رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 12 - 2 الأثنين 13/5/2024
قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نابغة بعصر الأغبياء
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الثاني عشر
2
تم النشر يوم الأثنين
13/5/2024
❈-❈-❈
ترك الفراش ووقف أمامها فظهر جسده عاريا تماماً غير مهتما لنظراتها الحزينة والتي تكاد تخترق تلك الخائفة خلفه فأمسك ذقنها ليدير وجهها ناحيته وهو يتكلم بصرامة:
-أنظري لي أنا ولا تصبي غضبك وسُمك بها فالأمر ليس بيدها.
صاحت متسائلة:
-ماذا تعني؟
أجابها بقوة لا تليق إلا بالفرعون:
-أنا الفرعون سيتي مرنبتاح الأول من اسمي، وكلكم رعاياي وعبيدي وأنا من أقرر بأي جسد سأصب رغبتي أو غضبي.
نطق كلماته يركز على حروفه بمغذى وأضاف:
-فلا تجبريني أن تكوني أنتي الجسد الذي أصب به غضبي وارحلي من هنا وإياكي والتحدث حتى لنفسك بتلك العلاقة.
عقبت عليه تكمل حديثه:
-الآثمة.
رمقها بنظرة حادة وهي تردد:
-العلاقة الآثمة أيها الفرعون.
زمجر بشراسة وقبض على ذراعها وهو يصر على أسنانه:
-إياكي وفعل ما يدور برأسك، عنقك سيكون الثمن إن فعلتها تويا أنا أحذرك.
تنفس بحدة ولأول مرة يدخل الخوف لقلبه فظهر ارتعاش صوته:
-لا يعلم بعلاقتي سوى أفراد تعد على أصابع اليد الواحدة وكلهم ولائهم لي منقطع النظير وإن علم آخرون وخاصة كهنة المعبد فلن يكن أمامي غيرك لأطيح برأسك المغرور هذا عن عنقك حتى استريح منك.
بكت وهي تردف بحزن:
-لا تضعني تحت طائلة العقاب فكما علمت أنا قد يعلم البقية دون تدخل مني.
أثار حديثها فضوله لمعرفة كيف علمت فلا يمكن أن يخبرها قائده توت ولا حارسه حانوت رع، ولا حتى جاسوسها خيتا الذي أثبت ولاؤه له فمن يا ترى؟
ابتلع ريقه خوفاً من انكشاف أمرها على يد العديد فالسر إن خرج عن اثنين لم يصبح سرا أبداً وها هي الدائرة بدأت بالاتساع ليعلم أكثر من شخصين؛ فسألها بحذر:
-من أخبرك تويا؟ وإياكي والكذب فأقسم أن لا ترى نور الصباح ويموت سري معك.
أطرقت رأسها تخبره:
-العرافه اخبرتني عن علاقتك ولكن هناك تعويذة تحجب عنها رؤية هويتها.
انهت كلمتها تشير برأسها تجاه بنترشيت الملتفحة بغطاء الفراش ترتعش خوفا وأكملت حديثها:
-تعويذة ربما لا يتقنها سوى سحرة الفرعون.
أدار وجهه مبتسما لحبيبته وكأنه يؤكد لها أنه من أمر سحرته بإلقاء تلك التعويذة لحمايتها وانتظر منها نظرة امتنان أو حب ولكنه لم يجد غير الرعب والفزع فعاد يستمع لتويا:
-ولكنها كما رأت ملامح منزل النيل وأخبرتني بمكانه علمت ترددك لتلك الغرفة ووقتها فقط تأكدت من هوية عشيقتك.
سألها سؤالا عابراً وكأنه لم يهتم لكل ما قصته عليه:
-وهل تعلم الكاهنة لمن تعود تلك الغرفة؟
نفت برأسها:
-فقط أخبرتني أنها غرفة بمهجع الخدم ولم تستطع حتى الآن بكشف هوية صاحبتها فتعويذة الحماية قوية يا مولاي.
استحسن الأمر هازاً رأسه عدة مرات والتف يسحب ملابسه ليرتديها وانحنى يقبل بنترشيت أمام نصب عيني قرينته فاتسعت حدقتيها بالغل والغضب وهي تستمع له يهمس بحب:
-لا تخافي حبيبتي وعودي للنوم.
تركها وسحب تويا معه للخارج وهي لا تصدق نفسها فهل نجت من موت محتم أم أنه فقط تأجل لوقت آخر.
عادت من شرودها على صوت تيا:
-بما أنت شاردة قيثارة الحب؟
فكرت بما تخبرها ولكنها لم تطل التفكير فوجدت حراس من المعبد يدخلون تباعا و يسألون عنها فأشار أحد الحراس بالقصر لحجرتها.
حاولت الفرار أو اﻻختباء ولكن وقوفها أمامهم وبجوار الأميرة تيا حال دون ذلك فأمسكت ذراع تيا فورا و ترجتها:
-انقذيني.
سألتها تيا بخوف:
-ماذا فعلتِ؟
لم تستطع الإجابة فور اقتراب الحراس منها وأمسكوها فوراً فصرخت بهم الأميرة تيا:
-ماذا تفعلون؟ أﻻ تعلمون أنها المرافقة الخاصة بي؟
أومأ لها أحدهم ورد معقبا:
-مولاتي، نحن آسفون حقا ولكنها أوامر كبير الكهنة
اقتربت منها وسألتها بحيرة:
-ماذا يحدث بنترشيت؟
أجابتها باكية:
-اطلبي العون من الفرعون تيا رجاءاً، اسرعي بطلب العون فوراً.
فهمت تيا فوراً أنهم ربما علموا بعلاقتها فذعرت من امكانية إيذائها، اقترب الحارس حانوت رع وأخبرهم بحدة وصيغة آمرة:
-اتركوها فوراً وإلا......
قاطعه الحارس الخاص بالمعبد ورد بثقو وقوة:
-لا تتدخل بأمور المعبد والكهنة حتى لا تلاقي غضب المعبود آمون رع، وابتعد عن طريقنا وإلا استخدمنا القوة.
ابتعد حانوت رع مرغماً فهرعت تيا لحجرة والدها حتى تخبره، فطرقت الباب وفتحت لها والدتها تهمس بضيق:
-ماذا؟
أجابتها بلهفة وسرعة: الكهنة قد ألقوا القبض على بنترشيت وأريد المساعدة من أبي.
بالطبع تلك هي فرصتها للتخلص من غريمتها إلى الأبد فهمست تقول بتوبيخ:
-عاد والدك من سفرته أمس متعبا وهو نائم الآن، تريدين مني إيقاظ الفرعون من أجل كاهنة أجننت تيا!
توسلتها برجاء:
-أرجوكِ أمي، فأنا قلقة للغاية من أن يؤذوها فشكلها كان مذعورا ويبدو بأن أمرا كبيراً قد حدث، أرجوكِ أيقظيه الآن.
ابعدتها عن الباب وردت بهمس وامتعاض:
-حسنا حسنا والآن اذهبى لحجرتك وسأرى أنا الأمر بنفسي.
عادت تندس بالفراش بجواره فتحدث سيتي بخمول:
-ماذا هنالك؟
ابتسمت له بتصنع وقالت:
-لا شيئ، عد للنوم فأنت تحتاج للراحة.
تثائب بكسل وأغلق عينيه من جديد ليعود للنوم، أما تيا فلم تقف مكتوفة الأيدي فهرعت لحبيبها قائد الجيوش ونادته بذعر واضح على ملامحها:
-توت أرجوك.
نظر لوجهها المذعور فاقترب منها بسرعه واهتمام وهتف:
-ماذا؟ هل تحدث معك الفرعون بأمرنا؟
تعجبت وتناست بنترشيت للحظة وسألته باهتمام:
-وهل تحدثت أنت معه بشأننا؟
أومأ لها بضيق وحزن وأخبرها:
-نعم، ولكن أظنه لن يوافق فقد تجهم وجهه بشده وهدر بي وبعدها أرجئ الحديث لحين العودة وها أنا ذا انتظر إما الموافقه أو القتل.
علت انفاسها و تهدجها وقالت بخوف وهي تحاول أن تطمئنه:
-لا تقلق، فأبي لن يؤذيك فأنت قائد جيوشه وأقرب المقربين له ولا أظنه سيمانع.
تعجب من ردها وسألها:
-إن كان هذا رأيك، فما سبب ذعرك وحضورك للقاعة الملكية بهذا الصباح الباكر؟
تذكرت فورا بنترشيت فهتفت بعجالة:
-آه لقد نسيت إنها الكاهنة بنترشيت، لقد جاء حراس المعبد وقاموا بالقبض عيها دون سبب معلوم وذهبتُ لطلب مساعدة أبي ولكنه نائم ورفضت أمي إيقاظه، لذا أرجوك توت ساعدها فقد كانت مذعورة وطلبت العون مني.
توتر فوراً وسألها:
-هل أخبرتِ الملكة تويا بالأمر؟
أومأت له:
-نعم ولكنها لم تهتم.
زفر أنفاسه فورا وأكد لها:
-حسنا عودي للقصر الآن حتى لا يلاحظ أحد غيابك وأنا ساتصرف.
سألته باهتمام:
-ماذا ستفعل؟
حرك رأسه وقال:
-لا اعلم، ربما سأذهب للمعبد وأتحدث لكبير الكهنة بنفسي.
أخبرته تيا بتخوف:
-لا لا تفعل، فأنا أظنهم علموا بشأن علاقتها وإن ذهبت أنت ربما يظنوا بك السوء وأنك من على علاقة بها.
تعجب من حديثها، فهل تعلم بعلاقتها بالملك؟ انحنى قليلا نحوها وسألها بصوت منخفض:
-أي علاقة هذه؟
أجابته موضحة:
-بنترشيت على علاقه بأحدهم وأظن أن المعبد قد علم بذلك.
عاد يسألها متحققا:
-كيف علمتِ أنها على علاقة بأحد؟
أجابته بفروغ صبر: هي أخبرتني توت، لما كل هذه الأسئلة؟
حرك رأسه متصنعا عدم اﻻهتمام:
-لا أبداً ، مجرد فضول عن هوية ذلك الشخص فهل تعرفيه؟
نفت مجيبه:
-لا ، إنها تحمي هويته ورفضت إخباري بالرغم من أنني أخبرتها بعلاقتنا سويا.
تنهد براحة وهتف و هو يسحبها معه للخارج:
-حسنا أيتها الأميرة، عودي الآن واتركيني أنا لأتصرف.
أوصلها وتحرك متجهاً للمعبد ولكنه وجد الحارس حانوت رع أمامه فاقترب منه وهمس له باحترام:
-سيدي القائد لقد ألقوا القبض على عشيقة الفرعون.
رمقه بنظرة حذرة وأومأ له مجيبا:
-أعلم.
سأله الحارس بتخوف:
-ماذا سنفعل؟
حرك توت رأسه بحيرة ورد:
-لا أعلم، ربما أذهب أنا بنفسي لاتقص الأمر أو الأفضل أن نخبر الفرعون فهو لا يعلم بعد.
استحسن الحارس فكرة إخباره:
-أظن هذا خير حل.
تحرك توت صوب الحجرة الملكية واستأذن الحراس المرابطين على الباب هاتفا: ايقظوا الفرعون فهناك أمراً هاماً.
فعل الحارس فوراً فامتعضت الملكة تويا وسألته:
-ماذا هنالك؟ الوقت ما زال مبكراً.
رد الحارس باحترام وخضوع:
-لا أعلم مولاتي، ولكنه القائد توت ويبدو أن خطب ما.
استمع سيتي لحوارهما فانتفض فورا وارتدي عبائته الملكية وأبعدها عن طريقه هاتفا:
-دعيني أرى ما الأمر.
خرج فوجده واقفا مطرقا لرأسه فهتف سيتي بصوت حاد:
-ماذا؟ وإن كان يخص حديثك معي فأرجئه الآن واذهب لإحضار بنترشيت من منزل النيل.
ابتلع توت لعابه بتوتر وقال:
-لا مولاي بل الموضوع يخص الكاهنة بنترشيت، فقد ألقوا القبض عليها وهي الآن بالمعبد.
فزع سيتي على الفور وأسرع بخطاه متوجها للمعبد فأوقفه قائده يسأله بحذر:
-مولاي، ماذا أنت بفاعل؟ لا أظنك ستكشف أمرك أمام الكهنة و........
رد عليه يقاطعه وهو يهرول خارجاً:
-لن أتركها لتلقى حتفها أو تتلقى العذاب وإن زهقت روحي.
لم يكن لتوت رأي آخر أمام اندفاع الفرعون سوى أن تبعه هو وحارسه الشخصي صوب المعبد ولكنه توقف عندما رأى ابنته تهرول هي الأخرى ناحيته ترجوه باكية بانهيار:
-أبي، ساعدها أرجوك.
رمقها بنظرة حائرة من منظرها المبعثر فسألها باهتمام:
-ماذا حدث لك؟
ردت بانهيار:
-حاولت منعهم من ايذائها فقد ذهبت للمعبد واستمعت لصراخها الباكي فيبدو أنهم يعذبونها.
لمعت عينيه فوراً وربت على كتف ابنته وقال بصوت أجش:
-اتبعيني.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية نابغة بعصر الأغبياء ، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية