رواية جديدة نزيلة المصحة لريناد يوسف - الفصل 30
قراءة رواية نزيلة المصحة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية نزيلة المصحة
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
الفصل الثلاثون
هنا.. في هذة اللحظه.. إنقطعت أنفاس الجميع، والصدمه ألجمت الأفواه.. وتدلت شفاه كلاً من عبدالله، والطبيب حمزه؛ ودقأئق من السكوت مرت.. حتي إستطاع عبدالله أخيراً أن يكسر السكوت ويهتف حانقاً:
-ياجبروتك ياكريمه.. يخرب بيت أبوكي ياكريمه.. يامصيبتك السوده ياحسام.. يا حبيبي، ياللي كل شويه كريمه تظرفك خازوق يطلع من نافوخك.. وعملت أيه أحكيلي؟
تنهد حسام بمرارة واردف مكملاً:
- عملت أيه؟.. فتحت باب التاكسي وكنت هنزل عليهم زي المجنون؛ أعدمهم العافيه هما الإتنين.. لكني ترويت شويه، وقولت أستني، وأشوف الأول هما جايين هنا يعملوا أيه؛ وكده كده.. العافيه علي أيدي هيعدموها هيعدموها.
شوية ولقيت هادي طالع من الأسانسير.. ووقف مكانه، وكان باين عليه الديق أول ماشاف الإتنين، فاتقدمت عليه كريمه بثقه زايده.. ووقفت قدامه، وهو أول ماعملت كده حط إيده فجيبه وطلع محفظته، لكن الغريبه أن كريمه المرادي وقفته بإشاره من أيدها..
وبعدها قالتله كام كلمه، وأدتله ظرف كبير.. وبمجرد ماأخده منها قالتله كلمتين كمان.. لكن واضح أنهم بتهديد، وأتحركت بعد كده من قدامه.. ومسكت أيد ود وراحوا علي التاكسي اللي كانوا جايين بيه..
وبمجرد ما ركبوا التاكسي هما الأتنين.. وخلاص التاكسي هيتحرك، نزلت أنا بسرعه وفلمح البصر كنت واقف قدام التاكسي بتاعهم، والاتنين أول ماشافوني صرخوا بخوف؛ كانهم شافوا ملك الموت قدامهم.
وأنا بدون أي كلمه، طلعت فلوس من جيبي إديتها لسواق التاكسي، وشاورتلهم بأيدي عشان ينزلوا.. ونزلوا وهما ماسكين فبعض، وبيرجفوا من الخوف، وبمجرد ماإتحرك التاكسي، أنا فخطوتين كنت قدامهم.. ومسكت ود الأول ونزلت فيها ضرب، وأنا بسألها مع كل ضربه:"جايه هنا تعملي أيه، وجايه لمين هنا"؟
أما كريمه.. فمجرد ماشافتني عملت كده فود؛ جريت علي هادي.. اللى كان واقف فمكانه، ومراقب الموقف كله..
واستغاثت بيه، وبمجرد ماعملت كده، أمر رجالته أنهم يمسكوني، ويبعدوني عن ود، وهو أخدهم هما الاتنين، وركبهم معاه عربيته، وطلع بيهم، وهو عمل كده.. وأنا بقيت أصرخ علي ود بعلوا صوتي، وأقولها: إني هقتلها هي وكريمه، وهقتل هادي كمان معاهم.. كنت فلحظة إنهيار تام، مكنتش عارف بعمل أيه ولا بقول أيه، ولسوء حظي إن كاميرات المراقبه بتاعة هادي رصدت كل اللي حصل.
وروحت يومها بعد ماسابوني رجالة الأمن، ولقيت ود وكريمه فأوضة كريمه؛ مستخبيين مني، وأنا بكل غضبي كسرت عليهم الباب، وفضلت أضرب فيهم هما الأتنين..
فود بحجم كسرتي منها، وفكريمه بسبب كل اللي عملته فيا، ولسه بتعمله عن طريق ود.
ومهما سالتهم روحتوا لهادي ليه؟ مفيش وحده فيهم كانت بتنطق، ولا تقول سبب؛ ودا كان بيزيد جنوني، ويخليني أضرب فيهم أكتر.. لغاية ماكريمه فرفرت بين ايديا، وود وصلت للموت، منجدهمش من أيدي غير أمي؛ اللي كانت بتشتري خضار من تحت، وجات لقتني خلاص هخلص عليهم.. بعدتني عنهم، وسألتني فيه أيه؟ وبعمل فيهم كده ليه؟
وأنا قولتلها عاللي شفته.. وهي إبتدت تهديني، وتصبرني، وتقولي أهدا عشان تعرف تفكر.. وبرغم كل شيئ حكيتهولها، الا أنها أخدت ود فحضنها.. وإبتدت تداوي جروحها،
وتسألها بكل حنيه.. راحت هناك تعمل ايه هي وكريمه..
ومع سؤالها المتكرر جاوبتها ود:
-"كنت رايحه آخد حقي، مش انا ليا حق عنده.. مش فيه تمن للي عمله إبنه فيا ولازم يندفع، مش كفايه إنه دمر حياتي، ومستقبلي، ومخلاليش أي أختيار في الحياه.. غير حسام الهمجي يكون جوزي؟!
❈-❈-❈
وانا سمعتها قالت الكلمه دي.. وقمت عليها أخدتها من أيد أمي وعدت عليها الكره من تاني.. وقررت من يومها أنه لا فيه خروج ليها مره تانيه.. ولا حتي مرواح للجامعه.
وبالفعل حبستهم هي وكريمه، ومخلتش ود تروح الكليه بتاعتها مره تانيه.
وعدت الأيام، وود بقت منعزله فأوضة كريمه ليل نهار..
لدرجة إني خوفت عليها؛ تتعب نفسياً من القعده لوحدها، وبقيت أخلي أمي تخرجها للصاله تقعد فوسطنا، من وقت للتاني.. لكنها برضوا كانت بتقعد ساكته مبتتكلمش.
كنت فاكر إن خلاص لحد هنا، والأمور إنتهت بحبسة ود وكريمه..
لكني تفاجأت فيوم باللي كان بينطبخلي وانا نايم ومش داري بأي حاجه.
تفاجأت بقضيه سياسيه متلفقالي فالكليه، بأني تبع جماعه إرهابيه، وإني بحرض الطلبه وبدعوهم للأنضمام ليها، ولقيت أدله وشهود علي الكلام دا من قلب الجامعه!؟
وفي اليوم ده خرجت من البيت، ومرجعتش تاني، ودخلت السجن حتي من غير محاكمه.. بتهمه سياسيه كأني منفي،سنه كامله ١٢ شهر شفت فيهم الويل؛ لاأعرف حاجه عن أهلي ولا هما يعرفو حاجه عني.. لولا ماقدرت إني اطمن أمي، قبل ماأخرج بشهرين.. من خلال واحد، كان مسجون معايا وخرج، وأمنته يروحلها ويطمنها عليا، ويقولها أني بخير..ويعرفها طريقي.
وحاولت كتير إنها تزورني، لكن محدش سمحلها بزيارتي أبداً.. وطول الوقت مكنتش بفكر غير فحاجه وحده بس.. ياتري ود بتعمل أيه في غيابي؟
اذا كنت وانا موجود معاها.. كانت بتعمل كل دا، امال لما غبت عن عنيها بتعمل أيه.. السؤال دا كان بيجنني، وخصوصاً وانا عارف كريمه، ممكن تعمل فيها أيه وتوصلها لفين.
وخرجت بعد سنه بالظبط من القبض عليا.. مقدرتش أتحمل لغاية ماأوصل البيت، ورحت علي كابينه في الشارع، واتصلت بأمي أطمنها عليا، وافرحها بخروجي.. وحبيبتي بمجرد ماسمعت صوتي صرخت من الفرحه، كأن روحها كانت غايبه عنها ورجعتلها.
وانا كمان.. صوتها رجعني للحياة من تاني؛ بعد مافضلت سنه مفارقها.. طمنتها بخروجي،وقولتلها إني جايلها في الطريق، سألتها عن ود وقولتلها تديهاني أكلمها، لأنها برغم كل شيئ وحشتني، وحشتني أوي.
لكن رد أمي عليا كان:
-"تعالا بس إنت وأبقي أطمن علي كل حاجه بنفسك".
والغريبه أنها قالتلي، أروحلها علي عنوان شقتنا القديمه..شقتنا انا وهي!
مرضتش أسألها عن حاجه اكتر من كده، وقولت أما أوصل هناك هعرف كل حاجه، ألظاهر حصلت حاجات كتير فغيابي، وأتمنيت انه ميكونش حصل.. اللي طولت الوقت كنت خايف منه..
وللأسف.. لما وصلت عندها إكتشفت إن كل اللي كنت طول الوقت خايف منه، مفيش الا هو اللي حصل.. لقيت أمي بتقولي.. إن كريمه وود طردوها من الشقه، بعد مااتسجنت بشهر.. ومن يومها وهي متعرفش حاجه عنهم، غير اللي بتشوفه علي التلفزيون!
كنت فاكر بكلامها دا.. إن ود رجعت للإعلانات مره تانيه، لكنها طلعت عملت الألعن من الإعلانات.. بقت عارضة أزياء، ومش هقول ماأدراكم بعارضات الازياء، عشان كلنا طبعاً عارفينهم، وعارفين أيه هي طبيعة شغلهم، وإن اللي بيتكشف من جسمهم، أكتر من اللي بيتغطي..
روحتلها علي الشقه، وانا ناوي إني أنهي كل حاجه مابينا.. أصل خلاص اللي زي ود هبقي عليها ليه، وأي راجل في الدنيا هيبقي علي وحده متصونهوش، لا فحضوره ولا غيابه ليه؟
رنيت الجرس.. وإستنيت شويه، ولقيته بيتفتح.. واللي فتحته كريمه.. اللي بمجرد ماشافتني فوشها؛ حاولت تقفله فوشي مره تانيه.. لكني كنت أقوي منها، ودفعت الباب بأديا الأتنين، ومع دفعتي ليه، كريمه رجعت لورا، وكانت هتقع.. ودخلت الشقه، اللي كانت كل حاجه فيها متغيره.. ولفيتها بعنيا ملقتش ود..
لكني سمعت صوتها جاي من أوضتي القديمه.. رحت علي مصدر الصوت، وفتحت باب الأوضه، واتفاجأت بود واقفه فزاوية الأوضه، ومنكمشه علي نفسها، وبتبكي بخوف، وجسمها كله بينتفض، وبتكلم فحد قدامها ملوش وجود، وبتقوله:
- إبعد عني.. انا مموتكش، أنا مليش دعوه، حسام هو السبب، حسام هو اللي أخدك هناك وخلاك شفت كل حاجه.. حسام اللي خلاك هددت هادي، وعشان كده هادي موتك.. وختمت كلامها بصرخه؛ كأن واحد هجم عليها! ووقعت بعدها علي الأرض مغمي عليها!
كل دا وانا واقف، براقب الموقف ومستغرب من اللي بيحصلها؟!
وبعد ماوقعت بصيت لكريمه.. ومن غير ماأسأل لقيتها اتلجلجت في الكلام وهي بتقولي:
أاا... أنا مليش دعوة..دي دي هي لوحدها كده بقت بتجيلها تهيؤات..
هجمت عليها، بعد ماأتأكدت من منظرها، وكلامها، إنها هي اللي ورا اللي بيحصل لود دا.. وإنها ضيعتها، بطريقة أو بأخري.
مسكتها من رقابتها.. وضيقت عليها الخناق؛ عشان تعترفلي باللي عملته.. ولآخر لحظة مكانتش راضيه تتكلم.. لكن لما لقت نفسها خلاص.. مفيش غير شعره بتفصلها عن الموت.. نطقت وقالتلي:" إن ود اتلبست، من بعد ماأنا اتسجنت" .
حررت رقبتها وأنا بقولها:
-أحكيلي كل حاجه بالتفصيل.
وهي إبتدت تحكي..
- ود بدأت تخرج عن سيطرتي، لما العمل خلص، أصل العمل له مده معينه، وبعدها الخادم بتاعه بيتحرر، أصلي معرفش أعمل العمل المتجدد.
فقولت مش كل مره العمل يفضل كذا شهر ويتفك، وود تتحرر من بين ايديا وتتقلب عليا، واللي زي ود مينفعش تبقي من غير سيطره عليها..
فرحت أشتريت كتاب سحر.. من المكان اللي دلني عليه واحد سحار أعرفه..
❈-❈-❈
وأشتريت الكتاب.. وجيت عشان أعملها عمل متجدد بالإخضاع.. لكن الظاهر إني حضرت خادم العمل بطريقه غلط، أو الكتاب كانت تعويذاته مغلوطه،
فإتسلط عليها ملك من ملوك الجان وبقي يخوفها ويظهرلها بدال مايخضعها.. وبقي بيتجسدلها فصورة أكبر مخاوفها.. فهيئة أبوها، وقدر إنه يعذبها بأنه يكلمها من خلاله ويقولها إنها هي السبب فموته ويحرق روحها.. حاولت كتير أصرفه.. وديتها لناس غيري.. حتي إني وديتها لشيوخ. لكن مفيش فايده.. وكل ماحد بيفكه، العمل بيتجدد من تلقاء نفسه.. وكله اللي كان يكلمه، ويحاوره، كان يقوله "إنه خد عهد علي نفسه، إنه مش هيسيبها، وإنه هيروعها، ويعيشها طول عمرها فخوف، زي ما ساب أولاده وبيته وعشيرته، واضطر إنه يتحبس في عالمنا.. وخسر عيلته؛ فهجوم من قبيله معاديه، وتم الايستلاء علي مملكته وملكه. وكان شايف اولاده قدامه بيموتوا علي أيد اعدائه وهما متروعين.. وهو محبوس هنا مش قادر يروحلهم".
ومن يومها وبنتي بتتعذب.
ساعتها بصتلها.. وانا نفسي اقولها كلام كتيير قوي، لكن شفت إن الكلام فيها ممنوش أي فايده، لكن أكتر كلمه وقفت عندها فكل اللي حكته ده.. كلمة بنتي..
بنتك؟!..هي الكلمه دي بالساهل تتقال كده!، دي لو حتي بنت عدوينك. مش هتعملي فيها كده.
بصيت للي مرميه علي الأرض ولقيت كريمه بصتلها هي كمان، وإبتدت دموعها تنزل؛ وهي بتتقدم عليها.. وقعدت جنبها وإبتدت ترفعها علي رجلها، وتمسد علي شعرها بحنان..
والعجيب إنها إبتدت تقرالها قرآن.. معقوله كريمه بتقرا قرآن!
من إمتا طيب؟ وأيه السبب.. معقولة صعبت عليها ود أخيراً.. بعد كل اللي عملته فيها، معقوله ندمت علي أذيتها لها؟
قعدت علي الكنبه باصص عليها، وأنا بأشرب فسيجاره ورا سجاره.. ماهي دي كانت سلوتي الوحيده في السجن، ورفيقة أيامي..لغاية ماإبتدت تفوق.. وبمجرد مافتحت عنيها وشافتني..
علي عكس الخوف اللي كنت متوقع إني اشوفه فعنيها مني، والكره اللي سيبتها وكانت بتكنهولي، وكنت فاكره لسه موجود وزاد مع الغياب..
لقيت نظرة إستنجاد وتعب، ولقيتها بتجري عليا، وتقعد تحت رجلي بكل ضعف وتقولي:
- "الحقني ياحسام هيموتني"
مقدرتش وقتها أفتحلها دراعاتي، ولا اخدها فحضني، ولا اديها الأمان اللي كانت بترجوه مني..
أصل ازاي ادي الأمان لوحده.. كانت مطيره النوم من عيني، وانا حاسس من ناحيتها بعدم الأمان، وكل اللي تخيلته طلع حقيقي.
فضت باصصلها، وانا بنفخ دخان سيجارتي واتمنيت إن الدخان دا يكون نار تحرقها.. وارتاح منها؛ زي مابتحرق فروحي من صغري..
لكني برضوا منكرش.. إني اشتقتلها، ووحشتني كل حاجه فيها..وقد أيه اتمنيت لو كانت الظروف غير الظروف.. وود كانت الإنسانه اللي بتمناها تكونها..
كنت زماني واخدها فحضني وغامرها غمرة بكل شوقي ليها.. وأثناء تفكيري دا لقيتها بتقعد علي ركبها وتشب وتدخل فحضني.
كنت جامد زي الحجر.. لكن ريحتها ودفو حضنها، ودقات قلبها - اللي سمعت فصدري.. كل دي حاجات.. خلتني مقدرتش أقاومها، ورفعت اديا وأنا مسلوب الإراده، ولفيتهم حواليها، وضميتها بشوق واحد بقاله سنه مضمش مراته.. ونسيت كل حاجه، ونسيت أنا كنت جايلها وناوي علي أيه..
وكالعادة ضعفت قدامها، ونسيت الدنيا، وأخدتها ودخلت ألأوضه وطردت شوقي ليها شر طردة..
ولكني بعد مإنتهيت منها وبعدت عنها، لعنت ضعفي ألف لعنه؛ وسألتها وانا مديها ضهري السؤال اللي كنت كل يوم بسأله لنفسي فالسجن :
ود انتي كنتي بتعملي أيه في غيابي.. عرفتي رجاله غيري.. ولقيتني بكل عنف لفيت عليها ومسكتها من دراعها وانا بسألها:
كام واحد شافك زي ماانا شايفك دلوقتي، كام واحد داس عرضي وانا غايب؟
❈-❈-❈
لقيت دموعها نزلت، وإبتدت تحلفي بكل أيمانات الله، وتقسملي بكل عزيز وغالي، إن ماحدش لمسها طول فترة سجني، ولا حد قربلها، ولا أصلاً هي تقدر تعمل كده.
سبت دراعها.. بعد ماحسيت إن صوابعي من كتر الضغط عليها، غاصوا في اللحم ووصلوا العضم..
وولعت سجاره، وإبتديت أشرب فيها بغل، ولقيتها بالراحه..بتحضني من ضهري، وأديها إبتدت تمشي علي جسمي بحنيه.. غمضت عنيا بتعب، وأنا حاسس بنعومة اديها، لكن الوضع مدامش كتير؛
وانا بحس بإيدها جات عند جرحي ووقفت؛ أيوه كانت بتقرف من أثر الحرق، وقالتهالي كتير، ومكانتش بتسمحلي اقعد قدامها بجسمي مكشوف؛ عشان متشوفهوش، وأنا مكنتش بحب ادايقها، وكنت دايماً بغطيها قدامها.
لقيتني ببعد اديها عني بعنف وانا بقولها:
ازاي ابقي متقبلك بكل مافيكي وانتي متتقبليش حاجه زي بسيطه زي دي فيا؟!
وسكت، وهي سكتت ومردتش، وسبتها وقومت أخدتلي حمام، ورجعت لقيتها علي نفس قعدتها.. رحت علي الدولاب وفتحته.. وكويس أني لقيتلي هدوم لسه باقيه فالدولاب مترمتش، زي ماأترمت أم..
أمي!.. أفتكرت أمي، واللي عملوه فيها هما الإتنين، وبصيتلها بغل، وهي شافتني ببصلها وخافت..
واتقدمت عليها.. وهي كل مااتقدم ترجع لورا بخوف..لغاية ماوصلت عندها، ومسكتها من شعرها وقولتلها:
قوليلي صحيح، انتي ازاي تطردي امي من الشقه انتي وكريمه؟
ردت عليا بكل خوف وقالتلي:
-"والله ماانا، دي ماما كريمه هي اللي طردتها، وانا مقدتش امنعها.. صدقني انا مش بقدر اقول لماما كريمه لأ علي حاجه".
سبت شعرها وانا برد عليها بتهكم:
-ماما كريمه!
ماما كريمه دي اللي مسلطه عليكي الجنون؛ عشان تسيطر عليكي، وتقدر تتحكم فيكي علي مزاجها.. ماما كريمه اللي دمرتك، ودمرت ماضيكي، وحاضرك، وهتدمر مستقبلك.
وكالعاده أخدت صف الدفاع عن كريمه، ورفضت أي كلام مني عليها.. وانا سبتها ومعقبتش علي كلامها..
أصل الدفاع عن كريمه دي حاجه خارجه إن ارادتها.
قعدت جنبها وأخدت نفس جامد وقولتلها: مفيش شغل فالازياء مره تانيه.
لقيتها بتقولي بقلة حيله:
مش هينفع؛ عشان متعاقده مع الشركه وماضيه شرط جزائي ولسه لازم افضل سنه كمان أشتغل مع المصمم.
سالتها: هو الشرط الجزائي دا كام؟
صدمتني وهي بتقول الرقم.." مليون"
همست بيني وبين نفسي:
-مليون ايه، دنا لو بعت كل حاجه، وبعت نفسي كمان، مش هعرف اجمع نص المبلغ دا.. فمكنش قدامي غير حل واحد.
والحل دا هو اللي نفع ساعتها وأنهي الموضوع.. كسرتلها دراعها..عملت دا علي غفله وبحركه سريعه.. خليتها صرخت بعلوا صوتها، وعلي صوت صرختها دخلت كريمه هاجمه، وشافت ود مغمي عليها وانا قاعد جنبها بلا مبلاه، ووقفت مكانها زي الصنم؛ خايفه تتقدم مني أكتر؛ اعمل فيها زي ماعملت فود.
أخدتها ورحت جبستها ورجعنا، وبكده المصمم بنفسه اعفاها من الشغل، لغاية مادراعها يخف..ودا بناء عن تقرير خليت الدكتور يكتبه بأن الكسر مضاعف وهتحتاج ٤ شهور في الجبس.. مع إن الكسر بسيط، ومياخدش غير بس شهر واحد، لكن كان لازم التحايل عشان أعمل اللي فدماغي.
وحبستها في البيت.. ورجعت أمي تقعد في الشقه من تاني، واتجمعنا مره تانيه ورجعنا كلنا لنفس الوكر، تعابين مع ارانب مع أسد مجروح الكرامه.
وقتها حاولت ارجع للجامعه.. وظبط الموضوع؛ بسبب أن السابقه الأولي مبتتكتبش في الفيش، ولا تذكر.
وأبتديت ادور علي شغل، وقتها كان صعب أني الاقي حاجه تناسب ظروفي..
ببص لقيت أمي طلعتلي فلوس..كانت محوشاها من مرتبها طول السنه اللي فاتت، علي فلوس قديمه كانت معاها، وقالتلي اشتري تاكسي أشتغل عليه، ويبقي حر مالك.
وأنا ملقتش قدامي حل أنسب من دا، وأخدت منها الفلوس، وبالفعل إشتريت التاكسي.. لكني اتعاهدت بيني وبين نفسي، إني أرجعلها كل قرش أخدته منها، ويومها أخدت التاكسي ورجعت بيه للبيت، وكأنه أعظم انتصاراتي في الحياة.، وطاقة أمل لحياة أفضل.
وإبتديت أرجع اشتغل تاني علي التاكسي، واحاول انظم وقتي.. مابين الجامعه والشغل بالتاكسي.
في الفتره دي ود كانت قاعده في البيت، وكانت طول الوقت ماسكه دفتر رسم وقلم، وبترسم ففساتين.. وتبعتها علي الواتس لصاحبتها اللي فدار الازياء اللي كانت شغاله فيها؛ عشان تفرجهالها..
كانت معجبه جداً بالتصميم، واتعلمت حاجات كتير من المصمم اللي كانت بتشتغل معاه، ومن ورشة العمل..وشافت إنها تقدر تصمم زيه وتعمل زي شغله وأحسن كمان.
وإكتشفت في الآخر.. إن التصميمات كلها اللي بعتتها لصاحبتها، نازله فكولكشن بإسم المصمم المشهور مع تغيرات بسيطه!
يعني سرق شغلها هو وصاحبتها ونسبه لنفسه.
يومها انهارت، واتصلت بصاحبتها، وعاتبتها، واتهمتها بالسرقه.. لكن صاحبتها حلفتلها.. إن المصمم هو اللي أخد التصميمات من وراها.. وهي كانت بتوريهومله بحسن نيه؛ عشان يقيم شغلها ويقول رأيه فيه.
فحاولت ود تتصل بالمصمم؛ عشان تشوف هو عمل كده ليه، وبأي حق.. لكن رب ضرة نافعه؛
المصمم عملها بلوك، ولغي العقد اللي بينهم، ورفدها من الشغل.
وبكده ود اتحررت من عبودية المصمم، ومبقتلهاش حجه فالرجوع لعرض الازياء.
وفضلت قاعده في البيت،
ووقتها مقسم بين حاجتين، يأما نوبه من نوبات الخوف.. اللي بتتملكها لما تشوف اللي بيظهرلها من العدم دا، فأي وقت وفأي مكان.. يأما بترسم وتصمم.. لغاية ماملت الاوضه، والشقه كلها تصميمات، وكان نفسها تعرضها علي مصمم.
أما كريمه.. فكانت ففترة هدوء وسلام عجيبه.. لا بتخطط لحاجه، ولا بترسم علي حاجه..
وطول الوقت واخده بالها من ود، وتبصلها بشفقه، وخصوصاً بعد نوبات الخوف اللي بتجيلها، وكانت نظراتها حقيقيه.. وواضح جداً.. إنها كانت حاسه بالذنب.. وغير دا ودا.. كانت متقبلاني أنا وأمي بطريقه مريبه!
دي حتي كانت بتحاول تتقرب من أمي! لكن أمي كانت المؤمن.. اللي حرص من جحر الثعبان، وقرر إنه مش هيُلدغ منه مرتين..فكانت بتتجنبها بكل الطرق.
وفيوم قررت إني أساعد ود.. فأنها تبيع تصميماتها دي، أو تتعاون مع شركة أزياء عشان تنفذهم بإسمها، وكل دا عشان متملش، وتواصل هوايتها من البيت، وتفضل كده هاديه ومطيعه.
لكن للأسف.. مفيش حد وافق انه ينفذ الشغل باسمها هي، كله كان عايز ينفذ الشغل بإسمه، ويديها مبلغ بسيط.
فقررت حاجه ندمت عليها أكبر ندم بعدين.. ولسه بندم عليها لغاية دلوقتي.
قررت إني أبيع التاكسي.. وأسسلها شركة ازياء صغيره، تعمل فيها شغلها، وأشتغل معاها فيها.. وخصوصاً لما عرفت إن الموضوع دا بيجيب فلوس حلوه، ومشروع ناجح..وأهو نبقي طول الوقت مع بعض، وتبقي دايماً قدام عيني.
وفعلاً إبتديت أعمل كده، وهي فرحت قوي بالخطوه دي.. لكن فلوس التاكسي مكفتش غير تأجير المكان، والصرف علي التصاريح، واللذي منه..
فهي اتكفلت بباقي المصاريف، أشترت مكنتين خياطه احدث طراز، واشترت الأقمشة اللازمه للتصاميم، وجابت صاحبتها اللي سبق وبعتتلها التصاميم.. بعد مااقنعتها ببرائتها من سرقة التصاميم القديمه، عشان تشتغل معاها بحكم خبرتها في المجال.
وابتدينا الشغل.. وشاركت فأول مهرجان، وحققت نجاح باهر ومبيعات هايله.
ومن هنا أبتدا مشوار نجاحها وشهرتها، وشهرة الشركه ومعرفة إسمها وسط شركات الموضه والتصميمات.
وإستقرت أمورنا وابتدت تتحسن.. وكل دا وانا جنبها، ومعاها فكل خطوه، وأبتديت أحس بتغيير واضح فشخصية ود، وبداية نضوج..
بعيداً عن نوبات الخوف اللي بتجيلها، من وقت للتاني.. مع إنها خفت خالص.. وبقت تشوف الخيال دا علي فترات بعيده، وكل ماتشوفه مبيجيلهاش غير في صورة أبوها، وتفضل طول النهار أو الليل، او الوقت اللي بتشوفه فيه، خايفه وتبكي..
وأنا أهديها بكل الطرق الممكنه، واطمنها.
أماأمي فكانت فرحانه بالاستقرار اللي كنا فيه، واتمنته يستمر، وسعيده بتحسن حالتنا الماديه، وخصوصاً لما جبنا عربيه من أول مكسب للشركه،
وأبتدت تفكر في ذيادة الإستقرار ده؛ بإنه يكونلنا طفل أنا وود يملا حياتنا،ويزيد من نضوج ود.
وبمجرد مااقترحت أننا نحاول نشوف الموضوع دا اتأخر ليه.. واقترحت فكرة اننا نروح لدكتور.. وقالت الكلام دا قدام ود وكريمه.. الأتنين بصوا لبعض ووشهم جاب ألوان..
ومن بصتهم دي لبعض.. حسيت أنهم مخبيين هما الاتنين سر خطير.
وبمناسبة الأسرار، مكانش السر اللي أكتشفته دا.. هو السر الوحيد اللي مخبيينه، دول كانوا عاملين زي جراب الحاوي، اللي كل ماحد يدخل ايده فيه يطلع بحاجه جديده مكانش يتوقعها.
وفكل مره ءآمن لود، واقول خلاص اتعدل حالها ومش هيتوجع قلبي منها تاني.. تجيني بوجع أكبر من اللي قبله، والمرادي الوجع كان صعب، وكانوا خبطتين في الراس ووجعهم كان فوق قوة. تحملي.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية