-->

رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 33 - 2 الجمعة 21/6/2024

 قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية نابغة بعصر الأغبياء

للكاتبة أسماء المصري


الفصل الثالث والثلاثون

2

تم النشر يوم الجمعة

21/6/2024

كل شيئ أصبح ضبابيا بعد محاولات عديدة منه بمساعدة نجلة الأكبر والسحرة الذين أمر بإحضارهم من كل بقعة من بقاع إمبراطوريته حتى يستطيع العودة للحاضر لحبيبته، ولكنها باءت كلها بالفشل.


زفر بأنفاس حارقة ولكنه لم يكن بكامل تركيزه فجائته تلك اللحظة التي نظر لنجله وسأله بلهفة:

-أين القائد توت، أو الوزير إن صح التعبير؟ فزوج أختك هو الوحيد الذي يستطيع مساعدتي لمعرفته بالأمر منذ البداية.


تردد رمسيس من إخباره بالحقيقة المحزنة بعد أن كان ممتنا عدم سؤال والده عنه منذ أن جاء تلك المرة، ولكنه ها هو مضطر لأن يخبره فرد بتوتر لعمله مكانة القائد توت لدى والده:

-لقد فقدنا زوج اختي العزيز ووزيري الشجاع مع الأسف منذ عدة سنوات مولاي.


انعقد حاجبيه بشكل صادم وأطرق رأسه حزنا ولكنه عاد وسأله باهتمام:

-وكيف حال أختك اﻻميرة تيا؟ هل تخطت اﻻمر أم ما زالت حزينة؟


بلل شفتيه بطرف لسانه ورد موضحاً: 

-أظنها لم ولن تتخط الأمر مطلقا لدرجة أنها تركت العاصمة وذهبت للعيش بمنزل والدي توت.


زفر بتفهم وهز رأسه قائلاً:

-كانت تحبة ولا أظنها تستطيع نسيانه، وربما هذا الحل الأفضل لها أن تعيش بين عائلته لتخلد ذكراه.


حك رمسيس رأسه قليلا فانتبه سيتي لتوتره الظاهر وتردده أيضاً فسأله بقلق:

-ما بك؟ لماذا أشعر بأنك تخبئ أمرا ما!


أجابه موضحاً:

-كل ما باﻷمر أنها تُحملني الذنب وترفض التحدث معي أو مسامحتي، حتى أنها رفضت المثول أمامي عندما قمت باستدعائها كفرعون للبلاد وأنا لم أشأ أن أحزنها أكثر بإجبارها على العودة.


تفهم سيتي فقال له وهو يربت على كتفه:

-كان من الممكن أن نخسر القائد توت بأي حملة من تلك الحملات التي خرجت بها أنا ولكن لحسن الحظ لم يحدث وعندما جاء وقته رحل عنا بالرغم من تركه قيادة الجيش وتوليه منصب الوزير.


حاوره رمسيس موضحا:

-لم يترك قيادة الجيش أبي، بالرغم من توليه منصب الوزير قد استمر بقيادة الجيش لأني كنت أثق به ثقة عمياء مثلما فعلت أنت.


أومأ بصمت وحزن وعاد لموضوعه الأصلي متفوها:

-حسنا لنعد لما كنا نتحدث عنه، كل هؤلاء السحرة ليسوا بالقدر الكافي من القوة حتى يستطيعوا إعادتي.


عقب عليه نجله:

-أو ربما قام هذا الشخص بتحصين نفسه وجسده فصعب الأمر عليهم.


حرك رأسه معترضا وقال:

-أنا حتى لا أستطيع زيارتها بأحلامها كما اعتدت قديما.


فكر رمسيس قليلاً ووضع سبابته أسفل ذقنه قائلاً بتفكير:

-هناك شخص واحد يمكن أن يساعد بالأمر وهو خادم المعبود حورس.


ضحك سيتي وقال له ساخراً:

-وهل تظن أن يقوم خادم المعبود حورس بمساعدتنا ونحن الأثنين لم نقم حتى ببناء مسلة لتبجيل معبوده؟


أومأ له نجله وقال مبتسما:

-هل تظنني بهذا الغباء يا مولاي؟ بالطبع لقد قمت بفعلها وأكثر، لم أبخل على أي من الكهنة أو خدام المعابد حتى لا اضطر أن أقف ضدهم بصراع يفقدني حكمي، أنا فعلت كل شيئ يجعلني أوطد جذور أسرتي بالحكم أبد الدهر فقد تزوجت كل ملكة أو أميرة أو حتى أماً لولي عهد بأي مملكة مجاورة حتى أوسع امبراطوريتي.


رد عليه والده بتفاخر واعتزاز:

-جيد ما فعلت فهذا الفعل سيمكنك من اﻻستمرار بالحكم دون صراع.


تذكر حبيبته فتنهد تنهيدة عميقة وقال:

-كانت بنترشيت مهتمة جداً بدراسة تاريخنا القديم وخصوصا أسرتنا (أسرة الرعامسة)  وأكثر من اهتمت بدراسته هو أنت يا بني.


ابتسم رمسيس وسأله بفضول:

-ولما أنا بالتحديد؟ هل لحبها الشديد لك؟


هز رأسه رافضا وقال بتفاخر كبير: 

-بل لأنك قد سُجلت بالتاريخ كأعظم ملوك أسرتنا وأيضاً أعظم ملوك الفراعنة يا بني.


شعر رمسيس بالفخر فانتصب بجسده واتسعت بسمته فسأله والده: 

-هل صحيح قد تزوجت من أختك الصغرى وابنتي الأميرة حنوت مي رع؟


أومأ له موكدا فوجد نظرات والده اﻻستنكاريه فرد مدافعا عن نفسه:

-لم أكن الملك الأول الذي يتزوج من اخوته ولا أظنني سأكون الأخير، فبهذا أضمن نقاء نسلي وعدم اختلاط الأعراق بدمائي الملكية.


حرك سيتي رأسه موافقا بامتعاض وقال بضيق:

-ربما لم تقم بفعل شاذ طبقا لذلك العصر وتلك الحقبة من الزمن، يبدو أنني عشت طويلاً بالمستقبل لدرجة أن أصبحت أمقت تلك الأشياء مثلهم تماما.


أبتسم رمسيس على حديث والده وما لبثت ابتسامته أن تتحول لضحكات عالية حتى أوقفه تعقيب والده:

-وربما لم تكن الأول الذي تزوج من أخته ولكنك بالتأكيد الأول الذي تزوج من بناته.


رد مؤكداً:

-لست الأول أبي، فالملك اخناتون قد تزوج من ابنته أيضاً.


عقب عليه والده:

-هذا الشخص قد ضرب بكل الأعراف والعادات وأنشأ لنفسه دين جديد ومعبود جديد وحتى انه نفى وجود البقية، فهل أصبح مرجع لك لتقلده وتتخذه مثال لك؟


أطرق رمسيس رأسه فاستطرد سيتي:

-وإن تزوج هو بابنته فأنت يا بني قد تزوجت بأكثر من ثلاثة من بناتك وهذا الأمر شاذ.


صمت عندما وجد نظرات الذهول بعينيه فانتبه انه ربما لم يفعلها بعد وقد أفشى له سر من أسرار المستقبل الذي حذرته بنترشيت دائما من إفشاؤه حتى لا يتلاعب بالزمن فسأله بحذر:

-كم ابنة قد تزوجتها يا بني؟


رد موضحا :

-رسميا، واحدة هي الأميرة (بنت عنتا) ابنتي من زوجتي الملكة (است نفر) ولكن وبشكل غير رسمي وغير معلن أيضاً حتى الآن هي ابنتي الاميرة (ميريت آمون).


تعجب وسأله:

-ولماذا لم تعلن زيجتكما؟ هل تخاف من شيئ بني؟


ضحك وقال موضحا:

-ميريت آمون لا تزال صغيرة لذلك فهي إلى الآن عشيقتي السرية، وأيضا لم أشأ أن أقف بنزاع مع والدتها الملكة نفرتاري فهي الملكة الكبرى وأعشقها و لا أريد إحزانها بهذا الأمر.


رمقه والده بنظرة متضايقة وتمتم بضيق:

-مقزز وأود التقيئ من مجرد التفكير بالأمر لذا كفى حديثا عن هذا الأمر حتى يتوقف شعور الغثيان الذي تملكني هذا.


وافق الأخير دون إطالة فهو شعر بمدى ضيق والده من تلك الأفعال.

❈-❈-❈


مرت عليها الأيام زاهدة بالحياة وكلما كبر جنينها بداخلها تشعر باﻷلم يتضاعف ولكنها تصنعت قبول اﻻتفاق مع إمام حتى ترتب أوراقها وتحاول إيجاد طريقة جديدة لإستعادة ما فقدته.


عاد إمام من عملة متجهم الوجه فهو غير سعيد بذلك العمل، فارتمى على الأريكة التي توجد بصالة المنزل ونظر لتك الشاردة إلى جواره فسألها بصوت غليظ:

-إلى متى ستظلين هكذا؟


لم ترد وأدارت وجهها للجانب اﻵخر فزفر أنفاسه بحنق ووقف بحدة صارخاً بها:

-لقد مللت منكِ يا امرأة، اللعنة على قلبي الذي شعر بكِ وأعادك للحياة من جديد.


ردت بفتور:

-ليتك تركتني معه.


صر على أسنانه وصاح بغضب:

-استمعي لي جيدا، فأنا لم أعد أحتمل هذا الهراء فإما أن تعودي لرشدك أو ننفصل وينتهي هذا العذاب.


رفعت وجهها له وقالت بحزن:

-افعل ما يحلو لك، فأنا لم أعد أهتم بشيئ.


زاده حديثها غضبا فوق غضبه فصرخ بها بشكل جعلها تنتفض فزعة من أمامه قائلاً:

-أيتها اللعينة الناكرة للجميل، حسنا فليكن دورثي، لننفصل ولكني لن أترك ابني لتربيه على خرافاتك وهرائك هذا.


رمقته بنظرة باردة وقالت ساخرة:

-هل لا زلت تظن أنه ابنك؟


ضغط بقبضته قوياً حتى ابيضت مفاصله وقال بصوت أجش:

- نعم هو ابني وأنا لن أتركه لكِ.


أومأت دون اكتراث بعد أن شعرت أن الحياة تغادرها رويداً رويداً فقالت له:

-افعل ما شئت، لم يعد أي شيئ مما تقوله مهم.


حرك رأسه باستنكار وبلل شفتيه حتى يزيل ذلك المرار الذي علق بحلقه وشفتيه وقال أخيراً:

-ستندمين بشدة على أفعالك، ولكنني أعدك دورثي أنني سأقف أمامك بيوم وأنظر لكِ بتشفي بعد أن تصابي بالجنون أو الخرف لأضحك على ما تبقى منكِ أيتها اللعينة الغادرة.

يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية نابغة بعصر الأغبياء ، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة