-->

رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 34 - 2 الخميس 27/6/2024

 قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية نابغة بعصر الأغبياء

للكاتبة أسماء المصري


الفصل الرابع والثلاثون

2

تم النشر يوم الخميس

27/6/2024

وقفت أمامه تتصنع اﻻنكسار ولكنها بداخلها كانت تضمر له شرا بعد أن ساعدهم بنفي محبوبها وعشيقها سيتي فقالت بحزن وعربية متكسرة:

-ازيك شيخ حسب نبي؟


رد مبتسما: 

-اهلا يا بنتي، اتفضلي.


دلفت وجلست أمامه فسألها بهدوء:

-خير يا بنتي؟


ردت بتوتر ملحوظ:

-أنا عايز أنت تساعدني.


سألها بحيرة:

-اساعدك بايه؟


أجابته مدعية كذبا:

-أنا كمان في واحدة بتلبس أنا يا شيخ.


ردد كلماتها بشكل صحيح:

-واحده بتلبسك ؟


أومأت له فرد فورا:

-إمام قال كده برده، بس يا بنتي انتي وقتها تقريبا كنتي بين الحيا والموت و...


قاطعته بلهفة:

-ساعدني، انا مش عارف أعيش وإمام سابني وأخد ابني معاه وكل يوم حياتي أصعب، ارجوك ساعدني.


أومأ لها على الفور موضحا:

-أنا كل اللي أقدر أعمله أوصلك بالشيخ فؤاد وهو يساعدك.


ابتسمت على الفور ووافقت فأخبرها موضحا: 

-بس يا بنتي هو بيعمل الحكاية دي بفلوس، ده نباش قبور في اﻻساس يعني الفلوس أهم عنده من اي حاجه تانيه وانا عارف انك يعني معكيش حاجه تقديمهاله.


ربما لم تفهم معظم حديثه ولكن أغلب ما فهمته جعلها متفائلة أنها ربما وجدت ضالتها فسألته بحيرة:

-يعني ايه نباش قبور؟


أجابها موضحا:

-كان شغال مع بتوع اﻻثار وكل ما يلاقوا مقبره كان هو اللي بيساعدهم على فتحها بالطلاسم اللي عارفها وطبعا بياخد على قلبه فلوس قد كده.


تعجبت فهي عندما عرضت على سليم حسن ذلك اﻻتفاق تم رفضه من هيئة الآثار فقالت:

-بس بتوع آثار مش بيوافق على دفع فلوس.


ضحك الشيخ حسب النبي على سذاجتها وقال:

-ما هو يا بنتي مش بيشتغل مع الحكومه، ده بيشتغل مع اللي بيسرقوا اﻻثار ويبيعوها للي يدفع اكتر.


تضايقت من حديثه؛ فهذا الرجل يدنس مقابرهم ومقدساتهم ويستخدم سحرهم ليستول على ثرواتهم، ولكنها مضطرة للتعامل معه حتى تصل لغايتها وبعدها ربما تجد له حلا ليكف عن نهب تلك الثروات فقالت بصوت هادئ:

-عايزه اروح عنده يا شيخ.

❈-❈-❈


تمدد بجسده على الحامل الرخامي للمذبح الذي ينتصف القاعة الكبرى للمعبد والتف حوله الكهنة وبدأوا يرتلوا ترانيمهم بتكرار منظم حتى اختفى جسده من أمامهم؛ فهرع رمسيس ناحيتهم يسألهم بلهفة:

-أين هو؟


لم يجب احدا منهم ولكنهم ظلوا يرددوا تلك الترنيمة التي يحفظونها عن ظهر قلب؛ فظل رمسيس يلتف حولهم بخوف وقلق بالغين وعينيه مرتكزة على المذبح الخالي من جسد والده.


أما هو ففتح عينيه عندما اختفت أصواتهم فوجد نفسه بذلك الذورق؛ فعلم أنهم قد خدعوه و أرسلوه للعالم اﻵخر فحاول العودة ولكن جاءه صوته المهيب والمزدوج الذي هتف عاليا:

-إلى أين أيها الفرعون سيتي مر إن بتاح؟


التفت ينظر لمصدر الصوت فوجده بهيبته وملابسه الذهبية وخوذته المنحوته بشكل رأس صقر فتخوف لحظة مما هو قادم وانحنى باحترام هاتفا:

-مولاي الحامي حورس، كل التحية والتقدير لجلالتك.


أزال حورس خوذته فظهر وجهه فوجده مجرد شاب صغير بالسن لا يتعدى العقد الثاني من عمره ولكنه ظل على حالته ناظرا له واﻵخر يقترب منه ببطئ وهو يقول:

-لا تخف سيتي فأنت هنا لتقايضني على مطالبك، فكهنتي ليسوا بهذا القدر من القوة حتى يستطيعوا فعلها بمفردهم.


أومأ له باحترام وسأله:

-وما هي مطالب جلالتك؟


رد عليه وبسمته تتسع لأذنيه قائلا:

-لا تتعجل سيتي، أولا لترى حال عشيقتك بالمستقبل وبعدها تقرر إن كنت لا زلت تريد مساعدتي أم لا؟


لم يفهم او يعي ما يقصده حتى ضرب حورس سطح الذورق بصولجانه فتحول العالم حوله ليجد نفسه داخل غرفة معتمة يدخلها الضوء من فتحة صغيرة، فاتبعها ليجد مدخل لغرفة أخرى فدلف دون تردد ليجدها أمامه جالسه برفقة ذلك الرجل الذي تسبب بنفيه من جديد لعالمه الموازي.


صر على أسنانه بغيظ عندما رآه أمامه ولكن لحظة، ما الذي يفعله برفقتها؟ فاقترب اكثر ليستمع للحوار الدائر بينهما ولكنه لم يستطع عندما وجد يد حورس تقيد حركته قائلا:

-أنت زائرٌ هنا، لا يمكنك اﻻقتراب أو التواصل معها بأي شكل.


أومأ صامتا ونظر لهما باهتمام واستمع لها تقول له بالهيروغليفية:

-أنت لابد أن تساعدني وأي نقود ستطلبها فهي لك.


ابتسم لها الشيخ فؤاد قائلاً بسخرية:

-تتكلمين الهيروغليفية لتتأكدي من قدراتي، فهل اعجبتك؟ أظن إن استطعت طرد خادم المعبود ست من جسد إمام فهذا كافٍ.


ابتلعت وأومأت هاتفة:

-معك حق، والآن هل ستساعدني؟


حرك رأسه رافضا ومعللاً:

-ما أعلمه أنك لم يعد معك ما تقتاتين به، والأكيد أنك لن تستطيعي دفع الثمن.


أخرجت من حافظة نقودها خاتم الزواج الثمين الذي أحضره لها إمام بلندن وقالت له:

-هذا مجرد تأكيد بسيط على استطاعتي، بل وأستطيع أن أجعلك أغنى أغنياء العالم وأرشدك على ثروات لا تعد ولا تحصى، ولكن عليك مساعدتي أولا حتى أستطيع فعلها رجاءً.


حاول سيتي أن يوقفها عن التوسل له ولكنه تفاجئ بعودته لنفس المكان بداخل الزورق والملك حورس أمامه يقف شامخاً بطوله الفارع فتوسله بلهفة:

-مولاي، أنا على أتم استعداد لدفع الثمن أي ما كان.


ابتسم مجددا بهدوء مستفز وقال:

-لا تتعجل، تريث واتخذ قرارك بحكمة.


سأله بتوتر:

-ما هو الثمن الذي على أن أدفعه؟


ضرب حورس سطح الذورق بصولجانه مجدداً فوجد نفسه بداخل معبده بأبيدوس وحورس يجلس على عرشه، فانحنى له سيتي بتبجيل واستمع له يوضح:

-أنت تريد الحياة اﻻبدية مع محبوبتك، أليس كذلك؟


أومأ بصمت وتردد فأضاف الأول:

-الثمن سيكون باهظا ولكنني لن أبخل عليك به بالرغم أنك تبجل قاتل أبي.


نهج بأنفاسه وقال بلهفة:

-يمكنني جعل ابني الملك رمسيس يفعل كل ما تريد، بداية من إزالة اسمي حتى من قوائم الملوك او تغييره لاسم تتويجي بعيدا عن نسبي للمعبود ست ولكن ارأف بي ولا تجعلني اعاني ما عاناه والداك بنار الفراق.


