-->

رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 25 - 2 الجمعة 7/6/2024

  

قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية نابغة بعصر الأغبياء

للكاتبة أسماء المصري


الفصل الخامس والعشرون

2

تم النشر يوم الجمعة

7/6/2024

❈-❈-❈

لحظات من السكوت تخللها نظرات اللهفة واﻻشتياق وعبرات الذهول الممزوجه بالفرحة فهتفت تيا بحيرة: 

-كيف؟


ردت بنترشيت بسعادة: 

-تعويذة مولاي سيتي هي ما أحضرتنا ولا يستطيع أن يرانا سوى أحبائنا فقط ومعنى انكِ تريني....


صمتت وبكت وحاولت احتضانها ولكن لم يفلح الأمر فقال سيتي وهو يمسكها من راحتها: 

-لا يمكننا لمسهما حبيبتي.


التفت توت لسيده وقال باندهاش: 

-مولاي! كم حزنت على فراقك ولا أصدق أنك أمامي اﻵن.


أومأ سيتي برأسه بحبور مؤكداً: 

-ألقيت تلك التعويذة حتى أعرف إن كان حبك لي حبا صادقا أم فقط تملقني، ولكنك حقاً أفضل صديق عرفته بحياتي.


لمعت عينيه بالدهشة وردد متفاجئا: 

-صديق! وهل أرتقي لأن أكون صديقاً للفرعون الأعظم بالتاريخ؟


رد مؤكداً بحب: 

-بلى ترتقى لأن تكون وأكثر، وستكون الوزير الأكبر لأعظم فرعون بالتاريخ أيضاً.


همست بنترشيت تقاطعه: 

-مولاي، لا يجب العبث بالمستقبل فلا يمكنك إخباره ما سيحدث.


بالطبع استمعت لها تيا فابتسمت وسألت بفرحة: 

-هل ذاع صيت أخي وزوجي بالتاريخ بنترشيت؟


أومأت بصمت وبسمتها تزين وجهها فاتسعت بسمة الأولى معقبة: 

-أكاد لا أصدق أنني أراكما معا، كيف فعلتها أبي؟ وهل تتقابلان كثيراً؟


ضحك سيتي ضحكة رنانة انتبه لها ذلك الملك الواقف أمام الكهنة، فاستدارت رأسه للخلف ليراه واقفا برفقة أخته ووزيره الأكبر فكاد أن يترك مراسم التتويج ولكنه تماسك حتى تنتهي المراسم.


أما ستي فظل يضحك ويضحك حتى سأله توت: 

-ما اﻻمر؟ ما المضحك لهذا الحد مولاي؟


أجاب ولا زال أثر الضحك على صوته: 

-سؤال ابنتي وزوجتك هو المضحك، فأنا وبنترشيت قد تزوجنا وأنجبنا الرضيع سيتي.


التفت ونظر لابنته وأكد لها: 

-أخاكي يشبهك كثيرا تيا في صغرك.


لم تتمالك نفسها من الفرحة فوضعت كفها على فمها لتكتم شهقتها السعيدة وبكت فرحاً هاتفة بحب: 

-أنا سعيدة لأجلكما مولاي وأبي الفرعون.


بكاؤها شوش رؤيتها وهي تكمل: 

-لقد تعب والدي كثيراً بعد انتحارك بنترشيت، خمسة عشر عاما وهو يتعذب وينهار من ألم فقدانك وأنا معه وأراه يوميا وهو يذبل، يا ليتك انتظرتي يومين لكان لحق بكِ توت و.......


قاطعتها بنترشيت تتحدث بمواساه وهي لا تعرف هل تواسيها أم تواسي نفسها: 

-لا تحزني حبيبتي، فأنا اﻵن بأفضل حال وأعيش مع من أحب وسعداء للغاية.


رفعت وجهها لتنظر له بحب وأضافت متسائلة: 

-أليس كذلك يا مولاي؟


أومأ فسأل توت بحيرة: 

-كيف هي الحياة بالعالم اﻵخر مولاي؟


رد مبتسما بتشويق: 

-عليك أن تعمل بكد وتعب اﻵن لتحظى بحياة سعيدة هناك عزيزي توت.


استمعوا لصوت الكاهن وهو يقول بصوت مسموع: 

-انهض الآن أيها الفرعون الملك ليراك شعبك ويبجلك ويقدرك أيها الفرعون رعمسيس الثاني من اسمك ووريث أعظم الملوك سيتي مر إن بتاح.


وقف رعمسيس بفخر وعينيه مرتكزه على والده مبتسما له كأنه يقول له أنا أراك، فابتسم له سيتي بدوره وأومأ له برأسه ليؤكد له فهم رسالته الصامتة وأمسك راحة حبيبته وقبلها وهمس لها بصوت رقيق: 

-معك حق قيثارتي، فالملك يبدو وسيما للغاية واﻵن سيضع التاج ويحصل على ألقابه وأظنه سيتخذ آمون رع امتداداً لاسمه كما نصحته حتى لا يحاربوه وهو لا يزال بالعشرين من عمره، لذلك اسميته انا عندما أشركته بالحكم رعمسيس مري آمون (رع من انجبه آمون أو محبوب آمون).


تنحنحت بنترشيت وهمست بأذنه: 

-مولاي، لقد قرأت بالتاريخ وعملت انه تزوج الكثير والكثير من الزوجات و حظي بعشرات المحظيات وأنجب امبراطورية من الابناء.


ابتسم سيتي وأومأ لها فرحاً: 

-هذا جيد.


ضحكت وحاورته بتلقائية: 

-جيد ولكنه شاذ.


رفع حاجبه ورمقها بنظرة غاضبة فلمحته تيا وحاولت تهدأته فقالت: 

-أظن بنترشيت ترفض التعدد يا مولاي، فهذا هو الحب.


رد بوجوم: 

-بنترشيت دائماً تتصرف كاﻻطفال بالرغم من كل ما حدث.


ردت تدافع عن نفسها هاتفة بتوضيح: 

-لم يكن ذلك ما أردت قوله يا مولاي، فقط لقد تزوج اخته وبناته وهذا هو الشاذ برأيي.


تجهمت ملامح سيتي كثيراً وردت تيا: 

-الكثير من الملوك يتزوجون بأخواتهم فهذا ليس بجديد.


ردت بنترشيت دون حذر: 

-ولكنه الأول الذي يتزوج من بناته، تخيلي معي لحظه أن يتزوجك مولاي سيتي!


رسمت التقزز على وجهها وقالت مؤكدة: 

-شيئاً خارجاً عن طبيعة البشر ومقزز.


هدر بها بغضب: 

-بنترشيت، اصمتي.


أطرقت رأسها لأسفل بحزن فتمتم هو بصوت مسموع: 

-لا تزالين طفلة لعينة لا تستطيع انتقاء كلماتها، ألم تقولي منذ لحظات أنه لا يمكننا إزالة الستار عن المستقبل أيتها المعتوهة! 


لم تجب فابتسمت تيا وقالت مازحة: 

-لا أصدق أنكما أمامي تتشاجران، هل تفعلان هذا دائماً بالعالم اﻵخر؟


أومأ لها ضاحكا وأكد: 

-هل تنتظرين منها أن تنضج؟ هي لا زالت نفس الفتاة ذات الأربعة عشر ربيعاً، طفلة لا تنضج أبداً.


ظلت مطرقة رأسها وبدأت عبراتها بالنزول على وجنتيها فرفع وجهها بسبابته ومسح عبراتها وانحنى يقبلها بحب وابتعد قائلاً: 

-وأنا لا زلت أذوب عشقاً لتلك الطفلة التي تحتل نبضات قلبي وتجلس متربعة على عرشه.


ابتسمت تيا فقال توت معقبا: 

-ليتي استطيع رؤيتها يا مولاي ولكنني لم أجرؤ حتى أن أكن لها مشاعر ود حتى أستطيع رؤيتها.


أكد سيتي ضاحكا: 

-هي نفسها قيثارة الحب عزيزي توت، لم ولن تتغير أبداً.


رد توت مستحسنا: 

-أنا سعيد لأجلك مولاي.


انتهت مراسم التتويج وأمسك الكاهن الأكبر التاج واقترب من رعمسيس فانحنى الآخر قليلاً حتى يستطيع أن يضعه الأول على رأسه ووقف بعدها منتصبا والكاهن يهتف بصوتٍ عالٍ وجهوري: 

-انحنوا تبجيلاً للملك رعمسيس الثاني من اسمه، رعمسيس مري آمون.


التفت له يحدثه:

-قف قبالة الممشي مولاي لتُلقب بلقب تتويجك الذي اختاره لك العبود رع.


التفت ينظر لقرص الشمس المقابل لفتحه بالمعبد وأغلق عينيه لحظات وبعدها عاد ينظر أمامه للجمع الغفير الذي يصطف على جانبي المذبح الخاص بالمعبد وقال بصوت واثق وقوي: 

-أنا الفرعون وسر ماعت رع ستبن رع (عدالة رع قوية، المختار من رع) أنا رعمسيس مري آمون (رع من انجبه آمون) ملك الأرضين وحامل اللقبين وشريك ووريث الملك سيتي مرا إن بتاح الأعظم والدي ومرشدي.


هلل الحضور بفرحة وألقت الكاهنات عليه بتلات الورود والزهور وهو يمشي بالممر الطويل ماراً بجوار والده؛ فاحنى رأسه فور أن وقف قبالته باحترام وتبجيل مبتسما له فغمز له سيتي حتى لا يشعر أحد انه يتحدث مع الفراغ، ولم يكن رعمسيس بغبي ففهم الرساله بالتو واللحظة وأكمل سيره حتى مرت تويا من أمام سيتي فوقفت مشدوهة عندما رأته؛ فابتلعت ريقها بتباطئ وقالت بصوت خافت: 

-مولاي!

كم تعجب هو بتلك اللحظة عندما تأكد أنها رأته، فهل كانت تحبه حقا بحب نقي ولم يكن لديها أي أطماع للسلطة والنفوذ؟ أم هي تحبه ولكنها أرادت كل شيئ مع حبها هذا؟ ومع هذيان عقله هذا لم يتركها تنتظر طويلاً حتى يجيبها هاتفا: 

-مرحبا تويا.


لمعت عينيها بذهول فحاول توت تهدئتها قائلاً: 

-مولاتي، لا تخافي فأنتِ تعلمين قوة المعبود ست.


اقتربت منه حتى أصبحت تقابله بوجهها وحاولت لمسه فلم تنجح بذلك، فنظرت له باشتياق وقالت: 

-أبعدتني عنك وأضناني الفراق يا مولاي حتى موتك، واﻵن تقف أمامي كطيف لا أستطيع حتى أن ألمسه.


بكت وقالت بأسف: 

-أردت أن اعتذر عما فعلته ولكنك لم تسمح لي أبداً، لم أكن أتصرف بعقلي يا مولاي ولكنه قلبي اللعين هذا وغيرتي هي ما جعلتني أخطئ بحقك و حق نفسي وحق ابنائي و....


قاطعها سيتي موضحاً: 

-لا تهتمي اﻵن سوى للفرعون والملك ابني رعمسيس، اعطيه كل اهتمامك ولا تقفي بطريقه فكما تنبأت الكاهنة بأنه سيذيع شأنه ويعلى اسمه بالكون كله فلابد أن تقفي أنتِ بجواره في غيابي، هذه المسئولية تقع على عاتقك وحدك ولهذا السبب فقط قد أبقيت على حياتك ولم أقتص منكِ موت بنترشيت.


مسحت عبراتها وسألته بحزن: 

-ألم تسامحني بعد؟


رد مؤكداً: 

-بلي، سامحتك تويا فأنا أقف الآن برفقتها، ربما لا تستطيعين رؤيتها ولكن تيا تراها إلى جواري.


تجعدت ملامحها ولكنها حاولت الهروب من هذا الحديث الذي يؤلمها كثيراً فسألته: 

-هل سأراك ثانية مولاي؟


أجاب موضحاً بثقة: 

-إن أردت أنا هذا.


أومأت بخضوع وبكت فأخبرها بصوت حاد: 

-تعلمين أنا سعيد اﻵن أكثر بكثير عن ذي قبل، فزوجتي إلى جواري ومعها ابني وهذا جل ما أريده بتلك الدنيا.


أومأت مبتسمة فقد ظنت أنه يتحدث عنها وعن ابنه الملك ولكنه فاجئها بتوضيحه: 

-لقد تزوجت بنترشيت بالعالم اﻵخر وأنجبت منها ونعيش سويا اﻵن سعيدان ولولا فعلتك لا أظنني كنت لأعيش أسعد فترات حياتي كما أنا اﻵن.


رفعت وجهها بتعجب وسألته بحيرة: 

-ماذا تقول؟ تزوجتها! كيف؟


رد بعدم اهتمام: 

-لا يوجد مستحيل بالحياة الأخرى تويا، واﻵن كفي عن الثرثرة التي لا فائدة منها واتبعي ابنك الملك وأنا سألحق بكما.

يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية نابغة بعصر الأغبياء ، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة