-->

رواية جديدة براديسيا (التميمة الملعونة) لبسمة بدران - الفصل 8 - 1 - الأربعاء 19/6/2024

   قراءة رواية براديسيا (التميمة الملعونة)  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية براديسيا (التميمة الملعونة)

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران


الفصل الثامن

1


تم النشر يوم الأربعاء

19/6/2024


عبثا  كل تلك الأشياء التي فعلها للتستر على جريمته الشنعاء ضاعت هباء منثورا 


لطالما حرص على إخفاء ذلك الأمر عن أقرب الناس إليه 


حاول ألا يتحدث به حتى مع نفسه 


لكن يبدو أنه كان مخطئا 


فالجريمة لا بد لها أن تظهر حتى لو بعد حين 


والمصيبة أن ابنته تنتهج نفس السلوك الذي انتهجه من قبل للحصول على السلطة والحكم 


وها هو ذا أصبح مجرد ظل لابن أخيه الملك تميم 


بات مثل الذي رقص فوق السلالم 


لكن كيف علمت ابنته؟


بجريمته ومن أين؟


وهو ظن أن جريمته أصبحت في طي النسيان 


كيف؟


كاد عقله أن يتوقف من شدة التفكير 


قاطع شروده صوت زوجته التي ولجت للتو تسأله بعدم تصديق: هل ما قالته رحيق حقيقي؟


لقد تركتك لفترة طويلة لأنني كنت مصدومة 


أرجوك أتوسل إليك أجبني وأرحني هيا هل أنت قتلت الملك نعيم؟


نكس رأسه أرضا متهربا من الجواب 


فماذا سيقول لها؟


أيقول إنه قتل أخيه لأنه تزوج بالمرأة التي أحبها 


أم يقول إنه قتله من أجل الحصول على العرش 


أجفل على صوتها الغاضب: هيا أجبني يا أمير سفيان ولا تصمت 


جحظت عيناها في دهشة وتجمد الدم في عروقها وهي تستمع إلى اعترافه الصادم بالنسبة لها 


أجل قتلته ولست نادم على هذا 


وأحذرك ان فتحت فمك هذا لأي مخلوق أقسم أنني سأرسلك إليه تؤنسيه في مرقده  فهمت؟


❈-❈-❈


يجلس في جناحه يزأر كالأسد الجريح 


فبعد ما ذهبوا إلى الغرفة التي تقطن بها الجارية صفية للاستفسار عما حدث لم يصلوا إلى أي شيء يعرفوا به ماهية القاتل 


حتى الملك تميم رفض أن يوجه أي اتهام للعاملين بالقصر معللا بأنهم في خدمة العائلة الملكية منذ زمن طويل 


والجاني حتما من خارج القصر 


ومن الواضح أن حق حبيبته وابنه ضاع هباء 


لكن لا لم يكن الأمير حكيم إن لم يأخذ ثأر معشوقته وولده الذي لم يرى النور 


سيبحث بنفسه عن الجاني وسيقتله بيديه 


حتى لو هذا سيكون آخر فعل سيفعله في حياته 


❈-❈-❈


هون على نفسك يا جلالة الملك 


يجب أن تكون هادئا كي تصل إلى حلا 


تلك الكلمات هتفت بها الملكة علياء التي كانت تجلس بجوار زوجها فوق الفـ راش تربط على ظهره مواسية له في تلك المحنة التي عاشتها المملكة بأكملها 


رفع رأسه التي كانت بين راحتي يده ورمقها بنظرات حزينة هاتفا بمرارة: لا أستطيع يا علياء 


للأسف الجارية صفية لم تفيدنا في شيء 


كنت معلقا آمالي على الحديث الذي ستتفوه به 


لكن بدت لا تعلم أي شيء عما حدث 


فهي ضحية مثلها مثل التي رحلت أمس 


الطبيب أخبرنا أن من حسن حظها أنها لم تكمل طعامها وإلا كان مسواها التراب 


ضمت رأسه إلى صـ درها وهي تتمتم له بكلمات مطمئنة وتخبره بأن كل شيء سيكون على ما يرام 


بينما هو أراح رأسه على صـ درها واحتضن خصـ رها بكلتا يديه وهو يتساءل بداخله عما يحدث معهم 


فمنذ متى ومثل تلك الجرائم ترتكب في قصره 


يبدو أن هناك شيء خاطئ يحدث من حوله 


لا بد أن يعرفه ويقضي عليه قبل فوات الأوان 


لكن ما لا يعرفه الملك تميم أنه على أعتاب حرب كبيرة 


وما خفي كان أعظم 


❈-❈-❈



بعد مجهود كبير بذله في السيطرة على جواده 


استطاع أخيرا أن يكون أول من وصل إلى نقطة البداية 


وها هو يقف في وسط الساحة بجواده والجميع يلتفون من حوله يهللون ويصفقون له بحفاوة 


وكالعادة توزعت النظرات بين حاقد  وفخور  ومبتسم  ولا مبالي 


هذه هي أحوال الناس دائما 


فلن يتفق عليك أحدا مهما كنت ومهما حاولت أن تفعل 


ستجد دائما أشخاص يكرهونك دون سبب  وأشخاص أيضا يحبونك دون سبب 


هذه هي القاعدة الثابتة 


قفز من فوق جواده ووقف بشموخ يصافح كل من يمد له يده بالمصافحة 


وها هو ذا يقف أمامها ينظر إليها بتعال وغرور 


وكأنه يخبرها بنظراته أنه هو الفائز 


ليس الفائز في السباق فحسب بل الفائز عليها هي شخصيا 


التقطت الأشياء التي بين يدي الحارس بعصبية ملحوظة 


ناولته سيفا مصنوعا من الذهب 


وقلادة ذهبية منقوش عليها كلمة النورس مزخرفة بحجر الزمرد والياقوت 


وها هي لحظة انتصارها عندما سينحني لتضع هي القلادة حول عنقه 


يا له من نصر عظيم بالنسبة لها فذلك المغرور سينحني أمامها حتى لو بدافع وضع جائزة فوزه حول عنقه 


لكن لا بأس لا يهمها من الأساس 


المهم أنه سينحني أمامها  


لكن مهلا هل هو بساذج كي لا يفهم مخططها ذاك؟


ابتسم لها ابتسامة سمجة ومن ثم التقط القلادة من بين يديها وشكرها بلباقة وهو يضع لنفسه تلك القلادة 


صكت على أسنانها بغضب حارق ومن ثم رفضت مصافحته واستدارت ذاهبة من أمامه تطوي الأرض تحت قدميها من شدة الغضب 


بينما هو راح يشيعها بابتسامة واسعة ونظرات متشفية 


ثواني واندمج مرة أخرى وسط الحضور يحتفل معهم وهو يشعر بلذة النصر 


❈-❈-❈


ولج الأمير فخر بصحبة الأمير حمزة إلى قاعة العرش 


أدى التحية ومن ثم أشار لهما الملك تميم أن يجلس بجواره فوق المقاعد المصطفة بجانبي العرش 


رحب الملك تميم بالأمير فخر هاتفا بنبرة جدية يشوبها الحزن: مرحبا بك يا أمير فخر 


اعذرني لم أستطع لقائك كثيرا بسبب الظروف التي مررنا بها 


أومأ له الأمير فخر متفهما 


فاستطرد الملك تميم مخاطبا ابن عمه الأمير حمزة: مهمتك يا سمو الأمير أن تخبر الأمير فخر بكل شيء يخص براديسيا  مفهوم؟


مفهوم جلالتك 


تحدث الأمير فخر بكياسة: تعازينا لجلالة الملك تميم على فقدان ولي العهد 


أومأ الملك وشكره بلباقة 


هتف باهتمام: هل أعجبتك الإقامة لدينا يا سمو الأمير؟


أجابه بابتسامة: بالطبع فمن تطأ قدميه إلى أرض براديسيا ولا تعجبه يا جلالة الملك 


ألقى كلماته الأخيرة بسخرية مبطنة 

بالطبع لم تصل إلى قلب نقي كقلب الملك تميم 


رمقه بابتسامة خفيفة ومن ثم راح يتحدثان في بعض الأمور الخاصة بأحوال الشعب 


والأمير حمزة كان أحيانا يتدخل في الحديث إذا اضطر الأمر 


ظلوا يتجاذبون أطراف الحديث لوقت ليس بالقليل 


والحقيقة استطاع الأمير فخر دون قصد أن يهون على الملك تميم وينسيه قليلا ما حل بداخل قصره 


❈-❈-❈


تقطع غرفتها ذهابا وإيابا 


فهي تنتظر مكتوبا من ذلك الأمير ولم يرسل لها 

احتارت هل تتحرك بمفردها أم تنتظر؟


أمسكت رأسها بكلتا يديها تضغط عليها بقوة فقد أرهقها التفكير 


ثواني واستمعت إلى صوت قرع الباب 


سارت بخطوات بطيئة وفتحت الباب 


تنهدت براحة وهي ترى تلك الورقة ملقاة تحت عقب بابها 


أمسكتها بهدوء وبحثت بعينيها عن إن كان أحدا قد رآها أم لا 


بعد أن اطمأنت أغلقت الباب وجلست فوق الفـ راش ومن ثم فتحت الورقة وراحت تقرأ: انتظري قليلا يا رونق فأنت تعلمين الظروف التي نمر بها الآن 


والملك تميم حزين جدا على وفاة طفل أخيه الذي لم يولد 


أنت تعلمين قلبه الحنون 


وبالطبع لن يذهب إلى السباحة أو ركوب الخيل لذا عليك الانتظار حتى أعطيك الضوء الأخضر 


أما عن والدتك فاطمئني لقد أرسلت لها خطابا أخبرها بما حدث 


وأخيرا كوني حذرة ولا تفعلي شيء دون مراجعتي 


طوت الورقة ومن ثم تذكرت أنها يجب عليها أن تحولها إلى قصاصات صغيرة 


وها هي تلقيها بداخل صندوق القمامة المتواجد في غرفتها وهي تشعر براحة شديدة 


قررت أن تأخذ قسطا من الراحة وبعدها ستذهب إلى جناح الملكة علياء 



الصفحة التالية