رفع حورس رأسه وقال بجدية:

-يا لك من عاشق أيها الفرعون سيتي.


صمت قليلا وأضاف :

-حسنا، الثمن سيقسم على ثلاث، جزء ستدفعه أنت، وجزء ستدفعه عشيقتك التي دنستها وخالفت شعائرنا والجزء الأخير سيدفعه نجلك وولي عهدك رعمسيس.


أومأ له وهو متخوفا من أن يطلب منه المستحيل فقط لتعجيزه ولكنه انتظر ليستمع له على كل حال فقال حورس:

-وأما الجزء الخاص بك فهو بسيط جدا وسهل، وهو عدم العودة نهائياً ولا حتى بزيارات كما كنت تفعل، تنسى تماما هذا العالم وتظل بعالمك الحالي مع من اخترتها ولا تعود أبدا.


وافق دون تردد وابتسم لسهولة طلبه وانتظره ليكمل فقال:

-وأما نجلك فسيقدم القرابين لمعبدي ويبجل اسمي ويحفرة بنقوش على آثاره، فهو كما تعلم من أهم الملوك الذين سيمرون على هذا البلد لعصور وعصور.


ارتبك سيتي ولكنه أومأ مجدداً فقال حورس:

-هل أنت متأكد من موافقته لهذه الدرجة؟


أجابه بتأكيد: 

-هو ابني وأنا أعلم مدى حبه لي، ولن يدخر جهد لمساعدتي، وما تطلبه ليس بأمرا يصعب عليه تنفيذه.


حرك حورس رأسه مؤيدا حديثه وصمت قليلا وكأنه يؤكد له أن الجزء السهل قد انتهى، وها نحن بصدد ثمن صعب تقديمه ولكنه انتظر على آية حال فلا يوجد بيده حيلة واستمع له يقول:

-وأما عنها وما عليها دفعه فهو باهظ الثمن ولكن تلك طريقتي لمعاقبتها على فعلتها الدنيئة بتدنيس جسدها وهي كاهنة ولم تقف هنا بل فعلت ما هو أعظم بانتحارها وهي تحمل روحا بداخلها ولم تتوقف فتلاعبت بمساعدتك بالطبع بذلك المسكين إمام حتى حولتما حياته لجحيم (استغفر الله العظيم وأتوب إليه).


لم يفهم ما يريده بالتحديد فظل مترقبا له حتى قال بصوت حاد مزدوج:

-قربان تقدمه هي طواعيةً ويحمل دمائكما.


نظر له بدهشة ووجل بعد أن فهم ما يريده فانعقد حاجبيه بشدة واقترب قليلاً من مقعد العرش واتكئ على قدم ونصف منحنيا باحترام وهاتفا بحيرة:

-هل تطلب مني التضحية بابني وفلذة كبدي الذي يحمل دمائنا؟


رد بلا مبالاة:

-ابنك أو ابنتك فلا يهم، إنه اختياركما.


هتف بضيق:

-ولنفترض أنني وافقت، كيف سأطلب منها وأنا لا أستطيع التواصل معها؟


ضحك حورس وقال مؤكدا:

-هل تظن أنني لا أستطيع أن أجعلك تتواصل معها؟ بل وأستطيع احضارها هي بجسدها كاملاً إلى هنا!


رفض رفضا مقننا وقال:

-مولاي، بل دعني أنا أتولى مهمة إقناعها بالأمر، فالثمن باهظ كما تعلم ولا أظنها قد توافق عليه.


صمت ولم يظهر أي ردة فعل ولكنه ابتسم بسمة واسعة ورفع صولجانه عاليا بحركة بطيئة وهوى به على الأرض الرخامية للمعبد ليندثر كل شيئ من حول سيتي وهذا العالم ويجد نفسه واقفا ينظر لها نائمة بهدوء بهيئتها المحببة إلى قلبه وملابسها الفرعونية على فراشهما بمنزل النيل وبطنها المنتفخ أمامه جعلها غاية في الرقة والجمال.


يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية نابغة بعصر الأغبياء ، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة