-->

رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 15 - 3 الخميس 16/5/2024

  

قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية نابغة بعصر الأغبياء

للكاتبة أسماء المصري


الفصل الخامس عشر

3

تم النشر يوم الخميس

16/5/2024

احضر توا يا سيدي يا من ذهبت بعيداً.. 

احضر لكي تفعل ما كنت تحبه تحت الأشجار..

لقد أخذت قلبى بعيداً عنى آلاف الأميال.. 

معك أنت فقط أرغب في فعل ما أحب..

إذا كنت قد ذهبت إلى بلد الخلود.. 

فسوف أصحبك فأنا أخشى أن يقتلنى طيفون.. (طيفون هو الشيطان ست.)

لقد أتيت هنا من أجل حبى لك.. 

فلتحرر جسدي من حبك.

"ترنيمة نفتيس إلى أوزوريس."


❈-❈-❈

استيقظ على صوتها تردد تلك القصيدة باللغة الهيروغليفية فابتسم وهو لا يزال ناعساً مغلقا لعينيه وهي تعيدها مراراً وتكراراً وتداعب وجهه، ففتح عينيه بتكاسل وسحب نفسا عميقاً فقبلته قبلة عميقة وهتفت بالهيروغليفية: 

-عمت صباحا يا مولاي.


رد عليها: 

-صباحك جميل كوجهك الملائكي.

اتسعت بسمتها وهو ينظر لها بتسلية وغمز لها بمشاكسة: 

-كنتِ قاتله ليلة أمس وكأنني أضاجعك لأول مرة من جديد أيتها العذراء.


خجلت من تصريحه الوقح وهو يتباهي قائلاً: 

-ما فرص الإنسان أن يفقد حبيبته نفسها لعذريتها مرتين، ها؟


رمقته بنظرة محذرة وهتفت بامتعاض: 

-ما حدث أمس يمكن أن يكشف أمرنا، فلا تكررها مرة أخرى.


اعتدل بجسده النصف عاري وزغر بعينيه صارا على أسنانه هاتفا بحدة: 

-تركته يقف إلى جوارك بذلك الحفل الذي أقامه والدك المزعوم، وتركته يقبلك أمام جموع الناس، و تركته يحملك ويصعد بكِ للغرفة وحتى تركته يغير ملابسه أمامك وهو يستعرض جسده الغريب هذا.


أشار لعضلات بطنه بنفور فضحكت وصححت له معلوماته بمداعبة:

-هذا المنظر الذي لا يعجبك هو ما تريده فتيات هذا العصر ويتهافتن عليه أيضاً مولاي.


وقف مرتدياً ثيابه وهتف بضيق: 

-مقزز، كيف يفعلها أصلا؟


أجابته: 

-يمارس الرياضة.


سألها بنبرة خشنة:

-وهل يستطيع هذا الأبله أن يفوز أمامي بمبارزة بالسيف أو حتى سباق بالخيل؟


ابتسمت وهي تعقب:

-اختلفت الرياضات بهذا العصر عن زماننا مولاي فتلك الأيام يكتفون بحمل الأثقال.


رفع حاجبه وسألها:

-وهل هناك أصعب من حمل أثقال الحجارة التي بنيت بها معبد أبيدوس؟ ألا تتذكري أني قد وضعت حجر الأساس بيداي مع العمال؟


اومأت وهي تقبله واستندت على كتفه ورمقته بنظرة معاتبة وقالت بضيق: 

-وبقوتك تلك كدت أن تقتله أمس عندما قبلني، و المسكين قد اختنق وكاد أن يلفظ أنفاسه.


صر بأسنانه وكاد أن يحطمها هاتفاً: 

-الحقير لم يكتف بتقبيلك فدس لسانه المقزز داخل فمكِ وأنتِ تركته يفعلها، فماذا من المفترض ان أفعل؟ أتركه حتى يضاجعك؟


أرادت أن تثير غيرته أكثر فقضمت شفتها وردت: 

-أليس هذا من حقه؟ فأنا زوجته.


هدر بغضب جحيمي: 

-بنترشيت! توقفي وإﻻ طالك غضبي ولا تلقبي نفسك بزوجته أفهمتِ!


ظلت تضحك أكثر وأكثر وهي تقول: 

-حبيبي، أنتما واحد فما الفرق؟ فعندما قبلني دافعاً لسانه بداخل فمي ألم تشعر أنت بها؟ 


رد هادراً: 

-شعرت وشعر هو كذلك وهذا ليس مقبولاً، ولا لسنا واحد قد نكون جسد واحد ولكننا روحين مختلفتين وإياك وإثارة غيرتي مجدداً.


اتكئت على صدره بحيرة وقالت بتوتر: 

-كيف سأوضح له ما حدث؟ إن كنت تريد أن تستحوذ على جسده كلما اقترب مني فكيف سأفسر له ذلك بالتأكيد سيشعر بأمر غريب.


عاد متكئا على فراشه وقال بتعجل: 

-أخبريه أنه غفى بعد أن انتهى واتركيه لعقله وسأكمل أنا الباقي.


سألته بحيرة: 

-ماذا ستفعل؟


أجابها بإيضاح: 

-لمحات لما حدث بيننا بداخل عقله فيظن أنه هو من فعلها وننتهي من ذلك الأمر المزعج، ولكن لا تحلمي أن أتركه يضاجعك فوقتها قد أجعله يختنق بلعابه ويموت ولن أهتم.


أغلق عينيه وفتحها و هي تستند على صدره تقول بتنهيدة: 

-خائفة من القادم والمجهول.


سألها بحيرة: 

-ماذا قلت؟ لم أفهمك ما تلك اللغة؟


انعقد حاجبيها وزفرت أنفاسها بالضيق فها هو أول يوم لهما معا بمنزل واحد وكادت أن تشعر بالضيق والضجر من تلك الحياة الغريبة، فعندما تحدثت منذ قليل بالهيروغليفية لم يفهما وذلك لأنه قد عاد، إمام عبد المجيد من يفترض أن يكون زوجها.


ردد سؤاله: 

-ماذا كنت تهذين حبيبتي؟


أجابته موضحه: كلمات تعلمتها بالهيروغليفية فأنت تعلم أني أتقنها.


ابتسم ورفع وجهها وانحنى يقبلها بنهم فتوترت وتخوفت من ردة فعل ذلك الكامن بداخله وابتعد متغزلا بها: 

-كنتِ رائعة الجمال بالزفاف أمس، ولكنني لا أتذكر ما حدث بعد أن عدنا للمنزل.


ردت تفسر له كذباً: اختنقت فناولتك زجاجة خمر هي من كانت الأقرب ليدي فارتشفتها كلها، وبعدها مارسنا الحميمية معا ونمت حتى اﻵن.


تعجب ورمقها بنظرة متشككة قائلاً: 

-أنا شربت خمر؟


أومأت معتذرة بكذب: 

-آسفه حقا، أعلم أنك لا تشرب الخمر ولكنني لم أع لشيئ سوى انقاذك من اﻻختناق وبعدها لم أستطع ابعادك عن الزجاجة فقد تشبثت بها بشدة.


أعاد رأسه للوراء وقال بإجهاد: 

-أول ليلة لنا سويا تحدث دون أن أتذكرها!


صمتت فالتفت واعتلاها فوراً وغمز لها ببسمة فرحة هاتفا: 

-أظن أنه أمرا يمكنني تدراكه وأضع بقلبي ذكرى لأول ليلة بيننا حبيبتي مجدداً.


حاولت التملص والتهرب منه ولكنها لم تستطع فما كان لها إلا أن ظلت تهمهم بهمس منخفض وباللغة الهيروغليفية: 

-أرجوك لا تفعل شيئا فلن يفلح الأمر، كم مرة سأحاول إقناعه بذلك.


سألها إمام بحيرة: 

-ماذا تتمتمين حبيبتي؟


قضمت شفتيها معا وقالت بتوتر: لا شيئ، فقط أشعر الخجل.


قبلها من تجويف عنقها قبلة عميقة وابتعد هاتفا بالهيروغليفية: 

-لن يحدث حبيبتي وأتركه يضاجعك مهما كان الثمن.


❈-❈-❈


مرت الأيام على هذا النهج الذي جعل إمام يشعر بشيئ غريب فذهب للأطباء والمشافي دون أن يخبرها، بعد أن كف عن سؤالها كل مرة ماذا يحدث له وهو معها!


دلف للمكتبة العامة بلندن بعد أن بحث عن احد يساعده فوجده، عالم المصريات چون والس الذي ألتقاه بأحد المنتديات وكان متابعا لأخبار دورثي منذ وقت وحتى بعد انتقالها للندن للاختباء من الصحافة ظل هو يتابعها بصمت ومن بعيد.


جلس إمام وسأله فورا ودون مقدمات: 

-أخبرني ما يحدث فقد قاربت على الجنون؟


أجابه بحيرة: 

-لا أستطيع اعطائك تفسيرا علميا فكل ما حدث لها ليس له علاقة بالعلم أبدا، ولكن إن أردت أن تستمع للقصة كاملة وتحليلي لها من وجهة نظري فسأقصها عليك.


وافق إمام وانتبه له ليقص عليه چون كل ما يعرفه عنها بدءً من قصة موتها بسن الثالثة حتى موتها الأخير الذي كان حديث الصحف بسن العشرين.


استمع له وهو لا يصدق ما يرويه له فحاول أن يتذكر بعضا من الأمور الغامضة التي تحدث معه فردد عليه: 

-دائما استمع لها تقول بعض العبارات بالهيروغليفية وبعدها وفوراً أشعر بالضياع وكأنني غير موجود، هل تظنها تلقي تعويذة ما حتى أكون بهذا الشكل؟


حرك رأسه بحيرة وسأله: 

-هل تتذكر تلك الكلمات؟


رد مؤكدا: 

-نعم فهي تكررها كل ليلة.


ردد ما حفظه منها من كلمات هيروغليفية فترجمها له چون موضحا: 

-تقول مولاي سيتي لا تؤذيه رجاءً وكن رقيقاً معي.


رفع إمام حاجبه بدهشة وچون يكمل: 

-يبدو أنها ترجوه أن لا يأذيك وهناك تفسير واحد لهذا، أﻻ وهو اﻻستحواذ.


لم يصدق كل التفسيرات واﻻقاويل التي سمعها منه وعاد لمنزله بعد يوم طويل فاستقبلته هي ببسمتها المصطنعة ورحبت به: 

-مرحبا بك، لقد تأخرت أين كنت؟


رمقها بنظرة حادة فنظرت له بحيرة ولما يرمقها بتلك النظرة الكارهة؟ فسألته باهتمام: 

-ما بك إمام؟


رد بغضب: 

-أنتِ اخبريني، إلى متى ظننتي أنتِ وذلك الوغد أنكما تستطيعان التلاعب بي وبعقلي؟


لمعت عينيها بدهشة ونظرت له بصمت ولم تعقب على حديثه فصرخ بها فورا: 

-أخبريني ماذا يحدث لك ولي؟


تنفست بعمق وتوتر واقتربت منه تحاول تهدأته وهتفت: 

-إهدأ إمام ارجوك، وسوف أخبرك بكل شيئ.


ابتسم وقبلها فورا وابتعد ينظر لها غامزا بعينه قائلاً بعدم اكتراث: 

-اتركيه يشطاط غيظا فهو لا يستطيع فعل شيئ لكِ أو لي.


دفعته دورثي بعيدا وبكل قوتها وصرخت هادرة: 

-هذا الأمر لن يفلح سيتي، توقف عن فعلها أرجوك.


رفض بحدة وغرور وأخبرها: 

-هو يعلم كل شيئ الآن، فقد ذهب لرجل ما وأخبره قصتك وكان يذهب للأطباء طوال الشهور المنصرمة.


رمقته بنظرة غاضبة وصرخت بوجهه: 

-كنت تعلم بذلك ولم تخبرني أليس كذلك؟ لماذا أخفيت عني الأمر، فهذه الحياة لا تسير بشكل جيد.


رد غاضبا وبحده شديدة: 

-ماذا تريدين مني؟ أتركه يضاجعك أو أخبرك أنه يبحث عن الأمر وماذا بعدها هل من المفترض أن اختبئ خلف ستاري حتى يقتنع أن الأمور طبيعية؟


بكت وجلست أرضا قائلة: 

-الأمور ليست طبيعية سيتي ولن تكون أبدا، ولقد ندمت على تلك الفعلة فهو لا يستحق مني ذلك ولا أنت أيضاً تستطيع الإستمرار هكذا.


رد مؤكدا: 

-بلى استطيع إن كان هذا هو الطريق الوحيد لاكون بجوارك.


بكت بانهيار وترجته: 

-لا استطيع الإستمرار، أرجوك كفى اتركنى وارحل.


زغر لها بعينه وهتف بشراسة: 

-تلك هى المرة التي لا أحصي عددها التى تتركينني بمنتصف الطرق وتطلبين مني الرحيل وتركك وشأنك بنترشت.


صر أكثر على أسنانه وقال بحزن: 

-توقفي فأنتِ تؤلميني بتلك الكلمات التي تخرج من فمك.


ظلت تبكي وهي ترجوه: 

-لا أستطيع أن أكون لرجلين بآن واحد فالأمر صعب.


هدر بحدة: 

-أنتِ لستِ لرجلين بل لي أنا وحدي.


صرخت بتذمر: 

-أنا زوجته وله حقوق زوجية علي لم يأخذها منذ أن تزوجنا، وأنت لا تستطيع اﻻستمرار بهذا الشكل فإما أن تستحوذ عليه بصفة دائمة أو تتركه وشأنه وتتركني أعيش حياة طبيعية فقد تعبت وانهارت.


شعر بغصة مؤلمة وأشاح وجهه عنها وقال بحزن: 

-لكم مرة سأحارب لأجلك وأنتِ تتركين يدي بمنتصف الطريق؟ تلك المرة ستكون بلا عودة فقد تعبت أنا اﻵخر ولن أقوى على اﻻستمرار بهذا الشكل.


رمقته بنظرة باكية وودعته: 

-آسفه، سأشتاق لك ولكنني لم أعد أحتمل رجاءً مولاي سيتي.


رمقها بنظرة خاوية وهتف بصوت حزين: 

-وداعا بنترشيت.

يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية نابغة بعصر الأغبياء ، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة