-->

رواية جديدة جوازة ابريل 2 لنورهان محسن - الفصل 11 - 1 - السبت 9/3/2024

  

قراءة رواية جوازة ابريل الجزء الثاني  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية جوازة ابريل

الجزء الثاني

 رواية جديدة قيد النشر 

من روايات وقصص 

الكاتبة نورهان محسن

الفصل الحادي عشر

1

تم النشر يوم السبت

9/3/2024



التقينا في لحظة حاسمة كانت كالسيف القاتل على عناقنا ، كلانا هارب من كارثة تكاد تمزق قلوبنا حد الموت ، ولم تمر سوى دقائق قليلة منذ لقائنا ، ووجدتكِ تسردى كذبة حمقاء عبر شفتيك ، أخضعتني لقربك قسراً أيتها المتمردة ، لا أعلم حقاً من منا حينها أصبح أسير للآخر ، لكنكِ صرتِ رغمًا عنكِ عروسي العنيدة أمام كل الحاضرين ، حينذاك أدركت أن مثوى السيف السري هو فيروزيتكِ الثائرة ، وقبل أن أشهر سلاحى ، اخترقتِ بإندفاعكِ الجريء قلبي الذي صرخ غاضباً ، فى الغرام سأكون سفاحًا ، وألف لعنة لكم أيها الخصوم ، فإن شئتى أم أبيتى سوف تكونِ لي ، وبكامل قواى الجنونية أقول لكِ هذا قراري الأخير.


❈-❈-❈


أمام عربية ياسر


تابعت هالة بصراخ أجفله : رد عليا!!


رفع يده أمامها منبهاً إياها ، بتحذير مقتضب : هالة وطي صوتك وتمالكي نفسك وانا هفهمك الحكاية صح


صاحت هالة بحدة : افهم ايه!! وانا كل اللي لاقيته منك عدم احترام لكرامتي ومشاعري وبس 


فرك ياسر جبهته بتوتر ، وهو يهتف بنفاذ صبر : استغفر الله العظيم .. دا مش اسلوب لائق خالص للمناقشة .. احنا اعقل من كدا يا هالة .. انا حتي مش فاهم شغل قلب التربيزة دا هتستفيدي منه ايه؟! ماكنتش كلمة وطلعت مني عشان تتفتحي فيا الفتحة دي .. راعي شوية اننا واقفين وسط ناس بيتفرجو علينا


نظرت هالة إليه بعينين ضيقتين مليئتين بالعبرات ، ردت مؤكدة صحة حدسها ، بنبرة هازئة يتخللها الأسف على حالها : مش بقولك فارقلك شكلك دايما .. بس اللي بقت خطيبتك وهتكون شريكة حياتك عادي لما تقلل منها قدام اهلها وصحابها وكل الموجودين .. وطول الوقت كنت مهتم بواحدة تانية .. وبالمناسبة كل اللي حضر الحفلة وشاف المهزلة دي ماستناش للصبح .. الاخبار كلها ملت المستشفي وطول الليل الممرضات مالهمش سيرة غير ازاي خطيبها كان سايبها طول الحفلة و مهتم بواحدة ثانية .. هي لدرجة دي مش مالية عينه .. وهي ازاي قبلت علي نفسها .. ايه معندهاش كرامة!؟


تعبيراتها المليئة بالحزن لم تسعفه فى تبرير موقفه ، لكن لم يكن أمامه إلا أن يكابر ، ويدعى عكس الحقيقة : سبق وفهمتك طبيعة علاقتي بيارا عاملة ازاي .. هي اخت..


قاطعته هالة بإشارة للتوقف عن الكلام : من فضلك انا جبت اخري وخلاص اكتفيت من كتر الكدب اللي بتعيد وتردده دا


لم تعجبه نبرة الاتهام في صوتها الهاديء ، فعدل وقفته أمامها بكل وقار ، ليخرج رده بوضوح وثقة : هالة .. انا لما جيت وتقدمتلك كنت مقتنع باللي بعمله .. واذا في مشاعر من ناحيتي ليارا او لغيرها كنت قولتلك .. انا مش هخاف منك ولا مضطر اكدب عليكي .. وعشان انا مقدر ان اعصابك مشدودة هعمل نفسي ماسمعتش الكلام الفارغ اللي انتي قولتيه


صاحت هالة بإصرار قوى : لا انا كلامي مش فارغ ولا من فراغ وعارفة كويس بقول ايه .. طريقتكم مع بعض دي فوق الطبيعي .. اهتمامك الاوفر بيها دا مش طبيعي ..


❈-❈-❈


فى ذات الوقت


داخل المستشفى تحديدا بغرفة ابريل


دخلت الممرضة الغرفة ، تقترب منها بخطوات هادئة ، لتقول بابتسامة : اتفضلي دي عشانك


عقدت ابريل بين حاجبيها الجميلين ، وهي تأخذ منها علبة حلويات فاخرة مزينة بشكل أنيق ، ثم سألت بنبرة حيرة : مين جابها دي؟!


نظرت ابريل إلى الصندوق بعينين تشعان بالفرح ، لا شعورياً ، إذ ذهب عقلها إلى أخيها الذي يعلم حبها الشديد للشوكولاتة ، لابد أنه يسعى إلى استرضائها ، بهذه الطريقة مختبئاً خلف قناع الحذر منها خوفاً من رفضها ، حتى جاءها الجواب من الممرضة محطماً كل آمالها : خطيبك اللي لسه خارج من عندك من شوية


هزت ابريل رأسها بهدوء في خيبة أمل ، لكن كيف يمكنها أن تظلل الوميض الصغير المنبعث من روحها التي كانت تتمنى دائما أن تحظى بحنان واهتمام من عائلتها؟ 


أحست بصوتها يحاول الوصول إلى حنجرتها بصعوبة ، فخرجت الكلمات خافتة بما كان يطوف بداخل قلبها : اهلي حد منهم موجود برا


ردت الممرضة بتفكير : اظن لا مفيش حد برا


عقدت ابريل ذراعيها على بطنها ، وأطلقت تنهيدة عميقة تعبر عن مدى إحباطها ، هى تشعر بالاستياء منهم جميعًا ، لكن هذه المشاعر الإنسانية مهما حاولت كبح جماحها أمامهم ، وتصرفت بقسوة ، تظل في أعماقها متعطشة لاهتمامهم الذي ترفض أن تشحذه منهم بالتوسلات ، سرعان ما سخرت من أفكارها الداخلية سراً قبل أن تسألها برقة.  : طيب ممكن تجيبلي الهدوم اللي جيت بيها هنا؟


ردت الممرضة بإبتسامة لطيفة : كل حاجاتك موجودين في الدولاب دا .. بس ماينفعش تخرجي قبل الدكتور ما يكتبلك علي خروج


زاغت عينيها بتوتر ، ودفعت شعرها خلف أذنها بفكرة شيطانية سطعت فى عقلعا ، قبل أن تقول بابتسامة وديعة : تمام .. انا جعانة ممكن تجيبلي فطار؟


نطقت أبريل بعبارتها بمنتهى البراءة ، تتوارى خلفها نواياها الماكرة ببراعة شديدة ، جعلت الممرضة تصدقها بكل سهولة ، لتتحدث على الفور : اكيد ممكن الفطار هجيبو حالا مع الدوا وراجعة علي طول


سرعان ما اعتلت إبتسامة ساحرة على ثغرها ، ونبست بإمتنان : ميرسي اوي علي تعبك


الممرضة بسماحة : شغلي يا فندم ربنا يشفيكي


بمجرد أن أغلقت الممرضة الباب خلفها ، زفرت أبريل بقوة وغضب ، وزمجرت بكراهية وامتعاض شديدين : قال خطيبي قال .. هنجلط يارب ماشوفتش حد بارد كدا في حياتي زي البني ادم دا .. معندوش نقطتين دم ولا كرامة .. واحد غيرو وسمع الكلمتين اللي قولتهملو كان زمانه راح دفن نفسه مش يجيبلي شوكولاته .. بس شكل جهاز الاحساس عنده متبدل بديب فريزر


حدقت أبريل في علبة الشوكولاتة بسخرية ، وهمست لنفسها بوعيد : عاملي فيها البيه رومانسي يا استاذ ساخر .. طيب صبرك عليا اما طفحتهالك..!


زفرت الهواء بقوة كبيرة ، وكأنها تزيل ثقلاً كبيراً عن صدرها ، فرفعت فيروزيتها ببريق غامض إلى الخزانة التي أشارت إليها الممرضة ، ثم وضعت الصندوق جانباً بإهمال ، ونهضت من السرير بعزم.


خطت عدة خطوات من الخزانة ، ثم أدارت رقبتها ، محدقة في الباب المغلق بتعبير حزين ، لتركهم لها وحيدة دائماً ، ثم أخذت تربت على قلبها برفق شديد ، والدموع تتلألأ في مقلتيها ، وهي تهمس لذاتها بقوة : لن أبدأ في الانهيار كلما خذلونى ، ولن أنتظر هذا الزائر الحنون الذي سيطرق هذا الباب ، وإن تمزقت أوتار قلبي شوقا لقدومه ، تقديري لذاتي له أهمية قصوى بالنسبة لي ، فأنا أقسمت أمام الله أننى لن أجعل قلبى قابل للكسر مهما حدث.


❈-❈-❈


فى ممر المستشفي


عند باسم


صاح صلاح بصوت أجش حانق جعل المارة يلتفتون نحوهم في دهشة : يا برودك هو انت مش مقدر حجم الكارثة اللي وقعنا فيها بسببك وشغلنا اللي خرب من تحت عمايلك وطيشك .. 


تابع بسخط عارم ملوحاً بكلتا يديه فى الهواء : ضاقت بيك الكرة الارضية بحالها رايح تخطب واحدة خطيبة واحد تاني!!! ايه الستات اللي بتعرفهم مسحولك مخك .. عجبك دلوقتي الفضيحة الجديدة المنشورة عنك في كل حتة دي .. اتفضل تعال معايا


أمسك صلاح بمرفقه ، يسحبه خلفه ، ليمشي باسم معه في طاعة تامة حتى وقف معه أمام إحدى النوافذ الكبيرة المطلة علي باحة المستشفى ، قال صلاح بصوت حانق : شوف بعينك يا بيه .. الصحافيين واقفلنا ازاي علي باب المستشفي .. مستنيين بس يلمحو طيفنا عشان ينزلو فينا تصوير واسئلة دا غير التليفونات اللي مابتسكتش من الصبح


هز باسم كتفيه غير مبالٍ بالأمر ، واضعًا يديه في جيوب بنطاله ، ليخاطبه بنبرة ثقيلة : ما انا عارف كل دا .. ما انا اللي كلمتهم وجبتهم لحد هنا اصلا


استشاطت ملامحه غضباً ، فصاح مستنكراً بصوته الأجش : نعم يا روح امك .. انت شكلك اتجننت علي الاخر


أوضح باسم له بعبوس جذاب : ولا اتجننت ولا حاجة .. ابريل مش مخطوبة .. والكلام المكتوب عننا دا كله كدب ومتفبرك


سأل صلاح ساخراً : واحنا هنمسك كل نفر ونشرحله ان دا كله كدب ازاي يا بيه؟!


رفع باسم حاجبهط واحد ، مرددا بإنزعاج نافذ الصبر : اومال انا جايب دول لحد هنا عشان ايه!! اللي احنا عايزين نوصله للكل هيكون من خلالهم


تشنجت ملامحه من الصدمة ، وسيطر عليه الجنون ، مزمجراً بسخط شديد ، حيث يكاد أن يسقط أرضاً نتيجة إصابته بجلطة دماغية بسبب برودة ابنه : يعني كمان انت اللي مديهم الاذن بالوقفة دي ؟؟ ومصطفي ايه ناسيه؟! دا من اكبر المستثمرين اللي داخلين في المشروع الجديد واللي بتعمله دا هيخلينا نخسره!!


ضاقت عيناه الرماديتان في تعبير يدل على تقييم ما قاله والده ، قبل أن يهز رأسه بالنفي ، قائلاً بصوت جدي ممزوج باللامبالاة : زي ما في مصطفي في مستثمرين كتير غيره .. اذا هو عايز ينسحب بالسلامة غيره يتمني يكون مكانه .. وانت سيد العارفين يعني مش هتقف عليه .. وهيبقي هو الخسران الشرط الجزائي


تنهد صلاح بقوة قاطباً حاجبيه بحنق : افهم يا بني .. مواضيع الستات لما بتدخل في الشغل بتخربوه واللي اتكتب دا هيأثر علينا كلنا من نواحي كتير وسبق ونبهتك عايز تخطب بنات الناس كتير مش لازم البت دي


عقب باسم على كلام والده بثقة بالغة ، رغم أنه هو نفسه لا يعرف من أين جاء بها وسط الظروف المحيطة به : اذا علي كلام الجرايد .. انا عارف كويس ازاي هنخرس لسان الكل .. وكمان هينزل بكرا بالكتير اعتذار عن اي كلام اتكتب عننا .. والكل واولهم مصطفي هيعرفوا ان ابريل خلاص بقت تخصني


زجره صلاح بغضب سعير ، وهو يكز على أسنانه بقوة حتى لا يلفت النظر إليهم : ماتجننيش ببرودك انا علي اخري .. هو مش هيسكت مافكرتش في اللي ممكن يعمله


الصفحة التالية