-->

رواية جديدة طُياب الحبايب مكتملة لرضوى جاويش اقتباس الفصل 2 - الخميس 28/11/2024

 

قراءة رواية طُياب الحبايب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية طُياب الحبايب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رضوى جاويش


اقتباس 

الفصل الثاني


تم النشر الخميس

28/11/2024

❈-❈-❈

توقفت فرسته على مدخل الجسر الموصل لسراي (وناسة) هكذا اسماها جده منذ زمن بعيد، عندما وجد تلك السيارة الصغيرة ما تزل عالقة بمنتصفه تسد الطريق على كل ذاهب وأيب، ما دفعه ليهتف عاليا مناديا خفيره في قوة، والذي جاء مهرولا، وقد عاد من صراعهم مع الحريق بالشونة قبله كما أمره، ليطمئن جدته التي كانت تجلس في ترقب قلقة، متسائلا في حنق: عربية مين دي اللي ع الچسر! 

أكد شبل: والله ما أعرف يا بيه! كنها هنا من ساعة الحريجة ما جامت، ومشفتلهاش صاحب.. 

تساءل حبيب في شك: أنت متوكد مشفتش مين اللي كان فيها، ولا لمحت صاحبها!؟ 

هتف صوت أنثوي حاد من خلف ظهر حبيب، مؤكدا في ثقة: أو صاحبتها! 

انتفض حبيب موليا وجهه صوب المتحدث، متطلعا نحوها من عليائه، مدركا أن الأقدار لا مفر منها، فحين لمح طيفها في قلب الحريق كان يُكذب ناظريه مدعيا أن أدخنة النيران قد غشت بصره، لكن ما أن سقطت عيناه على محياها وهي تستريح من عناء الصراع في ملاحقة ألسنة النيران والسيطرة عليها قبل استفحالها، تأكد له ظنه، ما دفعه ليركب فرسه موليا، لكنه كان موقنا أنه يهرب إلى حيث ستتبعه، وها قد صدق توقعه.. 

تاه حبيب في تأملاته وخواطره حتى أنها هتفت في حنق: هو حضرتك هتفضل فوق فرسك كده كتير! مش تنزل تكلمنا! 

تنبه حبيب نافضا تلك الخواطر عن مخيلته، مستشعرا ذاك الحنق في نبرة صوتها، ما دفعه بشكل لا شعوري وعلى عكس طبيعته ليهتف بنبرة متعالية: مش لما أعرف بتحددت مع مين الأول، ولاه أنتي مفكرة إن النزول ده بالساهل ياك! 

زاد من حنقها تلك العجرفة التي يتعامل بها، ما دفعها لتهتف بشبل أمرة إياه، متجاهلة حبيب تماما: تعالى يا اسمك ايه أنت زق العربية بعيد عن الجسر، وشوف لي ميكانيكي بسرعة.. 

لم يحرك شبل ساكنا، كان أشبه بالصنم، ما دفعها لتهتف وقد زادت حدة غضبها: أنت يا بني آدم، مش أنا بكلمك! 

هتف شبل مؤكدا في صرامة: أني مبتعتعش خطوة إلا بأوامر من حبيب بيه بس.. 

ثم تطلع شبل صوب موضع حبيب متسائلا: أزج يا حبيب بيه! 

قهقه حبيب الذي كان ما يزل على صهوة فرسه، مشاهدا في استمتاع لما يحدث، وقد ترجل أخيرا، رابطا لجام أليف فرسه في أحد أعمدة الجسر في عشوائية، أمرا شبل في هدوء: زج يا شبل، وماله.. وهات رچب من الاسطبل يزج معاك، وياخد أليف بالمرة، وإرمح هات عوض الميكانيكي يشوف ايه ف العربية، لحد ما نشوفوا مين الأساتذة! 

اندفع شبل منفذا أوامر حبيب في لمح البصر، ما جعل حنقها وصل لذروته، لكنها سيطرت على أعصابها في محاولة للهدوء، فما هو قادم يحتاج منها لكل ذرة من ضبط النفس.. 

تساءل حبيب: مين بجى الأساتذة! 

تطلعت نحوه أُنس وعلى وجهها علامات تعجب مصطنعة: اللي أعرفه إنكم أهل كرم، في حد يتعرف ع الواقف كده! 

أكد حبيب بابتسامة دبلوماسية: عندكِ حج، معلش علينا المرة دي، اديكي شايفة كنا فإيه، اتفضلوا.. 

أشار حبيب لها ولمرافقها، الذي لم ينطق حرفا واحدا تاركا لها زمام الأمر، ليتبعاه صوب باب السراي، سارت خلفه في توجس تتطلع نحو خطواتها تارة، وعيونها تجول في المكان برهبة تارة آخرى، سقطت عيناها على الزوايا وذاك المبنى العتيق المسمى سراي وناسة.. تطلعت لنوافذه المميزة الشكل وأعمدته الفخمة، وقبته الفريدة من نوعها.. لا تعلم لما خبت نيران حنقها فجأة ما أن وطأت أقدامها أول خطواتها داخل هذه البوابة الحديدية العتيقة، التي كانت أشبه ببوابات القلاع القديمة، شيء ما تسرب نحو دواخلها في بطء حذر، حتى احتلها تماما، شعور عجيب بأمان مطلق جال في براح صدرها، وراحة مفرطة عمت روحها، وكأنها زارت هذا المكان سابقا، ولها فيه من الذكريات، ما جعلها تستشعر ذاك الاحساس الغامر بالألفة، وهي على يقين تام أن قدميها ما وطأت هذا المكان من قبل، ولا زارته حتى في أحلامها.. فهي في الأصل، لم تكن تعلم من أسبوع واحد خلى بوجود هذا المكان، ولم تعرف بوجود مكان يدعى نجع الرسلانية من قبل..

انتبهت حين هتف حبيب مرحبا: شرفتوا، بس أني لسه معرفتش مين حضراتكم، حتى نعرفوا مع مين بنتكلم.. 

أكدت في نبرة واثقة: هنتعرف أكيد يا حبيب بيه، بس يا ريت نكون في مكان مقفول ولوحدنا.. 

رفع حبيب حاجبيه متعجبا لجرأتها، ما دفعها لتصحح ما وصله، مفسرة في غيظ: أنا وممدوح.. 

طلت ابتسامة خفيفة على شفتي حبيب لمحتها دون جهد، وزاد غيظها من ذاك الرجل القادر على إشعال غضبها دون جهد يذكر، وهو يتطلع صوب ممدوح مؤكدا في نبرة مرحة: شرفتنا يا أستاذ ممدوح، أهو اتعرفنا على واحد، يا مسهل.. 

وتطلع صوبها مشيرا نحو باب المندرة الخارجي الذي يعفيهم من الدخول لقلب السراي، ليجتمعوا أخيرا تحت سقفها مغلقا حبيب باب المندرة حتى لا يقاطعهم مخلوق، قبل أن يعرف كنه هؤلاء الغرباء الذين يستشعر بحدسه أنه سيكون لهم شأنا خاصا معه..  

جلسوا متحلقين حول مائدة خشبية صغيرة من الارابيسك القيم المتقن الصنع، وتطلعت في أرجاء المندرة مدركة أن ذوقها راق على الرغم من وجودها في مكان كهذا، سراي قديمة تكاد تكون أثرا معماريا في قلب الصعيد!! داخلها هذه الغرفة التي تنضح بأصالة وذوق رفيع قلما يجتمعا في مكان واحد! أي عبث ذلك! 

تطلع حبيب نحوهما، وقد جلس كلاهما صامت غارق في خواطره الخاصة، حتى أنه ابتدرهما متسائلا: ها، أدينا بجينا لحالنا، ممكن أتشرف بحضراتكم! 

هتفت في صوت ثابت النبرة، تتطلع لحبيب بنظرة ثاقبة في محاولة لقراءة ملامحه حين اعلانها اسمها: أنا...

يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رضوى جاويش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة