-->

رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 31 - 2 الثلاثاء 18/6/2024

  

قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية نابغة بعصر الأغبياء

للكاتبة أسماء المصري


الفصل الواحد والثلاثون

2

تم النشر يوم الثلاثاء

18/6/2024



تردد وقال لها بذهول: 

-انتي عرفتي منين ان دي مقبرة كاتب ومن الأسره الرابعه كمان.


رفعت كتفاها كدلالة على عدم معرفتها فقال بتوتر: 

-تقدري توريني مكان الموميا دي فين؟ 


أومأت له وأضافت: 

-بس لازم فلوس.


ضحك وقال بسخرية: 

-انتي هتعملي زي الدجالين اللي بيفتحوا المقابر بفلوس وقرابين؟


نفت ووضحت: 

-لا، فلوس عشان أنا افتح مكان مومياء.


فهم سليم أنها تريد ثمن فتح المقبرة ولكن الأمر ليس بيده فقال لها موضحاً: 

-إحنا تبع هيئة اﻵثار ولازم آخد موافقة المدير.


حركت كتفاها بلامبالاة وقالت وهي تتحرك صوب زوجها: 

-قول لهم كمان أنا عاوز فلوس ترجمه بتاعة برديه وفلوس بتاع مكان مومياء ولو وافق انت عارف مكان بيتي.


أوقفهما قبل أن يغادرا بعد أن شعر أنها تعلم أكثر مما يظهر عليها، ناداها بلهفة: 

-ست بلبل.


التفتت تنظر له بترقب فسألها بحيرة: 

-عايزه كام بالظبط؟


ابتسمت له ونظرت لزوجها وأجابت: 

-500 جنيه.


لمعت عينيه فصاح بخضة مرددا بذهول: 

-500 جنيه مره واحده؟ ده مبلغ كبير أوي وأنا مقدرش عليه.


رفعت كتفيها بلا مبالاة فقال بتفكير: 

-طيب خلينا نتفق على حل وسط، وريني مكان الموميا وأنا أوعدك إن لو طلع كلامك صح هكلم الاداره عنك وأخليهم يدولك اللي انتي عيزاه و....


قاطعته مؤكدة: 

-أنا عارف أنك مش مصدق أنه أنا اعرف مكان، عشان كده أنا هفتح مكان مومياء بس...


صمتت لتزيده إثارة وترقب وأكملت: 

-مفيش ترجمة لبردية إﻻ بعد فلوس، موافق أستاذ سليم؟


زفر بضيق وقال مؤكدا: 

-موافق.


دلفت المقبرة برفقة خبير الآثار وزوجها الذي ترك رضيعهما مع إحدى السيدات المرافقات لبعثة التنقيب، ووقفت أمام الباب تقرأ المكتوب على جدرانه كتحذير لمن يحاول فتح المقبرة فقالت:

-«يا كل الناس، كاهن الإلهة حاتحور سيضرب كل من يدخل هذه المقبرة ليمسها بضر، وكل من يفعل شيئاً ضدها سوف تلتهمه التماسيح وتفترسه أفراس النهر في المياه والثعابين والأسود في الأرض».


تعجب سليم حسن من إتقانها لترجمة النقوش ببراعة فائقة فاقته هو ذاته، فتبعها حتى وصلت لحائط مكتوب عليه نقش ترجمته:

-«كل من يمس مقبرتي بسوء سوف أنتزع رقبته مثل الإوزة».


أشارت لسليم هاتفة بتأكيد: 

-هنا مومياء.


سألها بتعجب: 

-ورا الحيطه دي؟


أومأت له فتخوف قليلاً من هدم الحائط دون جدوى فسألها: 

-أنتي متأكده يا ست بلبل؟


أومأت له وقالت: 

-هنا هنا صدقني.


حضر العمال ومعهم أدوات الحفر وهو ينظر لها بخوف قائلاً: 

-انا ههدم على مسئوليتي الخاصه، ابوس ايدك انتي متأكده؟


ابتسمت وقالت بثقة: 

-هنا، أنا متأكدة.


بدأ العمال بتكسير الحائط حتى سقط وقبل ان يدخلوا أوقفتهم بلهفة قائلة: 

-استنوا كلكم.


وقفوا ينظرون لها وهي تقف على أعتاب الباب الذي ظهر خلف الحائط المهدوم، وبدأت بالتحدث بالهيروغليفية تلقي تلك التعويذة التي فهمهما الأثري سليم حسن، ولكنه تعجب من إتقانها لها بتلك الطريقة المحترفة وكأنها كاهنة فرعونية كما اعتادت أن تدعي بوقت حياتها بلندن:

-«اخرجى يا كاسرة العظام يا متسللة إلى الشرايين».


