رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 33- 1 - الخميس 14/11/2024
قراءة رواية حان الوصال كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الثالث والثلاثون
1
تم النشر يوم الخميس
14/11/2024
نقطة فاصلة
وخز الضمير الذي يذكرك بخطأك، يذكرك انك إنسان مازلت تشعر وداخلك بوصله توجهك إلى الطريق الصحيح، ربما تنتبه وتحاول تقويم نفسك.
هذا ما كان يحركه اثناء نزوله الدرج الخارجي للمدخل، وعيناه منصبة عليها وهي تعطيه ظهرها وتسقي زهورها التي ازداد بهائها منذ توليها مهمة الاهتمام بها.
طلت منها نظرة عابرة نحوه والتقت بندقيتيه بخاصتيها العاتبة بغضب خفي بعد حديثه القاسي بالأمس، لتزيد من صعوبة الأمر عليه، وقد عادت
بعد ذلك لما تشغل به نفسها .
ليخطو بتردد حتى اقترب منها يلقي عليها تحية الصباح:
- صباح الخير
- صباح الخير
ردت التحية بصوت فاتر دون ان تلتف اليه، حتى سمعت حمحمة وصوت ضعيف يوضح مدى صعوبة الأمر عليه وهو يغلب كبريائه.
- انا اسف على كلام امبارح، كنت مخنوق ومش شايف قدامي.
قالها وتحرك سريعًا قبل ان تلتقي ابصارها به، ليثير بثغرها ابتسامة عابثة، كانت تود إيقافه ولكن منعها صوت الهاتف ودوي اتصال مفاجيء
اما عنه فقد واصل طريقة، يتجنب النظر للخلف حتى لا ينظر اليها مرة اخرى ويظهر المزيد من الضعف اتجاهها، دائما ما تغلبه برقتها منذ آن كان طفلا صغيرا، كان كل اقرانه لديهم والدات حازمات إلا هو كان لديه امرأة جميلة يخشى دائما الوقوع في الخطأ حتى لا يرى على محياها الجميل عتاب ولا حزن .
ولكن الحياة لا تترك شيئًا جميلا على حاله
تنهد بأسى ينفض عن رأسه التفكير بشيء قد يجره نحو الذكريات السيئة، ليركز اهتمامه على المغادرة، وقد اقترب من السيارة التي سوف تقله إلى عمله، ليدلف اليها يشعل المحرك، لكن، وقبل ان يهم بقيادتها جاء اتصال منها على هاتفه، ليضطر الإجابة عليها بارتياب:
- الوو.... عايزة حاجة يا ماما قبل ما امشي؟
جاءه صوتها بنبرة جزعة:
- الحقني يا رياض، لورا باينها عملت حادثة، مامتها اتصلت بيا دلوقتى وبلغتني
❈-❈-❈
صففت لها شعرها وضفرته لها، لتتأمل نفسها امام المراَة الآن تردد بتخايل ومرح:
- الله يا بيبو، حلوين الضفرتين النهاردة، اكيد هيعجبو نوجا صح؟
ضحكت تجيبها بغبطة هي الآخرى:
- اكيد يا عيوشة يا قمر انتي، هي عمرها اساسا ما شافتك بالضفرتين، متأكدة انها هتتجنن بيكي.
- وانا فرحانة اوي اني هشوفها، اصلي بحبها اوي أوييي، انا هخليها تقعد معايا اليوم كله معايا في الكافيه، همسكها وظيفة المدير عشان تيجي كل يوم .
قالتها في تعبير صادق عن محبتها القوية لها، لتحتضنها شقيقتها بتأثر ضاحكة، حتى اذا توقفت اخذها الشرود في القادم، عن مصير هذه العلاقة الجميلة ببن الاثنتان اذا ما حدث وانفصلت هي عن رياص ان اختار الفراق.
❈-❈-❈
هرعت العائلة بأكملها إلى المشفى بعد ورود المكالمة الهامة من احد الأشخاص يخبرهم عن إصابة المدعو سامر خميس الرواي وضرورة خضوعه لعمليه جراحية لإنقاذه.
ليتوقف الجميع الاَن خارج حجرة العمليات في انتظار خروجه والاطمئنان عليه، وحالة من الوجوم اكتست بها الوجوه، خميس وولديه الاثنان، زوج رحمة وسمير،
حتى خطيب ابنته ووالده ايضًا كانا حاضرين بحكم علاقة النسب الجديدة والصداقة بين الرجلين الكبيران
اما سامية فقد كانت جالسة على مقاعد الانتظار تتجنب النظر نحو المدعو خطيبها والذي كان يبدو عليه الجدية، ويتصرف بمسؤولية على قدر الحدث، ولكن كانت تخونه عيناه احيانا في النظر اليها، فتقابله بتعالي كعادتها او تحاول الهروب من محاصرته لها بالتهوين عن والدتها، والتي كانت تندب وتولول بصورة اثارت استياء تلك الواقفه في ركن وحدها، تدعي الثبات والقوة، رغم حالة الفزع
التي مازالت تجتاح خلاياها ، وهذه المشاعر الغريبة التي لأول مرة تشعر بها مع رجل مثله، ابعد ما يكون عن فكرها وشخصيتها
لقد نجت اليوم بفضله ، بفضل دفاعه عنها، هذه اول مرة تجد من يدافع عنها، بل ويُقاتل من أجل نجاتها حتى يوشك على الموت.
جسدها يرتجف بشدة خوفًا عليه، من وقت ان ضمته اليها، وتلوثت ملابسها بدمائه، تصرخ من أجل انقاذه، وتناديه أن يتماسك، كيف اتتها الجرأة لذلك؟ لتتخلى عن عنجهيتها في رجاء الأطباء لآسعافه، ثم الانتظار الان حتى تطمئن عليه بنفسها، رغم استهجانها المتعاظم للأسلوب السوقي لوالدته في التعبير عن حزنها وقلقها، الا تستطيع اغلاق فمها وتكف عن ازعاج المرضى والعاملين بصوتها العالي، انها حتى لا تراعي صورتها كامرأة كبيرة ولا يصح لها تلك الأفعال
- لورا.
تلقفت صوت والدتها والنداء بإسمها بلهفة شديدة حتى
كادت ان تبكي وهي تقطع نصف المساحة لترتمي بحضنها:
- اخيرا جيتي يا ماما؟ انا كنت محتاجاكي اوي
- يا حبيبتي يا بنتي، ايه اللي حصل معاكي بس؟ انا مش فاهمة حاجة
صاحت بها المرأة في تساؤل وحيرة عاصفة نحو ابنتها تريد منها تفسير واضح
اما في الجهة الأخرى، فلم يقوى خميس هو الاخر، على التجاهل اكثر من ذلك:
- ولد يا سمير، انا لحد دلوقتي مش فاهم، البت دي ايه علاقتها باخوك عشان تنقذه؟ ثم كمان هي كانت بتعمل معاه ايه في المنطقة الصناعية؟
سمع منه الاخير، يزفر بضيق شديد، ليرد عليه بصعوبة فا أقصى ما يهمه الاَن هو الإطمئنان على شقيقه، اما التفاصيل تأتي بعد ذلك:
- كله هيبان يا ابوبا، يفوق سامر بس واحنا نعرف منه كل حاجة ادعيلوا انت ادعيلوا.
قصد سمير بالاخيرة نحوه حتى يتفرغ للدعاء لولده ويكف عن توجيه الأسئلة اليه مرة اخرى ، الا يكفيه المحزنة التي تفعلها والدته، تلفت ابصار الجميع نحوها لغرابة ما تفعله
❈-❈-❈
استيقظ هذه المرة باكرًا وبمزاج رائق، تناول كوب الشاي الساخن ليضع السيجارة داخل فمه، ويجلس خلف الشرفة التي تتوسط المنزل الصفيحي الذي يسكن به الآن، يتنعم بنسمات الصباح الرقيقة، والهدوء الذي يعم المنطقة في هذه الا.وقات، يستمع ويتابع على هاتفه ما تم تسجيله من مكالمات وصورة التقطتها الكاميرات داخل الهاتف الاخر الذي تم اختراقه اخيرا، وقد حفظ منهم الكثير بالامس، رغم غيظه الشديد لرؤية العديد من الصور التي تجمعها مع زوجها العدو الاول له الآن، ولكن لا بأس، فلابد من ان يصبر نفسه، حتى يصل إلى غايته.
دخل سجل المكالمات لينتبه بوجود مكالمتين جديدتين، واحدة مع زوجها مدتها تقارب الساعة، والأخرى مع شهد ومدتها نصف ساعة، هم ان يبدأ بالأولى ولكن الحنين غلبه لسماع صوت الأخرى، حبه الاول، والسبب الاساسي في كل ما يمر به الآن، يتمنى أن يشمل الحديث بعض الأسرار عنها هي ايضًا، ولسوف يستمتع كثيرا بابتزاز كل منهما، بنات ناصر الدكش
❈-❈-❈
داخل غرفة الإفاقة، وبعد أن استعاد وعيه، كان وجهها اول شيء وقعت ابصاره عليه، لتتشبث عينيه بها، وكأنه لا يصدق وقوفها امامه بهذا السكون، بعد صراخها وافعالها المجنونة من أجل اسعافه، والان تخاطبه بصوت هاديء لأول مرة يسمعه منها، وتواصل غير مفهوم بين عينيها وخاصتيه:
- حمد على سلامتك، الدكتور طمنا عليك.
لم يجد ما يسعفه للرد عليها او حتى بالإيماء بأجفانه، وكأنه يرى امامه امرأة اخرى لا يعرفها، ليست تلك النفس الخبيثة التي تمنى حرقها في بعض الأوقات، لا يدري ان كان هذا تصنعًا لتخفي من وراءه مصيبة تفاجأه بها، او ربما تأثرا بما حدث له، هذا ان كان قلبها يعمل مثل البشر.
- ايه ده؟ انت فتحت عينك؟ سامر فتح عينه ياما، سامر فتح عينه يابا؟
كان هذا صوت شقيقته، والتي صارت تهلل بها لتجذب انتباه الجميع، بعدما استدركت هي الاخرى لإفاقته، ليجد الأسرة كاملة في اقل من ثانية حاوطته، وهي تنسحب من بينهم ، ومن امام عينيه، بعدما تشوشت الرؤية بهجوم والدته عليه في تقبيله
- يا حبيبي يا بني، ربنا قومك بالسلامة عشان خاطر امك الغلبانة، دا انا كنت هموت لو حصلك حاجة يا حبيبي.