رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 9 - 2 الخميس 9/5/2024
قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نابغة بعصر الأغبياء
للكاتبة أسماء المصري
الفصل التاسع
2
تم النشر يوم الخميس
9/5/2024
نزلت الدرج هويدا هويدا وهي متعجبة من أصوات البكاء والنحيب الآتيه من بهو المنزل حتى لمحت والدتها الجالسة تبكي بحرقة وجميع المدعويين كذلك وهناك من يربت على كتف هانده وأيدي فاقتربت وقالت بصوت متسائل:
-ماذا هنالك؟
التفت الجميع على صوتها فشهقت السيدات وتعجب الرجال وأخذ زملاء أيدي ممن يعملون بمجال السينما بفتح عدسات كاميراتهم وتصوريها بدهشة وتعجب، أما هانده فقد هرعت تحتضن ابنتها صارخة ببكاء: ألم أقل لكم، ابنتي لم تمت ولا زالت على قيد الحياة أرأيتم؟
ابعدتها قليلا عن حضنها وسألتها بدهشة وحيرة:
-ماذا حدث أمي؟
هل دعتها الآن بأمي أم أنها تتخيل فأحكمت قبضتها على جسدها أكثر وهي تصرخ بفرحة وسعادة:
-لا شيئ يا صغيرتي، لا شيئ البتة فأنتِ معي وهنا وبخير وهذا كل ما يهم.
كل هذا وأيدي ما زال بمكانه متسمرا بذهول لا يصدق ما يراه أمامه فهو قد تأكد من موتها ومن برودة جسدها فظل مكانه لا يحرك ساكناً حتى اقتربت هي منه ورمقته بنظرة حنونة قائلة:
-أبي، هل أنت بخير؟
أومأ وسألها:
-أتشعرين بتحسن صغيرتي؟
ردت مبتسمة:
-نعم بأحسن حال، ولكن ماذا حدث ولماذا انهيتم الحفل والجميع يبكي هكذا؟
لم يجبها بل ابتسم لها يطمأنها بملامحه الودودة والمحبة.
اقترب الطبيب وصديق العائلة منها وأمسك راحتها يستشعر نبضاتها وقام بقياس ضربات قلبها وانتظام تنفسها ونظر لايدي هاتفا:
-إنها بخير حال، حقا أنا عاجز عن تفسير هذا.
بدأت تفهم ما يحدث بعد أن رأت الدهشة تعلو وجه الجميع فعلى ما يبدو أنهم ظنوا أنها ماتت أثناء تواجدها بالعالم الانتقالي الذي كانت فيه برفقة الفرعون سيتي لذا تظهر الدهشة على ملامح الجميع، فحاولت أن تتصنع عدم المعرفة فاقتربت من والدها وهتفت بصوت رقيق:
-أبي، أنت بخير؟
ربت على جانب ذراعها وأومأ بفرحة:
-نعم، فقد كافأني الله بعودتك سالمة.
سألته بحيرة كاذبة:
-ماذا حدث فقد صعدت غرفتي لأستريح قليلاً ولا أعلم ما حدث بعد ذلك.
لم يشأ أن يخبرها أنها قد عادت من الموت بأعجوبة فقال بحنان أبوي:
-لا تهتمي صغيرتي، إن أردت أن ترتاحي فاصعدي غرفتك حتى أقوم أنا ووالدتك بتوديع المدعويين.
وافقت حتى تهرب من نظرات الجميع المتفحصة لها والمرتاعة أيضاً من لغز عودتها من الموت فصعدت لغرفتها تستريح فهي تشعر بآلام كبيرة بعظامها وكأنها كانت تعدو لألف ميل.
ولأكثر من شهر كامل جل ما اهتمت به الصحافة هو خبر موت دورثي لويز أيدي وعودتها للحياة مرة أخرى أمام جمع غفير من الناس والشهود على الواقعة، فلم يقف الأمر فقط على تصدر أخبارها للصحف بل أصبحت باحة منزلها مستقرٌ للصحافة والمصورين ولكل من يحاول التوصل لأي معلومة او أخذ حوار صحفي منها.
بالرغم من وجود عدد لا بأس به من الشهود الذين عاصروا الواقعة وتأكيدهم أن ما حدث يعتبر لغز ومعجزة إﻻ أن بعض الصحف أثارت الخبر بشكل آخر فأظهرت استيائها من الحديث الغير العلمي الذي تتوارده باقي الصحف، ووصل بهم الأمر أن شككوا ليس فقط بدورثي وعائلتها بل شككوا بكل من أكد على ما حدث بذلك اليوم معتمدين في كتاباتهم الصحفية إلى أنها خدعة قامت بها دورثي وعائلتها لاستكمال الإحتفال بعيد مولدها.
بسبب انتشار الخبر بهذا الشكل أدى إلى صعوبة خروج دورثي من البيت حتى لا تلاحقها الصحافة ولكنها كانت هي في أمس الحاجة لتلك العزلة حتى تستطيع التأقلم على حياتها الجديدة والدائمة مع عائلتها وتأقلمها على الحياة بدون سيتي حبيبها وعشيقها الذي رافق حياتها منذ الصغر.
جلست بغرفتها تقرأ تلك الكتب المعاصرة والتي تتحدث عن فترة تاريخية معينة كانت هي مهتمة بها ألا وهي فترة الأسرة التاسعة عشر وكلما تعمقت أكثر كلما عادت بذاكرتها وذكرياتها عن حياتها السابقة بمعبد أبيدوس الذي قضت فيه معظم حياتها.
غفت وهي ممدة على فراشها ممسكه بكتابها فذهب عقلها الباطن لآخر أيامها معه وكأنها استدعت ذلك الحلم بخيالها حتى تتذكره وتزيل اشتياقها ناحيته.
❈-❈-❈
فتحت عينها على لمساته الرقيقة فابتسمت وتنهدت بهدوء هامسة:
-لن تكف عن فعلتك يا مولاي حتى تتسبب بقتلي.
ضحك عاليا وداعب جسدها بفمه وأنامله وهو يمزح هاتفا:
-بل أنتِ من قتلتني عشقا قيثارة الحب بل قيثارة العشق.
اعتدلت بجسدها ورمقته بنظرة معاتبة وقالت بكسل:
-لم استيقظ بعد لأجادلك مولاي، ولكنك تتعمد إثارة غيرة الملكه تويا وهي لن تقف مكتوفة الأيدي هكذا لترانا سويا سنوات وسنوات بل ستفعل أمراً ما وهذا حتمي.
غمز لها بطرف عينه وهتف بتأكيد:
-من يستطيع تحدي الفرعون فليتفضل.
حركت رأسها باعتراض وصرحت قائلة:
-منذ أن علمت الملكة تويا بعلاقتنا وهي ترمقني دائما بنظرات قاتلة تجعلني أخاف من التطلع إليها، وأنا لا أريد أن تتوتر علاقتي بتيا يا مولاي فأنت تعلم كم أحبها.
سحبها داخل حضنه وزفر مطمئنا:
-لا تقلقي حبيبتي، كنت اتخذ حذري منها في بادئ الأمر عندما علمت خوفا من تهورها ولكن الأمر اصبح واقعا وبعد مرور سنتين على معرفتها فأظن أنها لم تعتد فحسب بل تقبلته وانتهى.
تنفست بعمق فاقترب من عنقها وهمس بجانب أذنها:
-كفى حديثا عن تويا يا حبيبتي فأنا أريد تمضية الوقت معكِ بعيدا عن أمور الحكم ومشاكل الحريم.
أومأت موافقة وعقبت:
-حسنا، ولكن كُف عن المبيت هنا رجاءا فحتى وإن وضعت ألف حارس فحتما يوم من الأيام سيعلم الناس بعلاقتنا ووقتها سنخسر سويا، أنا سأخسر حياتي وأنت ستخسر حكمك فانتبه رجاءا.
عاد يبتسم قائلا:
-متى كبرتي لتتحدثي مع الفرعون بكل هذه الفصاحة والرزانة؟
قبلت راحته وأجابت:
-كبرت على يدك مولاي.
ارتدى ملابسه وتجهز للخروج ولكنه استمع لصوت ابنته من الخارج تطرق على الباب مناديه:
-بنترشيت، أﻻ زلتي نائمة؟
انتفضت الأخيرة تلملم ثيابها وتنظر له برجاء حتى لا يخرج صوتا هامسة:
-أرجوك لا تتحدث وإلا استمعت لك.
ابتسم لها متعجبا وقال بصوت منخفض:
-أنا حقا لا أهتم إن علموا بوجودي هنا.
رمقته بنظرة حزينة وقالت:
-ولكن أنا أهتم، أرجوك اخفض صوتك واختبئ.
ضحك مجددا فوضعت يدها على فمه لتكتم صوته فابعد يدها وقال بسخرية:
-أختبئ! أنا الفرعون فماذا تريدين مني فعله أن اختبئ أسفل الفراش مثلا!
همست برجاء:
-مولاي، أتوسل لك.
انصاع لها وابتعد عن مرمى الباب ولا زالت تيا بالخارج تطرق الباب:
-هيا أيتها الكسولة استيقظي.
توجهت للباب وفتحته بحذر ووقفت بجسدها أمام مدخله حتى لا تراه ابنته بالداخل وقالت بتوتر:
-صباح الخير تيا، امهليني الوقت لأرتدي ملابسي.
غمزت الأخيرة بعد أن فهمت حالتها وقالت بتلاعب:
-حسنا، لا تتأخري.
ارتدت ملابسها ونظرت فوجدت سيتي متكئ على الفراش بأريحية فهتفت بحدة:
-هيا مولاي أخرج.
رد بجمود متسائلاً:
-أتطرديني من قصري؟
ابتلعت بتوتر وقالت باعتذار:
-آسفة، ولكن لا أريد أن يراك أحد خارجا من غرفتي والجميع قد استيقظ وهذا الجزء خاص بالخدم والعبيد فماذا سيكون تفسيرهم عندما يجدوا فرعون البلاد يخرج منها؟
وقف و هندم ملابسه وانحنى يقبلها قبلة عميقة وابتعد هاتفا بتلاعب:
-هذه القبلة حتى لا تنسيني إلى المساء، وحتى يظل تفكيرك بي وما أنتويه معك أيتها الجميلة فإلى المساء إذن.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية نابغة بعصر الأغبياء ، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية