4 رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 25 - 1 - الأحد 22/9/2024
قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الخامس والعشرون
1
تم النشر يوم الأحد
22/9/2024
لم أكن أبدًا مخيرًا
ولم أملك الإرادة للتغير
أجبرتني قوة ما على فعل ما لا أطيق، وما لا أريد
كم حاولت التنصل والهروب ولم أتمكن
ربما كان خوف، وربما كان سوء تقدير، وربما كانت مراعاة لشيء عزيز!
ولكن في النهاية كنت أنا الخاسر الأكبر
تلك الخسارة التي استمرت معي حتى حينما وجدتها،
اخترت الفوز بها في الظلام، ليتضح لي ان معارك الأبطال لا تصلح إلا في ضوء النهار.
#رياض_الحكيم
#بنت_الجنوب
❈-❈-❈
داخل غرفته، استيقظ من نومه العميق مجفلًا على صوت المرأة التي نادرًا ما تدخل إليه، رغم طول عشرتها لأهل المنزل، تلهث في ندائها عليه بما يظهر الأمر الجلل:
- رياض يا بني، قوم الله يرضى عنك، قومي يا حبيبي شوفي المصيبة اللي شكلها هتحط على دماغنا لو ملحقتاش، استر يارب .
اعتدل بجذعه لوح بكفه أمامها متسائلًا بصوت متحشرج، وملامح أصابها الجزع:
- في ايه؟ ايه اللي حصل؟
ردت نبوية تستند على قائم السرير واضعة يدها على موضع قلبها تجيبه بصوت متقطع:
- نجوان هانم يا بني، لا موجودة في اوضتها ولا في أي حتة، دولابها مفتوح، وشكلها لبست هدوم الخروج، وخرجت مع نفسها.
تمتم بانفعال ينهض منتفضًا
- مع نفسها ازاي يعني؟ إنتي بتقولي ايه؟
لم تعد تتحمل المرأة التي ظهر عليها الاعياء لتسقط جالسة على الفراش :
- والله ما أعرف، أنا تعبانة اصلا من امبارح ، والهانم والدتك محدش بيعرف اي لي في دماغها ، حتى بعد ما خفت، أنا رجلي مش شايلاني والله، ومش حمل أدور تاتي عليها، روح انت يا بني، واسأل الحراس يمكن حد فيهم لمحها، أنا لفيت البيت كله مع الخدم حتى البدروم، مسبناش حتة.
أظلمت ملامحه بغضب مخيف، كم ود أن يصب غضبه بها بتهمة الإهمال، ولكن هيئتها هي ما اجبرته للتغاضي، اشفاقا عليها، ليتناول هاتفه متجهًا نحو الخارج متمتمًا:
- هروح أدور أنا كمان وانتي كلمي عم علي يروحك ، ترتاحي، أكيد هنلاقيها، هتكون راحت فين يعني؟
❈-❈-❈
وإلى بهجة التي كانت تنظف مع إخوتها المحل الجديد في مواصلة للتنظيم وفعل الأفضل، في هذا الوقت المبكر من الصباح، استغلالًا للعطلة الاسبوعية لها من العمل .
وفي ظل انهماكها في العمل أتاها اتصاله، حتى أنها تحركت تبتعد عن أشقائها، حتى أجفلها بسؤاله، ليخرج صوتها بهلع:
- لأ مجاتش عندي والله....... يا نهار أبيض، يعني كمان مش موجودة عندكم في الفيلا؟! أمال هتكون راحت فين بس؟....... طيب ، طيب أنا جاية حالا عشان اطمن عليها بنفسي .
انهت معه المكالمة لتتحرك نحو حجابها ترتديه على الفور، ف التف أشقائها حولها بالأسئلة الفضولية:
- مين يا بهجة اللي ضاعت؟ وانتي رايحة فين دلوقتى؟
اجابتها بملامح ارتسم عليها الزعر:
- نجوان هانم، بيقولوا مش عارفينها راحت فين؟ أنا رايحة اطمن عليها بنفسي، مش هقدر أقعد واستنى .
وما همت بأن تتحرك ، حتى تشبثت بها عائشة:
- أنا كمان هروح معاكي، لازم أطمن على نوجة بنفسي.
اعترضت بهجة رغم الشفقة التي أصابت قلبها حينما رأت حزنها شقيقتها ورعبها :
- مينفعش يا عائشة، حد فيكم يفهمها الله يخليكم
توجهت بالأخيرة نحو شقيقيها الآخران، فتحركت على الفور الصغيرة التي سالت عيناها بالدموع:
- روحي يا بهجة واحنا هنبقى نتابع معاكي أول بأول.
سمعت منها لتتحرك نحو الذهاب، وفور أن أمسكت بمنقبض الباب حتى التفت اليها تطمئنها:
- خير ان شاء الله، طمني قلبك يا عائشة، نجوان دلوقتي غير بتاعة زمان، اكيد خرجت وهي محددة وجهتها كويس أوي، بس انتي قولي يارب
- يارب
تمتم الثلاثة وعائشة خرجت منها بالدموع.
اما عن بهجة والتي اتخذت طريقها على الفور نحو منزله، لتصل بعد اقل من ربع الساعة، لتتفاجأ به، على وشك أن يستقل سيارته، وفور ان أبصرها بعيناه توقف ينتظرها حتى أتت إليه، تسأله بلهفة:
- عرفتو مكانها؟
زفر يرد بصوت مختنق:
- اركبي يا بهجة، أنا رايح أجيبها
- ليه؟ هي راحت فين طيب؟
عبس بضجر ليدلف إلى السيارة يأمرها:
- بقولك اركبي يا بهجة ولا عايزة تستني هنا براحتك .
قالها وهم بإشعال محرك السيارة، لتنضم هي على الفور بجواره، فينطلق سريعًا للخروج من المنزل والذهاب الى وجهته، ثم قال
- الحراس الأغبية، شافوها بتخرج بالعربية ومحدش فيهم قدر يمنعها، لولا أنا عملت اتصالاتي بإدارة المرور مكنتش أبدا هعرف هي راحت فين؟
- فين يعني؟ طمني الله يخليك
سألته للمرة الثانية، بعد وقت من الصمت التزمت به بصعوبة، لتتفاجأ بامتقاع ملامحه، يزفر بعنف وبهيئة لا تبشر بخير
❈-❈-❈
بداخل ذلك القصر العظيم
خرجت من غرفتها تتعكز على عصاها، بخطوات بطيئة وتيدة ، نظرا لمجموعة الامراض التي اضاعت صحتها،
تبحث بعيناها يمينًا ويسارًا حتى وجدتها امامها، جالسة بهيئتها الفاتنة ، مصففة شعرها الحريري ترتدي ملابسها الراقية، تذكرها بهيئتها الطبيعية من قبل سنوات مضت ، وكأن العمر لم يمر عليها ولم يترك اثره كما فعل معها.
وصلت اليها لتردد بدهشة:
- معقول! دا انتي فعلا يا نجوان، انا مصدقتش البنت الشغالة لما قالتلي عن هويتك
ابتسامة باهتة اعتلت محياها ، لتعقب على قولها:
- لا صدقي يا بهيرة، انا خلاص رجعت للدنيا، ولحقي منها.
شددت بالاخيرة عن قصد، لتقطب بهيرة وهي تجلس عل الكرسي المقابل لها مرددة:
- دي شيء يسعدني اكيد، انك ترجعي وتكلميني زي ما بكلمك كدة، من غير ما تكشي في نفسك ولا تخافي، بصراحة منظرك كان مزري اوي طول السنين اللي فاتت .
لم تتغير، هي شقيقتها بطبيعتها القاسية، والغير مبالية لن تتغير أبدًا، هذا ما طرأ بعقل نجوان اثناء حديث الأخرى، ليأتي الرد منها بسخرية:
- ياااي تلاقي منظري كان بشع، شعر منعكش بقى وتصرفات مجانين،
زمت بهيرة فمها بضيق واضح، فطريقتها ف الحديث، لم تعجبها، تذكرها بالشخصية القديمة وعنادها الدائم معها، فتباغتها بقولها:
- خدتي قصر بابا وعايزة تعمليه مقر لجمعياتك والمنظر الاجتماعي المقرف بتاعك ليه يا بهيرة؟
- منظر اجتماعي مقرف!
تمتمت بها المذكورة بعدم تصديق تردف:
- الظاهر ان عقلك لسة مخفش كويس يا نجوان، ايه الوصف المستفز ده؟ شوفتيني بعمل حاجة مخلة؟ ثم كمان تعالي هنا، مين اللي قالك الكلام ده من اصله؟
ابتسامة جانبية لاحت بطرف ثغرها تجيبها بغضب مكتوم:
- انا مش مستنية حد .يقولي، لأني روحت بنفسي وشوفت الشغل في قصر المرحوم بابا، الورث ما بيني وما يينك، ولا اليافطة المحطوطة في جمب لوحدها في الجنينة ، لجمعيات الواجهة الاجتماعية الزائفة،
بدون فايدة حقيقية للبشر، بتستغلي ظروفي الصحية يا بهيرة وتورثيني بالحيا
زفرت الاخيرة لتطرق بعصاها على الأرض الصلبة بعنف:
،-،وقفي شوية بقى واديني فرصة اكلمك، ثم كمان انتي مالك بيه؟ هو انتي كنتي عايزاني افصل سيباه كدة مهجور والغربان تعيش فيه، انا عملت كدة اجدده وارممه، وارجع العهد القديم لشوكت باشا ، ولا انتي ناسية بابا كان ايه في زمانه؟
- انا مش فاكرة غير حاجة واحدة بس يا بهيرة، جمعيات البر والتقوى بتاعتك تقدري تنفذيها في اي مكان من املاك المرحوم جوزك، او تشتري انتي في الحتة اللي تعجبك، لكن تستغلي انتي اسم بابا، عشان تفتخري بأصلك قدام الناس وتحسسبهم دايما انك أعلى منهم، دا لا يمكن هسمح بيه.
اشتدت التعابير المجعدة، وقد لاخ الغضب جليًا عليها، ليصدر ردها بدهشة لا تخلو من استخفاف:
- ايه القوة دي يا نجوان؟ اللي يسمعك كدة، ميصدقش ان دي الست اللي طار عقلها لسنين فاتت عشان صدمة اتعرضت لها من حب عمرها.....
- واديكي عرفتي بنجوان الجديدة.
صاحت بها مقاطعة بحدة، تفاجأها بحزمها ، كي توقفها
عن الاستمرار في بث سمومها
فدلف على الصوت رياض يدخل بخطواته السريعة والمتلهقة نحو والدته:
- ايه اللي حصل؟ صوتك عالي ليه يا ماما؟
تلقفت بهيرة مجيئه كالنجدة لها:
- رياض حبيبي تعالى شوف والدتك، بتتعصب على سبب تافه، باينها لسة تعبانة...
- مش تعبانة يا بهيرة، انا خلاص خفيت ورجعتلك.
هدرت بها بتحدي واتفعال جعل تلك التي دلفت خلفه ، تتقدم نحوها بقلق:
- براحة على نفسك يا نجوان هانم، العصبية مش كويسة عشانك.
انتبهت بهيرة لتلك التي اقتربت من شقيقتها، تربت على يدها وتهادنها بحنان امتصت به غضبها، في إشارة واضحة لمعزة هذه الفتاة اليها وبإزدراء واضح طالعتها من أعلى لأسفل مضيقة عينيها، وكأنها تستعيد برأسها المواصفات التي ذكرتها امامها قبل ذلك لورا، لتتفوه بالاسم وكأنها تسألها:
- انتي بهجة؟!
- ايوة انا بهجة.
ردت تجيبها بدهشة بالغة تتبادل النظرات معه ومع نجوان التي تحفزت بريبة تحولت لغضب مع قول شقيقتها:
- الجليسة الجديدة اللي سمعت عنها.....
توجهت بأبصارها نحو رياض تخاطبه بتوبيخ:
- ودي صفتها ايه دي عشان تجيبها بيتي؟ لورا راحت فين؟ ولا نبوية حتى؟
أجفلت بهجة لفظاظة المرأة المتكبرة، حتى انها لم تستوعب جيدا إلا بعد الصيحة العالية التي صدرت من نجوان في ظاهرة لاول مرة تراها بها منذ شفائها، تسبق ابنها:
- وهي جاية عشان تضايف عندك ، دي جاية عشاني انا، يا صاحبة الزوق العالي، يا هانم يا بنت الأصول.