فتحت الباب فخرج منها غاز قوي الرائحة اشتمه المنقبين فتخوفوا جدا فهم يعلمون جيداً أن تلك الغازات التي تخرج من المقابر تكون سامة، فهتف أحدهم بجزع: 

-يا سليم بيه، الغاز ده اكيد سام.


نظرت له بنترشيت وطمأنته قبل أن يتفوه سليم ببنت شفة: 

-لأ متخافش، مش هيحصل حاجه اطمن.


أشارت للمدفن الذي أمامهم وقالت بفرحة وهي مبتسمة: 

-هنا موميا.


هرع المنقبين سريعا يتفقدوا التابوت الذي يبدو فخما فسألها سليم: 

-ده كان حد ليه مكانه كبيره مش كده؟


أجابته بتوضيح: 

-أكيد، لان منصب كاتب ده كان مهم عشان مش كتير بيعرف قرايه وكتابه في الوقت ده.


ابتسم لها ولمعلوماتها الدقيقة، فاقترب ليَهم بفتح التابوت ولكنه وجدها وقد خلعت حذائها واقتربت من التابوت وجلست أمامه وقالت بتضرع:

-«السلام عليك يا حورس، يا أيها الموجود في بلد المئات، يا حاد القرنين يا بالغ الهدف، إنى قصدتك لأمدح جمالك، ألا فلتقض على الشيطان الذي يتملك هذا الجسد».


لم يفهم سليم سبب إلقاءها تلك التعويذة وبتلك الطريقة فسألها بعد أن انتهت: 

-ايه سبب التعويذه دي؟


أجابت موضحة: 

-إحترام معبود حورس ابن ملكه إيزيس وملك أوزوريس ملك عالم الموتى، عشان مفيش اذى يقرب مننا.


ابتسم لها وفتح التابوت ليجد حالة تلك المومياء تبدو وكأنها محفوظة بشكل متقن ولم يمسسها بشر، فالتفت لها هاتفا بتأكيد: 

-احنا اكيد هيكون لينا شغل كتير مع بعض ست بلبل.


ردت موافقة: 

-أكيد بس ادفع فلوس وأنا اساعدك بكل حاجه.

❈-❈-❈


جلس ثلاثتهم أمام من عُرف عنه قوة السحر بالرغم من امتعاضهم من الطرق التي يستخدمها إلا أنهم لم يكن أمامهم سواه بعد أن بحث الشيخ حسب النبي بحثاً مكثفا عن تشابه لحالة نجلهما فوجده الوحيد الذي تعامل قبلا مع سحر الفراعنة.


أمسك بيده كتاب سميك مهترئ وأخذ يقرأ به بعد أن استمع لعبد المجيد وقص عليه الأخير الوضع منذ عودته من الخارج برفقة زوجته وحتى الآن.


ظل يقرأ ويقرأ حتى رفع وجهه وسأل سؤالا يبدو عفوياً: 

-أنت قلت لي إن ابنك قالك اسم الملك ده سيتي؟


أومأ له عبد المجيد فعاد وسأل الأول: 

-وحفيدك كمان اسمه سيتي مش كده؟


رد ممتعضا: 

-كنا فاكرين انها مسمياه على اسم حد من اهلها.


سحب المنجم (فؤاد) نفسا عميقا وقال بتوضيح: 

-التاريخ فيه اكتر من ملك اسمه سيتي، وللاسف كلهم بيكونوا خدام للمعبود ست وده إله الشر في العالم السفلي و....


قاطعه عبد المجيد بضيق: 

-استغفر الله العظيم، إله ايه بس ده شرك بالله.


رد عليه مؤكدا: 

-علمهم واتقانهم للسحر كان مخلي الناس كلها مصدقه انهم آلهه وطبعا اتذكر في القرآن قوة سحرهم لما ألقى سيدنا موسى بعصاه قدامهم عشان يثبت لهم إن سحره أقوى منهم والحقيقة انهم كانو مسخرين الحن لخدمتهم والزمن ده زي زمن سيدنا سليمان والحن كان بيظهر للناس أحيانا بس الملوك كانوا بيستغلوا ده هم والكهنة عشان يوهموا الناس انهم آلهة.


تنفس عبد المجيد بضيق وهو يستمع له:

-كل ده مش مهم دلوقتي لإن المهم نعرف هو اي سيتي فيهم عشان لو طلع اللي في بالي هيكون صعب جدا التحكم فيه.


سألت عزيزة بحزن وقالت بلهفه: 

-يعني ايه؟ ابني كده بيضيع يا شيخ.


رد مؤكدا: 

-لازم نعرف عشان منستهونش بقوته.


حرك عبد المجيد رأسه رافضا قول وفعل فؤاد وقال له: 

-احنا لازم نتصرف بسرعه عشان نلحق إمام، و مفيش اي طريقه نقدر نعرف بيها المعلومات اللي انت عايزها دي، يعني اتصرف على اساس انه الملك اللي أنت شاكك فيه وخلينا نلحق ابني قبل ما يروح مننا.


وافق في الحال وقال لهم: 

-طيب عموما أنا هظبط الشغل ده ونتقابل يوم الجمعه بعد الصلاه وكل اللي هيحضر جلسه طرد اﻻرواح دي لازم يكون متوضي ومصلي الجمعه عشان يبقى متحصن.


وافق ثلاثتهم على حديثه وعادا والدي إمام لمنزلهما بانتظار قدوم اليوم المنشود لانقاذ فلذه كبدهما.


❈-❈-❈


لم تتمكن من جمع المال اللازم لهروبهما كما وعدها سليم حسن بعد أن رفضت إدارة المتحف إعطاؤها المبلغ المالي الكبير الذي طلبته مقابل المساعدة.


وبالرغم من محاولات سليم المضنية لإقناعهم بها وبقدرتها العجيبة ليس فقط على حل طلاسم وشفرات اللغة الهيروغليفية، وأيضاً إتقانها للتعاويذ التي حمت المجموعة التي تعمل معه فمن المتعارف عليه عند فتح أي مقبرة جديدة أن يخرج منها غازات وأبخرة تقوم بقتل عدد لا بأس به من العاملين، و هذا ما لم يحدث بوجودها إلا أنه  بعد كل هذا فشل بإحضار المبلغ المطلوب.


وبالرغم من كل توصياته لها إلا أن إدارة المتحف لم تهتم أو تعبأ بذلك، فذهب لزيارتها بنفسه بمنزلها المتواضع برفقة زميله الأثري أحمد فخري وقال معتذرا: 

-حقيقي مش عارف أقولك ايه؟ لو كان الموضوع بايدي مكنتش اتأخرت عليكي ابدا.


صمت وزم شفتيه وهو يتمتم لزميله وصديقه أحمد فخري بصوت مسموع: 

-نابغة عايشه بعصر أغبياء، وبدل ما يحاولوا يستفادوا منها ومن خبرتها أي ما كان تفسيرهم لقدراتها.


رمقه بنظرة غاضبة وأكمل: 

-يسيبوها وميحاولوش حتى يتفاوضوا معاها عشان تساهم بالاكتشافات الكبيره اللي ممكن تخدمنا دي.


رد عليه صديقه بضيق: 

-خلينا نحاول معاهم مره تانيه.


رفض موضحا: 

-أنا هعتذر عن استكمال الحفريات في الجيزه، مش هقدر اشتغل مع العلقيات اللي بالشكل ده.


استمعت لهما وهي شاردة تفكر بطريقة تجعلها تهرب برفقة عائلتها بعيداً عن المشاكل والمخاطر.


ابتلعت ريقها وسألته بحزن: 

-مفيش طريقه يوافقوا بيها؟


نفى سليم وأضاف: 

-مش فاهمين أو مش مصدقين إنك تقدري.


سألها زميله بفضول: 

-أنا عايز اعرف ازاي قدرتي تعرفي كل ده ولنتي اصلا مدرستيش لا علم الآثار ولا حتى اللغة الهيروغليفية؟


رد عنها سليم حسن: 

-السير بادچ كان المدرس بتاعها وعلمها اللغة الهيروغليفية، لكن هو قال انها كانت عرفاها وكأنه بيفكرها بيها بس والكلام ده لما كان عندها ٩ سنين.


اندهش أحمد فعقبت عليه: 

-انا اتعلمت في حلم، معبود حور رع هو قالي.


ابتسما لها وهي تضيف: 

-دي قصة طويله هقولها بعدين.


غادرا وانتظرته ليعود من عمله وأخبرته بما حدث بغيابه فقال بحيرة: 

-وما العمل؟


نظرت له متفاجئة من رده وسألته: 

-هل تسألني أنا؟


رد مؤكداً: 

-تعلمين أنني أستطيع أذيتهما وجعلهما لا يعرفان طريقا للنوم.


سألته بنترشيت: 

-من تقصد؟

رد بدون تفكير: 

-والدي إمام.


زفرت بضيق وقالت معترضة: 

-ألا يكفيهما ما عانياه؟ وما يعانيه إمام حتى اﻵن! أﻻ يوجد طريقة أخرى لنعش سويا دون إهدار حياة اﻷخرين؟


نظر لها بضيق وأجابها بحدة طفيفة: 

-يوجد، ولكنك رفضتيها واﻵن أصبحت صعبة على كلانا أن نتقبلها وخصوصا بعد وضعك لابني وحملك باﻵخر.


لم تفهم ما يعنيه فوضح لها بتفسير: 

-عندما طلبت منك المجيئ معي لعالمي لنعش سويا، كانت تلك هي فرصتنا ولكنك رفضتي واﻵن كيف أستطيع أن أفعلها ووقتها ماذا سيحدث لابنائي؟


زفرت بضيق وقالت: 

-لكنني لم أعد أتحمل هذا الضغط وأشعر باﻻنهيار.


تضايق من موقفها الذي تتخذه دائماً عند ظهور اي مشكلة فقال بغضب: 

-إياكِ والتحدث هكذا مجددا فقد مللت حقا من ترددك.


رمقها بنظره حاده وقال معقبا: 

-أنا الفرعون سيتي الذي تخلى عن كل شيئ لأجلكِ ولكنكِ لا تكفين عن التذمر وأنتِ معي، ولأني أعلم أنكِ طفلة لعينة ليس لها رأي أو قرار فسآخذ أنا القرار نيابة عنك.


لمعت عينيها بالحزن من طريقته التي يحدثها بها ولكنه لم يهتم لنظراتها وقال بصرامة: 

-بدءً من اليوم عليكِ جمع متعلقاتنا حتى نغادر للعيش بأبيدوس وهناك سأقوم بالبحث عن وظيفة وأثناء ذلك سأجد حلاً بالتأكيد لقصة إمام، وربما أترك جسده نهائياً فقد مللت منه وقد اختار جسدا آخر لأعيش به.


لم تعقب عليه فاقترب منها وهمس لها برقة منافية لصرامته: 

-هل سمعتني؟


أومأت بصمت فرفع وجهها ناحيته وقال بغزل: 

-كم أنت جميلة بنترشيت، أحبك أيتها المجنونة.


ضربته بصدره بقبضتها الضعيفة وقالت بحزن: 

-أنت دائماً ما تحزنني وبعدها تقول إنك تحبني.


أمال رأسه للجانب وقال باستفسار: 

-أوليس تلك هي الحقيقة؟


زفرت بضيق وأجابت: 

-وهل من الطبيعي ان يقوم الحبيب بإحزان حبيبته هكذا؟


حرك رأسه نافيا وانحنى هامساً بأذنها بغزل: 

-بالطبع لا قيثارتي.


نظر لها بتدقيق وابتسم بوجهها وأضاف : 

-أنا آسف لإحزانك قيثارتي، رجاءً لا تحزني وسامحيني 


ابتسمت رغما عنها وقبلته قبلة حب وشغف بادلها إياها برغبة جامحة فسحبها معه للداخل وبدأ بنزع ملابسها عنها وهي ترجوه بصوت خافت: 

-مولاي، ليس الآن فالصغير مستيقظ.


لم يهتم لرجائها وهمس لها بإثاره: 

-لا تثيريني وتتمنعي علي بعدها، وأعلمي أن لكل فعل رد فعل قيثارة الحب.


ترجته هامسة: 

-حسنا ولكن كيف ستفعلها والصغير.....


قاطعها وهو يلتهم عنقها: 

-أظنه نائما بالخارج.


نفت مؤكدة: 

-بل مستيقظ.


اعتدل وقضم أسفل شفته وقال بتأكيد: 

-أظنني سأتصرف بهذا الشأن.


خرج وحمله وطرق الباب الملاصق لهما، ففتحت له جارته أميرة التي ابتسمت له بخجل وسألته: 

-عايز حاجه يا سي إمام؟


أومأ معقبا: 

-لو مش هتقل عليكي، خلي سيتي معاكي شويه وهرجع آخده منك.


وافقت فورا فعاد لحبيبته وعشيقته التي ضحكت ضحكات عالية على تصرفه، فلم يتمالك نفسه أكثر وقفز بجوارها على الفراش وقبلها قبلة عميقة بث لها هيامه وحبه فانتهت بهما القبلة إلى تلاحمهما روحا وجسدا وعناقا.


يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية نابغة بعصر الأغبياء ، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة