رواية جديدة كله بالحلال لأمل نصر - الفصل 25 - 1 الأربعاء 7/2/2024
قراءة رواية كله بالحلال
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية كله بالحلال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الخامس والعشرون
1
تاريخ النشر الأربعاء
7/2/2024
بأكتاف تهدلت بيأس، حتى ذهب عنها كبرياء الأمس، والأنف المتعالية، جلست على احدى مقاعد الانتظار في ركن منزوي الي حد ما بعيدًا عن الجميع .
تعجرفها المعتاد وثقتها التي تفوق الحدود بنفسها ، كل هذا لم يعد موجودًا، بعدما هزمت اخيرًا، هزمتها دمعة ساخنة من ابنتها، هزمها انكسار الروح لعزيزتها، هزمها الألم مع كل طلة منها نحوها.
لقد باتت كالعدو في أعين اطفالها ، هي من كانت مصدر الهامهم، والمستشار الأول في كل خطوة لهم ، كيف أصبحت بهذا السوء في نظرهم؟ وهي التي تفعل المستحيل من أجل رفعتهم وتحسن احوالهم، كي يعيشون في الرغد والسعادة مع شريك تختاره بعناية ، شريك يقارب الكمال، فهم يستحقون الأفضل ولا ينقصهم شيء،
كبتت بصعوبة دمعة كادت ان تفر هاربة من مقلتيها، بتذكرها لحديثها لابنتها بعد يومين من الحادث، بعدما استعادت طبيعتها بعض الشيء، ولكنها ظلت على حالها في تحميل الذنب لها بتجنبها، وتغير المعاملة معها، حتى فاض بها وقررت ان تواجهها:
((.- ممكن بقى تردي عليا يا ست ريهام وتحطي عينك في عيني، بدل ما انتي بتهربي مني كدة ولا اكني عدوتك........، بصي في عيني يا بنت.
صاحت بالاَخيرة حازمة حتى اجبرت الأخرى على الأنصياع لها والرد:
- نعم يا ماما؟ ادي عيني في عينك اهو، عايزة ايه بقى؟
- عايزة سلامتك يا حبيبتي
قالتها بتهكم لتستطرد بقوة ودفاعية:
- بتقصدي انك تتجنبي وتتجاهليني ، في نفس الوقت اللي بتضحكي فيه ، وتهزري مع اخواتك ولا اكن الشخصية اللي بتتعامل معايا هي نفسها اللي بتتعامل معاهم.
إيه اللي حصل لدا كله يعني؟ عشان جوزتك لفهد اللي اسم عيلته بس يهز الدنيا مديرية بحالها.... كان عريس لقطة من كل النواحي، وانتي نفسك كنتي هتطيري بيه، وكل بنات العيلة كانت بتحسدك عليه، اتغير بعد الجواز ولعب بديله ، انا ايه ذنبي؟ تحمليني ليه نتيجة اللي حصل؟ هو انا كنت هجوزهولك واديكي معاه ضمان؟ اللي حصل حصل بقى بتحمليني ليه النتيجة؟
لم تتأثر ابنتها بكل ما سبق ، بل اظهرت جمودًا في توجيه السؤال لها:
- طب انا لو كنت طلبت منك اطلق منه من قبل دا كله ما يحصل، لسبب واحد، هو اني معدتش عايزاه، كنتي هتوافقي يا ماما ساعتها.
على الفور تجعدت ملامح منار ليرتسم عليها الرفض التام قائلة:
- يعني ايه معدتيش عايزاه؟ دا سبب بذمتك ينفع تطلبي الطلاق عليه؟ لا وكمان عايزاني اوافق! ازاي يعني؟ هو الجواز لعب عيال؟
- لا طبعًا الجواز مودة ورحمة وانا عارفة كدة كويس اوي.....
قالتها ريهام ثم توقفت برهة، قبل ان تتابع بصوت بح بما تحمله داخلها من ألم:
- بس انا مكنتش عايشاها ابدا المودة والرحمة دي يا ماما، انسان جامد كأنه الة ، مثالي في عيون الجميع، ومع مراته تلاجة من غير احساس ولا شعور ، ايه فايدة ان يبقى عندي كل الرفاهيات اللي في الدنيا ومعنديش اللي يشاركني فيها، جوز زي الطيف معايا في الشقة، طول الوقت مشغول، ميعرفنيش بذمة غير وقت ما يعوز الراجل مراته، وبعدها ولا اكنه يعرفني، برود برود ، تعرفي ايه انتي عن حسرة واحدة زيي بتحسد مراة البواب في كل مرة تبصلها وتشوف وشها المنور بحب جوزها ليها، رغم ان حياتهم اقل من العادية، ومعظم الوقت بيتخانقوا واحيانا بيمد ايده عليها، لكنه بيرجع يصالحها بشوق ينسيها الاساءة، وينسيها الدنيا وما فيها........
خرجت شهقة من جوفها في الأخيرة، ترفقها دمعة ساخنة شقت قلب والدتها، لتتابع بتحصر وبما يشبه الهذيان:
- انتي شوفتيها يا ماما صح، بذمتك هي الأحلى ولا أنا؟
صاحت بها منار غاضبة:
- ايه الغباء ده يا ريهام؟ انتي سامعة نفسك بتقولي ايه؟ مين دي اللي بتقارني نفسك بيها؟ هو انتي مخك راح منك ولا ايه؟
- لا يا ماما مراحش مني، انا بس انسانة وعندي شعور، ست محتاجة لاحساس جوزها كان حارمها منه، احساس مفيش اي حاجة تعوضه، الراجل لما يحب مراته بيبان من نظرته ليها ، وانا كان نفسي اشوفها ولو مرة واحد حتى في عيون جوزي، ودا مالهوش دعوة ابدا بالاعجاب، دي حاجة تانية خالص، بتنعش القلب وتغذي الروح، بتحسس الست انها ست وتستاهل تتحب.......
قطعت ببكاء مرير قطع نياط قلب الأخرى ، وهي تشاهدها بانكسار ، تردف:
- عارفة يا ماما بقى، ان طول الوقت مع حرماني من الحاجة دي، كنت بحس بالنقص، والنقص دا مفيش اي شيء يعوضه، عشان كدة بقى انا مستغربتش أبدا لما شوفته بعيوني وهو بيخوني....
- ولما انتي بتعاني من دا كله، متكلمتيش ليه وقولتي، ليه سيبتيها لما توصل للخسارة انا كان لا يمكن اسكت......
قالتها منار بانفعال يعصف بها ، وكان رد ابنتها المفحم:
- اقولك ايه يا ماما، انتي ناسية انك جاوبتي ع السؤال من البداية،......انا لو كنت غنيتها ع الربابة معاكي مكنتيش هتصدقي، ولا هتوافقي تتطاوعبني ، الكسر اللي في رجلي ولا الطفل اللي كان هيروح مني ، دول اللمهم اقل بكتير من شيء انتي بتستهوني بيه، ومش عاملاله قيمة على الإطلاق،..... الحب والود يا ماما ما بين اي اتنين اهم من اي حسابات في الدنيا، دا اللي انا عرفته اخيرا بعد تجربتي الفاشلة ))
اسنفاقت تعود من شرودها على صوت يسألها:
- انتي قاعدة هنا وبتعيطي يا خالتوا؟
رفعت رأسها اليه تمسح بطرف ابهامها اسفل عينيها، تنكر نافية:
- لا يا حبيبي، دي عيوني بس اللي اطرفت..... انت كنت عايز حاجة يا سامج؟
سمع منها وانتفخت اوداجه يجيبها بعصبية :
- اه كنت عايزك يا خالتو تقفي معايا، ابنك معاملته ليا زي الزفت، والهاتم بنتك، بتعاملني بقرف ولا اكني كلب جربان خايفة تقرب منه، اقدر اسميه ايه دا بقى؟ هي صدقت نفسها وافتكرت انها ممكن تتجوز حد غيري ولا ايه؟
بحنق شديد كتمت منار بصعوبة ان تنفجر بهذا الأحمق، والذي يأتي الاَن بغباءه يزيد عليها ، وهي لا ينقصها.
انتفضت فجأة متجاهلة الرد على حماقته ، لتخبره على مضض:
- معلش يا سامح تعالى على نفسك شوية وفوت، انا نفسي تعبانة دلوقتي ومليش نفس لأي كلام ولا خناق،.. وعن اذنك بقى رايحة اشوف بنت خالتك.
قالتها وتحركت على الفور تتركه بغيظه ليضرب بقدمه على الأرض مدمدمًا:
- ماشي يا خالتو، حتى انتي كمان مش معبراني، وانا بقى مش هسكت واما اشوف ايه أخرتها.
❈-❈-❈
وداخل غرفتها حيث كانت تساعد في رفع نفسها مع شقيقها الذي يجاهد في الا يؤلمها، وهو ينزلها من التخت بمساعدة ليلي وبعض الممرضات، حتى يضعنها على الكرسي المتحرك لنقلها:
- اه براحة يا عزبز
- يا قلبي ما انا بحاول معلش استحملي وسيبي نفسك ماشي.
اومأت بطاعة تضغط على عينيها لتكتم صوت الألم تصبر نفسها حتى اخرجت تنهيدة بصوت عالي ، فور ان جلست جيدا على كرسيها ، وقد استراحت قدمها المصابة اخيرا:
- الحمد لله ادينا خلصنا .
هتفت بها ليلى مهللة، وعبر عزيز عن ارتياحه، بأن قبل رأس شقيقته:
- حبيبة قلبي، ربنا يتم شفاكي على خير يارب .
عبرت الأخرى عن امتنانها، بنظرة حانية نحوه، وابتسامة تختصها له ولشقيقتها الصغرى، خبئت فور دلوف والدتها:
- ايه الحكاية؟ انتوا واخدين ريهام ورايحين بيها على فين؟
- هنروح بيها ، الدكتور كتبلها على خروج.
قالها عزبز وهو يعدل من وضع الكرسي كي يتحرك به، وخلفه ليلى ترفع حقيبة اليد، وبعض الأشياء الخاصة بها، امام دهشة منار التي هتفت بغضب:
- يعني مروحينها من غير ما تبلغوني، كنتوا منتظرين ايه؟ انا عايز افهم، لما ارجع انا الاقي الأوضة فاضية والممرضة تبلغني.
ظلت ريهام على صمتها، ف استطرد عزيز بمهادنة:
- ليه يا ماما العصبية؟ وانا كنت هتصل بيكي وابلغك حالا اهو بس بعد ما اريح البنت ع الكرسي، وانتي معانا في المستشفى اهو مش بعيدة.
- والله، كتر خيرك يا عزيز باشا، انك تفتكرني على اخر لحظة دا كرم بالغ منك.
تدخلت ليلى تلطف:
- يا ماما محدش فينا قصده والله ، دا انا بنفسي كنت خارجة اناديكي اهو على ما عزيز يريح ريري على الكرسي .
زمت شفتيها تطالعها بامتعاض قبل ان تتوجه بالسؤال نحو ابنتها الصامتة:
- ايه يا ريهام؟ وانتي كمان مفيش كلمة تخدعيني بيها زيهم؟ ولا انتي خلاص معدتش فارق معاكي.