رواية جديدة نزيلة المصحة لريناد يوسف - الفصل 32
قراءة رواية نزيلة المصحة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية نزيلة المصحة
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
الفصل الثاني والثلاثون
تلاقت أعين الطبيب حمزه، مع عيون حسام في نظرة طويله.. حاول الطبيب حمزه فيها أن يكتشف مدي صدق حسام فيما يرويه..
فلم يجد بؤبوئه يتحرك، ولم يهرب بعيناه بعيداً عنه، بل ظلت نظرته ثابته، مؤكده.. وملامح وجهه علي حالها، فلم يحاول الإبتسام حتي؛ ليبعد حمزه عن النظر في عينيه مباشرة.. وهنا علم حمزه أن حسام لا يكذب.
ولكنه مع ذلك وضع في حسبانه.. أن حسام من الجائز أنه يستند في ثقته هذه علي بعضاً من الحقيقة، وليست الحقية الكامله.. ولكن همس في قرارة. نفسه:لا أظن هذا؛ فالأدلة بين يدي.. ومع هذه الثقة الكبيره التي يتحدث بها حسام، وماتعلمته في دراستي، عن كشف الكاذب من خلال عينيه.. كل هذا يثبت أن حسام صادق كلياً.
فقاطع عبدالله هذه النظرات المتبادله بقوله:كمل ياحسام.. قول عملت أيه بعد ماعرفت كل دا يبني.. والفلوس كانت من مين؟
فأردف حسام مكملاً، ولازال ينظر في أعين حمزه؛ مؤكداً ماهو قادم، كما كان يؤكد مامضي..
كنت ماسك الأوراق، ومش مصدق اللي أنا شايفه بعيني!..ود شايله الرحم؟!.. وكمان التاريخ بتاع الاشعات والفحوصات بنفس تاريخ عملية الزايدة!.
أخدت الورق دا وطبقته وحطيته فجيبي، وشلت باقي الأوراق.. وانا مقرر إني مش هعرف حد فيهم إني عرفت حاجه؛ عشان مياخدوش إحتياطهم، ويحاولوا يخفوا الحقايق ،أويزيفوها بطرقهم وحيلهم اللي مبتنتهيش.. وخرجت.
خرجت وانا مش عارف أبدأ منين، وازاي.. لكني قررت إني هبدأ من ود الأول.. هاخدها علي خوانه؛ عشان مأديهاش فرصه تحاول الهرب من المواجهه.
روحت لأقرب عيادة دكتور نسا وحجزت عنده كشف مستعجل.
وطلعت علي الشركه، أخدت ود منها؛ بحجة إننا هنخرج نتغدي مع بعض النهارده.. زي مابعمل كل فتره كده واحطها قدام الأمر الواقع.
وكالعاده سمعت كل إعتراضاتها علي الطريقه اللي بخطفها بيها من وسط شغلها دي وانها مبقتش تنفع في الوقت دا.. كل داوانا ساكت.. لغاية ماتعبت من الكلام وسكتت هي كمان.. وانا فضلت راسم علي وشي إبتسامتي المعتاده.. لغاية ماوصلنا للعماره اللي فيها الدكتور.. ونزلت وفتحتلها الباب ونزلتها.
إتلفتت حواليها؛ عشان تقدر تعرف هي فين؟ وإيه المكان اللي أنا جايبها فيه دا؟
لكن قبل ماتقدر تعرف حاجه.. سحبتها من إيدها وطلعت بيها عند الدكتور، من غير ماأديها فرصه تفهم أي حاجه.
وبمجرد ماوقفت قدام عيادة الدكتور، وشافت اليافطه.. عيونها جحظت من الصدمه، ومبقتش قادره تتحرك من مكانها ولا تنطق حتي، الصدمه لجمتها
لكني جريتها جر علي جوه.. ودخلت بيها للدكتور، وقعدتها قدامه، وقعدت انا كمان، ولما الدكتور سألنا إيه المشكله؟
قولتله إنها عامله عمليه، وجايين نطمن عليها.
سألني عملية إيه؟
قولتله لما هتكشف عليها هتعرفها..وطلعت علي سرير الكشف، وهي بتتنفض زي ورقة الشجر في مهب الريح.
وبمجرد ماحط الدكتور السونار علي بطنها، وبص في الجهاز.. نطق بتلقائيه:
أه دي عملية إستئصال رحم.. بس العمليه معموله من مده! مش جديده يعني عشان تطمنوا عليها.. ولا إنتي بتشتكي من اي تعب جد يامدام؟.
وبص للمدام وكان مستنيها تنطق.. لكن طبعاً المدام في اللحظه دي فقدت النطق، وفقدت كل الاحاسيس، ماعدا إحساسها بالخوف والرعب مني.. ودا شفته فعنيها وهي باصالي طول الوقت وراصده عيوني وكل حركاتي..وكنت منتظر منها إحساس تاني تحس بيه.. لكني ملقتهوش للاسف لا فعنيها، ولافكلامها بعد كده.. وهو إحساسها بالخزي، أو بالخجل من نفسها؛ لما أكتشف كذبها عليا طول السنين دي!
نزلت بيها من عند الدكتور.. اللي كان مستغرب من سكوتي وسكوتها التام، وحتي إننا مشينا من غير مايعرف إحنا كنا رايحينله ليه، او إيه سبب الكشف.
ركبنا العربيه، وقبل ماأتحرك قولتلها كلمه وحده:ليه؟
سكتت شويه، وكنت منتظر منها أي إجابه، ولما بصتلي، وقولت خلاص هتتكلم وتوضح، وتشرح وتعتذر.. صدمتني لما قالتلي: "أنا عايزه اروح لماما كريمه دلوقتي.. أنا مش هتكلم غير قدامها."
ردها وصلني لحافة الجنون.. لأ مش للحافه.. دا دخلني فمنطقة الجنون فعلاً؛ وانا شايفها بصالي بكل تحدي؛ كأنها مظلومه، وإتاخدت في قضيه ظلم، وطالبه المحامي بتاعها؛ عشان خايفه تتكلم وتتورط!
مسكتها من دراعها ولفيت وشها عليا وضربتها بقلم علي وشها.. ضربتها وكان نفسي القلم دا يكون خنجر يتغرز في قلبها، ويطفي عيونها اللي تندب فيها رصاصه من كتر البجاحه..واللي حتي الخوف إتبخر منهم وحل محله برود يكاد يصل للصقيع.
حطت إيدها علي خدها بألم، وبإصرار أكبر قالتلي:
- إطلع بينا عالبيت ياحسام وهناك هنتحاسب، لا مركزي ولا مركزك يسمح باللي بتعمله في الشارع دا.
- مركزي.. ومركزك؟!.. اتعجبت من ردها! مراكز إيه، ومقامات أيه، اللي بتفكر فيها في اللحظه دي؟! هي ليه واخده الموضوع بالبرود دا؟
وإيه درجة السلام النفسي اللي شايفها فيها، بعد ماكدبه بالحجم دا كانت مخبياها وإتكشفت!
تمالكت نفسي، وطلعت بالعربيه بأقصي سرعه، عشان أروح للست كريمه هي كمان، وأحاسبها عاللي إتسترت عليه هي والست ود، وأعرف دا تم بمساعدة مين، وكمان أشوف الفلوس الكتيره اللي بإسمها في البنك دي جات منين، ماهو أصل الفلوس اللي كان هادي يمد إيده فجيبه ويديهالها.. متعملش المبالغ دي أبداً..دا مليون ونص!
❈-❈-❈
وصلت للبيت، ونزلت، ولفيت عشان أنزل ود.. اللي إفتكرت إنه هتتردد تنزل من الخوف، لكني لقيتها نزلت، وإتقدمت قبلي كمان وهي بتمشي بشموخ، وبصتلي بصه جانبيه وكملت دخول للفيلا.
وبمجرد مادخلت.. صرخت بإسم كريمه بعلوا صوتها.. خلت كريمه وأمي اللي وحده كانت فاوضتها، ووحده كانت في المطبخ.. طلعوا مع بعض وجولنا يجروا!
كريمه وقفت قدامها وسألتها بخوف:
مالك ياود يابنتي فيكي إيه؟
ردت عليها ود بكل برود:
-حسام عرف خلاص إني مبخلفش.. وهو دلوقتي بيسألني ليه.. ممكن تردي عليه إنتي وتقوليله ليه.. ردي عليه ياماما وقوليله السبب فإني مش بخلف، قوليله إيه السبب فإني شلت الرحم، وإتحرمت من الخلفه طول العمر، وأنا كان سني يادوب ١٥ سنه.
لقيت كريمه قربت من ود وحضنت كتافها وبصتلي وإتكلمت بنبرة إتهام:
-ويعني هو مش عارف مين السبب؟ مش عارف مين اللي ضربك لغاية ماسقطتي وعملك تهتك في الرحم، ومضاعفات خلتك شلتي الرحم، واتحرمتي من إنك تكوني أم طول عمرك.. مش عارف مين اللي ظلمك من غير ذنب.
أنا سمعت الكلام دا وبصيت لكريمه بعيون ماليها الغضب.. أصلي عرفت سر القوة اللي فنظرات ود ليا.. عرفت هي ليه مش حاسه بأي ذنب ناحيتي، ولا حاسه بأي غلط فإنها خبت عليا!
عرفت كريمه زرعت أيه فعقلها وقلبها من ناحيتي.. كانت مفهماها إن أنا اللي مذنب فحقها وشايفاني مجرم فنظرها طول الوقت.
لقيت امي بتترد عليهم بدالي وتسألهم وهي متفاجئه من اللي سمعته زيي ويمكن أكتر مني كمان:
- حسام مش بيسأل إيه السبب فاللي حصل دا، هو كان سؤاله.. ليه تخبي عليه حاجه زي دي.. حتي لو كنتي متهماه بإنه هو السبب.. ليه ماعرفتيهوش بكده؟
وانا زودت علي سؤالها سؤال تاني:
- وياريت ياأمي وهما بيجاوبوا علي السؤال دا.. يجاوبوا بالمره علي حاجه تانيه.. ويقولولي كل الملايين اللي فحساباتهم دي جات منين، وإيه مصدرها؟
لقيت ود بترد الأول وهي بتتحرك وتقف قدامي وبمنتهي الثبات والتحدي قالتلي:
- خليني أبتدي وأقولك عالفلوس اللي فحسابي أنا الأول.. الفلوس دي من هادي بيه.. دي تمن اللي عمله إبنه فيا.. تمن حرماني من أمومتي بسببه وسببك.. تمن إنه ضحك علي عيله صغيره، ودمر مستقبلها، وموت أبوها.. الاتنين مليون دول كانوا تمن رحمي اللي شلته.. ومش بس كده.. دا هو كمان اللي اتوسطلي عشان ادخل عالم الازياء..
ولا دي كمان كل حاجه.. لأ دا كمان هو اللي دخل معانا شريك في الشركه بتاعتنا.. واللي بسبب شراكته؛ انت بقيت حسام بيه، صاحب اكبر شركة ازياء في الشرق الأوسط، وبقي تابع ليها مصنع وورش..
ومش بس كده.. ولا دي كل حاجه.. دا أنا لسه هسحب من هادي اللي يسكت إحساسي بالحرمان من الأمومه كل مااحس بيه..
ولسه كمان شادي لما يرجع من أمريكا هاخد حقي منه بالتقرير اللي معاك دا، وبصور عقد الجواز اللي معايا علي التليفون.. واللي كانوا فاكرين هو وأبوه إنهم لما قطعوه خلاص كده أخفوا جريمتهم..
لأ دا بعدهم.
نيجي بقا ليك إنت.. إنت اللي كان لازم تتحمل إنت كمان نتيجة غلطك زيك زيه.. بإنك تتجوزني،وترضي بيا زي ماأنا.
تقدر تقولي لو صارحتك بالحقيقه من الأول كنت هترضي تعمل كده؟
كنت هتوافق تتجوز وحده بقت عقيمه.. حتي لو كان بسببك، وعلي ايدك؟!
ارجوك ياحسام متحاولش إنك تحط نفسك فدور المظلوم والمخدوع.. عشان الدور دا مش دورك.. إنت ظلمتني ظلم بين.. وخسرتني خساره لو فضلت أدفعك تمنها العمر كله فلوس.. برضوا مش هتوفي قدرها..ولا الشركه، ولا العربيه، ولا الفيلا.. ولا اي حاجه فدول تساوي كلمة ماما اللي حرمتني منها.
وعشان كده إنت وهادي لازم تفضلوا طول عمركم تدفعوا تمن حرماني ده.
خلصت كلامها وطلعت لفوق؛ وهي مقتنعه تمام الإقتناع إن هي الضحيه مش الجانيه، وإن كله جني عليها، ومش محمله نفسها أي غلط، ولا قابله يقع عليها أي لوم.
❈-❈-❈
بصيت لكريمه اللي جه الدور عليها للتبرير وسألتها:
طب هي وعرفنا مصدر فلوسها، وعرفنا كانت طول الوقت محللاها لنفسها إزاي.. أو خلينا نقول إن إنتي اللي حليلتيلها الموضوع، وفهمتيها إن دا حقها.. طيب إنتي بقي..حقك كان إيه في الفلوس اللي كنتي بتاخديها!
وأصلاً الفلوس اللي بتاخديها من هادي عمرها ماتوصل للمبلغ دا.. قوليلي بقي باقي الفلوس دي كلها جاتلك منين؟!
كريمه سكتت لكن اللي ردت عليا أمي:
- من فلوس عمك يابني.. كريمه بقالها سنين ماسكه كل فلوس عمك، وكانت بتديله الفلوس اللي بيحتاجها بحساب زي ماتكون مراته، ومسئوله عن كل فلوسه، وشايفه إنها من حقها لوحدها.
كريمه بقالها ٢٣ سنه بتحوش ياحسام.. وأي مبلغ هتشوفه معاها متستغربهوش.
أمي كانت بتتكلم بكل غل ووجع، كأن حد داس علي جرح كان منسي، ورجع إتفتح مره تانيه.
وهنا كريمه ردت بكل برود:
- أيوه حقي ياسعاد.. أنا اللي كنت بربيله بنته، وباخد بالي من البيت، وبراعيه وراعيت مراته فتعبها، وإتحملت منها اللي محدش يتحمله..أنا كنت بقوم بكل واجبات الزوجه ناحية قاسم وبنته وبيته.. ماعدا حدود الله.. يبقي من حقي الفلوس اللي الزوجه بتعتبرها حقها وحق تعبها.. وإن كان علي الفلوس اللي كنت باخدها من هادي.. فإنتي وإبنك السبب فإني لجات لكده..
إنتوا الأول اللي أخدتوا فلوس مش من حقكم، كانت المفروض فلوسي وحقي انا وحرمتوني منها.. معاش قاسم المفروض من حقي .. اتجوزتيه كام سنه إنتي؟ وخدمتيه قد أيه؛ عشان تاخدي معاشه! وزي ما أخدتوا اللي مش من حقكم.. أنا كمان اخدت اللي شفت إنه حقي.. من مين بقي مش مهم، المهم إني أخدته.
نهت جملتها وراحت علي اوضتها هي كمان.. وفضلنا انا وأمي لوحدنا بنبص لبعض، ونسأل نفسنا.. "أيه الناس دي"؟
الناس دي بتفكر ازاي كده، وتحلل لنفسها أي حاجه تعملها.. وتجيب عليها حجه وبرهان كمان بأنها صح!
قعدت علي الكنبه بتعب، وأمي إتقدمت وجات قعدت جنبي، وحطت أيدها علي كتفي وهي بتواسيني وقالتلي:
-متزعلش من ود ياحسام، ومتستغربش موقفها؛ دي وحده طول العمر بيتحشي فدماغها إنها مظلومه وليها حق عند الكل.. ولازم هتصدق الكلام دا وتآمن بيه..
وإنت عارف كويس إن هو دا موقفها من أي حاجه تقولهالها كريمه او تقنعها بيها.. وود كانت عيله، وكل اللي بتعمله من تخطيط كريمه. فلازم كانت هتعمل كده.. أما كريمه وعمايلها فمفيش داعي نتكلم عنها.
رديت عليها بتعب وقولتلها:
اديكي قولتيها ياأمي، كانت عيله، وغلطت زمان بإنها أخدت فلوس من هادي، ودي غلطه ممكن السن يغفرهالها، طيب وغلطها دلوقتي، بعد ماكبرت ومبقتش عيله.. إيه اللي يغفرهولها؟
ردت عليا بكل هدوء وقالتلي:
اللي يشفعلها إحساسها بالنقص ياحسام.. إحساس الحرمان دا صعب اوي يابني..
ولعلمك..
ود كل ماهتكبر في السن وتعرف أيه اللي هي اتحرمت منه، وأمومتها تصرخ وتطالب ود بإشباعها.. ود هتسخط علي الكل أكتر.. وإنتقامها من الكل هيزيد وهتكبر عداوتها..
وخليك متأكد إن انت هتكون علي راس قائمة الأعداء دي؛ لان كريمه مفهماها إن إنت السبب الاكبر فاللي حصلها.. وبيني وبينك يابني.. ومن غير زعل، ولا تفتكر إني بحسسك بأي ذنب.. فعلا إنت مسئول بشكل جزئي عن اللي حصلها دا؛ لأنك لو مكنتش اتهورت وضربتها.. كان زمانها دلوقتي بتتمتع بحقها فأمومه طبيعيه.
رديت عليها بغضب لأني متحملتش كلامها وقولتلها:
ياأمي انتي سامعه نفسك بتقولي أيه.. يعني ياأمي عشان هي تتمتع بأمومه.. تربي عيل ابوه مكنش هيعترف بيه، وكان هيطلع ويتربي ويكبر علي إنه إبن حرام!
- وهو يعني دا سبب إنك تسقطها ياحسام! .. أو عايز تفهمني إن دا السبب الحقيقي اللي خلاك تضربها؟ أنا عارفه ياحبيي إنك مكنش قصدك تسقطها.. دا مش سبب يابني يخليك تتسند عليه.. ومتقولش عذر اقبح من ذنب تحاول تبرر بيه اللي حصل.. بص هي ود غلطت فحاجه وحده.. فانها خبت عليك.. غير كده، كل اللي عملته كان ردود أفعال لوجع محدش كان حاسس بيه غيرها.
بصيتلها وانا مش عارف هي عايزاني اعمل ايه دلوقتي، وقصدها ايه بكلامها دا.. ولا موقفها أيه، وبناء عليه أحدد موقفي من اللي حصل دا أنا كمان، بدال الضياع اللي حاسس بيه دا.. لكنها وضحتلي اكتر، وردت علي حيرتي من غير ماأسألها:
مراتك مجروحه يابني وحاسه بالنقص.. وفاهمه إن انت السبب.. واكيد دلوقتي هي خايفه إنك بعد ماعرفت المستخبي، تسيبها وتتخلي عنها للسبب دا.
وعشان كده انا عايزاك تفهمها إنها مفهاش تفريط.. وإنكم هتفضلوا سوا للأبد.. أديها الأمان ياحسام.. ود تعبانه وكفايه عليها اللي بتشوفه دا بسبب كريمه.. ود لو إنت بعدت عنها أو هي بعدت عنك. هتموت.. هتموت من الخوف، ومن الوحده.. هتموت من إحساسها بالذنب.. هتموت بكذا طريق وبسبب كذا حاجه.. ودي وصية عمك. قاسم ياحسام.. عمك. قاسم اللي عمل معانا حاجات كتير حلوه متتنسيش، ولازم تتردله فبنته.. دا اقل واجب يابني.
هزيتلها دماغي بتفهم وكنت هقوم.. لكنها وقفتني لما قالتلي بنبره حازمه، بعكس اللين اللي كانت بتتكلم بيه من شويه.. بس الكلام دا ليها هي وبس ياحسام.. وهيكون فيه كلام تاني بيني وبينك لازم يتقال.. وأمور لازم تترتب بعد الوضع الجديد دا.
وسابتني وراحت لمحرابها.. ورجعت إنشغلت في الطبيخ ودفنت نفسها بين الحلل والأطباق من تاني.
أما انا فطلعت السلم، ومع كل سلمه اطلعها عقلي يحلل، وتوضح قدام عيوني الرؤيه.. وعرفت يومها كريمه كانت بتبتسم بإنتصار ليه وهي خارجه من عند الدكتور يوم العمليه؛ كانت فرحانه؛ عشان لقت السبب اللي هتكسب منه قرشين زياده..
حتي لو كان دا تمن لتعاسة بني أدمه وحرمانها من الخلفه طول عمرها.. فضلت أسأل نفسي.. ازاي كريمه قدرت تخدعني.. وتخدع أمي، وإحنا يومها طول الوقت كنا معاها، ازاي قدرت تاثر علي دكتور وتخليه يشترك معاها فكدبها؟!.. وازاي أصلاً العمليه تتعمل من غير موافقة الزوج..اللي هو المفروض انا.. لكني رجعت وأفتكرت.. إن واسطتها أكيد كان هادي؛ اللي مبتقفش قدامه حاجه، وإنها أكيد وقعت فدكتور عديم الذمه باع ضميره بقرشين.
فتحت الأوضه علي ود، ودخلت،ولقيتها قاعده علي السرير، ومن أول ماشافتني مسحت دموعها، وحاولت تبان طبيعيه..
إتقدمت وقعدت جنبها، ومن غير ماابصلها إتكلمت:
ود ليه عملتي كده؟ ليه خبيتي عليا حاجه زي دي.. ليه إفترضتي فيا السوء واني هتنادل معاكي، واتخلي عنك؛ عشان حاجه زي دي..أنا مش شادي ياود.. ومش أنا الانسان الندل اللي يتخاف منه، أنا حسام إبن عمك وحبيبك، أنا اللي ضميتك لما غيري اتخلي عنك.. أنا اللي مفرطتش فيكي وتغاضيت عن كل حاجه.. تفتكري مكنتش هتغاضي عن دي كمان؟ معقوله كل السنين دي مع بعض ولسه مفهمتنيش ياود ولا عرفتي حسام يبقي أيه؟
بصتلي وبصوت مخنوق ردت عليا:
-وعشان السبب دا بالذات مقولتلكش؛ عشان متفضلش طول الوقت تحسسني بإنك متكرم عليا؛ عشان تقبلت فيا عيب فوق عيوبي.. عيوبي اللي بتعايرني بإنك قبلتني بيها دلوقتي.
مقولتلكش؛ عشان متعيشش دور المظلوم.. مقولتلكش؛ عشان لما أقولك إكتب الشركه بإسمي متخافش مني وتقول فلوسي هتروح لمين ومتكتبهاش..
مقولتلكش؛ عشان آخد منك حقي في الأول.. ورقة طلاق اعيش بيها براحتي وسط الناس، وفلوس تعوضني اللي حرمتني منه.
في الأول مكنتش محتاجه غير ورقة طلاق؛ تثبت إني كنت متجوزه علي سنة الله ورسوله.. بس دا كان في حال الأول، أيام مكانش حيلتك حاجه،
لكن لما إبتدا يبقي معاك.. كان لازم تدفع زياده.. كان لازم آخد منك كل حاجه.. ودلوقتي بعد ماأخدت حقي منك.. أحب أقولك إنك سواء سبتني، أو إستغنيت عني، فدا ميهمنيش.
ولعلمك انا اللي بقولهالك دلوقتي.. طلقني ياحسام أنا مش عايزاك..طلقني عشان أشوف واحد أحسن منك وأتجوزه.. واحد يليق بود هانم.. واحد ميكونش فيه عيوب.. علي الاقل مش مشوه وكل ماأبص لجسمه روحي تكش.
بصيتلها بمجرد مانطقت الجمله الأخيره.. وقبل ماأتكلم ولا اعاتبها.. لقيتها بتأكدها مره تانيه.. أيوه اللي سمعته أنا قاصداه وقاصده أقوله.. زي ماهتشوفني ناقصه من هنا ورايح.. إعرف إن أنا كمان بشوفك دايما ناقص.. وكنت راضيه بيك علي عيبك.. عشان متفتكرش إنك هتتكرم عليا لو رضيت تقبلني علي عيبي.
برغم كل الكلام اللي قالته ود.. واللي المفروض إنه سكين حاميه بتغرزها فروحي.. إلا إني ساعتها مشفتهاش غير وحده مجروحه.. شفتها هي المدبوحه وبتفرفر وتحاول تعزز موقفها، وتدافع عن صورتها فعيني بكل الطرق.. حتي لو هتدمرني بكلامها؛ عشان تبينلي إني مش أحسن منها، وإنها حاسه بأنها لسه ليها قيمه.
في اللحظه دي وقفت، وإتقدمت عليها.. وهي لما عملت كده.. رجعت لورا بخوف؛ كانت فاكراني هضربها، أو هعاقبها علي كلامها.. لكنها اتفاجئت لما لقتني بشدها لحضني وبضمها جامد.
وقتها إتفتحت في البكا، وهي بتحاول تبعدني عن حضنها.. بتحاول تتخلص من حضني، اللي حسيتها رافضاه؛ عشان إفتكرته وقتها حضن شفقه.. وود أكتر حاجه بتكرهها في الدنيا.. هي إن حد يشفق عليها لأي سبب.
فضلت ضاممها لحضني كتير قوي.. لغاية. مإإبتدت تهدا وتسلم.. ولقيتها غمضت عنيها ورفعت اديها وحضنتني هي كمان،
وأخدتها ورحت ناحية السرير.. وقعدنا سوا وقربتها مني أكتر..وإبتديت أثبتلها محبتي.. وأكدلها إن حضني دا كان حب مش شفقه ابداً..
وهي تجاوبت معايا لأبعد الحدود، لأول مره لقيتها بتدخل ايدها من تحت التيشرت بتاعي؛ وتمشيها فوق جرحي بحنيه.. كأنها بتعتذرلي علي اللي قالتهولي.. وبتثبتلي هي كمان إنه كان مجرد كلام.. ومش حقيقي.
ولقيتني كالعاده بضيع بين اديها، وبدوب فحضنها، وبتغاضي عن كل حاجه.. وزي كل مره مببقاش عارف أنا ليه بكون بكل الضعف دا وانا معاها!
وهنا اردف عبدالله سريعاً، وللمرة الثانيه ينطقها بدون تفكير وبنبره تهكميه:
-عشان حمار.. مش محتاجه يعني.!
وحينما تدارك نفسه مرة اخري.. قام بوضع يده علي فمه، ثم اردف بخجل من تسرعه وبضحكة بلهاء:
والله بتطلع غصب.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية