-->

رواية جديدة مشاعر مهشمة 2 لشيماء مجدي - الفصل 60 - 5 الأحد 10/12/2023

 

قراءة رواية مشاعر مهشمة الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية مشاعر مهشمة الجزء الثاني 
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات 
الكاتبة شيماء مجدي 

الفصل الستون

5

تم النشر يوم الأحد

 10/12/2023


لعبت كلمات أخيه العقلانية، والتي يغلب عليها الحكمة برأسه، كونه يحكم على علاقته بزوجته من منظورٍ منطقي، على عكسه تلعب العاطفة دورها في تسييره، ولكن مع ذلك ظل شعور التخبط مستبدًا به، لهفة "داليا" تشي بالكثير، ومعاملتها الطيبة تذكره بسابق عهدها معه، ولكن عودتها في ذلك الوقت الحرج بعد حادثته الأليمة، وبعدما تردد على مسامعها تعليمات الطبيب، المشددة بعدم تعريضه لأي انفعال عصبي أو صدمة كبيرة، تجعل الشكوك تساوره بأن ذلك القرار قد اتخذته شفقةً به، وليس حبًا في عودة المياه لمجاريها، بالأخص مع تصميمها الأخير على قرار الانفصال، ناهيك عن خوفه من عودة الأمور بينهما إلى نصابها السابق، بما تحمل من مشاكل، وشجار متكرر، يقودها إلى اقتراف نفس الفعل الجنوني، المتمثل في هروبها بأطفاله ثانيةً، وهذا بالتحديد ما يجعله يتقهقر عن الأخذ بنصيحة أخيه، وتنفيذ توصياته، التي تحفزه لإعطائها الثقة المطلوبة، والاطمئنان من ناحيتها.


بعد أن أخذ حمامًا دافئًا، ساعده على إرخاء جسده، وتهدئة عقله، بدأ في جلب ملابس ملائمة، بدأ أولًا بارتداء البنطال، ثم مد يده ملتقطًا القطعة العلوية، وقبل أن يلبسها، تفاجأ بها تحتضنه من ظهره، ازدادت أنفاسة قليلًا إثرًا للمسة يديها على جذعه العاري، وضع يده فوق إحدى يديها، وقبل أن يزيحها برفق حتى يكمل ارتداء ثيابه، لاحقته بسؤالها الناعم:


-بتعمل ايه؟


رمش بأهدابه بتلبك، ثم أجابها بإيجاز:


-بلبس هدومي.


ارتسمت بسمة شقية فوق شفتيها، اختفت فوق ظهره الذي لثمته مطولًا برقة جعلت جفنيه ينهالان من فيض العاطفة، ومضخة قلبه زادت بصورة واضحة، ومع ذلك ظل ثابتًا مترقبًا انتقالها للخطوة التالية، التي تمثلت في أخذها التيشرت القطني من يده، وألقته جانبًا، عند تلك النقطة وفطن ما توده، ورغم اشتياقه للانغماس معها بتلاحم حميمي، يبث لها عن طريقه أشواقه الحارة، ويعوض أيام الهجر والإقصاء، إلا أنه رفض أن يعودا بطريقة عائمة، خالية من الشروط، أو وضع النقط على الحروف، وبعدما ابتلع ريقه الجاف، قال لها بصعوبة:


-بلاش يا داليا.


فطنت رفضه الواضح، ممَ جعلها تعقد ما بين حاجبيه، وهي تسأله بقلق:


-ليه؟ انت تعبان؟ الدكتور ممنعش..


التفت لها يطالعها من موضعها الملاصق له من عند كتفه، وقتطعها مردفًا بوجوم:


-لأ انا كويس.


تعجبت من نفيه، وناظرته بحيرة وهي تسأله بتخبط:


-امال في ايه؟ في حاجة مضايقاك؟


أطرق بنظره لأسفل، وهو يومئ بالسلب، نافيًا باقتضاب:


-لأ مفيش.


ردوده الموجزة ضاعفت من حيرتها، كما أن تحاشيه النظر لعينيها أخافها، تحركت قليلًا لتواجهه، وسألته بترقب:


-ليه مش بتبصلي يا عاصم؟ انا عملت حاجة ضايقتك؟


أفعالها المتناقضة أكثر ما يثير ضيقه، كونها لا تمت لأفعالها السابقة بصلة، مال برأسه للجانب وهو يزفر باختناق، ثم عاد إليها بنظره وعقب باستنكار:


-داليا انتي ليه بتعامليني على إني فاقد الذاكر؟


تفاقمت عقدة حاجبيها بغير فهم لما يرمي له، والذي وضحه بمتابعته:


-انا فاكر لسه آخر كلام بينا، وفاكر كل كلمة قلتيها، وفاكر إنك كنتي رافضة ترجعيلي، واللي بتعمليه دلوقتي ملهوش غير تفسير واحد عندي.


انتابها شعور كبير بالندم، وودت أن تعرب عن ذلك الندم، ولكن فضولها لمعرفة ما يدور في رأسه نحو عدولها عن موقفها السابق، جعلها تؤثر الصمت، حتى أفصح عمَ يجول في خاطره:


-وهو إنك بتمشي أمورك وبتاخديني على قد عقلي لحد ماخف عشان توصيات الدكتور مش أكتر.


توسعت عيناها في استنكارٍ، وعلى الفور نفت تفكيره:


-ابدا يا عاصم، صدقني انا بعمل اللي حاسة بيه.


بغير أن تتأثر تعبيراته العابسة، سألها باشتفاف غير مقتنع:


-واللي حاسة بيه إنك عايزه ترجعيلي؟


كانت على وشك أن تؤكد له، ولكنه حال دون تفوهها بكلمة بإطنابه:


-طب لو افترضنا إنك رجعتي في قرارك، وعايزه نرجع لبعض فعلا، هيبقى عشان إيه يا داليا؟ شفقة بعد اللي حصلي!


سألها بالأخير بأسى واضح، جعلها تجفل من صدمتها من تفسيره الخاطئ، وسريعًا ما نفت باستهحان متعجب:


-لأ طبعًا انت ازاي تفكر كده!


زفر نفسًا آخر مطولًا، معبرًا عن إنهاكه، وقتتئذٍ خشيت أن تتسبب تلك الأحاديث المستنزفة للأعصاب في انتكاسته، ولهذا أرادت أن تبدي ندمها بصورة أكثر صدقًا، حتى تقضي على شكوكه، اقترب منه أكثر، محاوطةً وجنته، وقالت له:


-عاصم أنا عارفة اللي قلته آخر مرة جرحك، بس انا عرفت اني كنت غلطانة عشان خاطري سامحني، أنا آسفة والله...


منعها من إضافة المزيد من العبارات المعتذرة، قائلًا باختناق:


-انا مش عايزك تتأسفي، يمكن انتي كان عندك حق لما قلتي نبعد عن بعض.


اكفهر وجهها من عبارته المتفقة مع قرارها السابق، وفي لحظتها قالت له:


-بس انا مش عايزه كده.


التزم الصمت وهو ينظر لها بنظرة مشوشة، يخشى إعطاء تلك العلاقة فرصة أخرى، وفي نفس الآن يصعب عليه إبعادها، وفي خضم تفكيره المشتت، سألته بتوجس:


-انت عايز تبعد عني؟


أغمض عيناه بإرهاق من تفسيرها لمخاوفه من ذلك الجانب، وعندما طال صمته، هتفت باسمه بتعبيرات بائسة:


-عاصم!


حز في قلبه تلك النظرات المرتعدة، ولم يمنع نفسه من طمأنتها بإيماءة من رأسه بالسلب، وقال نافيًا:


-لأ يا داليا مش عايز، ولا عمري هبقى عايز.


تخللت الراحة لقلبها الملتاع، وسألته بلوعة:


-امال ليه بتمنعني أقرب منك؟ 


ناظرها بنظرة جادة وهو يجيبها مباشرة بإيحاء مقصود:


-خايف منك.


بالرغم من وضوح عبارته، إلا أنها عجزت عن فهمها، وظلت قاطبة الحاجبين، حتى أكمل ياستيضاح:


-خايف نقرب ونرجع زي الأول تاني، نتخانق، أو نشد مع بعض أو يحصل بينا أي خلاف وفجأة ملاقيش معايا.


قرأت الشجن جليًا في عينيه وهو يتابع:


-انا مش عايز اعشم نفسي انك هترجعيلي تاني، والاقيكي في الآخر وبعد كل محاولاتي معاكي بتبعدي، أو واخده ولادي وبتهربي.


لفظ نفسًا متعبًا أتبعه بقوله التعس:


-مش عايز ارجع الاقيني بفرض نفسي عليكي، واسمع كلام يوجعني زي اللي قلتيه آخر مرة.


أطبق الندم على صدرها بشدة، أمسكت بكف يده، ووعدته بصوت مختنق:


-انا مش هقول الكلام ده تاني، ومش هبعد والله.


لم يزول شعور الخوف من تركها المحتمل، وقال لها بضعف:


-احساس انك ممكن تسيبيني في أي وقت هيفضل ملازمني، ومش لاقي حاجة تطمني غير إني افضل بعيد أو اعمل مسافة بينا، على الاقل هتفضلي قدامي ومعايا.


هزت رأسها بإيماءة متلهوجة، وقالت له برفض بائس:


-بس انا مش عايزه نفضل بعيد يا عاصم، ولا هتحمل المسافة دي.


لم تنتظر أن يأتيها ردًا منه على ما قالته، وحاوطت وجهه براحتيها الناعمتين، وأضافت باحتياج:


-انا عايزه نرجع لبعد ونقرب تاني، عايزه نبقى اقرب أكتر من الاول.


ظهر التأثر على ملامحه التي ارتخت، وعينيه التي هامت بعينيها، وسألها بهدوء يوحي باستجابته:


-ولو اتخانقنا أو حصل مشكلة بينا أو..


قاطعته قائلةً بلهفة:


-هتكلم معاك ونحل المشكلة بالعقل، مش هكرر اللي عملته قبل كده، انا اتعلمت من غلطي خلاص.


كزيادة تأكيد من عدم انجرافها بغير عقلانية نحو أفعال غير مدروسة، سألها مجددًا:


-يعني ده مش كلام، وهيتغير مع أول سوء تفاهم بينا؟


أنزلت يديها مستندة بها فوق صدره، وقالت له بخنوع:


-لو اتغير ابقى اعمل اللي عايز تعمله فيا، حتى لو..


أكمل بدلًا منها جملتها بصيغة تساؤلية:


-حتى لو حبستك؟


لاح التفاجؤ على محياها من سؤاله الغريب، في حين هو أخبرها بغير تساهل ولكن بتريث:


-ما أصل الجنان ده لو اتكرر تاني متحلميش إن هيبقى فيه فرصة تخرجي من باب البيت يا داليا صدقيني.


انشقت شفتاها ببسمة متدللة، وأخبرته بغموض:


-موافقة تحبسني، بس بشرط.


رفع أحد حاجبيه مترقبًا شرطها، الذي أفصحت عنه بعدما حاوطت عنقه بذراعيها، مرددة بنعومة:


-تفضل محبوس معايا.


انبجست العبثية من عينيه وهو يحاوط خصرها، مردفًا بكلمات ذات مغزى:


-دي هتبقى حبسة تشجع الواحد ميخرجش من البيت تاني.


اندفعت بعد عبارته الموحية محاوطة وجهه ثانيةً، وباشتياق شديد لثمت ثغره، وهو بدوره ما إن شعر بلمسة شفتيها الرقيقة، حتى تولى هو قيادة تلك القبلة بشغف خالص، ثواني لم تُعد وانتهى ذلك القرب الحسي، متراجعًا لمسافة لا تُقدر بعقلة، وبأنفاس متهدجة، همس بشوق محموم:


-وحشتيني أوي، أوي يا داليا.


اسبلت عينيها اللتين ينبثق منهما عشق يخصه هو وحده، وردت عليه بنفس النبرة التي تقطر توقًا:


-وانت وحشتني أكتر.


من نفس درجة القرب، وببنما يتلمس خصرها بطريقة مداعبة، ومدغدغة لمكامنة الأنثوية، هتف بمكر:


-هيبان، كله هيبان دلوقتي.


مال عليها ليقطتف من شهد شفتيها ثانيةً، مرددًا بوجد ثائر:


-بحبك.


دمغ شفتيها بقبلة أشد في التأثير من سابقتها، حملت أنواعًا وصنوفًا متعددة من الشغف، وتيارات المشاعر الملتهبة اننشرت بسرعة قصوى في سائر جسدها، جعلتها ذائبة ذوبانًا مغريًا، ومتفاعلة تفاعلًا مغويًا، لحظات أخرى كانت أجمل، وألذ في مرورها، وأستند بجبهته فوق مقدمة رأسها، وبينما يتشاركان نفس الهواء، الذي طغت عليه السخونة المنبعثة من وجدانهما، سألها بتلهف:


-مقولتيهاش ليه؟


تفقهت إلى ما يقصده بسهولة ويسر، وردت عليه بتغنج:


-مانت سمعتها كتير، مزهقتش؟


أومأ لها بالنفي، مهسهسًا باحتياج شديد:


-عمري ماهزهق منها، متبطليش تقوليها.


خفضت من صوتها بطريقة ناعمة وهي تكرر على سمعه اعترافها بحبه:


-بحبك أوي يا عاصم.


تلامست الشفاه بقبلة ثالثة، سيقف عندها العد، ولكنها ستتكرر وتستمر، بشغف متزايد، واشتياق مستعر، مهيج المشاعر، ومشعل البدن، بنيران الرغبة التي ثارت، واستثارت، حتى بات الانسحاب في تلك اللحظة العاصفة أمرًا مستحيلًا، والافتراق مجددًا من آخر المستحيلات.


يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة شيماء مجدي من رواية مشاعر مهشمة الجزءالثاني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية