رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 17 - 2 الخميس 23/5/2024
قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نابغة بعصر الأغبياء
للكاتبة أسماء المصري
الفصل السابع عشر
2
تم النشر يوم الخميس
23/5/2024
صمت وبلل شفتيه وابتلع ريقه وأكمل:
-فتاة صغيرة بعمرها فقدت حياتها من أجل الحب ولولا موافقة والدك على زواجنا لكنا في نفس حالها الآن.
أردفت ترد:
-ما آل له حالها بسبب نذورها للمعبد أما أنا وأنت فلم يكن الأمر.......
قاطعها مؤكداً:
-لولا تفهم والدك لمشاعرنا لأطاح برأسي ولألقيت بنفسك من أعلى المعبد حزنا على فراقي، إذن لم يكن حالنا ليفرق كثيراً حبيبتي تيا.
مسح على رأسها وأضاف:
-ما حدث قد حدث وانتهى، والآن اتركيني لانهي العمل الذي كلفني به والدك إلى أن يعود.
رمقته بحيرة وسألت بفضول:
-حقا لماذا جئت باكراً وقبل أن تنتهي الحرب.
رد بداخله بحزن:
-جئت لإنقاذها ولكنني تأخرت والآن لا يوجد لدي أدني فكرة عن الطريقة المثلي لأخبر بها والدك أنه فقد عشيقته وأم ابنه.
❈-❈-❈
لم يهنأ بانتصاره من كثرة قلقه عليها وشعوره بالعجز عن مساعدتها ناهيك عن تلك الغصة التي تضرب قلبه يوما بعد يوم وكأنه يشعر بها، ولكنه منى نفسه بأن قائده المخلص توت قد خلصها من أيدي الكهنة وأبعدها عن الأذى، ولكن مرور الأيام عليه لم يكن سهلاً أبداً وهو بانتظار أي مكتوب من قائده الذي أرسل له فوراً تلك الرسالة ووصلته بعد عشرون يوما من مغادرته متجها للعاصمة.
وصل الرسول حاملاً لفافة البردي موصومة بختم قائده فأخذها سريعاً ولم يتنظر دلوفه لخيمته بل فتحها فوراً وقرأ ما بداخلها فتجمهت ملامحه ونزلت عبراته على وجهه وصر على أسنانه وهو يقرأ.
(مولاي وفرعوني العظيم سيتي مرنبتاح لقد فعلت ما أمرتني به وذهبت للعاصمة ولكنني وصلت متأخراً وبعد فوات اﻵوان، لا أستطيع التفسير أكثر حتى لا تكون تلك الرسالة هي الكاشفة لذلك السر الذي سيذهب معي للقبر.
لا أجد الكلمات لتعزيتك على مصيبتك فالموت لا يطرق الباب، أرجو أن يتقبل المعبود سيت تضرعي ويأخذها معه بجنة الخلد.
قائدك المخلص توت)
طوى البردية بيده بقوة وألقى بها بالنار المشتعلة أمامه وحاول التماسك وهو يخبر نفسه:
-لا يمكن أن تكون حقيقة، فالرسالة مبهمة وغير واضحة وأظن أنني فهمتها بشكل خاطئ.
استدعى قائد الحرس وأمره بصرامة:
-أحضر لي الوزير إيمحوتب وجهز الجيش للعودة إلى العاصمة.
فعل الحارس مع أمره به فدلف الوزير مطئطئ الرأس باحترام وخنوع وانتظر أوامره فقال الأول:
-لابد أن أعود للعاصمة لأمر هام، لذا سأخذ معي مرافقة صغيرة من الحرس وسأترك باقي الجيش حتى ترسي قواعد الحكم لتلك الولاية وبعدها تعود برفقة الجيش.
أومأ له الوزير بطاعة وخرج من خيمته على نفس حالته وهو مطئطئ الرأس فجلس سيتي يحاول كتم عبراته حتى لا يراه أحد، ولكنه شعر بقلبه يتمزع من الألم.
سريعاً جهز نفسه وامتطى جواده وتحرك بلهفة وبمواصلة دون توقف حتى تذمر الحرس المرافقين له من كثرة التعب فوصل العاصمة بعد ستة أيام مقلصا الوقت، هرع سريعا لقاعته الملكية وتبعه توت فور أن علم بحضوره فنظر له بترقب منتظراً أن يخبره بحقيقة الأمر وربما بنفي ما قرأه بالرسالة، فابتلع توت ريقه بتوتر وأومأ برأسه مؤكدا بوجل:
-ما جاء بالرسالة حقيقي يا مولاي، لقد انتحرت بنترشيت مع الأسف.
ضربت غصة مؤلمة حلقه على الفور وعاد خطوة للخلف ودمعت عيناه وأاطرق رأسه فاقترب منه توت يسنده وهو يؤكد له:
-لقد أخفقت مولاي ووصلت متأخراً، لا أجد عذرا لتقصيري وعنقي ثمنا لرضائك.
انحنى على الفور على ركبتيه وانتظر أمره فأسند سيتي يده على كتفه حتى دلفت تيا برفقة تويا والدتها تهرع بلهفه وشوق ولكنها تفاجئت بمنظر زوجها المرتكز على ركبتيه بشكل زرع الخوف بقلبها؛ فجعدت ملامحها واقتربت منهما بحذر وانحنت هي وتويا باحترام هاتفة بتسائل:
-مولاي! ماذا يحدث؟
نظر لها بنظرة حادة فابتلعت باقي حديثها بجوفها واقتربت منه تويا وتلمست جانب ذراعه وهمست له:
-عودة حميدة يا مولاي.
سحب ذراعه منها بعنف والتفت ينظر لها بشراسة ولم يهتم لأحد ولا لشيئ فصرخ بها:
-ابتعدي.
ابتعدت فورا وهي تعلم جيداً أنه إن اكتشف أن لها ضلعاً بما خدث فلن يمرر الأمر بسهولة، ولكنها متأكدة من شيئ واحد وهو فوزها على غريمتها وأنه لن يجازف بخسارة ملكه وحكمه للبلاد فآثرت الصمت حتى تمر العاصفة.
❈-❈-❈
جلسوا جميعا ينظرون لها بترقب وهي مطرقة رأسها تحاول إقناعهم بأن الأمور قد أصبحت على ما يرام، ولكنها حقا لا تعلم إن ما كان الأمر هكذا أم هناك ما يخبئه لها الزمن، فنتهدت بإجهاد ودارت بعينيها بأوجه الجميع وهمت بالحديث فأوقفها إمام عندما سألها:
-أظن أن هذا الأمر أصعب من أن ينتهي هكذا بلمح البصر، لذلك اعتقد أنه من الأفضل الذهاب لذلك المعالج الروحاني الذي تعرفه والدتك للتأكد من صحة إدعائك لانني لن ائمن حتى اطمئن بأن الأمر انتهي كليا وإلى الأبد.
ابتلعت ريقها وأومأت موافقة فقال إيدي متسائلا: اي
-معالج تتحدث عنه؟ هذا الذي فشل سابقاً وهي صغيرة!
رد إمام موضحا:
-اظنه شخص لديه علم وحُجه بهذا الشأن ليكتشف تلبسها وهي صغيرة، وتعاملت دورثي معه قبلاً فسيعرف حالتها جيداً وأظن أنه يستطيع التكهن إن ما انتهى هذا الأمر حقاً أم لا!
وافق إيدي دون الدخول معه بمحادثات أكثر ونظر لابنته متسائلاً:
-هل أنتِ على استعداد لخوض تلك التجربة مجدداً يا ابنتي؟
أجابت مؤكدة:
-نعم، أنا على أتم استعداد لفعل اي شيئ يجعلني أعيش حياة طبيعية فقد مللت من حياتي.
ذهب برفقتهم لذلك المعالج الذي حاول معرفة حالتها وهي صغيرة فابتسم فور رؤيته هانده وسألها بتوتر:
-هل نجح الأمر أم مازالت ابنتك على حالها؟
التفتت تنظر لدورثي فعرفها على التو وابتسم لها وفهم انها لا زالت على حالتها فصمت هازاً رأسه وجلس يستمع لهم، فهم إمام بالحديث موضحاً كل ما حدث معهما منذ أن تزوجا وحتى اللحظة الأخيرة فنظر لها المعالج دان وايت وسألها:
-هل تظنين أنه كف عن أفعاله وتلبسه لجسد زوجك؟
ردت بفتور:
-لا أعلم، ولكنني أظن ذلك فقد أكد لي أن قواه قد انتهت.
أومأ لها وأمسك كتاب سميك وجلس يقرأ ما به ورفع وجهه قائلا:
-أفضل حل لفهم الأمر هو التنويم المغناطيسي و.....
صرخت هانده رافة بجزع:
-لاااا، هذه فكرة سيئة ولن أفعلها مجدداً.
تعجب إيدي من طريقتها فأخبرته بخوف:
-هو وأنا نذكر جيدا ما حدث عندما قام بتنويمها وهي صغيرة و....
قاطعها المعالج دان:
-وقتها لم أكن أعلم الحالة جيداً ولكنني منذ ذلك الوقت راجعت الكتب والتعاويذ وأظنني قادر على فعلها بشكل صائب طالما صاحبة الشأن ترتضي الأمر تلك المة وستساعدني على إتمام المهمة.
نظروا لها جميعاً فأومأت لهم موافقة وبداخلها غصة مؤلمة وتشتت لم تشعر به من قبل.
بدأ دان بتجهيزها لبدء مراسم التنويم المغناطيسي حتى غابت عن الحاضر وفتحت عينيها لتجد نفسها بمنزل النيل ووجدت سيتي واقفا أمام جثتها الملفوفة بالكتان والشاش وهو يربت على رأسها باكياً بانهيار وينتحب قائلاً:
-آاااهٍ يا حبيبتي، يا ليتني ما تركتك أبداً، ويا ليتني معك اﻵن فاﻷلم يعتصر قلبي ويشطه نصفين.
حاولت أن تناديه ولكن لم يخرج صوتها فاقتربت منه ولكن كأنه لا يبصرها فأصبح تواجدها كمشاهدة خفية لا يراها أحد، فظلت تراقب ما يحدث باهتمام فكم أرادت أن تعلم حقيقة ما حدث بعد موتها وسبب موته بسن صغير لو يتخط الأربعين؛ فاستمعت للقائد توت وهو يواسي فرعونه هاتفاً:
-مولاي، لقد أحببتها كما لم يحب رجل امرأة قط، و لم تقصر معها بشئ.
صرخ به رافضاً:
-بلى قصرت، لم أئمنها بشكل لائق وغروري جعلني أظن أن لا أحد يمكنه المساس بها ولكني كنت مخطئ.
بكي وهو يدفن رأسه بعنقها هامسً لها وكأنها تسمعه:
-افتقدك منذ اﻵن ولا أعلم كيف سأعيش دونك يا حبيبتي.
التفت ينظر لقائده الذي قال:
-مولاي، لقد قمت بتحنيطها وكأنها من العائلة المالكة، ولكن تعلم بقرار نفسك أنه لا يمكن أن تبني لها مقبرة فلن يتركها الكهنة إلا ودنسوها مهما طال حكمك للبلاد.
فهم أنه يرمي إﻻ ما بعد موته فهتف يخبره:
-هل تتذكر الغرفة السرية التي بنيتها لها داخل معبد أبيدوس وكنا نلهو بها سويا؟
أومأ له قائده فأضاف سيتي:
-ستكون مقبرتها ومقبرتي أيضاً بعد موتي إن حدث وانتقلت للحياة الأخرى قبلك يا قائدي المخلص، وما عليك سوى أن تجعلها سرية عن الجميع حتى عائلتي.
وافق توت بالطبع وعاد سيتي للبكاء بألم:
-احضر لي تلك الساحرة التي أخبرتني عنها، فإما أن ترجعها لي أو تأخذني إليها.
زفر توت باستسلام فقد أصبح الفرعون ضريراً لا يرى ولا يسمع سوى لرغبته اﻻجتماع بحبيبته مهما كانت الظروف والعواقب.
دلفت الساحرة مطرقة رأسها باحترام وخضوع فهتف سيتي:
-ارفعي رأسك وانظري لي جيداً.
فعلت ما أمرها به فسأل:
-هل أنتِ متاكدة من قدرتك على فعلها؟
أومأت مؤكدة:
-نعم مولاي، فقط ثق بي.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية نابغة بعصر الأغبياء ، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية