-->

رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 15 - 4 - الإثنين 14/10/2024

  

قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ظننتك قلبي

« لكن بعض الظن إثم »

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة قوت القلوب


الفصل الخامس  عشر 

4

تم النشر يوم الإثنين

14/10/2024


ما يظهر من "غدير" انها غير عابئة ، غير مسؤولة ،كما أن ظروف حياتها قبل زواجها من "عيسى" لم تهيئ لها سوى تعليم بسيط ، لكنها مع ذلك كانت تتمتع بسرعة بديهة وذكاء فطري ، و بذكائها تفهمت "غدير" أن هذا الأمر لم يخرج عن تقليل "نيره" من عملها يوم العزيمة ، لتمط شفتيها وهي تومئ برأسها إعجابًا بذكائها لربط الأمرين بعضهما ببعض ...

- ااااه ... فهمت ... ماشي يا "دوده" هعديها بمزاجي قومي بقى شوفي الكيك إللي في الفرن عشان أخذ حته قبل ما أروح أنا مش ماشيه إلا لما أكل حته ... 

نهضت "موده" من جلستها لتتجه نحو المطبخ بينما دق هاتف "غدير" برقم مدون بتوأم روحي ، إن السعادة هي صوتك ثم حديثك ثم أنت ، يا ليتني نجم وفي فلكك أدور ، إتسعت بسمة "غدير" المميزة وهي تجيبه بشوق ...

- هلا وغلا بالحبايب ... كنت متأكده إنك حتكلمني ...

- يا سلام و إتاكدتي منين بقى ...؟؟!!

تلاعبت عيناها بشقاوة وهي تهز رأسها حتى تحرك خصلات شعرها العشوائي بإبتهاج أضفى بريق على ملامحها اللطيفة ...

- هم مش بيقولوا قلب المؤمن دليله ... وأنا مؤمنة ... مش محتاجة فصاحة يعني يا حلو الحلوين كلهم ...

ضحك "عيسى" فهو لا يدري هل هذا مدح أم ذم ...

- والله ما فاهملك ... ده غزل ولا شتيمه ولا إيه .. ؟!!

شهقت بشقاوة وهي تجيبه ببلاهه ...

- كده برده يا روح الروح ..

زادت ضحكاته التي أطلقت الغيرة بنفس "سندس" التي ما زالت تسترق السمع خارج باب المكتب لتطقطق أصابعها وهي تكظم غيظها من ضحكاته التي لا تستمع إليها إلا حين يأتي طيف "غدير" فقط ...

- يا ست (زينات صدقي) أنا قدامي نص ساعة حعدي عليكِ بالمرة نروّح سوا ...

تعلقت عين "غدير" بـ"موده" التي دلفت للتو إلى داخل المطبخ وما زالت رائحة كعك البرتقال الشهية تدغدغ أنفها فهي لا تحسن صُنعه ، بينما تعلمت أختها طريقته من زوجة خالها مؤخرًا ... 

هتفت "غدير" برفض قاطع وهي تلوح بكفيها بالرفض تام ...

- لا لا ... أنا عندي حاجة كده حخلصها واحصلك ... روّح إنتَ وأنا حاجي وراك ...

تعجب "عيسى" من إنشغالها لهذا الحد ثم أردف بإمتعاض وتحولت نبرته للجديه والضيق ...

- حاجة إيه إللي مهمة أوي دي إللي عشانها مش حتيجي تروحي معايا ... ؟!!

لم تشأ "غدير" أن تخبره بإنتظارها لنضج الكعك ، لتزيغ عينيها بإضطراب ثم تجيبه بدون توضيح ...

-لما آجي حقولك عشان ما تضحكش عليا يا روح الروح ...

رغم ضيقه إلا أنه ظن أن هناك أمر ما متعلق بـ"موده" ليزفر ببطء ثم يجيبها بتقبل للأمر رغم رفضه ...

-طيب يا "دورا" أشوفك في البيت ما تتأخريش ...

- عيوني يا عيوني ...

أنهى مكالمته مع "غدير" ليستكمل تدوين بعض الملاحظات السريعة قبل مغادرته المكتب مع محاولة "سندس" كظم غيظها من ضحكاته التي لا تظهر إلا مع "غدير" فقط ، تتمنى لو ينالها بعض من رضاه ولو بمجرد بإبتسامه فهذا يكفيها ...


إنتظرت "غدير" إنتهاء "موده" من صنع الكعكة لتناولها بشهية قبل مغادرتها وعودتها لبيتها ومملكتها الخاصه بها وبحبيبها "عيسى" ...


❈-❈-❈


دفعت "نيره" شعرها للخلف ووقفت تنتظر مرور "رؤوف" بتذمر كما إتفق معها بالصباح لإستكمال جولتهم للبحث عن أثاث مناسب لبيتهم بعد زواجهم ، توقف رؤوف بسيارته الرياضية الصغيرة أمام متجر "نيره" لتقابله بنفس الوجه الممتعض الذي تقابله به كالعادة ...

تطلع نحوها ومازالت الاسئله تدور برأسه لا يدري عن إجابتها بداخله لكنه عليه الآن إنهاء أمر ضيقتها منه بأي شكل ، فهو لا يفضل هذا الجو المشحون بينهم فكل ما يريده هو حياة هادئة ...

تمتم "رؤوف" بصوت هامس أثناء توقفه بالسيارة ...

- أستر يا رب ... أنا عارف الوش ده كويس ربنا يستر ...

فتحت "نيره" باب السيارة قبل أن تجلس دون النطق بحرف واحد لما يبدو على ملامحها من ضيق فقط تجاهلت "رؤوف" تمامًا كما لو كان غير متواجد بالسيارة ، أجابها "رؤوف" بروحه المرحة ممازحًا ...

- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...

لم تعط له بالًا ليبدأ هو بمراضاتها عن أمر يجهله فقد أنهى أمر غضبها منه حين هاتفها بمكالمته لها و لم يظن أن للأمر بقية ...

- نور عيني إللي مبوز .. بس برضه قمر في كل حالاته مش خلاص بقى ولا إيه ...؟!!

مالت "نيره" فمها جانبيًا ثم أجابته بنفس ضائقة...

- خلاص يا "رؤوف" يلا إطلع على البيت عشان مش عايزه أتأخر النهاردة ...

- تمام يا حبيبة "رؤوف" ... زي ما تحبي ... يلا نروح ...

إستدارت "نيره" نحوه بحده كما لو كانت تنتظر إجابته لتبدأ بها مهاوشتها معه من جديد ..

-ده إنت ما صدقت بقى ...!!!!

إتسعت عين "رؤوف" بذهول من تصيدها لإجابته لبدء شجار جديد ليردف مدافعًا عن نفسه ...

-والله ما أقصد مش إنتِ إللي قلتِ يا "نيرو" ... أنا ما أعرفش إن إنتِ هتضايقي أوي كده ... عادي يعني عايزانا نكمل نكمل ... عايزانا نروح نروح ...

إعتدلت وهي تنظر للأمام بتجاهل تام لـ"رؤوف" ثم عقدت ذراعيها بتذمر شديد 

- خلاص يا "رؤوف" روحني البيت أنا ماليش مزاج النهاردة إن أنا أعمل حاجة ... إنت عصبتني ... وأنا مش حعرف أدور على حاجة بالشكل ده ...

تنهد "رؤوف" بقلة حيلة فلم يعد يدري كيف يرضيها ، هذا ما يتوجب عليه طيلة الوقت فقد أصبح إرضائها هو كل ما يجمعهما سويًا ... 

- ماشي يا حبيبتي زي ما تحبي خلاص ... نروّح دلوقتِ وبكره نكمل ... ونشوف إللي إنتِ حباه ...

- أه ... يلا ...

خيم الصمت عليهما طوال الطريق حتى قام "رؤوف" بإيصال "نيره" لبيتها ليعود بعد ذلك إلى البيت مباشرة ...


❈-❈-❈


ليس إنتهاء العمل هو نهاية اليوم بل هناك حياة أخرى تبدأ بعد الدوام ، حياة يملؤها الصخب والمتعة وحياة رتيبة تمر ساعاتها كقرون لا تنتهي ...

لم يحبذ "رشيد" بقائه بمنزله ليقضي سهرته اليوم برفقة أقرانه بالمقهى يقضون الوقت ويتسامرون كعادة كل يوم ...

ضرب أحدهم بقطعة أحجية الدومينو بسعادة بلهاء مصدرة صوت إرتطامها المحبب المطعم بإنتصار مبهج ...

- قفلت يا حلو ... كدة أنا كسبت ... عد ورقك ...

غمغم رفيقه بذات المناوشة رافضًا خسارته ...

- على فكرة إنت بتخم ...

ضحك "محمد" وهو يتراجع بجذعه نحو الخلف بغرور ...

- أهو حيعملها زى كل مرة ...

ضحك البقية على صديقهم المعتاد الخسارة وعدم قبولها أيضًا ، لكن "رشيد" لم يكن متجاوبًا معهم بل شرد بذهنه بعيدًا لينتبه له "محمد" ...

- مالك يا "رشيد" ... إنت بجد غريب جدًا النهارده ...؟؟؟

سحب "رشيد" نفسًا مطولًا قبل أن يجيبه ...

- عارف ... بقالي فترة بقاوح إحساس جوايا ... كنت فاكر إن الحكاية دى حتعدى زى غيرها ... بس باين إني غلطان ...

إعتدل "محمد" بمواجهة "رشيد" وقد إحتدت ملامحه بإنفعال لكن نبرته تحلت بشك وعدم تصديق لحديث "رشيد" ..

- "رشيد" إنت حتجنني ...!!! مش انت اللي قلت كل البنات واحد ... ورحت ورا البت "رانيا" ... وقعدت تقول فيها أشعار ... إنت ناسي ولا بتضحك على نفسك وعليا ... ؟!!

مال "رشيد" برقبته للأمام بحركة إنفعالية من ضيقه الشديد خاصة و"محمد" أخذ يكشف له كل الأمور غير مصدق لما ينهش بقلبه المفطور ..

- أيوة ... أيوة ... بس وقتها بس عرفت إن كان فى إيدي جوهرة وسبتها ... من بعدها حسيت إني كنت بحبها بجد ... أنا فعلًا يا "محمد" مش شايف غيرها قدامي ...

هدأ "محمد" قليلًا وهو يستشعر الصدق بحديث "رشيد" ليردف بتفهم ...

- طب خلاص خلاص ... متزعلش مني ...ما هو التغيير المفاجئ اللي حصلك ده وفجأه كدة "رشيد" اللي كل يومين مع بنت شكل بقى يحب ... ونسي كل البنات ... عقلي مش مستوعب كدة ...

تنهد "رشيد" بضيق ظهر بطول زفيره القوى ليجيبه موضحًا ...

- أنا مش بضحك عليك ... أنا فعلًا إتغيرت ... كأن حالي كله إتقلب ومبقتش أفكر غير فيها وبس ... الدنيا كلها وقفت عندها ومش راضيه تمشي ...

أومأ "محمد" بتفهم ليحاول إخراج "رشيد" من تلك الحالة التى أصابته ببعده عمن يميل إليها قلبه ، ليساعده "رشيد" على ذلك بمحاولة الإندماج بلعبتهم لتشتيت تركيزه وتفكيره بها ...


❈-❈-❈


سويسرا ...

رغم برودة الأجواء إلا أن الجو أصبح صحوا وتلاشت الغيوم أخيرًا ، وصل "معتصم" و"عهد" للكوخ بعد وقت قليل من تركهم "كاتينا" التي كادت أن توقع بهما ...

جمود غريب ساد بعد هذه الواقعة لكن ملابستها لم تنجلي عن تفكير "عهد" خاصة وهي تلحقه متفكره بغموض هذا الرجل الذي أربك عقلها وشتت أفكارها ...

تساؤلات عدة أخذت تجتاح رأسها بصمت تام أثناء عودتهم ، كان أولهم سؤال هام للغاية ... لم إختارها لإنقاذها من الحريق ، هل كان يعلم أن "كاتينا" ستغدر به وتحاول قتله .؟؟!!..

والسؤال الأهم .. من أين أتى بالسلاح وكيف صوبه نحوها بهذه الدقة والمهارة دون أن يرمش له جفن ..؟!!!

وفي النهاية .. سؤال عن ماهية هذا الرجل فكيف بعد قُربه من "كاتينا" إلا أنه لم يبالي بها وهي صريعة أرضًا بعدما أطلق عليه الرصاص ..؟!!!

أخذت تلك الأفكار تتخبط برأسها دون النطق بها حتى وصلا بالنهاية إلى الكوخ ، كان "معتصم" بدوره صامتًا للغاية ...



الصفحة التالية