-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 18 - 5 الأربعاء 19/6/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل الثامن عشر

5

تم النشر يوم الأربعاء

19/6/2024 

علي الجانب الآخر استيقظت ديمة بنشاط على غير العاده، ذهبت إلى الحمام تغتسل ولكي لا تتأخر علي صلاتها كعادتها التي بدأت أن تنتظم فيها بكل صباح أدت فرضها بالاول.. ثم وقفت ونظرت إلى غرفتها، لا بأس بها مريحة بعض الشيء بها نافذة زجاجية تطل على شجرة عملاقة تحط عليها مجموعة من الطيور، وهي بدت في كل صباح تفتح النافذة لتضع لهم صحنا من الماء و صحنا آخر من الحبوب أو بعضا من البقوليات فتأتي حينها الطيور وتتجه نحو النافذة كي تنال مرادها . 


و آدم عندما علم بذلك أبتسم لها ابتسامة بشوشة واخبارها ان تستمر بذلك لتحسين نفسيته ومن جهه أخرى تكتسب حسنات جاريه.. واخبارها مع الوقت ستعرف قيمتها عند هؤلاء الطيور التي لم تعرفها طوال هذه السنين عند البشر .... !


لان الحيوانات والطيور لا تنسى من احسن اليهم! وبالفعل تذكرت بيوم بالمساء جهزت لهم الصحون و وضعتها خارج النافذة حتى لا تتاخر على جمعتها بالصباح... وعادت عند الظهيرة إلى البيت وما إن وصلت لمدخل المنزل بعد ذلك دخلت غرفتها ونزعت معطفها همت بفتح النافذة لتتفاجا بالصحون كما هي لم ينقص منها شيء.. نظرت أمامها إلى الشجرة رأيتهم جالسين ينظرون إليها وما أن فتحت النافذة حتى جاؤوا مسرعين ليأكلوا و يشربوا... عندها فقط فهمت مقوله آدم.


خرجت بعد ذلك إلي الخارج فوجدت آدم بالمطبخ يعد الفطور تقدمت بخطوات هادئه وقفت امامه، شابكت يديها مع بعض في حين رفع عينه إليها وابتسم متفوه مازحاً


= اهلاً بأجمل نساء الدنيا.. صباح الخير


قالها وهو يقدم لها قطعه من التوست المغمسه بمربه التوت كعادته وأخذتها منه وهي داخلها سعيدة بذلك الإهتمام منه حتى لو كان بسيط.


عضت شفتيها خجلاً تعكف انفها وهي تتائثب وراح هو يتابع حركتها الطفولية ليقول بمداعبة 


= الأطفال دايما هم إللي يقوموا من النوم وهم كوسلا بشكل كبيره.. ايه ما كفكيش نوم لحد دلوقتي


قهقهت لكلماته فَتخيل وجهها المحمر خَجلاً مجدداً دون النظر لها،ثم أردفت بصوتها الناعم


= صباح النور أخبارك إيه!؟..


إبتسم مُلقياً نظرة خاطفة عليها وهو يخفق البيض مُجيباً بنبرة مُتلاعِبة


= بقى عندي جارَة فاتنة تتوقعي حالي هيكون ايه!؟.. كويس جدآ أكيد.


إستمع لصمتها المميت الَّذِي تَبعَتهُ بأعين 

مُستنكرة مزاجه الجيد على غير العاده اليوم لتقول بتسائل بفضول


= شكل مزاجك رايق أوي النهارده في حاجه حصلت.


هز رأسه برضا وأجاب قائلاً بهدوء زائف


= رنا بنتي اتصلت بيا عاوزه تشوفني انا فاهم انها عاوزه أكيد حاجه بس بقيلي فتره ما شفتهاش .. و وحشتني أوي .


انزعجت ملامحها عند ذكر إسم أبنته لا تعرف لما؟ لكن تحفزت هامسة بحماس منطفأ لتغير الموضوع 


= هو انت مش وعدتني هتعلمني الطبخ يبقى بتعمل انت ليه الفطار النهارده


نظر آدم إليها مبتسماً وهو يرد موضحاً


= هو الفطار في طبخ يا ديمة؟ خليكي على الغداء ونبقى نعمل كتفه بالبطاطس وهنبدع إحنا الاتنين ولو عايزه تساعديني دلوقتي تعالي اعملي أي مشروب نشربه على الفطار.


أومأت برأسها بتفكير وهي تردف بحماس 


= تمام هعمل هوت شوكليت .. بحبه أوي و بعمله حلو هعمل لك معايا.. انا فاكره ان انا اشتريته من مده بس ما عملتوش هدور عليه واعمله حالا


كاد أن يخبرها بأنه لا يتناول السكريات بكثره لكن لم يرغب فيه احبطها ولم يجد مانع بان يتناوله لمره كل حين وآخر منها! تحركت بالفعل ديمة وبدأت تساعده بنشاط حتى انتهت من صنعه وقدمته له وهي تنتظر رأيه بفضول وحماس.


وبأبتسامة إرتشف القليل من المشروب الساخن لترى أثار إعجابه على عيناه المتلذذة و إبتسامته التي إتسعت ليبتسم ثغرُها بسعادة إحتضن الكوب بين كفاه وخاطبها بنبرة هائمة


= جميل زيك تسلم ايدك .


قهقهت باستحياء وأعقبت بخجل


= كنت فاكره هتقول طعمه مش حلو! ومقرف كمان.. اصل انا برده مش ليا أوي في عمل المشروبات


حرك رأسه نافياً ذلك مُجيباً بنبرة ساكنة ولاتزال الإبتسامة تُشع على ملامحه


= عيب عليكِ!.. اللي بتصنعي بايدك وتتعبي فيه عمره ما هيكون مقرف أبداً.. كل حاجه بتعمليها حلوه .


أخفضَت رأسُها خَجِلهُ تَعُض شفتها السفلى

لتتحلى بالقليل من الشجاعة أمامه، رفعت

عينيها لتواجهه ولسرى في عيناها شيء غريب تحدق به بطريقة غريبة تجعل من قلبها يُرفرف.. فقد أحبت طريقه التحاور معه و التحدث اليوم على غير العاده بكثير وهو يمدح كل شيء تفعله.. ويبالغ في المدح أيضاً.. 


وتمنت لو يظل هكذا طول الوقت معها مزاجه جيد يشعرها بالاهتمام.. ويمدح كل شيء تفعله.. لكن في نفس الوقت لا تريد أن يرى ابنته كل يوم.. فاحيانا تظن بانه سيشبعها من حنانه كله ولم تجد القليل تتمتع به منه.. حقا حالتها وتفكيرها تجاهه أصبح خطر عليها.!!! 


❈-❈-❈


بعد مرور وقت خرج معاذ من المرحاض وعاد غرفته ليجدها مظلمة! أطبق جفنيه وهو يشعر بشيء من الخمول ثم تحرك إلي الفراش 

يبحث عن زوجته جواره فقد سمع همهمات قبل أن يشعر بجسد دافئ يلتصق به، همهم بوهن والظلام لا زال يعم المكان


= بسمة لو بردانه قومي هاتي غطا تاني، بس ابعدي شويه.. وبعدين انتٍ مضلمه الدنيا كده ليه؟ 


لم يجد منها استجابة أو حديث إنما شعر 

بلمسات جـ.ـريئة ومثيرة! اتسعت عينا بذهول وصدمه و تسارعت نبضات قلبه وسط الظلام هذا ثم همس من بين شفتيه بصوت مخنوق


= بسمة انتٍ بتعملي ايه؟ وما بترديش ليه ؟ 


جاء صوتها هامسة بشغف وإثارة وهي تلتصق به أكثر وأكثر لعله يستجيب جسده الملقى جانبها بخضوع


= ولا حاجه، قلت لك شكلك تعبان تعالي اريحك.. والنور مطفي أهو زي ما انت بتحب


ابتلع ريقه برهبة متسائلاً بتشتت وإحساس مريب من غرابة ما تفعله به


= آآ بس انا قلت لك لا مش عاوز ؟!. 


لم تعطيه فرصه للاعتراض وبدأت عاطفتهم العنيف حين أمسكت أول ما طالته يدها لتغطي جسدهم ولم تجد منه إلا بمحاولة لا تُذكر بينما هي شددت على ضمه رافضة تمامًا أن تفلته.. وذلك كان جيد جداً لها.. تنهد معاذ بحرارة وبؤس وهو يلعن نفسه على استجابته لما تفعله معه ولم يستطيع الاعتراض هذه المره الوحيده في حياته امامها.. 


بعد مرور فترة، أراحت رأسها على صدره الذي اتخذته وسادة.. وهو كان صامت بجمود كبير ثم رفع كفيه يمسح وجهه وهو يفكر ببطء و تدريجي تنبه عقله الغائب وهو ينظر حوله رغم الظلام الحالك الذي يعم الغرفة.. كيف منظره أمامها الآن لو توصلت بأنه أحب و تجاوب مع كل ما فعلته وقد شعر بها امرأة جريئة حرة و مسيطرة على كل نبضة وحركة تخرج منه! 


مثلها مثل فتيات الليل بالضبط يكونون هم الجريئين في تلك العلاقه و المسيطرين.. انما في العلاقه الزوجيه يكون بالطبع الرجل فقط هو من يبدأ وينهي .


فكيف طاوعها وفعل ذلك ليشعر بتلك الأحاسيس المقززه الذي كان بصعوبه بالغه يسيطر عليها حتى لا تعود اليه مجدداً ويتذكزها.. والاصعب يعيشها مع زوجته..

همس منقطع الأنفاس


= اول مره تعملي كده وانتٍ اللي تبداي؟ .. كنتي مختلفه عن كل مره نكون مع بعض!. 


عقدت حاجبيها شاعره أنه لم يعجبه ما حدث لكن لم تسمح هذه المرة أن تهتز! بل ظلت مكانها مرتمية على ذراعيه أنفاسها الساخنة تلفحه ثم همست بدلال 


= المهم نكون مبسوطين وانا بعمل اللي بعمله ده عشان أسعدك ومستعد اعمل اكتر عشان ترضى.


إنه حرفيا لا يكاد يصدق قدرتها على الكلام والحديث والدلال معه كزوجان طبيعيان كأنها لم تفعل شيء قبل قليل.. ولا يستوعب كيف يمكنها بعد التقارب الذي حدث بينهما إلي ذلك الحد أن ترغب في تكراره بل والإلحاح عليه بكل وقاحة وانعدام حياء وخجل فطري في أي أنثى أمام رجل.. حتى لو كان زوجها..


لكن لا يستطيع إنكار شعوره قبل قليل معها أنه حلق بالنعيم بهمساتها ولمساتها، إلا أنه بعد الانتهاء حل شعور آخر اجتاح خلاياه رويدا رويدا شعور لا يظهر إلا الصد والتباعد والنفور.

تسرب بعروقه وتوقفت استجابة جسده من قربها بعدما تلاشت لذة النشوة، فنفض ذراعيها عنه على الفور هادرا باشمئزاز


= هو انتٍ كمان عاوزه تكرري القرف ده تاني


تراجعت بصدمة وهي تضيء المصباح الخافت

ثم رفعت حاجبيها تتمتم بهدوء 


= هو فين القرف في اللي احنا عملناه مع بعض؟ هو انت شايفني يا معاذ بنعمل اللي نعمله واحنا مش متجوزين لا سمح الله.. أنا مرأتك علي فأكره.. والمفروض لو عاوزه اكتر من كده اطلب عادي منك طالما في الحدود اللي ربنا سامح لنا فيها مع بعض


كأن حديثها يضرب فيه وترا حساسا لذا هاج يرمقها بنظرات احتقارية وهو يردف باستنكار نافر 


= بس ايه القرف اللي انتٍ بتقوليه ده انتٍ اتجننتي؟ هو في واحده محترمه تطلب من جوزها الموضوع ده اصلا المعروف الراجل هو اللي بيبتدي مش الست! ولو عملت كده تبقى ما عندهاش كرامه ومش محترمه وبترخص نفسها.


اتسعت حدقتيها كما تبدل لون بشرتها للحمرة المزعوجة، وانكمشت في جلستها رهبةً منه، في حين زمجر فيها بعصبية وهو يضيف باعتراض


= انتٍ مراتي مش واحده رخيصه عامله زي السلعة اللي بتحاول تزود نفسها وتقلل في عين الراجل اللي قصدها.. لا وكمان عاوزه تطلبي مني اكتر من كده بكل فجر!. 


اتسعت عينا بسمة بذهول وقد صدمتها ملامح الخيبة والاتهام التي علت ملامحه ثم قالت بعتاب وبطيء فهم


= هو ايه الغلط في اللي انا قلته؟ هو انا بقول لك هعمل كده مع حد تاني انا هعمل كده معاك بس اكيد! مع جوزي عشان أسعده ويسعدني.. والحاجة دي لازم تحصل بين الاتنين زي ما هم عاوزين عادي عشان يبقوا سعداء..هو انت فاهم كويس انت بتقول ايه


التهبت وجنتيه غيظا مما قالته وتشنج فكه، هاتفا بسخط و اشمئزاز 


= اخرصي! و بطلي هبل هو انتٍ كمان هتشرحيلي اللي بيحصل بينا و نتكلم فيه عادي وتطلبي مني بتفاصيل عاوزه ايه؟؟ و بعدين ما تعملهاش حجتك عايزه تسعديني انا ما طلبتش منك حاجه زي كده.. و لو كانت دي نيتك فعلا في كذا طريقه ممكن تعمليها بعيد عن انك ترخصي نفسك في نظري ذي فتيات الليل .. مش مراتي أم ابني!! 


كانت عيني زوجته تتسع تدريجيا بصدمة، وهتفت بغضب مكتوم 


= لا انت مش طبيعي! وانا اللي استاهل بحاول اشوف جوزي عاوز ايه واعمله عشان اراضي! بدل ما يجي يتهمني أني زوجه مهمله لي ويبص بره.. كانت حجتك النور وطفيته مش فاهمه فيكي إيه تاني 


توتر وجهه لكنه التزمت الثبات ودفعها أكثر بشيء من النفور قائلاً بحنق دون مبرر 


= عشان ما بتسمعيش كلامي من أول مره وانا قلت لك تعبان اصلا ما كانش لازم تعملي اللي عملتيه ده.. والمفروض تستني مش انتٍ اللي تبداي بحاجه زي كده 


أغمضت عينيها بغيظ شديد تحاول التحكم في أعصابها بسبب استفزازه بالحديث فحقا لم تقابل شخص مثله بالحياه! ينتقد دائما تصرفاتها بكل شيء حتى إذا حاولت اسعاده، ثم هتفت بازدراء 


= معاذ اعمل حسابك بكره انا وابنك هنخرج، ومش عاوزه حجج فارغة، تصبح على خير 


نظر لها بشيء من العدوانية فيما ينهض من رقاده، قائلاً بصوت خطير


= يعني انتٍ عملتي اللي عملتيه ده عشان عاوزه حاجه مني؟ عشان تعرفي ان انا معايا حق والمواضيع ما تتاخدش ده قصاد ده! مش بقول لك عامله زي الستات اللي مش كويسه؟ ما هم ما بيعملوش كده إلا عشان محتاجين فلوس من الغبي اللي بيضحكوا عليه بس انتٍ يا هبله مراتي.. وعشان اريحك من القرف ده هخرجك فعلا بكره واخلص من زنك بس اياكي تعملي القرف ده تاني


لم تجد بسمة ما تفعله إلا أن تغلق الانوار وتنام

دون المجادله مع الشخص محدود الفهم مثل زوجها الغبي! الذي يشبها بفتيات الليل لانها صارحت بمتطلباتها أو لأنها بادرت في بدء العلاقه الزوجيه أولا..


بينما هو تحرك للخارج ليذهب الى المرحاض يستحم مجدداً وكأنه يريد محي أثرها.. ولمستها له.


شعرت لوهلة بالقرف من نفسها لكن لن تلوم روحها على ما فعلته قبل قليل وهو الذي عبر أمامها بما فعلته ببرود وقسوة.. طعنها كانثى لكن حصلت على ما تريد ويكفي ذلك ولم تهتم بالباقي وهكذا ستكون حياتها القادمه معه.


فقد كان عليها الصمت حتي لا يزيد شجارهما وبالأخير يمنعها من الخروج معه.. بعد أن وافق بعد معاناه.


❈-❈-❈


بمنتصف الليل، وقف آدم يتطلع في المرآة التي بغرفه المعيشه وهو يعدل بتدلته بعناية فائقة واهتمام كبير و ابتسامه كبيرة تعلو ثغرة بفرحه وحماس، تنهدت ديمة بضيق وهي تقف بالخلف وهتفت متسائلة بتوتر 


= اونكل آدم هو انت هتتاخر كثير مع بنتك بره؟ 


صمت لحظه طويلة وظهر الإحباط علي وجهه ثم التفت اليها وهو يقول بيأس 


= ما بنقعدش اكتر من ربع ساعة مع بعض يا ديمه بس ما تقلقيش مش هتاخر ولا حاجه، بس عندي مشوار تاني مع منذر بقيلي كتير ما شفتوش من يوم فرحه وعاوز اروح اشوفه 


لاحظت ديمه ملامحه المتالمة بصمت وندمت على سؤالها حيث شعرت بالانانية بما تفكر فيه

منذ أن علمت بأنه سيذهب ليقابل ابنته! زياره تحدث كل شهر أو شهرين او اكثر ويتمناها و ينتظرها بشده بفارغ الصبر، حقا يجب ان تتمنى له السعاده ولا تفسد فرحته، حمحمت تغير الموضوع وهي ترد بابتسامة طفيفة


= مش منذر ده اللي رحنا فرحه من حوالي شهر تقريباً، هو صاحبك اوي كده مع اني يعني مش قصدي حاجه بس فرق السن بينكم كبير وقليل يعني لما اتنين الفرق بينهم يكون كبير ويكونوا اصحاب كده عشان افكارهم بتكون مختلفه في حاجات كتير.. بس ربنا يخليكوا لبعض.


أومأ آدم مخفضا بصره إلي الفراغ ولم يرد إنما ذهب ذهن إلي الماضي عندما كان في بدايه عمله مدرس بسيط ومنذر وأخيه كانوا في نفس المدرسه التي يعمل بها! فدايما كان شاهين يوصي على طفله معاذ لأنه مريض.. و كان طوال الوقت يرى معاناه منذر أمامه و التفريق بين الاخوه .


وفي يوم ما كان آدم يسير الى عمله ولاحظ

بأن منذر يقف بالخارج ولم يدخل الى المدرسه 

وكأنه كان ينتظره، وقعت عيناه عليه فارتبك منذر من رؤيته المزعجة. ثم ذهب آدم إليه وهو يتسائل باستفسار 


‏= منذر انت واقف كده ليه؟ 


قال منذر له معقبا برجاء على كلامه


= مستنيك من بدري عشان تدخلني المدرسة 


ضيق آدم عينيه يغمغم بجدية


= أدخلك إزاي من غير والدك ما أنت عارف أن عندك استدعاء ولي أمر... ما تخافش و روح قل لهم انت ما غلطتش في حاجه و السبب كان اخوك اصلا وهو اللي اتخانق مع الولد وانت جيت تبعده ضربك وضربته والمدرس شافك انت ..واخوك جري 


أخفض رأسه متخاذل وتزايدت وتيرة أنفاسه المرتعشة من بين شفتيه وهو يقول بحرج 


= يا مستر آدم أنا أهلي معندهمش وقت يجوا معايا، غير حتى لو الكل هنا قالوا أني ما عملتش حاجه برده هتعاقب عشان اخويا كان بيتخانق وأنا ما عرفتش امنعه.


توسعت عيناه ثم هتف له بخفوت يشوبه الذهول


= يعني ايه معندهمش وقت ؟


ابتلع ريقه برهبة وجف قلبه فجأة وقد كان هذه أول مرة يشهد حزنه الآخر، يهمس له بقهر


= مش فاضيين ليا عندهم معاذ مشغولين معاه، أنا قلت لهم إن عندي استدعاء ولي أمر علي فكره قالولي وقت ما يفضوا هيجوا وأنا أكيد مش هفضل مرمي هنا قدام المدرسة لحد ما يفضوا مش عاوز اضيع عليا دروس انا بحب المدرسه ونفسي اكمل .


عقد حاجبيه باهتمام قائلا بهدوء


= طب وهما عارفين إن ده ممكن يعرضك للفصل؟ وان فعلا ممكن تفوتك دروس مهم لأنني داخلين علي فتره امتحانات 


بصوت خافت أجابه منذر بينما يحاول التحكّم بنبرته الباكية 


= هما دايمًا مبيهتموش بأي حاجة تخصني أنا بالذات ولا مدرستي، عارف يا مستر لو كان مكاني معاذ كان زمانهم جم في نفس اليوم! حضرتك عمرك شفت أهلي في أي مناسبة في المدرسة ليا؟ 


شيء تألم في قلب آدم وهو يشعر بالحزن الخالص المشع من عين منذر الصغيرتين ثم أضاف قائلاً منقطع الأنفاس


= أنا مبحبش أي مناسبة أو مسابقة في المدرسة عشان ببقى لوحدي من غيرهم.. انما معاذ بيكونوا حريصين يحضروا كل مناسبته عشان نفسيته ما تتعبش وقلبه يتأثر.. ودايما لما بقول لهم اي حاجه عليا يقولوا مشغولين ويكون الاولويه دايما لمعاذ 


ازداد التواء حاجبيه وحاول تبريره موقف الاهل امام الطفل وهو يقول له مفكراً باختصار


= يا حبيبي ده أكيد عْصـب عنهم وهم ما يقصدوش كده بس انت عارف اخوك محتاج رعايه اكثر وأن ينتبهوا لي طول الوقت 


ادمعت عيناه بتأثر وحافظ على ابتسامته الباهتة وهو يتحدث بنبرة ثقيلة واهنة


= مانا بقول لنفسي كده برده، بس بكتشف إنهم بيبقوا فاضيين بس مش مهتمين.. يعني مثلا لو طلبت منهم حاجه يطلعوا لي بعشرين حجه انما لما بيطلب معاذ حاجه بيسيبوا كل حاجه وراهم وقدامهم ويعملوها لي.. عشان كده بقول لحضرتك انهم بيبقى فاضيين بس مش مهتمين!؟. 


عجز حينها آدم عن الرد عليه من قوة تأثير الصدمة عليه ومن معامله اهله له التي اوصلته الى ذلك، وحاول حينها آدم ان يجعلهم ينتهبه الى الطفل الآخر خوفا من ان تتهور حالته ويهتموا به مثل ما يفعلون مع معاذ! وليس يعاملوا وكأنه لم يكن من الأساس..


لكن مع الأسف لم ياخذ احد منهم حديثه على محمل الجد واعتقدوا ان منذر يفعل ذلك كنوع من التمرد حتى يفعلوا له ما يريد، ولم يهتم أحد به، ولم يعبأ اهله بإحساس الغيرة و الحسرة بداخله من اهتمامهم بالاخ الاخر.. 

بل الأسوأ أنهم لم يشعروا بوجوده.. 


ولأن شاهين مع الوقت بدأ ان يرتب بان منذر يتحمل المسؤوليه كونه صحته جيده عن معاذ، وسيطرت بعدها الحسرة والاحساس بالظلم اكثر واكثر علي منذر طول الوقت.


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة