-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 12 - 1 - الإثنين 5/8/2024

  

قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثاني عشر

1

تم النشر يوم الإثنين

5/8/2024



يبدع في اصدار الصفير بفمه، كأداة نداء لمحبوبته، صوت خفيض ولكنه مميز ، تعرفه هي فقط 

وكأنه عاد مراهقًا، في مشاكسة ابنة الجيران ، والتي أتت بخطواتها الخفيفة على أطراف اصابعها ، من داخل غرفة ابيها والتي تدخلها كاللصوص في غياب الرجل، من اجل مقابلته، داخل الشرفة المجاورة لشرفته،

بعدما غافلت اشقائها وجميع من في المنزل؛


- صباح الخير يا استاذ شادي. 

القت بتحيتها الهامسة، تميل برأسها نحوه بشقاوة لا تتخلى عنها في حضوره مهما حاول معها .


التف اليها بأعين تضيق بنظرات مفهومة لها :

- صباح الخير يا استاذة صبا، يارب تكوني بخير .

يضغط على حروف كلماته برسميه اضحكتها، ليلوح بقبضة يده نحوها بابتسامة مستترة قابلتها بمثلها ترتد للخلف محذرة:


- خواتي الولاد في الصالة، ممكن يحسو بأي حركة ويطبوا علينا،  ساعتها هيبجى منظرك زي العيال .


ضغط على شفته السفلى يردد خلفها بإقرار:

- وهو انتي اللي يرتبط بيكي يبقى فيه عقل؟. انا فقدت اتزاني والشعور بالعمر من وقت ما شوفتك، مش عارف هتوصليني لأيه في الاخر يا بنت ابو ليلة؟


رفعت كفها تداري على فمها تدعي شهقة مصطنعة:

- انتي هتغلط كمان في الحج ابو ليلة، لااا انا مسمحلكش يا استاذ .


هذه المرة لم ينطق ببنت شفاه، وفضل الصمت متأملا لها، تلك الحيوية والاشراق وجمالها الفاتن، لا يصدق حتى الاَن هدية الله اليه بها ، وقد اقترب الميعاد، وحلمه بها  على وشك التحقق. 


- إيه ساكت ليه؟

خرج السؤال منها بتوجس لصمته،  فما كان منه سوى ان يهديها ابتسامة رائقة قائلا:

- ساكت عشان بفكر يا صبا، العفرتة والشقاوة دي لما تبقي معايا في عشنا بكرة وبين ايديا هيحصل ايه؟


شهقة بإجفال حقيقي صدر منها هذه المرة، وقد اكتست الحمرة وجنتيها على الفور مرددة بخجل :

- يعني هيحصل ايه يعني؟ انا الحج عليا اللي سيبت اخواتي والبيت المليان بالحبايب عشان اجي اجابلك مع انك تجدر تكلمني بالتلفون، 


- تلفون!

- ايوة تلفون، وبطل تتنمر على لهجتي يا شادي. 


يعلم ان هجومها سببه الاساسي هو ان تغطي على خجلها منه، فهذا اسلوبها وقد حفظه منها، واعتاد ان يجاريها بمشاكسته ايصًا:


- طب واتنمر ليه بس يا بنتي وانا عجباني الكلمة اصلا؟ دا حتى تلفون لايقة اكتر على تليفون .

- تاني يا شادي،  طب انا ماشية وسيباك.

قالتها وتحركت اقدامها على الفور، وقبل ان تغلق باب الشرفة بذهابها للداخل تمتمت بالاخيرة امام ابتسامته:


- وخليك انت كدة مع نفسك يا متنمر. 

اطلق ضحكة مجلجلة اطربت اسماعها، وابصاره منصبة على طيفها من خلف الستار الذي اغلقته مع الباب الزجاجي للشرفة، يعلم انها هي ايضا تضحك، لحظات الترقب في انتظار اليوم الموعود على قدر صعوبتها، لكن ما أجملها:


- خلاص هانت يا صبا، هااانت كلها يوم وليلة بس وتبقى في حضني .

تمتم بها بصوت مسموع وصلها دون جهد، لتضع يدها على موضع قلبها تحاول تهدئة الضربات التي تتقافز به، باتساع السعادة داخلها لقرب الوصال بمحبوبها. 


❈-❈-❈


ليس على طبيعته، حتى ومعاملته الرسمية تبدو امامها بصورة عادية لا يشوبها شيء، لكنها تجزم بداخلها انه متغير من ناحيتها، حتى وكتلة البرود التي يتحلى بها دائمًا تظهر عكس ذلك، لكنها ليست غافلة عن شخصيته التي تعرفها جيدا. 


-  الورق يا لورا

صدرت بصوت عالي منه تفيقها من غمرة شرودها، اثناء انتظارها لأخذ التوقيع منه على بعض الملفات التي قامت بمراجعتها، لتنتصب بوقفتها، ثم اقتربت تتناولهم منه، وعيناها منصبه نحوه تستجدي نظرة لا يريحها بها ابدا ، تبا له من قاسي. 


تبسمت تعيد حساباتها بتغير منهجها في التعامل معه، علُه تكسب نقطة في الطريق اليه:

- رياض باشا، قبل ما امشي انا حابة اعتذرلك .

- تعتذريلي عن ايه؟

تسائل مستفهما يضع القلم بجيب سترته العلوية، لتفاجأه بضعف غريب عنها وهي تقول :

- حضرتك بعترف اني زودتها في الموضوع الاَخير، بس انا مكنتش قاصدة اطرد العمال ولا اهين بهجة، هو بس الصوت العالي اللي ازعجني،  وكانت لحظة غضب وانفلتت اعصابي فيها. 


مط شفتيه بابتسامة غامضة يتقبل اعتذراها بسخرية:

- مشكورة طبعا يا لورا على رقتك، بس ان جينا للحق الأسف ده من الواجب يروح لصاحبة الشأن مش انا .


برقت عينيها بصدمة، لا تصدق فحوى ما يرنو اليه ، ان تعتذر لهذه الملعونة، وكأنه كان يقصد التلاعب بها ، لطف يخفف عنها بمكره:


- اطمني يا لورا،  انا مش هطلب منك تعتذريلها طبعا، بس ياريت تحاولي تنجنبيها، بهجة بقت شيء مهم للست الوالدة دلوقتي، بالظبط زي نبوية، وانتي عارفة اللي يخص والدتي ، بتبقى مكانته ازاي عندي 


مازال تأثير الصدمة يلون ملامحها، ليتها ما فعلت ولا اعتذرت من الأساس ، لقد غلبها بخبثه، جعل منها أضحوكة امام نفسها ، وقد وضح مكانة هذه الملعونة بالنسبة اليه،  وهذا ما نطق به فمه، فما بالها بما يدور بداخله. 


- روحي على شغلك خلاص يا لورا ، انا اعتبرته موقف وعدى ، لحظة غضب زي ما بتقولي .

أومأت بملامح ممتقعة، مستأذنة بصوت بالكاد خرج ، لتجر اذيال الخيبة وقد ذهبت منها النقطة التي تقصدها لصالح هذه الملعونة. 


اما هو فقد نهض فور خروجها، ليستقر ببصره خارج النافذة يشرد بتلك البهجة التي طغت برقتها ووداعتها تلون ظلمة قلبه الصدئ،  ولا يعلم نهاية هذا الجرم الذي يفعله بنفسه، وقد اقسم قديما الا ينال منه الحب ولا يضعفه. 


❈-❈-❈


عدة ايام مرت بهم معه؛ وكأنه يطير بها على خيمة وردية، تلامس طيور السعادة بيداها، يغدق عليها من عشقه حتى ترتوي من فيض حنانه وأكثر، وهو لا يكل ولا يمل من القرب منها، يشعرها بأنوثة كانت ضائعة بمفهوم ترسخ بعقلها القديم،  والذي نضج حديثًا على يديه ، معه فقط عرفت معنى الكمال.


كانا الاثنان في هذا الوقت يستمعتان بعطلتهم داخل مياه البحر التي يسبح بها بمهارة،  وهي بملابس البحر المحتشمة تسبح محلها، بعدما سحبها معه على غير ارادتها، تحاول مجارة عبثه من تحت الماء ، حيث كان يداعبها على حين غفلة منها كل دقيقة، قاصدا مناكفتها .


- بس يا عصام،  وربنا هخرج لو مبطلتش.

ضحك يخرج رأسه المبتل من اسفل المياه غائظا لها:

- طب ما بدل ما تخرجي وتسبيني، انزلي تحت واغلبيني، ولا انتي لزقتي مكانك في المية .


دفعته بكمية من الماء بيدها تنهره:

- انا برضو اللي مش عارفة اعوم،  ولا انت اللي عاملي زي تعبان البحر، كل ما ابلبط بدراعي حبتين الاقيك لفيت حواليا ، ومش عارفة الاقيها منك، احوش الايد والرجل ولااااا........


سحرها بضحكته ينثر شعر رأسه الناعم بعض الشيء،  يدفعه نحوها يزيدها تأفافا،:

- ما انتي اللي كسلانة وبصراحة صيدة حلوة للواحد يتسلى عليها جوا المية 


بابتسامة مستترة صارت تدفعه عنها تتصنع الضيق وهو يتقبل منها بصدر رحب، مواصلا مشاكستها:

- يا بنتي انتي بتضربي ولا بتهرشي،  طب شوية كدة ع الضهر بقى، ولا تحت بطاطي هاتي احسن تحت بطاطي .


استطاع بخفة ظله ان يجبرها على الضحك، رغم انهزامها في كل مرة تدخل معه تحدي.


بعد قليل وحينما شعرت بالاجهاد همت ان تسبقه بالخروج قائلة:


- طب انا هروح اسبقك، واحضرلنا  سندوتشين ناكلهم، حكم انا جوعت اوي. 

- تمام وانا هحصلك على طول ،


اتخذت طريقها للخروج من امامه، لينقلب هو بمهارة يكمل جولة الاستمتاع بالمياه، حتى ارتفعت ابصاره نحوها فجأة، ليتفاجأ بأحد الشباب المستهرتين من جهة قريبة الى حد ما في هذا الشاطيء الهاديء بعدد افراده القلائل. 


يرمقها بنظرة متفحصة وقد كانت غافلة هي بما تفعله، عن نظرات شهوانية لا يفهمها سوى رجل مثله، يضغط بأسنانه على شفته السفلى بفجر تام ، جعل الدماء تغلي بأوردة الاخر، ليخرج اليه على الفور يفاجئ هذه الشاب بهجوم مباغت، وقبضة قوية حطت على فكه ، ليصرخ معبرا عن اعتراضه بالسباب والشتائم نحو هذا الرجل الذي يتعدى عليه دون ان يعرفه:


- ايه ده؟ ايه ده يا بن الكلب؟ انت قد الحركة.

صدر رد عصام على الفور يجذبه من عنقه:

- انا حضرة الظابط عصام يا حيوان، وهعلمك الادب كويس دلوقتي عشان تحرم تبص على اي حاجة تخصه ولا تخص غيره.


سارت الهرج والمرج على الشاطيء بتجمع الافراد حولهم ، وقد الاشتباك بين عصام الذي يريد الفتك بالشاب العابس ، مهددًا بمهنته، وهذا الشاب الذي يصارع من اجل البقاء من بين يديه، بالصراخ وادعاء المظلومية امام الاشخاص التي اشتد بأسها لتخليصه من ايدي الظابط المتعجرف بوجهة نظرهم 


وهي التي وقفت محلها بصدمة واضعة كفها على فمها ، لا تصدق هذه العدوانية المفاجأة منه،  جاهلة بالسبب الحقيقي وراء تبدله من حالة الاستمتاع معها داخل المياه الى هذا الوحش المفترس.


الصفحة التالية