات التليفزيون

وأخيراً معانا رجل الأعمال الشهير "فارس الهواري"


-أهلاً وسهلاً بيك يا فارس بيه شرف كبير ليا إني قاعد قدام حضرتك


عندما ظهر وأخيراً في شاشة التليفزيون تعالت أصوات دقات قلبها وشعرت أنه يراها الآن

وكأن لم تمر السنين عليه، مازال له كاريزمته الخاصة به ووسامته الأخاذة 

أول مرة تراه وهو يتحدث منذ طلاقهم

لأول مرة تستمع لصوته بعد مرور عامين


-شكراً ليك يا عادل على المقدمة الحلوة دي وأنا مبسوط إني معاك 


قالها فارس بإبتسامة بسيطة كرد على حديث المذيع 


أردف عادل بمهنية:


-حضرتك تستاهل أكتر منها والله 


وبدأوا في وصلة حديث عن الصناعة وعن العقبات التي واجهها فارس في حياته 

ومن وقف معه ومن عَداه 


وبعد إنتهائهم من قصة حياته العملية 

أردف عادل:


-انا عارف إنك مبتحبش تعرض حياتك الشخصية على الملأ وده كان شرط حضرتك

النهارده في اللقاء بس أنا مش قادر تكون قاعد قدامي ومسألكش سؤال أنا شخصياً نفسي أعرف إجابته


-يا ترى إيه هو 


قالها فارس وهو ينظر بعيناها مباشرةً


-الكل طبعاً عارف إنك كنت متزوج من سارة بنت عمك ومحصلش نصيب بينكم...سؤالي بقى هل فارس الهواري الملقب بوحش السوق 

حب قبل كده وأقصد بالحب هنا معناه الحرفي


تجلس مترقبة لإجابته ودقات قلبها تزداد وبشدة إن قال لا سينفطر قلبها تعلم 

يكفيها صدمات حتى الآن 


أما فارس فصمت للحظات قبل أن يقول بجدية وهيبة:


-قبل ما أجاوب على سؤالك يا عادل عاوز أعتزر لأم إبني قدام كل العالم على كل حاجة وحشة بدرت مني تجاهها، هي تستاهل كل خير وربنا يوفقها وتلاقي اللي يعوضها 


-حابب تقول سبب الإعتذار 


هزر رأسه بنفي قائلاً:


-الإعتذار كفاية وأتمنى إن إعتذاري ده يشفعلي عندها


تفرك على الفراش كالحشرة، والغيرة تمتص من قلبها...شعرت أنه يقول هذا الحديث لتعود المياة لمجاريها مرة أخرى

كيف يعتذر منها وهو من قال لها بأنه جُبر على زواجه منها 


حبست دموعها بصعوبة وذهنها يخمن ويخمن 

وأيقنت بعودتهم القريبة التي ستعيدها لنقطة الصفر من جديد

ظلت تفكر كيف ستكون حالتها وقتها عندما تعلم أنها عاد لها من جديد 


قال عادل بمراوغة وإبتسامة هادئة:


-طب بالنسبة للنص التاني من السؤال، فارس الهواري حب قبل كده ولا لاء


رفع فارس يده يزيح خصلات شعره للخلف باعداً إياها عن جبينه وهو يقول:


-فارس الهواري كان عاشق ومُتيم قبل كده 


إتسعت ضحت عادل وهو يقول:


-اعذرني بس أنا مش متخيل حضرتك في الحب والمشاعر خالص، تبان شخص جد بعيد عن المشاعر


-ولا أنا كنت متخيل نفسي والله يا عادل بس إلا الحب متقدرش تمنع نفسك عنه 


-ليه ملاحظ إنك بتقول كنت العلاقة إنتهت يعني ولا دي علاقة حب لسه مستمر فيها وهنسمح أخبار تفرح إن شاء الله


-الحقيقة إن العلاقة إنتهت بطلاقنا في النهاية


نزلت دموعها بقهرة وهي تسمعه يتغنى بحبه 

لسارة، شعرت بالحقد والكره تجاهه كيف يقول هذا الحديث ويكذب على الجميع وهو من أخبرها أنه كان مجبر على زواجه منها ويكرهها بشدة!!


-مفيش أمل للرجوع بينكم خصوصاً إنكوا معاكم ولد؟


سأل هذا السؤال عادل بعدما خمن أن فارس يتحدث عن طليقته سارة 


رد فارس نافياً كلامه قائلاً بهدوء وثقة:


-أنا مش بتكلم عن أم إبني أنا بتكلم على زوجتي التانية 


تجمدت الدموع الهابطة من عيناها وفتحتهما على وسعيها لا تصدق ما سمعته أذنها الآن 

أكان يقصدها بهذا الكلام؟...مازال يتذكرها؟


جعد عادل حاجبيه بإستغراب وهو يقول:


-حضرتك كنت متزوج من اتنين؟


هز فارس رأسه بإيماءة بسيطة قائلاً:


-دي حاجة أول مرة أقولها حصري ليك


ضحك عادل وقال بمزاح:


-إسمها ومش عاوز حاجه تاني 


-نغم بنت علي المنشاوي 


قامت من على الفراش بصدمة أكبر وهي تضع يدها على قلبها تهدء من ضرباته قال إسمها بكل ثبات وثقة 

يتحدث وكأن شئ لم يكن كيف هذا؟!!


