رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 32 - 2 الخميس 20/6/2024
قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نابغة بعصر الأغبياء
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الثاني والثلاثون
2
تم النشر يوم الخميس
20/6/2024
فتح عينيه ونظر حوله فاقتربت عزيزة تنظر لعينيه فتأكدت أنه ابنها وفلذة كبدها فصرخت بلهفة تحتضنه هاتفة:
-ابني حبيبي يا إمام.
حاول احتضانها ولكنه مكبل فنظر لهم وقال بصوت أجش:
-ما تفكوني.
أخبره الشيخ أولاً بترقب:
-استنى لما نتأكد منك اللأول.
ضحك وقال بسخرية:
-فكني يا شيخ أمي عرفتني.
نظر لعزيزة فقالت بتوضيح:
-أيوه، التاني لون عينه كانت عسلي إنما ابني عينه سودا.
ابتسم لها إمام وبدأ الشيخ بفكه وطفله لا زال على صرخاته فقال بحيرة:
-دورثي يا امه، هي فين؟
ابتلعت ريقها بتوتر فدفع السلاسل من على جسده بحده وهو يصرخ بفزع:
-دورثي فين يا امه؟
حاولت تهدأته ولكنها فشلت، فاوقفته أخته عند أعتاب باب الغرفة وقالت له بتوتر:
-البقيه في حياتك يا إمام.
رمقها بنظرة حادة فقال الشيخ حسب النبي:
-مش عارفين حصل ازاي يا بني ولا الشيخ فؤاد عارف.
أضاف والده موضحا:
-كلنا كنا مشغولين بيك وفجأة لقينا جسمها تلج والسر الإلهي طلع يا بني، الأعمار بيد الله.
تذكر حديث سيتي فهرع داخلا الغرفة ونظر لجسدها المسجى أمامه على الفراش ووالده يضيف:
-الجيران لما لقونا مشغولين معاك واتأكدوا انها راحت للي خلقها، شالوها ودخلوها هنا احنا مش مصدقين اللي حصل يا بني.
بكى وهو يراها على تلك الحالة، فبالرغم من كل ما حدث إﻻ أنه أيقن أنه يحبها حباً جماً فنظر للشيخ فؤاد وقال له موضحاً:
-دورثي وضعها مختلف، أنت لازم ترجعها.
لم يفهم مقصده فأخبره كلام سيتي وما علمه عنها عندما كان بلندن وقال:
-الكاهنة لو سابت جسمها دورثي هتموت، لان خلاص اﻻوان فات عليها والكاهنه ودورثي بقوا حاجه واحده فلازم ترجعها تاني أرجوك.
قال له بحيرة:
-مش متأكد إني أقدر اعملها، وجايز جدا لو فتحت الباب ده تاني يرجع الفرعون مره تانيه و....
قاطعه إمام بعدم اكتراث:
-مش مهم أي حاجه دلوقتي، لازم تنقذ ام ابني... اتصرف يا شيخ.
❈-❈-❈
صوته كان صاخبا وهو يحاول تلقينها تلك التعويذة التي يحفظها ظهرا على قلب من كثرة ترديده لها في محاولة منه أن يعيديها لجسدها، وبالرغم من لهفته الظاهرة لها ومحاولتها لإخفاء خوفها المستعر بداخلها؛ إﻻ أنها اقتربت منه واضعة يديها على وجنتيه برقه لا مثيل لها وهي ترى انعكاس صورتها داخل حدقتيه وابتسمت هامسة له بطمأنة:
-توقف حبيبي لا داعِ للذعر.
رمقها بنظرة حادة وصارخا بها بوجل:
-هل فقدتِ عقلك بنترشيت؟ إن لم تعودي اﻵن قد لا تعودين أبداً.
ابتسمت بتوتر وارتعاش شفتيها وهي ترد عليه بهدوء معاكس لثورته:
-وإن كان، ألم يكن هذا مطلبك لي منذ البداية؟ أن آتي معك إلى عالمك اﻻفتراضي لنعيش الأبدية معا! وها نحن هنا معا وهذا كل ما يهمني.
شخّص بصره حولها وأدار جسده فارداً ذراعيه بطريقة استعراضية صارخاً لها بفزع:
-هل ترين ما نحن بصدده اﻵن؟ لقد حولت المكان لسجن كما ترين وليس عالم افتراضي لنعش به سويا أيتها المخبولة، هيا رددي ورائي التعويذة فقد تفلح وتعودين لجسدك قبل فوات اﻵوان حبيبتي، هيا رجاءا استمعي لي.
أطرقت رأسها فحفزها هاتفاً بحدة:
-هل نسيتي ابننا وما ينمو بداخلك اﻵن؟ هل تريدين العيش معى هنا وترك فلذة كبدك ليربيه إمام أو ربما يقتله لعلمه انه ليس من نسله.
تخوفت ولمعت عينيها بذعر وهو يستطرد:
-هل تظنين أنك قادرة على استكمال حملك بهذا المكان؟ قد لا تستطيعين أن تلدي جنينك بهذا السجن أو بالأحرى أننا قد لا نشيخ وبالتالي لن ينمو داخل أحشائك.
اقترب منها أكثر وأمسك راحتيها ونظر لها بتوسل:
-هيا بنترشيت رددي التعويذة لأجل خاطري فأنا كنت أناني عندما فعلت ما فعلته بك طوال تلك الأعوام ولن أكون سببا لموتك من جديد فجسدك وروحك أضعف من أن تعيش الأبدية هنا مع.
دمعت عيناه وهو يتوسلها برجاء:
-أتوسل لك أن تردديها إكراماً لي فأنا لن استطيع فقدك من جديد وتلك المرة أمام ناظري.
بدأت تستمع لصدى صوت قادم من بعيد فنظرت له وقالت بلهفة:
- بل قم بتلقيني تعويذة إعادتك للحاضر، فأظنه يحاول إعادتي ولا يوجد وقت لنضيعه.
هدر بها بشدة:
-رددي التعويذة اللعينة وعودي أيتها البلهاء، ولا تفكري بأحد سوى بنفسك اﻵن.
احتضنته بقوة وهي تلف ذراعيها حول عنقه دافنة رأسها داخل تجويف عنقه هامسة له بحزن:
-لم أحب أو أعشق غيرك مولاي، لا يمكنك تركي اﻵن وأنا بأمس الحاجة لك، وسوف أعيدك بأي شكل.
قبلها بلهفة مشتاق ونظر بمقلتيها الحزينتين وقال بحب:
-أحبك بنترشيت، لم أكف أبدا عن عشقك ولن أفعلها حيا كنت أم العكس.
بكت وهي تجد رؤيتها له تتشوش فتذكرت تلك المرة التي كانت بلندن بوقت عيد مولدها عندما طالبها بالعيش معه بعالمه؛ لتتذكر نفس الإحساس بانسحاب روحها وتشوش رؤيتها دلالة على استعداد جسدها لاستردادها من عالمها الإفتراضي.
مسح بكفه الغليظ والخشن الذي اكتسب خشونته من فعل الحروب الضارية والحملات التي قادها بحياته وربما استمر بفعلها بعد موته أيضاً وقال لها مؤكدا:
-أنا معكِ دائما حبيبتي قيثارة الحب، لن أتركك أبدا أن ولكن اﻵن عليكِ العودة حتى نستطيع أن نجتمع سويا ومن جديد، ولكن تلك المرة سأحرص على أن تكون أبدية.
سحبت نفسا عميقا وأغلقت عينيها لتستمع لصوت إمام وهو يردد بصفة مستمرة بجوار أذنها:
-اسمعيني وارجعي، يلا يا دورثي ارجوكي.
❈-❈-❈
لم تعد عزيزة تحتمل صراخ الصغير الذي تحمله وتحاول اسكاته دون جدوى ، وتداخل مع صراخه صوت فلذة كبدها الذي لم يكف عن استدعاء زوجته بصوته العالي والخائف من فقدها بمساعدة الشيخ فؤاد الذي حاول استخدام أحد التعاويذ والطلاسم التي كتبها على جسدها كمحاولة بائسة منه أن يعيدها للحاضر دون ان يتيح الفرصة لسيتي بالعودة أو حتى بترك ولو نافذة صغيرة قد تجعله يتحكم بزمام الأمور من جديد.
كل هذا ولم يتوقف الشيخ حسب النبي عن ترتيل آيات القرآن لتحصين المنزل بكل من فيه.
استمر الحال هكذا حتى بدأ يتسرب القلق والشك إلى قلوب الجميع من فشل عودتها لهم حتى لاحظ إمام استعادة جسدها لدفئه رويداً رويداً ومعه تحرك صدرها علوا وهبوطا وفتحت عينيها ببطئ، لتسحب شهيقا عالياً من إثر اختناقها وطردته فوراً بذعر وهي تنتفض مفزوعة من مكانها تتفقد من حولها وتهرع لنجدة ابنها الذي يصرخ بلا انقطاع فانتشلته من يد عزيزة وحاولت تهدأته واحتضانه وهي تبكي بكاءً شديداً.
اقترب منها الشيخ فؤاد ونظر لها بتفحص وسألها بحذر :
-انتي كويسة؟
رفعت وجهها ناظرة له بغل حاولت اخفاؤه فهذا ليس بوقتا مناسبا لأخذ الثأر وتصنعت عدم الفهم فهتفت بالإنجليزية:
- هل تحدثني؟
تعجب وتعجب الجميع من حوله فاقترب إمام منها وسألها بحيرة:
-دورثي، هل أنتِ على ما يرام؟
أومأت له وعيناها زائغة تنظر حولها برهبة من المنظر الذي يحاوطها وقالت بتصنع:
-من هؤلاء؟ وأين نحن إمام؟
تعجب ورفع حاجبه بدهشة وسألها بتخبط:
-نحن بمصر وسط عائلتي يا حبيبتي، أﻻ تذكرين مجينا إلى هنا؟
نفت برأسها فرفع حاجبه بعدم تصديق وأمسكها من ذراعها بقوة وصر على أسنانه بغضب صارخا بها:
-إذا قد نسيتي كل شيئ عدا ابنك أليس كذلك ايتها المخادعة الماكرة؟
أدركت خطأها بلهفتها على صغيرها فتدلى فكها برهبة من القادم فعينا إمام لا تبشران بخير وخصوصا بعد أن هدر بها:
-هل تنوين التلاعب بي مرة أخرى؟ وبعد كل ما عانيته بسببك أنتِ وذلك الوضيع عشيقك.
تنفس بغضب وصرخ بها:
- هل تنوين خداعي من جديد واللعب على وتر حبي وعشقي لكِ أيتها الحقيرة؟
زفر أنفاسه غاضبا وقال بضيق:
-ليتني لم أعيدك ولكن جل ما فكرت به هو ابننا الصغير الذي قد يُربى ويكبر بدون أمه.
ردت عليه معتذرة بصوت هامس ضعيف:
-أنا اسفة إمام، فلم أعد أحتمل أكثر.
اقترب منه والده وسأله هامسا له باذنه:
-كل حاجه تمام يا ابني ولا محتاج مننا حاجه؟
رد عليه مؤكداً: لا يابا روحوا انتوا وأنا هخلص كلام معاها واجيلكم.
بالفعل غادر الجميع المنزل عداهما ووالديه وقفا على أعتاب الباب فاقترب حاملاً الصغير منها فحاولت إثناؤه عن ذلك ولكنه هدر بها:
-أنا لن أقوم بإيذاء قطعة مني، ولكنني أحتاج للتحدث معكِ بمفردنا دورثي.
فور أن حمله عاد الرضيع للبكاء وكأنه يستشعر بوجود خطب ما أو ربما كان تفسيرها للأمر صحيحاً حين تفوهت موضحة:
-أﻻ تجد كم غريبا أن يبكي وأنت تحمله على عكس ما كان يحدث بوجود والده الحقيقي.
تجهم وجهه بشدة من تلميحها وناول الصغير لوالدته وأغلق وراء والديه الباب وعاد ينظر لها بشرر ليس له نظير وهو يسألها بهدوء معاكسا لما بداخله:
-ماذا تقصدين بحديثك هذا؟
ردت بنبرة لاذعة صافعة للكلام بوجهه ودون اكتراث لردة فعله:
-أقصد ما فهمته بالظبط إمام فأنت لست بغبي وتعلم الحقيقة ولكنك تحاول الهرب منها.
رفع جانب شفته وأمسكها من ذراعها بقوة آلامتها هادرا بها:
-أيتها العاهرة الحقيرة، هل تتفاخرين بخيانتي ومضاجعتك لذلك الوغد؟ هل تريدين زرع تلك الفكرة برأسي أن طفلي الذي كرهت اسمه هو ليس ابني؟ أنا لن أسمح لكِ.
ابتلعت إهانته وقالت بصوت مختنق:
-قد أبدو لك عاهرة ولكنني لست كذلك بالفعل، ولم أكن هكذا سوى مرات قليلة جداً عندما سمحت لك بلمس جسدي بالرغم من امتلاك مولاي سيتي لي ولجسدي.
لم يعي ما قالته فصرخ عاليا بصوت مدوي:
-هل ترديدن إصابتي بالجنون؟ أنا هو زوجك وأبو ابنك وبكل بساطة تتفوهين بهذا الهراء بوجهي! هل تظنين أنني رجل غربي قد أتغاضى عن فعلتك تلك وأغفر لكِ ليس فقط خيانتك ولكن مساعدتك له للاستيلاء على جسدي.
رمقته بنظرات مطولة وتحدثت بجمود:
-أحسست كثيرا بالذنب تجاهك إمام، وصدقني لم أرد إقحامك أبداً بهذا الأمر ونادمة جداً على فعلتي ولكن لابد أن تعلم أن تلك الأمور قد تمت رغما عني وما يحدث لي خارج إرادتي.
رق قلبه لها بالرغم من كل ما عايشه معها وبسببها ولكن سلطان هذا الحب الملعون ينخر بقلبه ويحفر داخله عميقاً كما لو كان لا يستطيع التنفس دونها..
سحبها داخل حضنه ومسح على ظهرها قائلاً بهدوء:
-دعينا ننس كل ما حدث ونعيش لنربي ابننا سويا وقد أسامحك وقتها على ما فعلتِ.
رمقته بنظرة متعجبة وهاجت موضحة:
-ألم تفهم بعد أن ما حدث مصيري وسوف يحدث مجدداً لكل من يقترب مني! ألم تفهم بعد أن صغيري ليس ابنك بل هو ابن الملك سيتي؟ ألم تفهم بعد أن ما ينمو بداخلي بتلك اللحظة هو من نسل الفرعون سيتي مر إن بتاح وليس من نسلك أنت؟
لمعت عينيه ببريق غاضب وجحيمي وصر على أسنانه رامقا إياها بنظرة متحجرة من مقلتيه القاتمتين وانحنى ناحيتها قائلاً بنبرة قريبة الى فحيح الأفعى:
-تحملين منه أليس كذلك يا عاهرة! سنرى من الفائز بيننا الآن أنا أم هو دورثي؟
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية نابغة بعصر الأغبياء ، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية