-->

رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 11 - 2 - الأربعاء 6/3/2024

 

قراءة رواية خبايا الهوى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






رواية خبايا الهوى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي

الفصل الحادي عشر

2

تم النشر الأحد

6/3/2024



دخل بها مُهرولاً والهلع تملك منهُ، بصوتِ عالي يُنادي علي الأطباء، بعد أن حملها هو بين يدهِ، بعد أن أتت بها الأسعاف إلي هُنا،ولم ينتظر أن يتم نقلها علي حمالة، بل حملها هو وتوجه إلي الداخل، تقدم منه الأطباء ومُمرضات قسم الطوارئ، وجاء أحدهم بتورلي، وضعها عليهِ، وبأقل من دقيقتين كانت قد دخلت إلي قسم العمليات بعد أن فحصها الطبيب فحص سريع، وأدرك أن هُناك جرح كبير بجانبها الأيمن أثر طعنة السكينة الحادة،وقد نزفت دمائًا كثيرة......


ساعة مضت عليهِ وكأنها سنة، وهو واقفًا أمام غُرفة العمليات لم يتزحزح قيد أنملة، بل ظل بمكانهِ، وعينهِ مُعلقة علي باب الغُرفة، ينتظرُ أن ينفتح في أقرب وقت، كثيرٌ من المشاعر المُتضاربة تتخبط بداخلهِ، أنهُ بالفعل خائفًا عليها ويكادُ يموت رُعبًا، مظهرها وهي غارقة بدمائها لا يُفارق خياله، يَشعرُ بغصة مريرة كُلما تذكره، شُعور العجز يُسيطر عليه، يشعر أنهُ مُكبل لا يوجد شيء بيديهِ كي يفعلهُ، سوى الدُعاء......... 


بينما كانت "سُعاد" جالسة بوهن، لم تكفُ عن البُكاء، قلبها يؤلمها علي فلذة كبدها أبنتها الوحيدة، لا تعلم كيف دخل ذالك اللص إلي المنزل وقام بضربها لا تفهم أي شئ، سوى أنها عادت من الخارج وجدت كم هائل من الناس أسفل البناية، وعربة أسعاف مُصتفة علي جانب البناية، فهرولت بقلب سقط بين قدميها، أول شئ جتل بخاطرها أن زوجها قد أصابهُ مكروه، لكنها حينما صعدت، صُدمت بمشهد إبنتها مُلقاه علي الأرضِ غارقة في دمائها، شعرت حينها أن الأكسجين أنسحب من رئتيها........ 


وعلي بُعد مسافة قصيرة منهم كان يقف "وليد" بوجه حزين، وكل خمسة دقائق يتصلُ بهِ خالهِ يطمئن علي "غالية"، حيثُ لم يستطع الذهاب معه لرفض" عُمر"الذي قال أنهُ مريض ولن يتحمل... 


❈-❈-❈


أنها الساعة الثالثة والنصف عصرًا، أرتفعت أصوات آذان العصر في أرجاء الشوارع، أخذ يسيرُ علي قدميهِ حاملاً حقيبة ظهر صغيرة، يسيرُ بلا هدف في الشوارع، حذاء قدميهِ أصبح مُتسخ بسبب سيرهِ لوقت طويل بين الشوارع الغير نظيف مُعظمها، فتحول من حذاء لامع باهظ الثمن، إلي حذاء مُتسخ بالي، قدميهِ أصبحت تؤلمهُ قليلاً، فـ قد مر أكثر من ساعة ونصف وهو يسيرُ دون تحديد وجهة مُعينة، هو بالأساس لا يعلمُ وجهتهِ، ولا إلا أين هو ذاهب، كُل ما كان يهمهُ حينها، أن يبتعد أكبر قدر مُمكن عن أي مكان يتوافد إليهِ أي شخص من عائلتهِ أو حتى أصدقائه، أو أي شخصًا يعرفهُ.........


الشوارع مُزدحمة قليلاً من حولهِ، أخذ يتأملُ الإناسَ من حولهِ، فهو ولأول مرة يرتدُ علي مثل تلك المناطق الشعبية، لا يعلم أين هو، لكن أشكال الشوارع الضيقة بالنسبة لهُ والمُتكدسة بالسُكان الذين يسيرون من حولهِ، وهيئة المارة، يُكدون لهُ أنهُ في إحدي المناطق الشعبية، ما أسم المنطقة لا يعلم!، مرت ثلاثة أيام علي رحيلهِ من المنزل، أول يومين قضاهم في إحدي الفنادق القريبة من مسكنهم بمسافة ما يُقارب ساعة سيرًا بالسيارة، قضي ليلتين كاملتين، لكن في اليوم الثالث قرر المُغادرة، حيثُ أنه عندما قرر ترك حياتهِ والبحث عن حياة جديدة، قرر ترك كل شئ يخصه، عادا جواز سفرهِ ومُتعلقاتهُ الشخصية، ومبلغ صغير من المال، ولأن المبلغ الذي اخذهُ كان قليلاً، فـ لم يستطع أن يُكمل في هذا الفُندق غالي الثمن حيثُ دفع في الليلتين فقط ثُلث المال الذي معهُ، ولسببٍ آخر أهم، أن الفُندق يُعتبر قريب من الكومبوند الذي كان يسكنُ بهِ، وأن أحتمالية أن يرآه إحدي أقاربهِ كبيرة.....


فترك الفُندق، ووجد نفسهِ يسيرُ بلا وجهة مُحددة في الشوارع، قضي اليوم بأكملهِ يمشي في الشوارع، يخرج من شارع يدخلُ الآخر، دون حتي معرفة إلي أين سيقوضه هذا الشارع، كان تائهًا ضائعًا، حتي وجد نفسهِ من التعب يجلس علي إحدي مقاعد ما تُسمي بالقهوة البلدي، أخذ يستريح، وبعدها جاء الصبي لكي يُخبرهُ ماذا يُريد أن يشرب، فقال له أنهُ لا يُريد سوى كوبٍ من الماء، فأتي لهُ بهِ، في البداية كان مُتقزازًا من الكوب، لكن في النهاية، شربَ مُرغمًا..... 


_هي دي منطقة أي؟


قالها "عُمر" موجهًا حديثهِ إلي إحدي الرجال الجالسين بالقُرب منهِ، تعجب الرجل قليلاً، لكنه ظن أنه ليس من المنطقة، و غريب، فقال لهُ يُجيب علي سؤالهِ: 


_السيدة زينب، ده حي السيدة زينب....... هو فيه حد ميعرفوش، شكلك مش مصري... 


قال آخر كلماتهُ مُقهقهًا، بينما نبس الآخر قائلاً: 


_لا أنا مصري، بس أنا أول مرة أجي هنا.... 


_أها. 


إلتفت الرجلُ يُكمل شُرب سجارتهُ، بينما أخذ الآخر يُتابع حركات المارة أمامهِ، حيث بدء عدد المتوافدين يقل، تنهدة تنهيدة طويلة مُحملة بكثيرٍ من التعب، ها هو أصبحَ في الشارع بلا مأوي، رجع بُكرسيهِ إلي الخلف يُغمضُ عينيهِ بأرهاق واضحًا علي قسمات وجههِ المُنهمكة، ظل علي جلستهِ تلك لأكثر من ربع ساعة، حتي وجد من يجلسُ علي الطاولة التي كانت علي بُعد مسافة قصيرة جداً منهِ، كا رجلاً يظهر عليهِ الوقار وبشاشة الوجه، يحتسي الشاي بهدوء، وجد نفسهِ ينهض من مكانه، ويذهب إلي طاولتهِ 


_السلام عليكم حضرتك من المنطقة هنا؟. 


_أيوا يا أبني بتسأل لي؟. 


_تسمحلي أقعد؟ 


فأوما لهُ مُرحبًا: 


_أتفضل أقعد! 


سحب الكُرسي ثم جلس، مُتحدثًا يدخل في صُلب الكلام، دون مُقدمات، لأنه لا يوجد أمامه حلاً آخر، فبعد فترة ستُغلق القهوة ويجد نفسهِ في وسط الشارع: 


_أنا جاي هنا مِتغرب، وكُنت بدور علي أي سكن صغير يكون بسعر كويس، حتي لو أوضة فوق السطوح، لأني من الصبح بدور، ومش لاقي.... 


فبعد كلماتهِ تلك التي أثارت استعطاف الرجل، رُغمًا عن "عُمر" هو لم يصقد أبدًا أستعطافه، بل كان يشرح له الوضع، لكن طريقتهُ هكذا بدت، فكر الرجل قليلاً، ثم هتف بطيبة يقول لهُ: 


_شكلك أبن ناس ومش وش بهدلة..... أنتَ أبن حلال، أنا لقيت لك إلا هيحل لك مشكلتك بأذن الله،هو مفيش غيره الحاج حلمي،بيخدم الكل بعينه، قوم معايا..


❈-❈-❈


إعتدل "عُمر" في جلستهِ علي الكُرسي الحديدي، فاق من شروده علي صوت "وليد" يُخبره، أنه قد أطمئنَ علي زوجة خالهِ، السيدة "سُعاد"، بعد أن وقعت مُنهارة، فقامت المُمرضات بنقلها إلي غرفة، وعلقت لها بعضُ المحاليل الطبيبة، ربت علي كتفهِ يُصبره، بينما الآخر جلس بوهن، يسترجع كل ما فعلهُ معهُ الحاج" حلمي"وكيف ساعده وأعطاه المَسكن والعمل حتي من دون أن يعرفهُ، أنه صاحب جِميل كبير برقبتهِ، ومهما فعل لن يوفي هذا الجِميل.. 


شعر بالإختناق من المكان بأكمله فنهض من مكانه، قائلاً: 


_أنا هروح أجيب أكل لأم غالية، وأنتَ خليك هنا خلي بالك منها، وأبقي طمن الحاج... 


_طيب خليك أنتَ وأنا هروح... 


كان يُريد أن بختلي بنفسهِ ويجلس بمفردهِ، فقال برفض: 


_لا خليك أنتَ هنا..... أنا مش هتأخر، ولو حصل أي جديد كلمني علي طول!.. 


❈-❈-❈


نصف ساعة قد مرت وهو بالخارج، قضاهم يسيرُ في الشارع بتشويش وتخبط، وبعد أن فكر كثيرًا في القرار الذي أتخذهُ، وقد أخذ عهدًا علي نفسهِ أن يُنفذه ما أن تتعافي زوجتهِ، ذهب إلي أقرب مطعم وأبتاع عدة وجبات خفيفة، لوالدة زوجتهِ التي كانت مُتعبة علي تعب إبنتها، عاد إلي المتشفي، فـ لم يجد "وليد" أمام الغرفة مثلما تركهُ قبل قليل، فظن أنه قد ذهب للإطمئنان علي "سُعاد"، وجد المُمرضة تخرجُ من غُرفة العمليات بعد أكثر من أربعة ساعات قضوها بها، فتقدم منها بتلهف يسألها عن زوجتهِ: 


_طمنيني غالية عاملة أي.... 


نكست رأسها أرضًا بخذي، ثم رفعت أنظارها لهُ تنظرُ بِنظرات شفقة نوعًا ما، ثم هتفت بعدة كلمات وكأنهم آخر كلمات يسمعها وتوقف الزمن هُنا لبرهة: 


_شد حيلك....... البقاء لله!. 


يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هاجر التركي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة