رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الخاتمة - 4 - الخميس 8/8/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الخاتمة
4
تم النشر يوم الخميس
8/8/2024
أبتسم منذر بهدوء قائلاً بخفوت
=طب تمام لما تشوفني ما تدورش وشك و تعالى سلم عليا وكمان هات تليفونك عشان اديلك نمرتي الجديده عشان نسال على بعض ونتفق نتقابل لما نكون فاضيين! مش احنا اخوات برده و المفروض نسال على بعض.
اتسعت عينا معاذ بعدم تصديق وقال بفرحه
= اه طبعا اخوات.
هز رأسه باهتمام وهو يتساءل باستفسار
= اخبار شغلك ايه؟ مش قلتلي انك بتشتغل اوبرا متهيالي على العربية اللي جابها ابوك ليك زمان.. لو الشغل مش ماشي كويس انا ممكن اشوفلك شغل احسن بمرتب اكبر
تلاشت ابتسامته تدريجياً بعبوس وقال بإحباط وبكبرياء
= لا يا منذر انا كويس كده ومرتاح وبعدين ما تحسسناش بقى كل شويه ان انت باقي علي اللي بينا عشان محتاجين فلوس منك ولا مصلحه، احنا عاوزينك عشان بنحبك او هتكلم على نفسي انت واحشني ونفسي نرجع نتكلم زي زمان انا بقيت لوحدي ومش لاقي حد اتكلم معاه فعلا حتى اهلك لما بزورهم بنكون ساكتين ومش عارفين نقول لبعض ايه ؟!.
ضحك منذر بخفة علي وجه العابس ثم تحدث
بجدية
=طب يا سيدي ما تقفش كده والله ما كنت اقصد حاجه انت عشان اخويا وبحبك زي ما انت بتحبني لو احتاجت حاجه تعالى قول وما تتكسفش، طب خلاص ما تقلبش وشك تاني ان شاء الله عندك ما عوزت حاجه حلو كده، ما نيجي نقعد على القهوه زي زمان انا وحشتني قعده قهوه السيده زينب!
عادت الإبتسامة علي وجه من جديد وهو يردد بسعادة
= ماشي يلا بينا ده انا عندي كلام كثير هحكيهلك للصبح.
❈-❈-❈
انجزت ديمة امتحانها الأول بنتيجة غير مقبولة للغاية بسبب مسؤوليتها الزائد وحملها لكن حاول آدم تخفيف الأمر عنها وأخبرها أنها بالتأكيد ستعوض في الترم القادم. بينما اقتربت موعد ولادتها وبقيت رنا معهم أيضًا، فوجد آدم أنه يجب أن يبحث عن منزل آخر بمساحة أكبر ليكفيهم جميعًا فمن كان يصدق آدم الوحيد أصبح الآن يمتلك أسرة كبيرة.
أخذها بالفعل ليعرض عليها المنزل الجديد و أعجبها كثيرًا، احتضنها آدم بشغف وربت على ظهرها بحركات لطيفة. كان يمسكها بأمل وكأنه يعوض ما فاتهم دخلوا للداخل لتنظر إلى هذه الصالة الفاخرة ذات الطراز المحدث والرخام اللامع الأبيض وفخامة البناء وكل شيء. نظرت ديمة حولها بإعجاب مردده
= مش معقول يا ادم ذوقه يجنن حلو أوي انت لقيته فين ده لقطه.. والأولاد هيفرحوا بيه أوي
استمع اليها مبتسماً ولم يجب انما سحبها يسار الدرج لتقف متحجرة مكانها وهي ترى ذلك المنظر وهتفت ديمة بشرود حزين
= حتي البيانو ما نسيتوش وجددته !
رمقها بعمق كبير ثم ردًّ عليها بحزم زائف وهو يرفض تحرير كفها
= بالظبط كده كل حاجه هنجددها هنا زي ما هنغير من نفسنا، خلينا نرجع زي زمان وندي لنفسنا فرصه و لرحنا اللي ياما زمان كانت عايشه في وحده ومفتقده حاجات كتير
و جاء الوقت تاخد حقها من الحياة.. عشان كلنا نستحق فرصه تانيه !
عضت ديمة شفتاها بقلب منتفض ناطقة بفرحه
= موافقة أكيد!.
كانت ديمة حقا صادقة بكلامها فحياتها بالفترة الأخيرة أصبحت أجمل مما كانت تحلم، وهي راضيه بالفعل بما يجود به عليها وتغيره معها عما كانت عليه قبل! ولن تكون إلا سعيدة الآن بأن لا يضغط عليها مثل سابقآ وتجاوزوا اشياء كثيره.. فيكفي أنه يبذل جهد في الاعتناء بأطفالهما في غيابها ومذاكرتها وشغفه و اهتمامه لطموحاتها التي لا تنهي ويساعدها في التزاماتها اليومية، و احيانا يقوم بتجهيز لها أوقات حالمة رومانسية.
أبتسم آدم بسعادة ثم سحبها و جلس على معقد البيانو واضعاً اياها بين اضلعه حيث بنيتها الرقيقة جعلتها تضيع جسدها خلف جسده الضخم! وضع اصابعه على احد المفاتيح وبدأ بالعزف لتدمع عينها وتضع يده على المفاتيح الأخرى ليبداان بالعزف معاً و لقدر غير معلوم !!
الى أنه شعرت ارواحهم بشئ من الرضى! فكل شيء سيء حصل بينهما قد قام بتمزيق الكتاب برمته وليس الصفحة فقط.. ليبدأ كتابا آخر جديد مملوء بالحب والحنان والذكريات الجيدة فقط.
وبعد فتره التفتت برأسها لتقوم بامساك أزرار قميصه قبل أن تشب برأسها تقبل كلا من وجنتيه تلثمها حبًا ومودةً وهو استقبلها ليرد لها غيثا من القبلات الجارفة ونهض حامل إياها بين ذراعيه بثقل بطنها الكبيره، إلي أقرب غرفة في منزلهما الجديد، ليبدوا في رسم أول خطوه في حبهم به.
التعاسه صوتها عالي و السعاده صوتها هادي... لذا السعداء يعيشون بهدوء و سلام.
❈-❈-❈
ضاقت كل السبل برغد للوصول إلى حل غير الاعتذار الى ضحى! لكن أجبرها والدها بأسلوبه الصارم وقطع عليها الطريق للتواصل للاعتراض أو حتى تكتفي بالاعتذار بينهما فقط، فذلك الحدث كان بمثابه كبيره الى هدم كبريائها، لكن تفاجأت بوالدها هو من أصر أن تعتذر امام الجميع حتى يلقنها درس لا تنساه وكان ذلك عقابها!
فعندما حاول التحدث معها بعقلانية، فوجئ بأنها لا تزال تصر على رأيها وبكل جرأة أخبرته بأنها فعلت كل ذلك لأنها تريد منذر لها وما زالت تريده وأنها أحق به من زوجته، فلم يجد الأب سوى أن يحطم كبريائها الذي زرعه في داخلها من البداية.
فهو لن يتهاون فيما يتعلق بسمعة العائلة، خاصة بعد رؤيته للوضع المخزي الذي واجهته وهي مصممة على أفعالها دون الاعتراف بالخطأ وحقدها الواضح، مما جعله يفكر في إبعادها أيضًا، ليقرر هو مصيرها بنفسه قبل أن تضعه في موقف آخر لا يعرف كيف يتصرف فيه.
وكم كانت رغد متألمة في تلك اللحظة و جعلتها تيأس من حصولها عليه عندما قرأت في عيني منذر تأثير زوجته عليه حتى في غيابها أو حضورها، وتأكدت أنه محق بحبها ومتعلق بها فالحب أعمى ويفعل المستحيل وله تأثير كالسحر لا يمكن للبشر تصوره، لذلك تراه مسحورًا بحبها.. وتمنت كثيرًا أن تكون في مكانها حتى لو لحظة واحدة وتعيش كل هذه المشاعر واللحظات التي حُرمت منها..
وكأنه الآخرون ليس لديهم مشاكل ومنذر و ضحي لم يعاشوا مثلها معاناة وهم يتجاوزون لذلك بعوض صبرهم.. لكنها للأسف كانت ترى نفسها الوحيدة الضحية والتي تعاني وتستحق ذلك.
بينما في الشركة رأي بسيوني منذر أمامه قد جاء بعد أيام من اعتذار ابنته لزوجته وأخبره بصرامة شديدة
=انا عملتلك اللي انت عاوزه وعملنا الحفله و بنتي اعتذرت لمراتك مش كده! يبقي التسجيل اللي عندك يتمسح خالص وما يتنشرش عشان هتشوف مني رد فعل مش هتحبه خالص.. انا اللي خلاني سكت لاني فعلا حسيت ان بنتي غلطانه وعشان ما تتمداش في الغلط أكثر ده كان عقابها مني.. لكن مش هسمحلك تشوه صورتها ولا سمعتها.
أجاب منذر عليه مرددًا دون تردد
= من غير تهديد انا مسحت اصلا التسجيل من قبل ما تعمل الحفله وبنتك تعتذر لمراتي! لان حتى لو كنتم رفضتوا الاعتذار مش انا اللي اعمل كده.. انا بفهم كويس في الاصول و عارف تسجيل زي كده هيعرض سمعه بنتك وسمعت العيله قد ايه للخساير، على العموم خلاص الموضوع انتهى .
وقبل أن يتحدث مد يده بورقه وهو يضيف باختصار
=واتفضل استقالتي حاولت اعفيك بدل ما تيجي منك وبرده مش هنسى الأيام الحلوه اللي انا قضيتها في الشركه هنا، اشوف وشك بخير.
تنهد الآخر براحة وعبر عن ندمه على اعتقاده السيء به ومعاملته القاسية والبغيضة التي حدثت قبل أن يعرف نوايا ابنته وأنها المخطئة، وقبل أن يرحل تحدث الآخر بصوت جاد
=استنى يا منذر انا ما قلتلكش اني هفصلك ولا طلبت منك تجهز استقالتك، وبعدين انت لسه قال من شويه خلاص الموضوع انتهى بنتي أخذت جزاها واعتذرت لمراتك يبقى ليه نكبر الموضوع؟ وانت بصراحه شاب طموحه ومجتهد ومش هلاقي زيك ومش عاوز اخسرك مهما حصل
عاد مجدداً يجلس مكانه وتحدث قائلاً بنبرة هادئة
=صدقني الموضوع مش فيك وانا عذرك بنتك ممكن اعتبرها طايشه اتصرفت شويه بتهور! لكن المشكله عمرها ما هتنتهي لهنا طول ما انا وهي موجودين في مكان واحد؟ هنرجع تاني لنفس اللي حصل والخلافات هتزيد سواء بينها وبيني او بينها وبين مراتي يبقى ما عملناش حاجه عشان كده انا بريحك وبقدم استقالتي.
هز رأسه بالايجاب دون اعتراض فيعلم بان أبنته أخطأت عندما ركضت وراء أهوائها متناسية يومًا كذلك، ثم هتف مرددًا بتبرير
= على فكره رغد مش وحشه أوي كده وانا مش بدافع عنها عشان هي بنتي! بس هي كانت نفسها تقابل حد فعلا يحبها من قلبه بجد ويخاف عليها ويهتم بيها زي ما كنت بتعمل مع مراتك! والثلاث جوازات اللي فاتوا هي حاولت بكل جهدها انها تنجحهم وكان على يدنا و كانت دايما بتفشل للاسف واخر جوازه دخلت في مرحله اكتئاب واتعقدت عشان كده اتصرفت التصرف ده معاك وهي مش واعيه.
شعر منذر بالنفور من تصرفات أبنته وهو يتذكر طريقتها المتدنيه في جذبه اليها حتى لو بالقوه التي لا يستسيغها على الإطلاق، لكنه أردف قائلاً بجدية شديدة
=بس ده برده مش مبرر للي هي عملته ويا عالم لولا كشفتها بدري كانت هتوصل لايه و تاذي مراتي! وعلى فكره انا مش شايفها وحشه ولا حاجه لأني لما ركزت في تصرفاتها وكلامها اللي كله كان باين قد ايه هي حاقده على ضحى وصعبانه عليها أنها لاقت حد بتحبه و يهتم بيها وهي لا.. فهمت انها ولا بتحبني ولا حاجه هي حبه حبي واهتمامي لمراتي مش اكتر! و مستخسره عليها وشايفه انها احق بده عشان حياتها واللي حصل لها زي ما قلت من شويه مع ان هي ما تعرفش عننا حاجه وما عرفتش قد ايه ضحى عانت ولا انا وعشان كده احنا نستاهل بعض، حبيت بس تشوف نفسها الضحيه وانها تستاهل ده عنها.. عشان كده انا اسف مهما كان مبررها برده غلطانه.
تنهد الآخر بضيق شديد من أبنته وهو يقول بتوضيح جاد
=انا لما حاولت انا وامها نكلمها ونفهمها اتفاجئنا انها اتغيرت خالص ومصممه ان حقها حد يحبها ويهتم بيها وكلام من ده حتى لو الحد ده هتاخده متجوز او مش مديها اهتمام، عشان كده ما قدرتش اساعدها وصممت انها فعلا تعتذر وصممت كمان انها تسافر بره عند عمها في لندن وتشتغل هناك عشان كده بقول لك ما تمشيش واذا كان عليها فهي خلاص قريب هتسافر وهتمسك فرع لينا بره وانا اجبرتها على كده.. و انت برده معاك حق ما ينفعش احط البنزين جنب النار وبعد كده ارجع اشتكي جايز لما تسافر بره عقلها يرجعلها او تقابل حد هناك يحبها فعلا.. قلت ايه مش هتمشي صح.
تحفزت حواس منذر بعد كلماته الباعثة للتفاؤل على الشروع في عمله ونجاحه هنا، لكنه حاول الثبات كي لا يفهم الآخر بأنه بحاجه الى ذلك العمل ولا يريد خسارته وهتف قائلاً بتفكر زائف
=مش عارف والله انا كنت عامل حسابي ان انا احاول افتح شركه جديده لوحدي ومش عارفه الدنيا هتمشي معايا ازاي؟ لاني توقعت انك هتقبل استقالتي بس كلامك فاجئني و يعني معلش سيبني مهله أفكر وهم يومين بس وهرد على حضرتك.