فتح عادل عيناه بصدمة من ذلك الخبر الحصري ومن ثم أردف بتساؤل:


-رغم العداوة اللي بينكم؟


إبتسم فارس وهو يردد خلفه بتأكيد :


رغم العداوة اللي بينا


❈-❈-❈


تجلس لين مع سارة بغرفة سارة يتابعون لقاء فارس سوياً 


أردف عادل في ختام اللقاء:


-وفي ختام حلقتي أحب أجدد شكري لفارس بيه إنه لبى الدعوة ووافق على التصوير وحابب أقوله إني اتبسطت جدا من وجودي معاك وشرف كبير ليا أني الوحيد اللي فُزت باللقاء ده


ثم إسترسل حديثه قائلاً:


-لو هتوجه كلمه لطليقاتك الإتنين هتكون إيه هي يا فارس بيه


بدون تفكير، وبدون تخطيط أردف بكلمة وحيده خرجت صادقة من أعماق صدره:


- أسف 


انتهى اللقاء أخيراً بعدما قال فارس كلمته الأخيرة


مدت لين يدها تأخذ الريموت الخاص بالشاشة ومن ثم أغلقتها 


نظرت لسارة وجدتها شاردة في الشاشة برغم أنها أغلقتها 


هزت كتفها بهدوء وهي تقول:


- سرحانه في إيه يا سارة 


-حاسة إني أنا اللي عاوزة أقول لفارس أسفة يا لين 


قالتها سارة وهي تنظر لها بعيون مليئة بالدموع


جعدت لين حاجبيها من كلمتها وقالت: 


-ليه يا سارة، فارس جرحك كتير والمفروض تكوني مبسوطة بإعتذاره ليكي قدام الدنيا كلها

بجد أنا فخوره بيه أوي إنه إعتذر منك رغم إنكم علاقتكم رجعت حلوة زي زمان بقالها فترة


-فارس إتظلم معايا يا لين وهو مكنش ليه ذنب في أي حاجة...كنت بشوف في عنيه صدمته فيا كان فاكرني زانية يا لين ولحد دلوقتي أعتقد إن الفكرة دي مسيطرة على دماغه 


-متقوليش كده يا سارة، حتى لو مفيش ورق يثبت كلامك ده كلنا واثقين فيكي وعارفين إنك عمرك ما ترتكبي جريمة زي دي 

مع إن تصرفك كان غلط بس غلط عن غلط يفرق يا سارة 


ابتسمت سارة بحب للين وهي تقول:


-شكراً يا لين إنك معايا رغم كل حاجة ودايماً بتسمعيني


-بطلي هبل يا سارة إنتِ أختي، وبعدين خرجينا من جو المقاسي ده وإحكيلي 

مازن لسه بيكلمك؟


نظرت لها سارة بتحذير قبل أن تقول:


-قولتلك متجبيش سيرة الموضوع ده في البيت يا لين، لو حد سمعنا هروح في داهيه


-مين هيسمعنا أحمد عند رقية وبابا في أوضته...بيكلمك ولا لاء


-من أخر مرة مكلمنيش تاني


-معاه حق الصراحة إنتي كلامك كله كان قاسي والصراحة صعب عليا 


-ميصعبش عليكي غالي يا لين يا حبيبتي


ابتسمت لين قائلة:


-طب بذمتك محنتلوش ووحشك


ألقت الوسادة عليها وهي تقول:


- قومي إخرجي بره عشان مزعلكيش 


ضحكت لين بصوت عالي وقالت:


-طب والله وحشك


جاءت لتلقي عليها ريموت التلفزيون فرت لين من الغرفة وصوت ضحكاتها يملئ القصر 


أما سارة فشردت بذهنها للماضي

بعدما تركها مازن وغادر من غرفة المستشفى

مرت بعدها الشهور والأيام إلى ذلك اليوم 

الذي إلتقت به بالصدفة البحتة


كانت تسير هي ومها صديقتها في إحدى المولات يتبضعون الملابس،وطلبت مها منها أن تأتي معها لقسم الرجال حتى تشتري لخطيبها طقم شيك كهدية في عيد ميلاده 


-ماشي يا مها إسبقيني وأنا هجيب إزازة ماية وأجي وراكي


قالتها سارة وهي تنتوي الذهاب إلى الكفاتريا الموجودة بالمول بعدما أخبرت صديقتها


بعدما جلبت زجاجة المياه المعدنية دخلت قسم الرجال وأخذت تبحث عن صديقتها 

ولكن للأسف لم تراها من التزاحم الموجود بهذا القسم 


جاءت لتخرج هاتفها من الحقيقة حتى تحادثها وتعرف مكانها وجدت الهاتف وقع على الأرضية من أثر إصطدامها بأحد الأشخاص


رفعت بصرها سريعاً وهي تنظر للواقف أمامها قائلة: 


-أنا أسفة


مازن!!!!


جلس القرفصاء ليجلب هاتفها ومن ثم إستقام قائلاً:


-انا اللي أسف مكنتش مركز 


مدت يدها تأخذ الهاتف من بين يديه بتوتر وصدمة من لقاءه مرة أخرى 


-عاملة إيه دلوقتي


لم ترد سارة فوراً بل ظلت صامتة لثواني تستوعب ما يحدث ومن ثم علمت أنه يسأل عن حالها بعد الحادثة

فردت بإرتباك:


-الحمدلله بخير...عن إذنك 


جاءت لتغادر بعدما ألقت جملتها 

وجدته ينادي عليها بإسمها قائلاً:


-سارة، عاوز أتكلم معاكي ضروري ومش عارف أوصلك 


جعدت سارة حاجبيها وهي تقول بإستغراب:


-ايه الموضوع اللي عاوز تتكلم معايا فيه أظن إن مفيش بينا مواضيع مشتركة


ابتلع مازن ما بجوفه ومن ثم بلل شفتيه التي جفت من جفائها في الحديث قبل أن يقول:


-ممكن رقم تليفونك عاوز أفهمك كل حاجة

يا سارة عشان أقدر أعيش مرتاح، أنا من يوم المستشفى وأنا مش بعرف أنام 


بعد تردد كبير أعطته رقم هاتفها ، تعلمت من أخر لقاء بينهم بعدما صدته ومن ثم كانت تتأكل من الندم فها هي أتت لها الفرصة من جديد على طبق من ذهب 


بعد أسبوع من هذا اللقاء تقريباً طلب منها أن يتقابلوا بإحدى الكافيهات حتى يشرح لها الموضوع

تتذكر وقتها أنهم جلسوا في الكافيه خمس ساعات كاملين، يقنعها بهم أنه بريئ من كل التهم التي نسبتها إليه 


عاتبوا بعضهم البعض عما حدث بالماضي أخرجوا ما بقلوبهم حتى أصبحوا صافين تماماً

وبعد هذا قال مازن بتساؤل متردد:


-نرجع يا سارة ؟


لم تتفاجأ من طلبه كثيراً الحقيقة فهي كانت متوقعه ذلك بعدما صفوا لبعضهم لذلك ردت بثبات تحسد عليه:


-مبقاش ينفع يا مازن، زي ما الماضي مستحيل يتكرر تاني القدر عمره ما هيجمعنا من تاني 


صمت بخزى لثواني ومن ثم قال:


-طب أصدقاء حتى


إبتسمت إبتسامة صافية وهي تقول:


-انا موجودة وقت ما تحتاجني يا مازن

من غير أي مسمى 


ومن ثم قامت وغادرت الكافيه بعد جملتها 


علاقتهم تطورت يوماً بعض يوم وأصبح يشاركها تفاصيل حياته ولكنها هي من كانت تضع حدود يصعب عليه تخطيها 


دائماً ما تصده وتقابله بوجه جامد يجعله يفقد الامل في عودتهم 

طلب منها عدة مرات على أيام مختلفة أنهم يعودوا ولكن رفضها كان قاطعاً

❈-❈-❈


قد يمر العمر أحياناً دون أن نشعر به، جمب من نُحب تفوت الأيام بسرعة البرق ونشتهي لقياهم على أحر من الجمر 


ولكن هي منذ سنتين تقريباً تعيش أتعس أيام حياتها 

يمر اليوم عليها سنه في بعدها عن زوجها الذي قضت معه عمر بأكمله وأتت في لحظة الرياح بما لا تشتهى السفن وإنتهى نصيبهم سوياً


كل يوم تنتظر أن يأتي أحد يُعيد المياه لمجاريها ولكن يخيب أملها عندنا لا يسأل

في كل مقابلتهم في القصر دائماً متجاهلاً إياها

وكأنه لا يعرفها، كأنه لم يكن يغرقها بطوفان عشقه لها 


إنتظرت كثيراً وصبرت حتى جزع الصبر منها، 

لم تعد تطيق تلك الحياة التي تعيشها فأبيها وأخيها كثيراً ما يسافرون بطبيعة شغلهم 

وهي تبقى وحيده بتلك الڤيلا العريضة


هي تريد أن تعود مرة أخرى بأحضان إبراهيم التي كانت ترتاح بها من عبق وثقل الحياة

تريد أن تعيش مع أولادها تحت سقف واحد مرة أخرى....كرامتها وكبريائها هم المانع الوحيد لها في تحقيق تلك الأمنية


جلس فارس يقنعها لأيام أن تطلب السماح من أبيه حتى يعودوا مرة أخرى ولكنها كانت ترفض دائماً قائلة له أن إبراهيم تنازل عنها بسهولة ونساها كأنها لم تكن في يوم


ولكن الآن ستدعس كرامتها وتذهب تبكي له 

وتطلب منه أن يعيدها مرة أخرى داخل كنفه 

فهي علمت غلطها وندمت عما فعلته 

كانت تجرح فتاة يتيمة بقلب أم مفطور على ولدها البكري ونست أن من يأتي على الولايا لا يربح أبداً


دقت جرس الباب الداخلي للقصر بعدما تخطت البوابة الرئيسية

فتحت لها العاملة الموجوده بالقصر ورحبت بها بحفاوة شديدة 


- إبراهيم موجود يا سعاد 


هزت سعاد رأسها بنفي وهي تقول:


-البيه خرج بقاله شوية يا هانم


أردفت سارة بإبتسامة خفيفة:


-تمام يا سعاد...اعمليلي كوباية قهوه وطلعهالي في أوضة لين بعد إذنك 


-تحت أمرك يا هانم


صعدت سارة درجات السلم حتى وصلت لغرفة لين، طرقت الباب بهدوء ومن ثم أدرات المقبض دالفة إلى الداخل


قامت لين من على الفراش بمجرد أن رأتها وقالت بسعادة: 


- ماما إيه المفاجأة الحلوة دي 


إبتسمت سارة لها وهي تأخذها داخل أحضانها قائلة:


-وحشتيني يا قلب ماما


شددت سارة على إحتضانها وهي تقول:


-إنتِ أكتر يا ماما والله، أكيد جاية عشان تشوفي مالك ما هو أكتر واحد بيوحشك في البيت ده


ضحكت سارة على ضجر إبنتها وغيرتها من إبن أخيها ومن ثم قالت:


-هو فعلاً وحشني بس ده مش سبب وجودي هنا


- أمال 


تركتها سارة وجلست على الفراش وهي تقول:


-جاية أعتذر من أبوكي على اللي أنا عملته 

وأطلب منه يسامحني


فتحت لين عيناها على وسعهما والسعادة تملأهم وهي تقول:


-بتهزري يا ماما 


هزت سارة رأسها بنفي وهي تقول:


-ده قراري خلاص يا لين أنا مبقتش قادره على عيشتي بعيدة عنكم 


جلست لين جوارها وهي تقول:


-كلنا تعبانين من غيرك يا ماما....وبابا أكتر واحد 

متعذب في بعدك والله بس مش بيبن، بقى على طول ساكت والحزن في عنيه 


-يارب هو بس يسامحني يا لين 


-هيسمحك ده ما هيصدق والله 


ضحكت سارة على طريقة حديث إبنتها 


-شوفتي لقاء فارس 


-اه ربنا يحفظه يا رب كان منور الشاشة، كنت خايفة عليه والله من عيون الناس


ارتفع صوت ضحكات لين بأرجاء العرفة وهي تقول:


-خايفة عليه من ايه يا ماما هو عيل صغير هيتحسد 


-أيوة طبعا الناس نظراتها بقت وحشة 

ده أول ما يجي من السفر هبخره إن شاء الله

عشان أبعد عنه كل العيون 


- طب ابقى بخريني أنا كمان ونبي يا ماما عشان حاسة إني محسودة 


أردفت سارة بعصبية وهي تقول:


-من الزفت الموبايل اللي في إيدك ده 


وضعت لين يدها على شعرها بنزق وهي تقول:


-ماما حبيبتي بقولك محسودة ايه دخل الموبايل في الحسد ولا هو رمي جتت وخلاص


-مش مقضياها طول اليوم صور عليه وتنزليها استوري توريها لخلق الله 


مسكت لين يدها بهدوي وهي تقبلها قائلة بمزاح:


-أنا اسفة إني قولتلك إني تعبانة، حقك عليا

❈-❈-❈


دخل فارس غرفته في الفندق الخاص الذي يقيم به طوال سفرته بعدما أنهى لقاءه التليفزيوني


وجد زين يجلس على الفراش وأول ما رأه قام من مكانه سريعاً والغضب يحتل ملامح وجهه وهو يقول:


-ليه ذكرت إسم نغم يا فارس، مكنش ليه لازمة نهائي 


اقترب فارس منه الخطوات الفاصلة بينهم ثم قال بهدوء:


-كنت حابب أعرف العالم كله إنها تخصني


-ليه يا فارس إنتَ ممكن تكون أذتها نفسياً بعملتك دي، إنتَ شهرت بيها


ظهرت عروق وجهه بوضوح من أثر غضبه وضغطه على فكه بعنف، وفي لحظة ما إنفجر البركان ثائراً بأعلى لأصواته:


-كفاية لحد كده كفاية،قعدت سنتين محافظ على نفسيتها...سنتين بدمر في نفسيتي عشانها 

وفي الأخر مفيش أي نتيجة مُرضية

وقت المشكلة كنت بقول إنها معاها حق بس دلوقتي شايف إن كل اللي حصل ده مكنش ليه لزمة


ارتفع صوته أكثر وهو يقول:


-ليه مسمعتش مبرراتي وحبها شفع ليا

ليه أختارت انها تبعد في حين إنها عارفة إني بعشقها، انت أكتر واحد عارف انا حبيتها ازاي وعملت ايه عشانها جاي تحاسبني دلوقتي إني قولت إنها كانت مراتي

اه نغم كانت مراتي وهترجع مراتي غصب عن الكل


أنهى فارس حديثه بصوت مرتفع يمتلئ بالغضب


صمت زين وندم أنه إنفعل عليه فهو يعلم أن صديقه أصبح منذ بعده عن نغم أكثر حساسية

وأشد غضباً في أتفه الأمور


بعد فارس عنه بعدما أدرك إنفعاله المبالغ 

إتجه لمبرد المياه وملئ كوب بارد يرطب على جفاف شفتيه


رفع الكوب على فمه وإرتشفه في فم واحد 

ومن ثم نظر لزين وقال:


-جهز نفسك عشان هننزل مصر كمان يومين 


جعد زين حاجبيه بإستغراب وهو يقول:


-ازاي احنا لسه باقي على معاد رجوعنا أسبوع 


-أجل الشغل الباقي لوقت تاني، المهم إننا نكون في مصر بعد بكرة


-ليه يا فارس في حاجة في مصر؟، أظن إن أحمد لغى كتب كتابه وخلاه مع الفرح 


أعطاه ظهره وهو يقول بصوت قوى:


-حفلة تخرج نغم بعد بكرة 


رفع زين حاجبيه قائلاً بإستدراج:


-وإحنا مالنا 


إستدار فارس على بغته قائلاً بثقة:


-هيبقى يوم رجوعنا


❈-❈-❈


إبتعلت ما بجوفها ونظرت بعيناه لترى تأثير حديثها عليه وجدته كما هو جامد وجهه لا يظهر عليه شئ يستمع إليها فقط 


-فطلبي من حضرتك النهاردة لو إنتَ فعلاً بتحب نغم إبعد،ابعد عنها وسيبها تبني حياة تكون هي راضية عنها 

سيبها تتخطاك وتعيش حياة صحية 

وقتها اظهر قدامها زي ما إنتَ عاوز، ولو ليكوا نصيب في بعض وقدرت تخليها تحبك من تاني 

ساعتها هتقدروا تعيشوا مع بعض حياة سعيدة 


يتذكر وقتها أنه اقتنع بحديثها بنسبة كبيرة 

فهو ونغم وصلوا لمنطقة صعبة، كان يجب البعاد حتى يرى كل منهم وجهته وطريقه 


بَعَد تماماً بعد طلاقه منها، لم تجمعهم صدفة واحدة ولو بالخطأ كان يتجنب لقائها بشتى الطرق

وعندما علم أنها نزلت سوق العمل وأصبحت فرد أساسي بشركة "علي" أصبح يتجنب الحفلات التي تجمع شركته مع شركة "علي" لكي لا يراها 


لم يكن هذا القرار سهلاً عليه بتاتاً ولكنه فعله 

يريدها أن تكون بخير، يعلم أنه أذاها وكسر أشياء كثيرة بداخلها وكان هذا أقل عقاب له وهو بعده عنها


كان يشاهد صورهم الذين إلتقطوها وهم سوياً

للحقيقة هي من كان تلتقتهم رغماً عنه وتقول له أنها تحب تخليد الذكريات 

أصبح الآن يعيش على هذه الذكريات 


خرج من شروده الذي طال على صوت زين الذي دخل الغرفة بعدما طرق الباب ولم يستمع جواب 


-ايه يا بني بقالي ساعة بخبط


قالها مازن وهو يربط على كتفه حتى يستدير له 


أخرج حديثه بهدوء تام وهو يقول:


-معلش كنت سرحان شوية 


-طب يلا اللقاء فاضل عليه ٥ دقايق بالظبط 


أماء فارس له وهو يقف أمام المرأة يعدل هيئته حتى تناسب ظهوره على الشاشة 


❈-❈-❈


وأتى الليل ومعه اللقاء المنتظر الذي ينتظره ملايين من الأشخاص، اللقاء الإعلامي الضخم الذي يصور مع رجل الاعمال الشهير " فارس الهواري"


نظرت نغم لساعة يدها وجدت الساعة العاشرة

فانتفضت من مكانها بإرتباك وهي تقول:


-عن اذنكم هطلع أنام 


رد عليها علي وهو يقول بتساؤل:


-هتنامي بدري كده يا حبيبتي


-اه يا بابا حاسه إني مرهقة شوية...تصبحوا على خير 


-وإنتِ بخير يا حبيبتي


غادرت نغم غرفة الجلوس ومن ثم صعدت إلى غرفتها وهي تسارع الخُطى


أما مازن فرفع يده صوب عيناه ليرى الساعة وجدها العاشره فنظر لطيف نغم وإرتفعت زاوية شفتيه بإبتسامة ساخرة


رغم مرور كل هذا الوقت يعلم أن قلب شقيقته 

مازال محفور بإسمه، يرى ذلك بعيناها عندما يأتي اسمه صدفة في الحديث 

معروف فارس دائماً بذكائه ودهائه واستخدم طرقه في الدهاء على أخته بعد الطلاق 

بعَد تماماً حتى يجعل الفضول يتأكلها وتبقى تُفكر به وأين يمكن أن يكون؟

ونجح في ذلك فبعد مرور الأيام اختفى تماماً كره نغم له ونست ما حدث بالماضي

وكل ما أصبح يشغلها الآن هو ان تتابع أخباره 

وتتلهف على رؤية اي صورة له 


-إيه يا مازن يا بني سرحت في ايه


قالها علي ليخرج مازن من حالة الشرود التي إبتابته 


نظر مازن لأبيه بأبتسامة وهو يقول:


-مفيش يا بابا 


- مش ناوي يا حبيبي بقى تفرحني بيك، نفسي أشيلك عيل من صلبك قبل ما أموت


-بعد الشر عليك يا بابا ربنا يديلك طولت العمر 


قال علي بحزن عميق:


-العمر مبقاش فيه قد اللي راح يا مازن يا بني 

وأنا نفسي أشوفك مستقر في حياتك وعيالك حوليك 


- سيب كل حاجه في وقتها يا بابا، انا لسه مش مستعد للخطوة دي


صمت علي قليلاً وهو يأخذ قرار بينه وبين نفسه أيقول ما يريد قوله أم يصمت ولكن بالأخير خرج الكلام من بين شفتيه قائلاً:


-لو عاوز يا بني تتجوز سارة بنت الهواري أنا معنديش مانع المهم أشوفك مرتاح وسعيد وأكفر عن ذنبي اللي بقيت أخاف أنام وأموت بذنبكم 


ابتلع مازن ريقه بقهرة يريد أن يصرخ به ويقول ما فائدة هذا الحديث الآن بعدما دمر حياته وبعدهم عن بعضهم بأحقر الطرق 


ولكن إبتلع ما بحلقه غصباً حتى لا يجرح أبيه فهو لا يريد أن يحمله ذنب على عاتقيه أكثر مما يشعر به 

فهو يعلم أنه ندم أشد الندم على ما فعل ولكن ما فائدة الندم بعد فوات الأوان 


رسم بسمة معذبة على شفتيه حتى لا يُحزنه قائلاً:


-بلاش نفتح في الماضي يا بابا، واللي ليه نصيب في حاجه هيشوفها


ثم استكمل حديثه قائلاً:


-أدخل حضرتك أوضتك ولا هتفضل قاعد قدام التليفزيون لأني طالع أوضتي 


-لاء خليني قاعد شوية


قالها علي بحزن وهو يرى قهرة مرسومة بعين إبنه ويحزم أنه إذا جلس لثواني معدودة لهبطت دموعه حزناً


قام مازن من مكانه وهو يُردف:


-عن إذنك يا بابا


غادر مازن المكان وصعد لغرفته حتى يختلي بنفسه ويجلد نفسه على ما فعله الزمن به 

❈-❈-❈


تجلس على فراشها وبصرها معلق على الشاشة الموجودة أمامها تستمع إلى تقديم المُذيع له بقلب يتهافت على رؤيته 


أردف المُذيع بنبرة مليئة الفخر والاعتزاز:


-النهاردة اتكتبلي إن أقعد قدام أسطورة من أساطير المقاولين، رجل من رجال الأعمال التقال مش في مصر بس لاء ده في الوطن العربي...فخور بإنه قبل عرضي وطلع معايا 

النهارده رغم رفضه القاطع في الظهور على شاشات التليفزيون

وأخيراً معانا رجل الأعمال الشهير "فارس الهواري"


-أهلاً وسهلاً بيك يا فارس بيه شرف كبير ليا إني قاعد قدام حضرتك


عندما ظهر وأخيراً في شاشة التليفزيون تعالت أصوات دقات قلبها وشعرت أنه يراها الآن

وكأن لم تمر السنين عليه، مازال له كاريزمته الخاصة به ووسامته الأخاذة 

أول مرة تراه وهو يتحدث منذ طلاقهم

لأول مرة تستمع لصوته بعد مرور عامين


-شكراً ليك يا عادل على المقدمة الحلوة دي وأنا مبسوط إني معاك 


قالها فارس بإبتسامة بسيطة كرد على حديث المذيع 


أردف عادل بمهنية:


-حضرتك تستاهل أكتر منها والله 


وبدأوا في وصلة حديث عن الصناعة وعن العقبات التي واجهها فارس في حياته 

ومن وقف معه ومن عَداه 


وبعد إنتهائهم من قصة حياته العملية 

أردف عادل:


-انا عارف إنك مبتحبش تعرض حياتك الشخصية على الملأ وده كان شرط حضرتك

النهارده في اللقاء بس أنا مش قادر تكون قاعد قدامي ومسألكش سؤال أنا شخصياً نفسي أعرف إجابته


-يا ترى إيه هو 


قالها فارس وهو ينظر بعيناها مباشرةً


-الكل طبعاً عارف إنك كنت متزوج من سارة بنت عمك ومحصلش نصيب بينكم...سؤالي بقى هل فارس الهواري الملقب بوحش السوق 

حب قبل كده وأقصد بالحب هنا معناه الحرفي


تجلس مترقبة لإجابته ودقات قلبها تزداد وبشدة إن قال لا سينفطر قلبها تعلم 

يكفيها صدمات حتى الآن 


أما فارس فصمت للحظات قبل أن يقول بجدية وهيبة:


-قبل ما أجاوب على سؤالك يا عادل عاوز أعتزر لأم إبني قدام كل العالم على كل حاجة وحشة بدرت مني تجاهها، هي تستاهل كل خير وربنا يوفقها وتلاقي اللي يعوضها 


-حابب تقول سبب الإعتذار 


هزر رأسه بنفي قائلاً:


-الإعتذار كفاية وأتمنى إن إعتذاري ده يشفعلي عندها


تفرك على الفراش كالحشرة، والغيرة تمتص من قلبها...شعرت أنه يقول هذا الحديث لتعود المياة لمجاريها مرة أخرى

كيف يعتذر منها وهو من قال لها بأنه جُبر على زواجه منها 


حبست دموعها بصعوبة وذهنها يخمن ويخمن 

وأيقنت بعودتهم القريبة التي ستعيدها لنقطة الصفر من جديد

ظلت تفكر كيف ستكون حالتها وقتها عندما تعلم أنها عاد لها من جديد 


قال عادل بمراوغة وإبتسامة هادئة:


-طب بالنسبة للنص التاني من السؤال، فارس الهواري حب قبل كده ولا لاء


رفع فارس يده يزيح خصلات شعره للخلف باعداً إياها عن جبينه وهو يقول:


-فارس الهواري كان عاشق ومُتيم قبل كده 


إتسعت ضحت عادل وهو يقول:


-اعذرني بس أنا مش متخيل حضرتك في الحب والمشاعر خالص، تبان شخص جد بعيد عن المشاعر


-ولا أنا كنت متخيل نفسي والله يا عادل بس إلا الحب متقدرش تمنع نفسك عنه 


-ليه ملاحظ إنك بتقول كنت العلاقة إنتهت يعني ولا دي علاقة حب لسه مستمر فيها وهنسمح أخبار تفرح إن شاء الله


-الحقيقة إن العلاقة إنتهت بطلاقنا في النهاية


نزلت دموعها بقهرة وهي تسمعه يتغنى بحبه 

لسارة، شعرت بالحقد والكره تجاهه كيف يقول هذا الحديث ويكذب على الجميع وهو من أخبرها أنه كان مجبر على زواجه منها ويكرهها بشدة!!


-مفيش أمل للرجوع بينكم خصوصاً إنكوا معاكم ولد؟


سأل هذا السؤال عادل بعدما خمن أن فارس يتحدث عن طليقته سارة 


رد فارس نافياً كلامه قائلاً بهدوء وثقة:


-أنا مش بتكلم عن أم إبني أنا بتكلم على زوجتي التانية 


تجمدت الدموع الهابطة من عيناها وفتحتهما على وسعيها لا تصدق ما سمعته أذنها الآن 

أكان يقصدها بهذا الكلام؟...مازال يتذكرها؟


جعد عادل حاجبيه بإستغراب وهو يقول:


-حضرتك كنت متزوج من اتنين؟


هز فارس رأسه بإيماءة بسيطة قائلاً:


-دي حاجة أول مرة أقولها حصري ليك


ضحك عادل وقال بمزاح:


-إسمها ومش عاوز حاجه تاني 


-نغم بنت علي المنشاوي 


قامت من على الفراش بصدمة أكبر وهي تضع يدها على قلبها تهدء من ضرباته قال إسمها بكل ثبات وثقة 

يتحدث وكأن شئ لم يكن كيف هذا؟!!


فتح عادل عيناه بصدمة من ذلك الخبر الحصري ومن ثم أردف بتساؤل:


-رغم العداوة اللي بينكم؟


إبتسم فارس وهو يردد خلفه بتأكيد :


رغم العداوة اللي بينا


❈-❈-❈


تجلس لين مع سارة بغرفة سارة يتابعون لقاء فارس سوياً 


أردف عادل في ختام اللقاء:


-وفي ختام حلقتي أحب أجدد شكري لفارس بيه إنه لبى الدعوة ووافق على التصوير وحابب أقوله إني اتبسطت جدا من وجودي معاك وشرف كبير ليا أني الوحيد اللي فُزت باللقاء ده


ثم إسترسل حديثه قائلاً:


-لو هتوجه كلمه لطليقاتك الإتنين هتكون إيه هي يا فارس بيه


بدون تفكير، وبدون تخطيط أردف بكلمة وحيده خرجت صادقة من أعماق صدره:


- أسف 


انتهى اللقاء أخيراً بعدما قال فارس كلمته الأخيرة


مدت لين يدها تأخذ الريموت الخاص بالشاشة ومن ثم أغلقتها 


نظرت لسارة وجدتها شاردة في الشاشة برغم أنها أغلقتها 


هزت كتفها بهدوء وهي تقول:


- سرحانه في إيه يا سارة 


-حاسة إني أنا اللي عاوزة أقول لفارس أسفة يا لين 


قالتها سارة وهي تنظر لها بعيون مليئة بالدموع


جعدت لين حاجبيها من كلمتها وقالت: 


-ليه يا سارة، فارس جرحك كتير والمفروض تكوني مبسوطة بإعتذاره ليكي قدام الدنيا كلها

بجد أنا فخوره بيه أوي إنه إعتذر منك رغم إنكم علاقتكم رجعت حلوة زي زمان بقالها فترة


-فارس إتظلم معايا يا لين وهو مكنش ليه ذنب في أي حاجة...كنت بشوف في عنيه صدمته فيا كان فاكرني زانية يا لين ولحد دلوقتي أعتقد إن الفكرة دي مسيطرة على دماغه 


-متقوليش كده يا سارة، حتى لو مفيش ورق يثبت كلامك ده كلنا واثقين فيكي وعارفين إنك عمرك ما ترتكبي جريمة زي دي 

مع إن تصرفك كان غلط بس غلط عن غلط يفرق يا سارة 


ابتسمت سارة بحب للين وهي تقول:


-شكراً يا لين إنك معايا رغم كل حاجة ودايماً بتسمعيني


-بطلي هبل يا سارة إنتِ أختي، وبعدين خرجينا من جو المقاسي ده وإحكيلي 

مازن لسه بيكلمك؟


نظرت لها سارة بتحذير قبل أن تقول:


-قولتلك متجبيش سيرة الموضوع ده في البيت يا لين، لو حد سمعنا هروح في داهيه


-مين هيسمعنا أحمد عند رقية وبابا في أوضته...بيكلمك ولا لاء


-من أخر مرة مكلمنيش تاني


-معاه حق الصراحة إنتي كلامك كله كان قاسي والصراحة صعب عليا 


-ميصعبش عليكي غالي يا لين يا حبيبتي


ابتسمت لين قائلة:


-طب بذمتك محنتلوش ووحشك


ألقت الوسادة عليها وهي تقول:


- قومي إخرجي بره عشان مزعلكيش 


ضحكت لين بصوت عالي وقالت:


-طب والله وحشك


جاءت لتلقي عليها ريموت التلفزيون فرت لين من الغرفة وصوت ضحكاتها يملئ القصر 


أما سارة فشردت بذهنها للماضي

بعدما تركها مازن وغادر من غرفة المستشفى

مرت بعدها الشهور والأيام إلى ذلك اليوم 

الذي إلتقت به بالصدفة البحتة


كانت تسير هي ومها صديقتها في إحدى المولات يتبضعون الملابس،وطلبت مها منها أن تأتي معها لقسم الرجال حتى تشتري لخطيبها طقم شيك كهدية في عيد ميلاده 


-ماشي يا مها إسبقيني وأنا هجيب إزازة ماية وأجي وراكي


قالتها سارة وهي تنتوي الذهاب إلى الكفاتريا الموجودة بالمول بعدما أخبرت صديقتها


بعدما جلبت زجاجة المياه المعدنية دخلت قسم الرجال وأخذت تبحث عن صديقتها 

ولكن للأسف لم تراها من التزاحم الموجود بهذا القسم 


جاءت لتخرج هاتفها من الحقيقة حتى تحادثها وتعرف مكانها وجدت الهاتف وقع على الأرضية من أثر إصطدامها بأحد الأشخاص


رفعت بصرها سريعاً وهي تنظر للواقف أمامها قائلة: 


-أنا أسفة


مازن!!!!


جلس القرفصاء ليجلب هاتفها ومن ثم إستقام قائلاً:


-انا اللي أسف مكنتش مركز 


مدت يدها تأخذ الهاتف من بين يديه بتوتر وصدمة من لقاءه مرة أخرى 


-عاملة إيه دلوقتي


لم ترد سارة فوراً بل ظلت صامتة لثواني تستوعب ما يحدث ومن ثم علمت أنه يسأل عن حالها بعد الحادثة

فردت بإرتباك:


-الحمدلله بخير...عن إذنك 


جاءت لتغادر بعدما ألقت جملتها 

وجدته ينادي عليها بإسمها قائلاً:


-سارة، عاوز أتكلم معاكي ضروري ومش عارف أوصلك 


جعدت سارة حاجبيها وهي تقول بإستغراب:


-ايه الموضوع اللي عاوز تتكلم معايا فيه أظن إن مفيش بينا مواضيع مشتركة


ابتلع مازن ما بجوفه ومن ثم بلل شفتيه التي جفت من جفائها في الحديث قبل أن يقول:


-ممكن رقم تليفونك عاوز أفهمك كل حاجة

يا سارة عشان أقدر أعيش مرتاح، أنا من يوم المستشفى وأنا مش بعرف أنام 


بعد تردد كبير أعطته رقم هاتفها ، تعلمت من أخر لقاء بينهم بعدما صدته ومن ثم كانت تتأكل من الندم فها هي أتت لها الفرصة من جديد على طبق من ذهب 


بعد أسبوع من هذا اللقاء تقريباً طلب منها أن يتقابلوا بإحدى الكافيهات حتى يشرح لها الموضوع

تتذكر وقتها أنهم جلسوا في الكافيه خمس ساعات كاملين، يقنعها بهم أنه بريئ من كل التهم التي نسبتها إليه 


عاتبوا بعضهم البعض عما حدث بالماضي أخرجوا ما بقلوبهم حتى أصبحوا صافين تماماً

وبعد هذا قال مازن بتساؤل متردد:


-نرجع يا سارة ؟


لم تتفاجأ من طلبه كثيراً الحقيقة فهي كانت متوقعه ذلك بعدما صفوا لبعضهم لذلك ردت بثبات تحسد عليه:


-مبقاش ينفع يا مازن، زي ما الماضي مستحيل يتكرر تاني القدر عمره ما هيجمعنا من تاني 


صمت بخزى لثواني ومن ثم قال:


-طب أصدقاء حتى


إبتسمت إبتسامة صافية وهي تقول:


-انا موجودة وقت ما تحتاجني يا مازن

من غير أي مسمى 


ومن ثم قامت وغادرت الكافيه بعد جملتها 


علاقتهم تطورت يوماً بعض يوم وأصبح يشاركها تفاصيل حياته ولكنها هي من كانت تضع حدود يصعب عليه تخطيها 


دائماً ما تصده وتقابله بوجه جامد يجعله يفقد الامل في عودتهم 

طلب منها عدة مرات على أيام مختلفة أنهم يعودوا ولكن رفضها كان قاطعاً

❈-❈-❈


قد يمر العمر أحياناً دون أن نشعر به، جمب من نُحب تفوت الأيام بسرعة البرق ونشتهي لقياهم على أحر من الجمر 


ولكن هي منذ سنتين تقريباً تعيش أتعس أيام حياتها 

يمر اليوم عليها سنه في بعدها عن زوجها الذي قضت معه عمر بأكمله وأتت في لحظة الرياح بما لا تشتهى السفن وإنتهى نصيبهم سوياً


كل يوم تنتظر أن يأتي أحد يُعيد المياه لمجاريها ولكن يخيب أملها عندنا لا يسأل

في كل مقابلتهم في القصر دائماً متجاهلاً إياها

وكأنه لا يعرفها، كأنه لم يكن يغرقها بطوفان عشقه لها 


إنتظرت كثيراً وصبرت حتى جزع الصبر منها، 

لم تعد تطيق تلك الحياة التي تعيشها فأبيها وأخيها كثيراً ما يسافرون بطبيعة شغلهم 

وهي تبقى وحيده بتلك الڤيلا العريضة


هي تريد أن تعود مرة أخرى بأحضان إبراهيم التي كانت ترتاح بها من عبق وثقل الحياة

تريد أن تعيش مع أولادها تحت سقف واحد مرة أخرى....كرامتها وكبريائها هم المانع الوحيد لها في تحقيق تلك الأمنية


جلس فارس يقنعها لأيام أن تطلب السماح من أبيه حتى يعودوا مرة أخرى ولكنها كانت ترفض دائماً قائلة له أن إبراهيم تنازل عنها بسهولة ونساها كأنها لم تكن في يوم


ولكن الآن ستدعس كرامتها وتذهب تبكي له 

وتطلب منه أن يعيدها مرة أخرى داخل كنفه 

فهي علمت غلطها وندمت عما فعلته 

كانت تجرح فتاة يتيمة بقلب أم مفطور على ولدها البكري ونست أن من يأتي على الولايا لا يربح أبداً


دقت جرس الباب الداخلي للقصر بعدما تخطت البوابة الرئيسية

فتحت لها العاملة الموجوده بالقصر ورحبت بها بحفاوة شديدة 


- إبراهيم موجود يا سعاد 


هزت سعاد رأسها بنفي وهي تقول:


-البيه خرج بقاله شوية يا هانم


أردفت سارة بإبتسامة خفيفة:


-تمام يا سعاد...اعمليلي كوباية قهوه وطلعهالي في أوضة لين بعد إذنك 


-تحت أمرك يا هانم


صعدت سارة درجات السلم حتى وصلت لغرفة لين، طرقت الباب بهدوء ومن ثم أدرات المقبض دالفة إلى الداخل


قامت لين من على الفراش بمجرد أن رأتها وقالت بسعادة: 


- ماما إيه المفاجأة الحلوة دي 


إبتسمت سارة لها وهي تأخذها داخل أحضانها قائلة:


-وحشتيني يا قلب ماما


شددت سارة على إحتضانها وهي تقول:


-إنتِ أكتر يا ماما والله، أكيد جاية عشان تشوفي مالك ما هو أكتر واحد بيوحشك في البيت ده


ضحكت سارة على ضجر إبنتها وغيرتها من إبن أخيها ومن ثم قالت:


-هو فعلاً وحشني بس ده مش سبب وجودي هنا


- أمال 


تركتها سارة وجلست على الفراش وهي تقول:


-جاية أعتذر من أبوكي على اللي أنا عملته 

وأطلب منه يسامحني


فتحت لين عيناها على وسعهما والسعادة تملأهم وهي تقول:


-بتهزري يا ماما 


هزت سارة رأسها بنفي وهي تقول:


-ده قراري خلاص يا لين أنا مبقتش قادره على عيشتي بعيدة عنكم 


جلست لين جوارها وهي تقول:


-كلنا تعبانين من غيرك يا ماما....وبابا أكتر واحد 

متعذب في بعدك والله بس مش بيبن، بقى على طول ساكت والحزن في عنيه 


-يارب هو بس يسامحني يا لين 


-هيسمحك ده ما هيصدق والله 


ضحكت سارة على طريقة حديث إبنتها 


-شوفتي لقاء فارس 


-اه ربنا يحفظه يا رب كان منور الشاشة، كنت خايفة عليه والله من عيون الناس


ارتفع صوت ضحكات لين بأرجاء العرفة وهي تقول:


-خايفة عليه من ايه يا ماما هو عيل صغير هيتحسد 


-أيوة طبعا الناس نظراتها بقت وحشة 

ده أول ما يجي من السفر هبخره إن شاء الله

عشان أبعد عنه كل العيون 


- طب ابقى بخريني أنا كمان ونبي يا ماما عشان حاسة إني محسودة 


أردفت سارة بعصبية وهي تقول:


-من الزفت الموبايل اللي في إيدك ده 


وضعت لين يدها على شعرها بنزق وهي تقول:


-ماما حبيبتي بقولك محسودة ايه دخل الموبايل في الحسد ولا هو رمي جتت وخلاص


-مش مقضياها طول اليوم صور عليه وتنزليها استوري توريها لخلق الله 


مسكت لين يدها بهدوي وهي تقبلها قائلة بمزاح:


-أنا اسفة إني قولتلك إني تعبانة، حقك عليا

❈-❈-❈


دخل فارس غرفته في الفندق الخاص الذي يقيم به طوال سفرته بعدما أنهى لقاءه التليفزيوني


وجد زين يجلس على الفراش وأول ما رأه قام من مكانه سريعاً والغضب يحتل ملامح وجهه وهو يقول:


-ليه ذكرت إسم نغم يا فارس، مكنش ليه لازمة نهائي 


اقترب فارس منه الخطوات الفاصلة بينهم ثم قال بهدوء:


-كنت حابب أعرف العالم كله إنها تخصني


-ليه يا فارس إنتَ ممكن تكون أذتها نفسياً بعملتك دي، إنتَ شهرت بيها


ظهرت عروق وجهه بوضوح من أثر غضبه وضغطه على فكه بعنف، وفي لحظة ما إنفجر البركان ثائراً بأعلى لأصواته:


-كفاية لحد كده كفاية،قعدت سنتين محافظ على نفسيتها...سنتين بدمر في نفسيتي عشانها 

وفي الأخر مفيش أي نتيجة مُرضية

وقت المشكلة كنت بقول إنها معاها حق بس دلوقتي شايف إن كل اللي حصل ده مكنش ليه لزمة


ارتفع صوته أكثر وهو يقول:


-ليه مسمعتش مبرراتي وحبها شفع ليا

ليه أختارت انها تبعد في حين إنها عارفة إني بعشقها، انت أكتر واحد عارف انا حبيتها ازاي وعملت ايه عشانها جاي تحاسبني دلوقتي إني قولت إنها كانت مراتي

اه نغم كانت مراتي وهترجع مراتي غصب عن الكل


أنهى فارس حديثه بصوت مرتفع يمتلئ بالغضب


صمت زين وندم أنه إنفعل عليه فهو يعلم أن صديقه أصبح منذ بعده عن نغم أكثر حساسية

وأشد غضباً في أتفه الأمور


بعد فارس عنه بعدما أدرك إنفعاله المبالغ 

إتجه لمبرد المياه وملئ كوب بارد يرطب على جفاف شفتيه


رفع الكوب على فمه وإرتشفه في فم واحد 

ومن ثم نظر لزين وقال:


-جهز نفسك عشان هننزل مصر كمان يومين 


جعد زين حاجبيه بإستغراب وهو يقول:


-ازاي احنا لسه باقي على معاد رجوعنا أسبوع 


-أجل الشغل الباقي لوقت تاني، المهم إننا نكون في مصر بعد بكرة


-ليه يا فارس في حاجة في مصر؟، أظن إن أحمد لغى كتب كتابه وخلاه مع الفرح 


أعطاه ظهره وهو يقول بصوت قوى:


-حفلة تخرج نغم بعد بكرة 


رفع زين حاجبيه قائلاً بإستدراج:


-وإحنا مالنا 


إستدار فارس على بغته قائلاً بثقة:


-هيبقى يوم رجوعنا


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أميرة عمار من رواية البريئة والوحش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة