-->

رواية جديدة نزيلة المصحة لريناد يوسف - الفصل 38

 

قراءة رواية نزيلة المصحة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


قراءة رواية نزيلة المصحة

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل الثامن والثلاثون



خلل حسام أصابعه بين خصلات شعره، بعد أن فرك وجهه بديق، قبل أن يواصل حديثه، وهنا علم الطبيب حمزه أن ماهو آتٍ سيكون موجعاً؛ فحسام لا يفعل هذه الحركه إلا وهو على شفى ذكر حادث أليم قد مر به، أو ذكريات لا يحب الولوج اليها. 

وها هو حسام يكمل ليؤكد إستنتاج

 حمزه: 

- ومن يومها والأمور إتحولت من أسواء لأسواء بغباء. 

ود مبقتش تخرج من أوضة كريمه مهما حاولت أخرجها. بقت كأنها جثه بالظبط. لا أكل ولا شرب، غير بعد حرب أخوضها أنا أو كريمه، سمر بعدت عنها نهائياً، ومبقتش احب حتي مكان واحد يجمعني بيها، وحملتها هي سبب كل حاجه بتحصل، وكتير حاولت ارجعها شقتها هي وقاسم، لكن أمي كانت ترفض بشده وتقف قدامي وتقولي:

اللي عايز تعمله دا ياحسام لايمكن هسمحلك بيه. مش هخليك ترمي إبنك وتبعده عنك. وتخسر سندك؛ عشان اللي دمرت حياتك، ولو دا حصل، أنا كمان هروح معاهم وأسيبك لوحدك وسط ود وكريمه؛ يعملوا فيك اللي يحلالهم،وكريمه تلعب بيك وبيها زي الكوره.

ود ضاعت ياحسام على أيد كريمه. 

ودلوقتي هي بتغرق، وماسكه أيدك وبتشدك معاها. سيب أيدها وإمسك الايدين اللي ممدوده ليك، وعايزه توصلك لبر الأمان.

سيبها وتعالا عيش معانا. فشقتنا أنا ومراتك وإبنك. إنسي حاجه إسمها ود وإعتبرها مرحله فى حياتك وعدت. سيبلهم الشركه والفيلا والفلوس. 

سيبلهم كل حاجه وإبتدي من جديد، إبتدي بدايه نضيفه، مع ناس نضيفه بتحبك بجد. 

هتتعب أه بس هتوصل.. هتوصل زي ماوصلت الأول.


كنت بسمعها وانا مش مستوعب كلامها! ورديت عليها بإستغراب:

-إنتي اللي بتقولي كده ياأمي؟! نسيتي وصية عمي! نسيتي إنه مات وود آخر إسم كان علي لسانه! 

ردت عليا بعصبيه:

منسيتش ياحسام. بس وصية عمك أصبحت باطله خلاص. دي إتحولت لوصية أذى، وعمك بنفسه لو كان عايش مكنش إتحمل نص اللي إنت إتحملته من ود.

الوصيه دي لو كملت حياتك بالشكل دا عشان تنفذها ربنا هيحاسبك؛ لأن ربنا قال في كتابه العزيز" ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكه." 

وود دي هلاكك يابني. ولازم تبعد عنها؛ عشان تكسب دنيتك وآخرتك كمان. 

كفايه إنك بسببها بقيت ظالم. كفايه إنك بسببها إبتديت تكون عاق، وتعارض أمك وتزعلها. كفايه كده بجد ياحسام. 

مردتش عليها وقتها..وسيبتها وخرجت، أخدت العربيه؛ عشان أتمشى بيها شويه وأفك عن نفسي، وأعرف أتنفس. بدال ماكلام أمي حاسه حجر واتحط فوق صدري..قال "أسيب ود وأبعد عنها" قال! طب وهو أنا لو عملت كده أمى فكرها هعيش يوم واحد، ولا اقدر أكمل!

دي ود معجونه فروحي، وملفوفه وسط نسيج قلبي، ودايبه في ذرات الاوكسجين اللي بتنفسه. 

بعدت بالعربيه كتير عن الفيلا، وكان الوقت دا بالليل حوالي الساعه ١٢،وفجاه وأنا ماشي بالعربيه لقيت عربيتين محاوطيني واحده قدامي والتانيه ورايا، وإبتدوا يجبروني إني أغير طريقي، وأعدي من طريق تانيه؛ عشان أهرب منهم لما حسيتهم قاصديني.

وبمجرد مابقيت في الطريق اللي زنقوا عليا لغاية مابقيت فيها، لقيت وابل من الرصاص إتفتح على عربيتي وعليا.. ثواني معدوده وكانت العربيه شبه الغربال؛ من كتر الرصاص.

 ولولا ستر ربنا، وثارينة عربية شرطه كانت قريبه من المكان..كانوا إستنوا لغاية ماخلصوا عليا خالص.

لكنهم مشيوا، وأكيد إفتكروا إنهم موتوني  بسبب الدم اللي شافوه على هدومي. وإللي كان مصدره الرصاصه اللي جت فدراعي.

صوت ثارينة الشرطه قرب علينا أكتر. وهما فى لحظه إختفوا من المكان.

 لكني قدرت ألمح نمرة عربيه منهم.

 وجات الشرطه وأتصلوا بالإسعاف، وجات عربية الأسعاف أخدتني للمستشفي وطلعوا الرصاصه من دراعي. 

وحمدت ربنا إنه نجاني من موت محتوم.

وإتعمل محضر وأدليت بأقوالي. وماأتهمتش حد. 

وإتقيدت ضد مجهول. وإتصنف الإعتداء ان كان هدفه السرقه. 

❈-❈-❈


أنهي جملته وبدأ على الفور في فك أزرار قميصه. وقام بخلعه عن أكتافه؛ كي تظهر ندبة في عضلة ذراعه، ومن الجلي أن الندبه لشيئ إخترق ذراعه بقوه.

أي لطلقة نارية بالفعل. 

وكان هذا الذراع هو الذي من ناحية عبدالله، الذي فور أن رأي الندبه مسد عليها بشفقه. وإنحني ليطبع قبلة فوقها. ثم قام بتغطيتها بقميص حسام وهو يردف بصوت حزين:

-وهو أنت ناقص الحراميه كمان! ربنا ينتقم منهم. مش كانوا سألوك قبل مايعملوا فيك كده إن كنت ناقص ولا مش ناقص! 

فتبسم حسام على كلام عبد الله. ونظر إلى حمزه..الذي كان من الواضح أنه يحضر لسؤال ما. 

وها هو السؤال يخرج من بين شفتيه محملاً بالشك:

-وليه مقولتش للبوليص علي نمرة العربيه،  وكانوا جابوا اصحابها،وعرفوا هما عملوا فيك كده ليه؟! 

فزادت إبتسامة حسام وأجابه بهدوء:

مكانوش هيعرفوا اللي أنا عرفته بطريقتي. وإحتمال حتي لو عرفوا مكانوش قالوا. 

فعقب عبدالله على كلامه سريعاً: عرفت ايه عرفت أيه إنطق قوام؟


فاردف حسام وهو يغلق ازرار قميصه مرة أخري:

-عرفت إن اللي عمل العمله دي هما رجالة هادي. 

فشهق عبدالله. وضرب رأسه بكلتا يديه. أما حمزه..فرفع حاجبه لحسام، وقد فهم حسام إنه لن يكتفي بهذه الجمله ويريد تفاصيل أكثر، فأكمل حسام موضحاً أكثر.. 


يومها روحت البيت وش الفجر.وأنا لافف دراعي وحاسس بألم فظيع. وبمجرد مادخلت من بوابة الفيلا، سمر اللي كانت واقفه في البلكونه بمجرد ماشافتني دخلت دخلت فوراً. 

ويادوب دخلت الفيلا على أمي اللي كانت قاعده في الصاله سهرانه علي غير عادتها. ببص لقيت سمر نازله علي السلم بتجري. وأمي أول ماشافت دراعي شهقت بخوف. 

وثواني والإتنين جم جرى عليا، ولقيتهم حاوطوني وحده علي يميني ووحده علي شمالي. 

وفي اللحظه دي أقسم بالله الخوف اللي شفته عليا في عيون الأتنين يكاد يتطابق تماماً.

دا إن مكانش متطابق فعلاً.

 تخيل لما تلاقي خوف أمك عليك وما أدراك بخوف الأم..فيه حد خوفه عليك يضاهييه! 

وإبتدا من الإتنين سيل من الأسئله عن أيه اللي حصلى ومين اللي عمل فيا كده، مردتش عليه غير بجمله وحده:

-حادثه وربنا ستر. 

وسبت الإتنين واقفين. ورميت نفسي علي الكنبه. وغمضت عيوني وأنا بتمني إني لما أنام شويه.. ألاقي راحه من الوجع اللي كنت حاسس بيه وقتها.

وفعلاً من تعبي نمت، وصحيت معرفش بعد وقت قد أيه؟

وبمجرد مافتحت عيوني وقعوا عليها هي أول وحده.

 كانت قاعده على الارض جنبي، وقدامها قاسم بيلعب بالمكعبات.

وكانت عيونها مترصداني ومتجاهله أي حاجه تانيه.

 لفيت بدماغي وشفت أمي هي كمان قاعده علي كرسي جنبي. وحاطه ايدها علي خدها وبصالي بخوف.

 إتعدلت وبمجرد ما عملت كده وقاسم شافني.. ساب اللعب اللي فأيده وجه يجري عليا. وقبل ما يوصلني سمر مسكته ومنعته وهي بتقوله:

-بابي تعبان ياقاسم. 

لكنه فضل يتلوي بين إيديها، ويحاول يتخلص من مسكتها ليه، وينادي عليا بإستنجاد..فأنا همستلها بصوت مجهد: -سيبيه. 

فسابته وجه جري دخل فحضني. 

وانا ضميته بأيدي السليمه. 

وفي الاثناء دي باب أوضة كريمه إتفتح، وطلعت منه كريمه..وسابت الباب مفتوح؛ عشان تتلاقي عيوني باللي قاعده علي السرير. وشايفاني بوضوح.

واللي كنت متوقع..إني برغم كل حاجه هشوف الخوف فعنيها. وهتجيني جري عشان تطمن عليا زي أمي وسمر؛ بمجرد ماتشوف جرحي.

لكن اللي حصل إني مشفتش فعيونها وهي بصالى غير صقيع. ورد فعلها كان أبرد من القطب الشمالي. 

وفضلت باصالي كتير قبل ماتدور وشها للناحيه التانيه بعدم مبالاه.

وأنا لما ملقتش منها اللي كنت منتظره.. لملمت خذلاني منها، وخيبة أملي فيها، وبعدت عنها بعيوني.

 وإبتديت أطمن أمي اللي شايف إنها محمله نفسها ذنب اللي حصلي بسبب كلامها معايا إمبارح.

وأفهمها إن دا نصيب. وإن كلامها ملوش علاقه باللي حصلي.

وإبتدت هي وسمر يطمنوا عليا من كلامي معاهم، وضحكي مع قاسم. 

وبعد شويه قمت دخلت الحمام؛عشان أحاول آخد شاور. وسمر عرضت عليا إنها تيجي تساعدني وأنا رفضت.

لكنى ندمت بعد كده على رفضى؛ لأني بصعوبه قدرت استحمي من ألم دراعي. وخرجت بعدها لقيت أمي بتحضر في الفطار. وسمر وقاسم لسه على نفس قعدتهم.

سبتهم ودخلت لود وقعدت جنبها وهمستلها بوجع:

-كنت هموت إمبارح ياود.

وتوقعت أي حاجه تانيه من بين كل كلام الكون ممكن تقولها وترد عليا بيها.. 

أو حتي توقعت سكوتها. لكن ابداً متوقعتش الجمله اللي قالتها ساعتها:

-"ومموتش ليه"؟ 

الكلمه من حدتها وقعها علي وداني كان زي وقع خبر موت أعز الناس لقلبى وأقربهم ليا. 

وجع، إحساس بالغربه، ضياع..كل دا حسيته فلحظة وحده بعد جملتها دي .

بصيتلها ومتكلمتش. وكنت مستني منها تغيير أو تبديل لكلامها. أو حتي أشوف فعيونها ندم. 

أو حتي حاجه تكدب اللي قالته.

 لكني ملقيتش اي حاجه من دول. وعنيها كانت خاويه زي بلد مهجوره. رحلوا عنها سكانها ومفيش إلا الريح بتصفر فيها. 

فقمت من جنبها وانا مكسور كسر جديد. وقارنت بين رفضي القاطع للتخلي عنها من كام ساعه..وبين إستعدادها لخسارتي بمنتهي البساطه! 

خرجت من الأوضه، ورحت قعدت علي السفره. 

وكالعاده قلبي فضل يتمسلها ألف عذر، وعقلي إخترعلها ألف مبرر. 

وقعدت أفطر وعقلي يحلل اللي حصل إمبارح دا كان ليه! ومين اللي عملوا كده؟ وأيه مصلحتهم؟ وخصوصاً إن الإعتداء واضح جداً إنه مقصود. ومش لسبب السرقه بالمره!. 

خلصت فطار وقمت خرجت للجنينه ومعايا تليفوني، 

وإتصلت باللي كنت متأكد إنه هيجيبلي قرار الناس اللي عملوا كده، وأسبابهم وداوفعهم.

إديته رقم العربيه ومواصفاتها، ونصحني بإني ماأخرجش من الفيلا النهارده؛ غير بعد مايردلي خبر، ويعرف أيه قصة ضرب النار، ومحاولة الإغتيال دي بالظبط. 

وإمتثلت لكلامه.

 وفضلت قاعد في الفيلا في اليوم دا مخرجتش. وبالليل كان عندي منه الخبر اليقين.

إن اللي عملوا كده رجاله بيشتغلوا فى شركة هادي بيه.

 أنا الصدمه لجمتني وقتها. وبقيت أسأل نفسي..طيب ليه يعمل كده؟ وأيه مصلحته؟ ماإحنا بعدنا عن بعض ومبقتش فيه أي مشاحنات مابينا.

 دي حتي ود اللي كانت ناويه تستمر في إبتزازه، وأخد فلوس أكتر منه، منعتها إنها تعمل كده. طيب أيه اللي جد وجدد العداوة؟!. 

ملقتش أي إجابه. وتأكدت إن إجابة أسئلتي عند إتنين ملهمش تالت.

هادي أولاً. ودا إستحاله هيحصل. والشخص التاني هو كريمه.

 لأن ود لا حول لها ولا قوة. 

وبالفعل فضلت مراقب كريمه لغاية ماغفلت عن تليفونها؛ وإقتنصت الفرصه. ومسكت التليفون فتحته. ودورت في الأرقام.. ولقيتها متصله ألنهارده الصبح برقم من غير إسم، ومدة المكالمه دقيقتين. 

رنيت على الرقم ورفعت التليفون على ودني. وثواني بس وسمعت صوت علي الجهه التانيه بيرعد ويصرخ زي أسد غاضب:

"كريمه انا مش قولتلك متتصليش بيا تاني. مش قولتلك إني حاولت أعمل اللي قولتي عليه والحكايه فشلت بسبب سوء الحظ. 

أعملك أيه دلوقتي؟ كريمه إسمعي هقولهالك لآخر مره.. متتصليليش بيا تاني عشان متضطرينيش اعمل معاكي اللي هيريحني من زنك نهائي.

وإن كان علي تهديدك ليا إنتي وود، والقذره التالته بتاعتكم.. دا تبلوه وتشربوا ميته.

 وأقولك على حاجه كمان..دي آخر دوره ليا فمجلس الشعب؛ يعني خلاص مافيش خوف من أي حد ولا علي أي حاجه.

يلا غوري بقي وأتمني إني ماأسمعش صوتك المزعج تاني ابداً..دا لو كنتي عايزه حسك يفضل في الدنيا".

 وإن كان علي حسام فهخلي الرجاله يحاولوا محاوله أخيره بعد كام يوم وياكش المرادي تظبط وأخلص منه ومن زنك. 

قفل السكه وأنا حسيت دماغي بتلف زي مايكون واحد خبطني عليها بطن حديد. رحت علي كريمه اللي كانت فى المطبخ،ومسكتها من هدومها. وجريتها لأوضة ود. تحت انظار الجميع. 

وقفلت عليها الباب. ورميتها علي السرير جنب ود وقلعت الحزام بتاعي؛ 

وإبتديت أضرب فيها قدام ود، اللي إبتدت تصرخ بأعلي صوتها وتحاول تحميها مني.

أيوه ضربتها..ضربت ست كبيره في السن ومأخدتنيش بيها أي شفقه ولا رحمه. وإتعلمت يومها إن محدش يلوم علي تصرفات حد مهما كانت غريبه؛ غير لما يعرف دوافعا. ويفهم أسبابها. 

لأن الناس  اللي قدامك احياناً بتجبرك علي انك تعمل حاجات مكنتش ابدا تتخيل إنك تعملها في يوم من الأيام. تتعصب وإنت مش طبعك العصبيه. تصرخ وإنت إنسان هادي بطبعك. او تضرب وإنت أبعد مايكون عن العنف، ومش بتحبه أصلاً. فيه ناس بمعاشرتك ليها  بتغير طبعك من النقيض للنقيض.

وكريمه كانت خير مثال على ده.


المهم كريمه أخدت نصيبها من الضرب. وحتي ود هي كمان أخدت نصيبها معاها؛ لما وصفتني بالهمجي. ونطقت بأكتر كلمه بكرهها في العالم.

وفضلت أضرب فيهم هما الإتنين وأنا بصرخ بكل صوتي:

همجي ها..أنا همجي عشان بضربكم. وإنتوا ملايكه حتي وإنتوا بتحاولوا تقتلوني وتنهوا حياتي.

جرايم القتل والتخطيط والمؤامرات رقي. لكن الضرب همجيه مش كده؟! 

خلصت كلامي وتعبت من ضربهم. ومسكت كريمه اللي كانت إنتهت من الضرب، وسألتها بكل حزم وغضب:

-مين التالته اللي مستعينين بيها في إبتزاز هادي؟ 

مردتش عليا فوراً، وبصت لود في الأول، وأنا بمجرد مابصت لود ضربتها بقلم؛ خليت عيونها رجعوا يبصولي. 

وجاوبت بسرعه لما رفعت إيدي تانى، وعرفت إن ضربه تانيه في الطريق لوشها:

-"مي مي..مي".

سبتها من إيدي وأنا مستغرب أيه اللي جاب القلعه جنب البحر! 

لكن مع كريمه كل الغرابه بتختفي لأنها ببساطه"شيطان" والشيطان مفيش سقف لقدراته. 

بصيت لود هي كمان وسألتها بوجع: 

-إنتٍ اللي بتحاولي تموتيني ياود؟ إنت اللي بتسعي لأنك تنهي حياتي، وانا الف مره أديتك حياة! 

لقيتها بتهز دماغها برفض وهي بتبص لكريمه وبتقولها بعتب:

-ليه ياأمي مش قولتلك إياكي تأذي حسام، مش قولتلك حسام لأ، عملتي ليه كده؟ 

لقيت كريمه بترد عليها بمنتهي الوقاحة:

-عملت كده عشانك. عملت كده عشان طول ماحسام عايش إنتي موتك محتوم. كنت عايزه أموته قبل مايموتك.

عملت كده عشان أحافظ عليكي وعلي حياتك، وعلي تعبك وشقاكي. 


ود غمضت عنيها ودفنت دماغها بين إيديها. وأنا خرجت من الأوضه، وحكيت لأمي كل حاجه. وقررت من يومها إن كريمه هتتحبس في الفيلا، ومتخرجش منها لغاية ماتموت؛ لأن خروجها من الفيلا فيه موتي. 

وإتصلت بشركة حراسه؛ وخليتهم جابولي ٤ بادي جارد من أكفأ موظفيهم؛ عشان أقدر أتحرك..ماهو أنا دلوقتي بقيت مستهدف. وفأي لحظة قرار موتي يتكتب برصاصه من رجالة هادي فى غفله مني. وكله بسبب كريمه وكرهها ليا. 

رحت الشركه تاني يوم وانا تحت الحراسه. ومن أول مادخلت المكتب طلبت مي تيجى لمكتبى. 

وبمساعدة الرجاله خليتها تحكي كل حاجه. وتعترف باللي ساعدت ود فيه عشان يبتزوا هادي. 

وقالتلي إنها إتعرفت عليه وأقامت معاه علاقه، وصورته فيديوا.

وهي دي الحاجه اللي كانوا بيبتزوه بيها. وأخدوا منه كتير جداً.

لكنها قالت إن كريمه هي اللي كان لها نصيب الأسد من الفلوس اللي كان بيدفعها هادي.

 وإن هي وود كريمه كانت بتديهم ملاليم مقارنة باللي كانت بتاخده لنفسها. 

صدمه جديده. لكنى خلاص إتعودت. 

أخدت من مى السيديهات المصوره لهادي،ونقلتها علي لاب توبي.

وبعتها لهادي علي الايميل الي أخدته من مي. وقولتله إني عرفت كل حاجه.

وإن لعبه من النهارده هيكون معايا أنا مش معاهم. 

وإني لو جرتلي أي حاجه الحاجات دي هتترفع على كل مواقع التواصل. عربيه وأجنبيه بعد موتي بدقايق. ودي كانت محاولة مني للمقايضه على حياتي. 

وطردت مي من الشركه. ومن بعدها عدي أسبوع وإكتشفنا إن مي لقوها مرميه علي طريق صحراوي مقتوله.

وطبعاً شيئ بديهي إن أول حد يكون أعلي لستتة الإتهام.. هو هادي؛

 بعد مامي سربت الحاجات اللي تدينه ليا. وهو أكيد عارف إن صباعه لما بقي تحت ضرسي، مش زي ماكان تحت ضرس ستات كلمه منه تخوفهم وتخرسهم، وقرشين يلجموهم؛ وعشان كده عاقبها العقاب ده. 

ولما ود عرفت اللي حصل لمي..كنت أنا المتهم الوحيد في نظرها بقتلها.

 وقالتهالي صريحه.. "مي إنت اللي قتلتها ياحسام". 

ورجعت بعدها لسكوتها مره تانيه. وأنا في الفتره دي بعدت عنها بسبب إنشغالي ومبقتش بهتم بيها زي الأول. وكل إهتمامي ووقتي إنصب علي الشركه. والتفكير فإني ازاي أقدر ارجع الشركه والفيلا من علي إسم ود لإسمي مره تانيه؛ عشان لو جرتلي حاجه أبقي سبت لأبني اللي يقدر يعيش بيه. 

وخصوصاً إني متأكد إن موتي محتوم. وحتى ود هي كمان حياتها فيوم هتنتهي على أيد كريمه.

كريمه الدبه اللي هتقتل صاحبتها. بس مش من شدة الحب..لكن من شدة الطمع.

حاولت كذا مره مع ود بالكلام إني أخليها تتنازلي عن الشركه، وأطلب دا منها بمنتهي التحضر والرقي..لكنها كانت بترفض.

 وكريمه كانت بتشد أذرها وتحذرها بعنيها فى كل مره إنها توافق على حاجه من اللى بطلبها منها دى. 

ولما ملقتش فايده لجأت للدكتور النفسي بتاعها إنه يكتبلي تقرير بحالتها وإنها معندهاش الأهليه لإدارة شركه. 

وكتبلي الدكتور التقرير، لكن المحامي قالي إن المحكمه ممكن متاخدش بيه؛ لأن التقارير اللي من النوع دا في قضايه النزاع على الأملاك..يفضل إنها تكون من مستشفي.

 وبكده مصداقيتها هتكون أكبر. 

ولما رجعت من عنده ورحت قعدت جنب ود، وبصيتلها وهي بتلعب فى قطتها والبرائه مرسومه علي ملامحها، حسيت إنى لو عملت فيها كده ودخلتها مستشفي؛ عشان آخد منها الشركه هكون ظالم. 

ومش هسامح نفسي أبداً.

أصل مفيش أب يعمل في بنته كده.

وأنا ود بنتي اللي ربيتها بأيدي. ومهما هتغلط هفضل الأب اللي بيغفر ويسامح. 

ونسيت الموضوع، وفضل الحال كما هو عليه.. لغاية مافيوم ود عملت اللي محدش فينا قدر يغفرهولها..حتي أنا. 

يومها كنت راجع من الشركه، ودخلت الفيلا ولقيت ود قاعده في الجنينه لوحدها علي غير عادتها!

 كانت قاعده علي ركبها ومدياني ضهرها. وباين إنها بتعمل حاجه من هزة جسمها المتتابعه.

رحت عليها وأنا مبتسم لإني إفتكرتها بتلعب مع قطتها..لكن صدمتي لما قربت منها وشفت قاسم إبني وهي منيماه في الأرض، وبتخنق فيه، وهو بيصارع الموت بأديه ورجليه الصغيره.

 صرخت عليها. وبسرعه خلصته من بين إيديها. وفضلت أصرخ علي أمي وسمر، اللي جوني من جوه يجروا ولما شافوا حالة قاسم، وإزاي مش قادر ياخد نفسه الإتنين صرخوا فنفس واحد.

 وأنا أخدت الولد وجريت بيه على العربيه؛ عشان أوديه لدكتور، وسمر ركبت معايا. 

والحمد لله الولد برجوعي في الوقت دا إتكتبله عمر جديد. 

رجعنا للفيلا بعدها أنا وسمر بقاسم بعد ماإطمنا عليه، وكانت في إنتظارنا مفاجأة جديدة.

ود بعد مامشينا بقاسم، وبعد ماخلصته منها مسكت القطه بتاعتها، وقتلتها بمنتهي الوحشيه.

 غرزت فرع شجره فبطنها قدام عيون أمي وكريمه.

 لدرجة إني شفت أمي مرعوبه وهي بتحكيلي، وتوصفلي منظر ود في اللحظه دي كان عامل إزاي! 

وأنا كل اللي حصل دا بالإضافه علي كل اللي كان بيحصل قبل كده كان مخلي دماغي بقي عاجز عن أي تفسير. 

وهنا القرار أخدته أمي بالنيابه عني. وقررت إن ود تروح مستشفي للأمراض النفسيه.؛ لأن حالتها طالما وصلت للمرحله دي بقت خطر وميتسكتش عليها.


وعشان المستشفي الخاص لو إتاخد منها تقرير بحالتها ممكن يعامل نفس معاملة شهادة الدكتور..إقترحت عليا إني أدخلها مستشفي عام لمدة أسبوع ولا إتنين.؛ تتشخص حالتها وآخد بيها تقرير، وبعدين تتنقل لأحسن مستشفي خاص، وتتلقي هناك العلاج المناسب. 

طبعاً أنا كنت بسمع من أمي وأنا ساكت، لكن كل جوارحي كانت تحتج علي كلامها. وفي الأخر قررت إني هبعد ود عن قاسم وعن أمي وعن الفيلا. 

وهوديها الشقه تقعد فيها. وهجيبلها وحده مرافقه ليها. وأعالجها لغاية ماتخف. وأبدأ معاها من أول وجديد. 

وأنا متأكد إني لما هبعدها عن هتتحسن. وهفضل أحاول معاها لغاية ماأتعب من كتر المحاوله. مع إني تعبت بالفعل، لكن لسه كان فيا نفس للمعافره. وقررت إني هحاول معاها لآخر أنفاسى. 

لكن تاني يوم صحيت عاللي غير كل تفكيري. وخلي كل مخططاتي فشلت من قبل ماأنفذ حاجه منها. 

صحيت علي صرخات كريمه المُعلنه عن محاولة إنتحار تانيه لود. 

والمرادي لما دخلتلها كانت لسه مغابتش عن الوعي زي المره اللي فاتت. 

شلتها وأخدتها علي المستشفي، وهناك تم إنقاذها لتاني مره.

 ودخلت عليها الأوضه بعد ماخرجت من أوضة العمليات، وقعدت جنبها وبصيتلها وأنا حاسس بالعجز قدامها، وإن السيطره عليها وحمايتها من نفسها ومن كريمه، كل دي حاجات خلاص خرجت من إيدي.

وإني في الوقت دا فعلاً محتاج مساعده خارجيه من حد يكون يقدر يرجعلي ود من تاني. 

فرجعتها الفيلا، وبلغت أمي إني موافق بقرارها. وفجرت القنبله فوش كريمه.

 اللي  إعترضت بكل عبارات الرفض على قراري. لكن الموضوع كان إتحسم وإنتهي الأمر.

 وفي الليله دي أمرت كريمه إنها تسيبلنا الأوضه وتباتلها في مكان تاني،ويومها قضيت طول الليل وانا واخد ود فحضني، وأشم ريحتها؛ عشان أشبع منها.

 وهي ساكته وجسمها ساكن كأنها في عالم تاني.

ولغاية ساعات الصبح الأولي وأنا باصصلها بعيون مودع. 

ووديتها المستشفى تاني يوم، والباقي كله بقي حصل قدامك.

 وأدي يادكتور حكايتي اللي تقدر تتاكد من كل حرف فيها زي ماإنت عايز. 


وهنا نطق عبدالله مسرعاً: حكاية المرار الطافح يابني والله. وبعدين يتأكد من ايه هو.. كفايه إنى أنا مصدقك.

 وبعدين هو ليه عين يتأكد ولا يفتح بوقه بعد كل اللي قولته! وكمان بعد عملته المنيله اللي عملها. دا حرر الأفاعي من الأسر، دا يستاهل يتعلق من شعر مناخيره. والله قليل عليه العلقه اللي إديتهاله دي. 


تبسم حسام وهو ينظر لعبدالله ثم نقل عينه على حمزه..الذي كان ينظر إليه بملامح متجهمة وعيون زائغه وسأله بجدية:

أي سؤال تاني يادكتور قبل ماأمشي؟ 

فأجابه حمزه بشرود: 

أه فيه سؤال أخير ياحسام.

ليه أول ماشفتني ضربتني ومقعدتش معايا زي ماإنت قاعد كده،وفهمتني كل حاجه من غير عنف؟ليه تصرفك معايا مكانش متحضر؟! 

فأجابه حسام متنهداً:

-أولاً ضربك دا كان دفاع عن النفس يادكتور.

 فنظر له حمزه متعجباً! فاردف حسام مبتسماً وهو يؤكدها:

-أيوه دفاع عن النفس متسغربسش. 

ماهو لما الإنسان يحس إن فيه حد بيسعي لأنه يموته؛ هيدافع عن نفسه بكل وسيله ممكنه. والعنف في الحاله دي رد فعل مش فعل.

وإنت بأخدك ود مني أخدت مني روحي. 

وكنت خانق قلبي ومانع عنه النفس اللي بيحيه. وغير كده حررت معاها كريمه اللي هتسعي بكل الطرق إنها تموتني وتنتقم مني على حبستي ليها.

ودا موتي يادكتور. والمفروض إنه بيحصل  على إيدك.. فمتلومش علي رد فعلي وأنا بحارب سكراته 

أما مسألة ليه مجيتلكش وحكيتلك بهدوء وتحضر؛ فدا لأني ببساطه مكنتش شايف إن ليك أي حق فإنك تعرف أي حاجه عن حياتي. 

ولا ليك حق فإنك تبعد مراتي عني. وتروح تهربها وإنت مش عارف أي حاجه عنها غير إنها مريضه. 

بصراحه العلقه اللي إديتهالك يادكتور كانت تأديب ليك علي الغلطه اللي إرتكبتها فحقي وحقك،وحق مهنتك قبل مني.

ولما تعرف الحقيقه. وتتأكد إنك كنت غلطان. أبقي إعتبر العلقه دي درس ليك يخليك متسمعش من طرف واحد بعد كده.


أنهي جملته ونهض من مكانه، وأخذ حقيبته، وتحرك خطوتان، ولكنه توقف حين شعر بشيئ قوى يرتطم به!. ويدان تلتفان حول خصره.. 

وحينما تأكد إنه عبدالله..ضحك ثم ربت علي يده التي حول خصره. وصمت وهو يستمع  الي همسات عبدالله له:

-هتوحشني قوي ياحسام. حقيقي إنت أثبتلي فعلاً إن اللي يشوف بلاوي الناس تهون عليه سماح مراته وعيالها.

ربنا معاك يابني ويردلك الغايب ويرجعلك حقك. وينتقم من كريمه شر إنتقام.

قالها ثم إبتعد عن حسام؛ مفسحاً له المجال كي يستطيع المغادره، ولكن حسام ظل واقفاً لبرهة؛ فقد تذكر أنه نسي إبلاغ رجال الحراسه بالحضور إليه! 

فأخرج هاتفه، ثم قام بمهاتفتهم، وخرج كي ينتظرهم خارج الشقه. 

وصاحبه عبدالله الي الخارج، وظل واقفاً معه يتلفت يميناً ويساراً، ويهرول لينظر أعلي السلم وأسفله في كل دقيقه؛ كي يتأكد أن لا أحد يتربص لحسام من أعدائه.

 الي أن وصل الرجال وحاوطوا حسام. وأخذوه للأسفل محبوساً وسط قفص من بشر. 

وغادر حسام أخيراً بعد أن افشي للطبيب حمزه جميع الأسرار الدفينه. وسرد له أدق التفاصيل. 

وعاد لمنزله أخيراً بقلب مفعم بالشوق لطفله وأمه أيضاً، كانه تركهم منذ أعوام طويله.

 وحتي السمراء الهادئه لن ينكر أنه إشتاق اليها قليلاً أيضاً. 

ولكن الشوق الأكبر، والحنين الأعظم، كان لتلك الهاربه، البعيده لكنها قريبه. المتمرده عليه..لكنها تسكنه.

 العاصيه. لكنه يعشق ذلك العصيان. إبنته وأخته ورفيقته، وربيبته وحبيبته وكل العلاقات التي تجمع بين البشر يشعر بها حسام نحوها دفعة واحدة.

 فهى الأذي وهو الوحيد في العالم الذي خُلق يعشق الأذي إن كان بيديها.


يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة