رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 24 - 2 الخميس 6/6/2024
قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نابغة بعصر الأغبياء
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الرابع والعشرون
2
تم النشر يوم الخميس
6/6/2024
حديثه معها كان مبهما وغير واضح فظلت تنظر له بريبة وبالنهاية سألته بصوت متوتر:
-كيف استطعت أن تقنعها بأنك إمام؟
أجابها موضحا:
-أخبرتك أنني استطعت أن أراقبه وأراقب أفعاله وعلمت أنه يزورها بأحلامها ولم يكن الأمر صعباً علي أن أتوغل بداخل عقله وذكرياته حتى أجيب عن تساؤلها الأبله.
انعقد جبينها وهي تنظر له بفضول قاتل فابتسم لها وسألها بتلاعب:
-هل تريدين معرفة الأمر من البداية؟
زمت شفتيها بضيق وقالت بحدة:
-حسنا سيتي، تلاعب معي كما تشاء.
رفع حاجبه الأيسر واقترب منها أكثر وهي جالسة على الأريكة وهمس بجانب أذنها بنبرة غضب مصطنع:
-تقصدين مولاي سيتي أليس كذلك بنترشيت! فأنا لا زلت مولاك أم لديك رأي آخر؟
نظرت له بمشاكسةوقالت بمزاح:
-لم تعد الفرعون سيتي مر إن بتاح حتى أناديك مولاي يا مولاي، ولكنك مجرد مدرس للغة الإنجليزية تنتظر راتبك بأول الشهر حتى تستطيع أن تكفي حاجات بيتك وعائلتك، لذا توقف عن التكبر والتعجرف هذا وهيا قم وساعدني بتجهيز مائدة الطعام.
ضحك ساخراً وغمز لها هاتفا:
-إذاً لا تريدين مني أن أخبرك كيف أقنعت السيدة عزيزة بأنني نجلها؟
تذكرت فور حديثه ورمقته بنظرة غاضبة فكيف يستطيع التلاعب بعقلها بهذا الشكل لدرجة أن تنسى حتى أهم الأشياء فقط بحضرته.
ردت فوراً ودون تردد:
-نعم بالطبع أخبرني واﻵن.
لهفتها جعلته يبتسم فكم يعشقها تلك الطفلة التي لا تكبر أبداً، فسحبها من يدها باتجاه المطبخ وهو يقول بحب:
-حسنا حبيبتي، فقط دعيني أخبرك بتلك التفاصيل وأنا أساعدك بتجهيز الطعام فأنا أتضور جوعاً.
تحركت معه وهو يكمل حديثه:
-طبعا استطعت بسهولة أن أتوغل بعقله وأجعله ككتاب مفتوح لي اقتحمه وأقرأه وقتما أشاء.
سألت بحيرة:
-كيف فعلتها؟ وهل الأمر بتلك السهولة؟
أجاب وهو يتناول منها صحن الحساء:
-بالطبع لا، فقد احتجت لتعويذة قوية لفعلها ومكان أقوى لإلقائها به.
وقفت وتسمرت مكانها وهي حاملة بيدها صحن الخضار، فوضع هو ما بيده على المائده والتفت يأخذ منها ما تحمله ولكنه وجدها على هذه الحالة فسألها بحيرة:
-ما بك؟
أجابت متسائلة:
-تعويذة ومكان! لما ينبأني حدسي أنك ذهبت لمعبدك الجنائزي بأبيدوس؟
اتسعت بسمته وغمز لها مؤكدا فهدرت بحدة:
-متى؟ وكيف؟ هل تركتني هنا وحدي وسافرت دوني إلى المعبد؟ أﻻ تعلم كم أشتاق للعودة لموطني ولولا عملك هنا ما مكثت يوم واحد بمنف.
اخذ منها ما تحمله ووضعه على المائدة والتفت يحاوط كتفيها بذراعيه وهمس بنبرة شغوفة:
-قيثارتي.
رمقته بنظرة معاتبة فطلب منها السماح بنظرة متوسلهة وقال:
-فقط اغفري لي فقد كنت غاضب منك وعندما تركتك وقتها سافرت لأبيدوس حتى أستطيع إيجاد حل، فكان إما فتح الباب لحجرتي السرية أو هذا.
جلست وجلس أمامها وهي لم تكف عن إمطاره بالنظرات الحزينة فأمسك راحتها وقبلها بعمق قائلاً:
-أعدك أن آخذك معي المرة القادمة
❈-❈-❈
جلست تتذكر حديثها مع نجلها عندما انفردا ببعضهما البعض وكررت عليه سؤالها:
-قولي بقى حكاية التوجيهيه؟ ولو أنت فعلا إمام هتعرف الموضوع بكل تفاصيله لأن مفيش غير اتنين بس اللى يعرفوه، هما أنا وإمام ابني.
رمقها بنظرة صامتة وابتسم نصف ابتسامه لا تكاد تلامس شفتيه وهمس لها بحزن مصطنع:
-زعلان أوي يا امه منك، وبعد ما ارد على سؤالك برده هفضل زعلان.
رمقته بنظرة غاضبة وقالت بتحدي:
-طيب اتفضل يا سيدي قول وبعدها هنشوف إذا كنت أنت اللي هتفضل زعلان و لا أنا اللي هقوم الدنيا ومش هقعدها لحد ما ترجعلي ابني.
ضحك بخفوت وأمسك راحتها وأجلسها على طرف الفراش وجلس بجوارها قائلاً بحنين:
-ماشي يا أم إمام، عايزه تعرفي السر اللي بيني وبينك على موضوع التوجيهيه؟
أومأت بصمت وترقب فرد فورا:
-كنت جايب مجموع كويس يدخلني الحقوق وعرفت إن ابويا لو عرف كده هيرفض سفري بره فاتفقت معاكي نقوله إن مجموعي مجابش حقوق عشان يوافق أسافر مع البعثه وغيرنا في أرقام الشهاده عشان يصدق، و لما جيت أقدم ورقي للسفاره البريطانيه اضطريت اطلع مستخرج رسمي من الشهاده عشان أحد الدعم بتاع المتفوقين، وكل ده وابويا فاهم انك بعتي غوايشك عشان تسفريني وانتي اصلا شيلالهم عند خالتي لحد انهارده.
أطنب بحديثه والأخرى تنظر له بفرحة وسعادة وابتسامتها تكاد تلامس أذنيها وفور أن أنهى حديثه سألها بضيق وهو عاقداً ساعديه معا أمام صدره هاتفا:
-ها يا أم إمام، طلعت إمام ولا عفريت لابس ابنك؟
اقتربت بلهفة واحتضنته بحب وهتفت:
-ابني يا حبيبي.
ضحك قائلاً بسخرية:
-دلوقتي ابني حبيبي! ماشي يا امه وانا مقدرش على زعلك أبدا.
سألته بحيرة:
-بس موضوع عينيك ده والدكتور حسن ابن عمك قال إن عملية الميه متغيريش لون العين و....
قاطعها قائلاً:
-يا امه الطب اتقدم في بلاد بره وأنا كنت تعبان اوي و عملولي عمليه كبيره، والدكتور حسن ولا بعد خمسين سنه لما يفهم نوع العمليه دي.
تنهدت براحة وهي تربت على ظهره:
-الحمد لله، المهم أنك كويس وبخير وعيزاك تراضي ابوك يا بني أحسن ده زعلان عليك اوي انك....
عاد لمقاطعتها موضحا:
-أنا عارف أنه زعلان عشان فاكر اني اتغيرت، بس انا عايز أقولك سر تاني يا امه هيكون بيني وبينك زي السر اللي فات.
ضحكت وردت وهي تقبل وجنته:
-قول يا حبة عين امك.
رد مدعيا:
-انا زي ما انا يا امه بس، هي الحكايه....
رسم التردد والتلعثم على وجهه فحفزته قائلة:
-قول يا إمام متوقعش قلبي في رجليا.
تنفس عالياً بتصنع وهمس لها:
-أصل يا امه أنا بمثل أني مش بصلي ولا متدين عشان الكل يصدق كده حتى انتو، واوعي يا امه تقولي لحد حتى لابويا .
لم تفهم سبب حديثه فسألته بحيرهة:
-طيب ليه وايه السبب؟
أجابها بحنكة:
-هقولك، بس من غير ما تسألي على تفاصيل.
أومأت صامتة فابتسم لها وقال:
-أنا بشتغل مع الفدائيين ضد الإنجليز وهم لما عرفوا إن مراتي إنجليزية قالوا إن انا اقدر ادخل وسطهم واعرف منهم حاجات تفيدنا نخرجهم بره مصر.
حركت يدها بطريقة عفوية وقالت بجهل:
-وتخرجوهم ليه يا بني؟ ما طول عمرهم عايشين هنا هم واليونانين.
رمقها بنظرة متعجبة وأوضح:
-دول ناهبين خير البلد يا امه، و بعدين احنا قولنا من غير دخول في تفاصيل.
أومأت له موافقة ولكنها سألته بخوف:
-والحكايه دي مش خطر؟ يعني فيها قلق وخوف كده!
أجابها مؤكداً:
-خطر لو حد عرف، لكن طول ما هي سر متخافيش يا امه وانا عشان متأكد ان عمرك ما تطلعي السر ده بره مكنتش قولتلك.
اتسعت بسمتها لثقته بها واحتضنته وقبلته من رأسه هاتفه بدعاء:
-ربنا يحرسك ويحفظك ويبعد عنك الشر يا رب.
عادت من شرودها ودقات قلبها قد علت من فرط التفكير والقلق على فلذة كبدها فقالت بتضرع:
-يا رب احميه واحفظه من كل شر وابعد عنه عيون الإنجليز قادر يا كريم.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية نابغة بعصر الأغبياء ، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية