رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 10 - 2 الجمعة 10/5/2024
قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نابغة بعصر الأغبياء
للكاتبة أسماء المصري
الفصل العاشر
2
تم النشر يوم الجمعة
10/5/2024
متكئا على فراشه الوثير واضعا ذراعه فوق جبينه شاردا بما حدث لا يصدق نفسه، وكم شعر بالضعف أمامها وهي تتمنع عليه بل وتساومه بهذا الشكل وبتلك الجرأة الجديدة عليها تماما فتسائل بداخله، متى كبرت إلى هذا الحد؟ أم أن هناك من يتلاعب بها وبعقلها ويزرع تلك الأفكار الهدامة داخل رأسها!
فكر وعاد يحدث نفسه مطنبا بالتفكير:
-لا أظنها على علاقة بأحد من خارج المنزل أو المعبد فهي قلما ما تخرج، إذن هو شخص من داخل المنزل ولكن من؟
جعد جبينه وهو يفكر بتركيز وكأنه يسترجع كل العاملين لديه وحك رأسه يشعر انه سيُجن من كثرة التفكير وعاد يقول سراً:
-تيا، تويا، حانوت رع وتوت هؤلاء من تتحدث معهم بصفة دائمة وفقط تويا ،حانوت رع وتوت من يعلما بعلاقتها معي فلا أظنها تتجرأ لإخبار ابنتي أنها على علاقة معي.
صمت عقله قليلا وتنهد بحيرة ولمعت عينيه فور أن انتابه القلق وظن ما يظنه وهو يفكر بعقله:
-توت كان معي طوال الوقت بالحملة العسكرية ولا يمكن أن يكون تحدث معها بأى شيئ، فقط حانوت رع من ظل هنا برفقتها الدائمة ولكن هل يجرؤ على التحدث معها بتلك الطريقة وزرع بذور الفراق بينها وبيني.
حرك رأسه رافضاً الأمر فهو من أفضل حراسه ولا يمكن أن يخونه هكذا فشد على شعر رأسه هاتفاً بصوت مسموع:
-من إذن، من؟
استمعت تويا لصوته فاعتدلت بجسدها تلك التي تعجبت من قدومه بوقت مبكر لغرفتها بعد أن تركها وذهب لعشيقته وتوقعت أن يمكث معها الليل طوله كعادته ولكنها وجدته عائداً ولم يتحدث معها منذ ان دلف الحجرة وحتى تلفظ بتلك الترهات.
رمقته بنظرة متعجبة من حالته وسألته:
-من ماذا؟ هل تحدثني يا مولاي؟
انتبه أنه تحدث بصوت مسموع فنظر لها بجفاء ورد:
-لا، لا تهتمي عودي للنوم.
اقتربت منه وانحنت ترمقه بنظرة حنونة وهمست برقة:
-اشتقت لك مولاي.
أدار وجهه عنها ورد بجمود:
-أنا متعب من السفر و.......
قاطعته متذمرة بضيق:
-متعب منذ ثلاث سنوات يا مولاي إن لم تكن تعي ذلك!
رمقها بنظرة حادهة ورفع حاجبه لأعلى وهي تكمل:
-منذ أن اكتشفت علاقتك بالكاهنة وأنت لم تضاجعني من وقتها وكأنك تعاقبني على شيئ لا أعلمه بالرغم من تقبلي وتكتمي على الأمر.
رد بصوت أجش:
-لماذا أشعر بنبرة تهديد بحديثك؟
رققت صوتها وهتفت:
-أنا لا أجرؤ على تهديدك مولاي، جل ما أريده هو قربك.
نظرت بعينيه الشاردة واقتربت منه وقبلته دون أن يبادلها فابتعدت قائلة بحزن:
-اشتقت لك.
تحدث بداخل عقله مؤكداً:
-لا فرار من الأمر حتى وإن كنت لا تشتهيها فهي قرينتك وزوجتك الأولى.
عادت لتقبيله فبادلها وسحبها أسفله واعتلاها ونظر لها بتدقيق وسأل:
-هل تحدثتِ معها بشيئ؟
أجابته متسائلة:
-من تقصد مولاي؟
رد بغضب وهدر بها:
-تعلمين من أقصد فلا تتلاعبي معي، هل تحدثتِ معها بشئ؟
ارتبكت وابتلعت ريقها بتوتر وأومأت مجيبة:
-نعم.
اعتدل بجسده وسحبها أمامه وأشار لها لتقص عليه آخر كلماتها لها فحرك الكلمات داخل رأسه واستشف أن تلك الكلمات لربما كانت السبب في تمردها هكذا عليه، فنهض من مكانه وسحب رداءه الملكي ووضعه على جسده وتحرك خارجا فسألته تويا بلهفة:
-إلى أين يا مولاي؟
لم يجبها وابتعد فورا من أمامها خارجا بسرعة متجها نحوها ليتحدث معها مجدداً بما حدث بينهما.
❈-❈-❈
ظلت تبكي منذ خروجه وهي تشعر بألم صدرها يتفاقم ولعنت نفسها على تحديها له بهذا الشكل، و لكن عقلها عاد لتوبيخها مؤكداً أنه إن لم يرضخ لطلباتها فهذا يؤكد حديث تيا وأنه فقط يتلاعب بها ووقتها ستترك المنزل والمعبد والبلاد كلها وتبتعد عنه أولاً وعن الخطر ثانيا وعن كل ما قد يؤذيها.
استرجعت حديثهما سويا عندما هتفت بكلمتها التي اخرجت جحيم غضبه لتراه بتلك الهيئة لأول مرة عندما قالت له:
-بل عقلت.
احتدت تعابيره وهدر بعنف: ماذا تقولين يا هذي؟ ما سبب كل هذا أيتها المعتوهة ألا تعلمين من أنا؟
ردت بقوة زائفة قد استدعتها للحظات:
-أعلم أنك فرعون البلاد، وأعلم أنك تظن أنني أخضع لك وأنك تملكني ولكن هذا ليس صحيحاً أبداً.
صر على أسنانه بغضب عامر وسألها بحدة:
-ماذا هنالك بنترشيت؟ تحدثِ بوضوح.
ردت موضحة:
-متى ستؤمن على حياتي؟ متى ستبعدني عن الخطر وعن نظرات الملكة لي بأنني لا استحقك؟ متى ستخاف علي مثلما أخاف عليك وتأخذني بعيداً بمكان لا أخاف أن اظهر لك حبي به دون الذعر من الكهنة؟ متى ومتى ومتى ستفعل أي شيئ لأجلي أنا فقط وليس لملكك وملوكتك؟
تعجب من سردها كل تلك الأمور بذلك التنظيم وهي لأول مرة تطلب منه هكذا أمرا أو بالأحرى أول مرة تطلب منه أي شيئ على الإطلاق فسألها باستنباط:
-من تحدث معكِ وملئ رأسك بتلك الترهات؟
ردت بضيق:
-ترهات! هل حياتي بالنسبة لك ترهات؟ فأنت إذن لا تهتم لي وتقضي معي وقتك للتسلية أليس كذلك؟
تعجب من تحويرها الأمر لهذا الحد ولم تمهله الفرصة للإجابة فاعقبت باكية:
-تلاعبت بي وأفقدتني عذريتي ووضعتني بموضع الخطر وفقط أنا المهددة حياتها هنا لا انت، لذلك لا تهتم أليس كذلك؟
صرخ بها بفروغ صبر:
-لماذا تقولين ذلك؟ هل تجرأ أحد على لمسك أو اﻻقتراب منك؟ هل تجرأ أحد على تهديدك؟ بما تهذين أنا لا أفهم؟
بكت أكثر من صراخه بها وأدارت وجهها بعيداً عنه وقالت بصوت حزين:
-توقف عن المجئ إلى هنا مرة أخرى فحتى اﻵن لم يعلم الكهنة وأتمنى أن يستمر الحال هكذا وحتى تقرر إن كنت تريدني حقاً أم لا لن تمسني مطلقا ولن تطئ بقدمك تلك الحجرة.
رفع حاجبه مدهوشا بجرأتها وهي تكمل:
-وإما أن تؤمن لي حياتي وتبعدني عن الخطر كما وعدتني، أو تعيدني للمعبد استتر برداء الكهنة وأنا أتضرع للمعبود آمون أن لا يُكشف أمري.
حاول اﻻقتراب منها ولكنها أوقفته بنظرة من عينيها وقالت مؤكدة:
-لم تعطيني الإختيار قبلا عندما ضاجعتني وسلبت عذريتي، وأنا فقط صمت لأنك الملك ولكن اﻵن أرجو منك أن تحترم رغبتي وتنفذ لي طلبي فإما الأمان أو العودة للمعبد وسأترك لك حرية الإختيار مولاي.
شعر بالغضب ينمو بداخله ويزداد رويداً رويداً حتى شعر باقتراب انفجاره؛ فخرج سريعاً قبيل أن ينفجر بها هي من يعشقها ووقتها ربما ستذعر منه وينتهي هذا العشق الذي دام لسنوات وهو يفكر من ملئ رأسها الصغير الطفولي بهذا الحديث؟
عادت هي من شرودها على صوت خطواته العنيفة التي تدب الأرض دبا وفتحه لبابها دون سابق إنذار ودلوفه الحجرة ناظراً لها بغضب جحيمي وصرخ بها عاليا:
-كيف تجرؤين بالتمنع علي وطردي من حجرتك؟ من أين لك بتلك الجرأة حقاً؟
ردت متلعثمة:
-جرأتي من مكانتي عندك إن كانت حقيقية ولكن يبدو أنها درب من الخيال.
شعر بوغزة بداخله من تشكيكها لمشاعره وعشقه لها فاقترب منها هاتفا بحب:
-أنا أعشقك بنترشيت، كيف استطعتٌ استقبالي بهذا الشكل بعد طول فراق؟ ألم تشتاقِ لي؟
أومأت له بوهن وردت مؤكدة:
-بل اشتقت لك حد الألم يا مولاي.
اقترب منها ورقق صوته مصرحا:
-وأنا اشتقت لك حد الألم قيثارتي، لماذا فعلت ذلك؟ هل قامت الملكة تويا بإخافتك وتهديدك بحديثها المهترئ؟
أطرقت رأسها ولم تجبه فرفع وجهها بسبابته ونظر لعمق عينيها هاتفا بحب:
-لن يجرؤ أحد على اﻻقترب منك ما حييت، اسمعتي؟
أومأت بصمت فعاد يصرح مؤكداً:
-أنا لكِ وحدك، أﻻ ترين ذلك بعد أن تنازلت عن الجواري والحريم وحتى زوجتي وأم ابنائي، أﻻ يكفيكِ هذا؟
ردت بصوت متحشرج:
-بلي مولاي.
اعتصر خصرها بين يديه وقال بلهفة واشتياق:
-إذن لا تبتعدي عني مجدداً، فأنا كالسمك الذي لا يستطيع العيش خارج الماء فإن أخرجته يموت في الحال.
تنفست بتوتر وأومأت صامتة فانحنى يقبلها قبلة اشتياق فبادلته فسحبها معه بعالم العشق الخالص بث فيه مشاعره وحنينه الذي لا يضاهيه أحد.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية نابغة بعصر الأغبياء ، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية