رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 8 - 3 الأربعاء 8/5/2024
قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نابغة بعصر الأغبياء
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الثامن
3
تم النشر يوم الأربعاء
8/5/2024
❈-❈-❈
تنهدت بحيرة وألم وهو يضيف:
-أنا لم اعطيكِ فرصة أو حق اختيار عندما احببتك واتخذت قراري لتكوني لي، ولم اعطيكِ حق الموافقة أو الرفض على وضعك بجسد تلك الفتاة لتعيشي تلك الحياة الغريبة والمتعبة، واﻵن لن أكرر فعلتي واجعلكِ تعيشين معي هنا رغما عنكِ، فإن لم توافقي بكامل إرادتك فلن أجبرك على شيئ قيثارتي.
أمسك راحتيها و قبلهما بحب وقال و هو ينظر لعينيها مضيفا:
-اتخذي قرارك اﻵن فلا يوجد وقت، فإن قررتِ العودة سأنهي الأمر تماما وربما وقتها سأتوقف عن زيارتك وستصبح حياتك طبيعية أكثر بجسد تلك الفتاة.
رفعت وجهها تنظر لعينه العاشقة ولملامحه المحببة لقلبها فبكت كما لم تبكِ من قبل وقضمت شفتيها بعنف وتوتر واتخذت قرارها وهي تشعر بالتوتر والتردد في آن واحد.
❈-❈-❈
صعد الدرج للطابق العلوي يمشي على أطراف أصابعه ونظر لأبواب الغرف واستشف بابها من لونه المزغرف ففتح الباب بتمهل وبطئ ودلف ينظر لها وهو ينوي التقرب منها وربما تقبيلها تلك المرة وهو بوعية فبعد أن تاكد من مغذى حديث والدها استشف أن الباب قد يكون متاحا ليطرق على قلبها؛ فاقترب منها وهي نائمة على فراشها ترتدي ذلك الزي الفرعوني متقوقعه على نفسها بوضع الجنين فمسح بيده على وجهها فوجده مثلج بشكل مقلق.
أدارها ونظر لشفتيها الملونة بزرقة خاطفة للأنفاس فانحنى بالقرب من أنفها ليتأكد من انتظام أنفاسها ولكنه وجدها لا تتنفس مطلقا، انخلع قلبه فورا وحاول أن يتأكد أن قلبها ينبض وحاول أكثر من مره أن يستمع لنبضاته ولكن لا شيئ.
انتفض مبتعدا عن فراشها ونظر لها بذعر وأسى واضعا كفه على فمه محاولا كتم صرخته المستنجدة فمن الممكن أن يظن به الناس شيئا فخاف وخرج فوراً من غرفتها، و لكنه تقابل مع والدتها أمام الباب فنظرت له ببسمة رقيقة وقالت بترحيب:
-مرحبا، كيف حالك؟
أومأ لها بتعرق وجهه فشعرت باضطرابه وسألته:
-أنت چاك صديق أيدي بالعمل اليس كذلك؟
أومأ صامتا فاضافت:
-لقد حدثني عنك وكنت آتية لاتحدث مع دورثي بشأنك، ولكن ألن تخبرني متى تقابلتما؟
توتر أكثر وأكثر وتعرق وجهه فمسح جبينه بظهر يده ورد متلعثما: لقد تعرفنا بالحديقة و...
رمقته بنظرة متعجبة وقالت بدهشة:
-فقط تقابلتما بالحديقة فالتصقت ابنتي بفمك هكذا؟ أليس غريبا ما تقوله؟
تلبك أكثر فقالت هانده بمراوغة:
-اعتادت دورثي الذهاب لزيارة والدها بالعمل فلابد أنكما تقابلتما هناك أكثر من مرة؟
أومأ مؤكداً:
-نعم ولكن لم ينشأ بيننا علاقة إن كان هذا ما تقصدينه.
زفرت بفروغ صبر وقالت بتأكيد:
-أنا أعلم ابنتي جيدا فهي ليست من نوع الفتيات اللاتي تقُبلن رجل هكذا دون سابق معرفة أو حتى للمرح فحسب، فأصدقني القول چاك وأخبرني متى بدأت تواعد دورثي؟
رأى الأمر ينسل من بين يديه وهو لا يعلم حقا كيف يهرب منه ولكنه أصر على حديثه:
-صدقيني لا يوجد بيننا علاقة و.....
قاطعته زامة شفتيها:
-وما تفسيرك لخروجك الآن من غرفة نومها ويظهر عليك كل هذا اﻻرتباك؟
حسنا الآن قد حُشر بزواية صعبة ولابد له من الخروج منها بأي شكل فابتلع ريقه وقال بتوتر:
-لقد صعدت لأتحدث معها بشأن القبلة وحقا لا أجد تفسيرا لما حدث.
ضحكت بهدوء وسألته مازحة:
-آه ولأنها كانت بفعل ابنتي! أظن أنها فسرت لك لما التصقت بفمك أليس كذلك؟
رد متوجسا:
-لا، فالحقيقة أننا لم نتحدث فلقد وجدتها نائمة ولم أشأ بإيقاظها فخرجت على الفور.
تعجبت ورفعت حاجبها لأعلى تقول بحيرة:
-نائمة وحفل عيد مولدها لم ينته بعد!
لم يهتم لحديثها ولا لهمسها لنفسها ولا لتعجبها فجل ما يريده هو الذهاب من أمامها وربما الهرع خارجاً وبعيدا عنها وعن هذا البيت أيضاً فاستأذن بأدب:
-استأذنك فلقد حان وقت مغادرتي.
ذهب فنظرت في إثره قائلة بحزن:
-ظننت أن ابنتي تخطت ذلك الأمر وبدأت بالمواعدة والإعجاب وربما الوقوع بالحب يوما ما، ولكن اظنه حلما لن أناله أبدا.
❈-❈-❈
فور نزوله توجه للباب ولكن أوقفه صوت أيدي المنادي:
-چاااك.
لعن بداخله توقفه ويا ليته تصنع الطرش وتحرك خارج هذا المنزل ولكن فات الوقت فقد وقف أيدي قبالته وسأله باهتمام:
-لقد اختفيتما أنت ودورثي لوقت ليس بالقليل، أين كنتما؟
رد نافيا الأمر سريعا:
-لا لا لم يحدث، لقد كنت بالحمام وبعدها اتيت لهنا و........
صرخات هانده جعلته يتوقف عن التحدث فور أن استمع لصوتها كل المدعويين فأجفل قلبه وحاول الفرار، ولكن ذعر صديقه جعله يتسمر مكانه عندما وجده يصعد بسرعه وكل درجتين معا وهو يصيح عاليا:
-ماذا حدث هانده؟
دلف أيدي غرفة ابنته مركز الصراخ وتبعه الكثير من عائلتيهما وأصدقائهما فوجدوا ما لا يصدقه عقل، فقد كان جسد دورثي مصاب بزرقة عجيبة وكأنه وضع بمبرد الطعام لأيام وأيام حتى أصبح بهذا اللون وهذه البرودة؛ فهرع أيدي صوبهما وارتمى أرضا ممسكاً براحة ابنته البارده وهو يبكي بانهيار صارخا:
-لا لا ابنتي.
ظلت هانده تبكي فوقفت مارسيل خلفهما تقول بصوت خافت:
-ليس مجدداً.
اقترب أحد أصدقاء العائلة ويعمل طبيبا ففحص جسدها وقال متعجبا:
-جسدها بارد بشكل يعجز العلم عن تفسيره فحالتها تبدو وكأنها توفت منذ أيام و وضعت بمبرد الجثث.
رفع أيدي وجهه ينظر له فقال بانهيار:
-هل ماتت ابنتي يا نيكولاس؟ حقا قد فارقت الحياة أن أنا أهذي؟
اقترب أكثر وتفحص نبضها وأكد له مجيبا:
-للأسف لقد ماتت؟ خالص تعازي أيدي.
صرخت هانده صرخة عالية وهي تحكم ذراعيها حول جسد ابنتها تحتضنها بقوه أكبر رافضة ما صرح به الطبيب وقالت بجزع:
-ابنتي لا زالت على قيد الحياة وستعود اﻵن وتتكلم وسترون جميعا، إنها فقط تتلاعب بنا وبأعصابنا لتعلم مقدار حبنا لها، صدقني أيدي ستعود كما عادت عندما كانت بالثالثة من عمرها، لن تتركنا الآن ونحن لا زلنا بحاجتها.
انتحبت بكاءا وكوبت وجه دورثي بيدها هاتفة بصياح ورجاء:
-دورثي ابنتي، تحدثي لي ولا تؤلميني بهذا الشكل مجدداً أرجوك.
صرخت بألم وهي تهلل:
-لن أتحمل فقدانك، عودي دورثي حتى وإن أردتِ فعل ما ترغبيه وتحبيه فقط عودي.
ظلت هانده على تلك الحالة حتى سحبها أقربائها بعيداً عن جثة ابنتها وبدأ الرجال بالتحدث بمواساة وهدوء فقال أحدهم:
-تعازي الحارة أيدي، ولكن لابد لنا الآن من بدء إجراءات الدفن والعزاء حتى نتمم كل شيئ بالصباح الباكر.
أومأ بصمت فأعقب آخر:
-أنا لن أغادر وسأظل معك حتى ننهي التجهيز.
دمعت عيناه وتنفس بعمق فربت رفيقه على كتفه هاتفا:
-تحل بالقوة من أجل زوجتك أيدي فهي منهارة وتحتاج الدعم.
❈-❈-❈
انتظرها أن تخبره برأيها فسألته بتردد:
-هل سأراك مجددا إن عدت لحاضري؟
رد مقتضبا:
-لا أعلم حبيبتي، سأرى ما يمكنني فعله، وكلما سنحت لي الفرصة سأفعلها ولكن إن لم أستطع فسأنهي الأمر وأهدم هذا العالم وأقبع بداخل المومياء الخاصة بي حتى يوم البعث لأبحث عنكِ وأعيش معك بجنة الخُلد.
مسحت بيدها على وجهه وقالت بألم:
-لقد أحببتك مولاي سيتي أكثر من أي شيئ، ولكن ما تطلبه مني مستحيل ولا استطيع فعله، فهل ستسامحني؟
ابتسم لها وسحبها داخل حضنه هاتفا بحب:
-اسامحك! بل أنتِ من أطلب غفرانها بنترشيت حتى لا أتلظى بنارها فقد تسببتُ بأذيتك ولم أهتم سوى لما أشعر به تجاهك.
قبلها قبلة وداع ورمقها بنظرة مشتاقه وقال بحزن:
-أشتاق لك منذ اﻵن، ولكن حان وقت العودة لحاضرك.
ابتسم لها وعاد لتقبيلها وابتعد هاتفا:
-لا تنسينني دورثي لويز أيدي.
أخرجت زفرة قوية من نعته لها بهذا اﻻسم وسألته بخوف:
-هل سأنسى ما حدث ومن أنا وأعود دورثي مجدداً؟
نفى موضحا:
-لا، فدورثي ماتت بسن الثالثة وأنتِ من تسكنين هذا الجسد الآن وإلى الأبد، ولكن لابد أن تتوقفي عن قول الحقيقة وتعتادي عالمكِ ومن حولك حتى تعيشي بصورة طبيعية وتتقبلي أنكِ بدءا من اليوم لن تكوني سوى دورثي لويز أيدي الفتاة الإنجليزية الشقراء ذات العيون الخضراء.
لمعت عينيها ونظرت له بحزن فبكت وأغلقت عينيها لتساعد عبراتها على النزول وفتحتها مجدداً لتجد نفسها بغرفتها بمفردها؛ فنظرت أمامها بشرود وقالت بأسف:
-لم أودعك بشكل لائق يا مولاي وحبيبي وعشيقي سيتي مرنبتاح.
وقفت تشعر بتصلب أوردتها وجمود وخدر أطرافها فحاولت استرجاع نشاطها وبدلت ذلك الزي الذي ترتديه وعادت ترتدي فستان الحفل ذو اللون الأبيض الملائكي وفتحت الباب نازله الدرج فاستمعت لتلك الأصوات الباكية والآتية من بهو المنزل.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية نابغة بعصر الأغبياء ، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية