-->

رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 32 - 2 - السبت 23/12/2023

  

 قراءة رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى





رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثاني والثلاثون

2

تم النشر يوم السبت

23/12/2023 


أنهى عمر المكالمة بشرود شديد فيما اردف به الأخر، انه بالفعل قد قرر زيارته، اذن لابد بالتصرف منذ الاَن والتنسيق مع شقيقاته، لعمل الازم بالتحضر الجيد حتى يظهر امام الاخر بأبهى صورة.


وصل لأسماعه اصوات التوديع المرافقة للأحاديث والضحكات قرب مخرج المنزل، ، ف انتظر حتى غادرن جميع الزائرات، حتى خرج هو من الشرفة ، نحو تلك التي وقفت بوسط المنزل تنتظره بابتسامة تنير وجهها الجميل من الأساس ولكن......


- اخيرًا مشوا، بجالهم ساعة في اللت والسؤلات معايا، امي كانت بتخمس وشهم كل شوية عشان العين والحسد. 

تفوهت بلهفة اعتاد عليها كأسلوب لها للتعبير عن فرحها الدائم منذ ارتباط اسمها بأسمه.


تقدم نحوها يستجيب للرد وعينيه تمر على ما ترتديه، وما تضعه من مساحيق كثيرة على بشرتها، وقد اتضح اليه انها وضعتها اثناء مرافقة النساء،  ف اقترب حتى وصل اليها ليقف امامها تمامًا، ليشير بإصبعه:


- ايه الاحمر والألوان اللي حطيتها في وشك ده، لكن انا مش منبه عليكي متحطيش وتعكي مدام مش فاهمة..


صدمها بقوله المباغت، لتختفي البهجة على الفور وتحل على ملامحها اضطراب شديد، في الرد عليه باستفسار:

- عك! عك كيف يعني؟ دي امي هي اللي حطتلي المكياج عشان....


- عشان ايه؟

قاطعها يضاعف من توترها، حتى تلجلجت في الإجابة:


- عشان مجابلة الحريم اللي من ناسنا، مش انا لازم ابان جدامهم عروسة، والعروسة لازم تتزوج 

دنى برأسه نحوها، يردد خلفها بما يقارب الاستهزاء:

- وهي العروسة متتعرفش غير بكيلو دهان على وشها.


ابتعلت الباقي من كلمات كانت تود ان تجادله بها، ولكنه أللجمها بمنطقه القاسي، لتصمت مبدية الطاعة والإنصات لانتقاده، حتى انه تناول محرمة ورقية، يمسح بها على بشرتها:


- الواحدة جبل ما تحط اي شيء في وشها تبجى فاهمة وعارفة باللي يناسبها، مش تسيب امها تمشيها على اسلوب الناس والستات اللي لا فاهمة في الموضة ولا حتى فاهمة في اي حاجة، بالجهل والتخلف بتاعهم.


توقف على استكانتها منتبهًا لهذا الغشاء الرقيق، بمقلتيها، ليستدرك لحالتها على الفور، ويلطف من لهجته:


- حبيبتي انا بتكلم ان انتي حلوة مش محتاجة مكياج،  

القى بالمحرمة الورقية من يده، ليكوب وجهها بين كفيه مواصلًا استرضائها:


- انا عاذرك يا هدير، عشان انتي صغيرة ولسة متفهميش الدنيا، يبجى انتي كمان تعذريني لما انبهك،  عشان اعلمك وتعرفي، ولا انت عايزة تبجى زي الحريم الجاهلة؟


بدا عليها التردد، بالتركيز في نصائحه الموجهة لها، ليواصل بنعومة لاقناعها:

- لازم تعرفي ان انا منجيتش اي واحدة والسلام عشان اتجوزها،  انا اخترتك عشان عجبتني، وجولت ان هيجي من وراكي لما تبجي شاطرة وتسمعي الكلام، مش انتي بتسمعي الكلام برضوا؟ ولا هتتنفخي زي البنات الهبلة مع اي توجيه ولا نقد انا بجوله عشان مصلحتك وعشان تبجي زينة والناس تشاور عليكي، انك مرة عمر ، اللي صبر ونال بيها؟


- لا طبعا انا عايزة اشرفك بيا.

خرجت منها بعفوية وعلى الفور ، لتبزغ ابتسامة الرضا على ثغره وزاد من تقريب وجهها منها، يخاطبها بانتشاء قبل ان يضمها من خصرها ويرفعها اليه:


- وانا جولت من اول انك احسن اختيار ليا، حلوة ومطيعة، وهتسمعي الكلام، عشان تطوري معايا، وتبجي احسن واحدة في البلد، صح؟


- صح، صح طبعًا....

تمتمت بها، قبل ان تضيع باقي الكلمات بجوفه، وهو  يقبلها بنهم، يسحبها لعالمه، ويضيع هو ايضًا معها في عالمها.


❈-❈-❈


- بتجولي مين يا عزيزة؟ يعني صفية هي اللي جالت الكلام ده؟

سألتها بلهفة عبر الهاتف، بعدما اخبرتها الأخرى عما تم تداوله داخل المنزل من ساعات، وغادرت على اثره جليلة عائدة لإبنتها صاحبة الشأن، وقد وصلها هي الأخرى ما وصل الجميع .


- ايوة يا فتنة، ما هي صفية لما سمعت متحملتش على اختها، وانتي عارفاها بجى عصبية، كانت هتتعرك وتكبر الموضوع، لولا بس امها جليلة هي اللي شددت عليها عشان الفضايح،  ربنا يسترها،  عزب عفش ولو عرف ممكن بولع في البلد كلها، انا خايفة جوي يا فتنة .


على الفور ردت الأخيرة بلؤم تدعي عدم المعرفة:

- بصراحة عندك حج يا عزيزة، انا مش عارفة الناس بتألف من مخها ليه؟ يعني عشان واحدة اطلجت من جوزها وعيشها اتجطع معاه، مالهم بجى يركبوا ويأللفوا في القصص، بلد فجرية تحبل وتجوز من دماغها. 


جارتها عزيزة في الحديث، وهي لا تبتلع هذه الكلمات العاقلة منها، ف هي الأدرى بجنونها وعجرفتها:


- عندك حج يا فتنة ، هي فعلا بلد فجرية، ياريته الواحد كان اتجوز في البندر ولا من البلاد الحلوة دي ، اللي كل واحد فيها بيبجي في حاله وملهوش دعوة بحد.


- دا كلامي انا من زمان يا عزيزة، جبل ما حظي يخيب واخد نصيبي هنا، بس معلش ملحوجة. 

قالتها بنبرة تقارب الثقة اكثر من التمنى،  لتعقب الأخرى بعدم استيعاب:


- ملحوجة فبن تاني كمان؟ هو انتي ناويتي تاخدي سكن انتي وبناتك برا البلد؟


- غبية.

نعتت ترددها داخلها، وقد استفزتها ببلاهتها كالعادة، ولكنها تفيدها في نقل الاخبار على الاقل:

- بجولك ايه يا عزيزة، اجفلي دلوك، عشان امي بتنده عليا ، ماشي، هبجى اكلمك بعد شوية انا .


- ماشي يا فتنة مع السلامة. 

انهت الأخيرة المكالمة وابتسامة اتسعت على ثغرها، كانت تضحك دون ان تدري ، لقد فعلتها الملعونة نفيسة ، نقلت وأضافت وحبكت القصة بشكل درامي كعادتها، وبالطبع لن يكشفها احد، مدام الحديث بين النساء، هكذا تكون الاستفادة  بحق من اصناف هذه المرأة ،  مهما طلبت ونالت من المال ، لكنها تثلج الصدر حينما تنفذ إحدى مخطاطاتها هذه.


❈-❈-❈


اردف شارحًا لها عن كل ما حدث منذ البداية، وهذا الاتفاق الذي تم بموافقة شقيقها لإخراص جميع الألسنة، وغلق باب القيل والقال من الأصل، ليختم بمطلبه امام سكون الأخرى والتي التزمت الصمت بجلستها معهم، وقد بدا ان طاقتها نفذت من كل شيء ، تنتظر فقد انتهاء الأمر:


- كدة يا ست سليمة، ابجى انا بينت ووضحت كل شيء جدامك، وانتي ست عجلك يوزن بلد ، أكيد تعرفي الحل لوحدك،  وانا بجولها اها، معتز في كل الحالات انا معتبره ولدي اللي مخلفتهوش من صلبي، هو وامه في حمايتي لحد ما ربنا يفك الكرب،  او حتى على مدار عمري كله،..


صمت دقيقة امام تركيز الثلاث نساء معه، ليزفر خاتمًا بمطلبه:


- يمكن تكون تجيلة عليكي، بس انا بطلبها منك زي ما طلبتها من اخوها، انا طالب يد نادية منك بصفتك والدتها اللي خايفة عليها هي وولدها...


صعقت لتبرق عينيها في النظر اليه بإجفال لا يخلو من حدة، وهذه الجرأة التي تحدث بها امام المرأة الصامتة بغموض، كم ودت ان تصفعه برد قاس ليكف عن تثبيت الظنون بها ، ولتظهر برائة موقفها من كل هذا العبث،  ولكنه لم بترك لها فرصة،  فلم يكلف نفسه بالنظر نحوها على الإطلاق،  متجاهلًا لها عن عمد، لينهض فجأة مستئذنَا:


- انا جايم يا ست سليمة،  وسيبت الأمر في يدك،. سلام .


- سيبت الأمر في يدك.

تمتمت بها بتحريك شفتيها فقط متسائلة عن مغزى مطلبه، قبل ان تنتبه لقول والدتها:


- سليمة يا خيتي،  اديكي شوفتي بنفسك المجنونة بتي وعمايلها، وغازي واد عمنا وكبير عيلتنا، يشهد ربنا ، ما شوفنا منه غير كل خير، والكلام اللي جالهولك من شوية، ما كدب في حرف منه، وبيعمل غير للصالح وبس.


- ايوة بس انا برضوا لحد دلوك مش موافقة، مش موافجة يا جدعان، يلبسوني في الكلام والحديت ليه؟


عقبت بها نادية بدفاعية ، تبرء ساحتها، فقاطعتها سليمة:


- لكنك مخطوباله بالفعل يا نادية، ولا انتي مش واخدة بالك منها دي؟

شحبت تجيبها برفض تام؛

- لا طبعا، هو جالي انه مستني رأيي، زي ما جالك انتي كمان دلوك ، ولا يكون فاكراني هتجوز بالطريجة الغبية دي؟ واتبع كلامهم والاتفاق الزفت ده، يولع ناجي بجاز وسخ ايه هيهمني؟


- بهمك ولدك يا نادية. 

تفوهت بها سليمة توقف استسرالها، لتتابع مستطردة وكأنها تحدث نفسها:

- حتى بعد ما بعدتكم عن البيت، برضك النار محاوطاكم من كل ناحية، مفيش فايدة مكتوب علينا التعب، يعني حتى لو عملتي اللي في دماغك وسيبني البيت، برضك مش هيبطلوا تلسين ولا كلام وحديت عليكي، مفيش مهرب من المكتوب. 


سألتها بعدم فهم، 

- يعني ايه؟ انا مش فاهماكي.

اقتربت برأسها نحوها بوجه مشتد، تصغط على الكلمات:


- يعني اوعي تفتكري ان غازي الدهشان لما طلب يدك مني دلوك ، دي كانت هرتلة منه، ولا جرأة من راجل مجنون....... 


- برضك مش فاهمة ، انتي عايزة تجولي ايه؟

صاحت تردد بها بانفعال، لتضيف على قولها جليلة :.

- عمالة تتكلمي بالالغاز يا سليمة،  ما تجيبي من الاَخر وعرفينا انتي جصدك ايه؟


الصفحة التالية