-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 9 - 3 - الخميس 5/12/2024

 

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل التاسع

3

تم النشر الخميس

5/12/2024



قرر أخذ أجازة من العمل اليوم واتجه معها ليتناولا فطورهما في مكانٍ على النيل  . 


كانت تجاوره بسعادة خاصةً وهو يحتضن كفها وبين كل دقيقة والأخرى يرفعه إلى فمه يلثمه بحب  . 


تحدث وهو يقود وعينيه على الطريق  : 


- في بالك مكان معين ولا أختار أنا  ؟ 


التفتت تطالعه وتبتسم مجيبة  : 


- اختار إنت يا حبيبي  . 


أشار بيده على اليمين وأردف مترقبًا  : 


- المكان ده حلو أوي وهادي  . 


- تمام  . 


قالتها فتوقف بسيارته يصفها وترجل معها يخطوان نحو الداخل ويتجهان إلى إحدى الطاولات التي تطل على نهر النيل  . 


جلس وجاء النادل فأخد طلبهما وغادر فنظر لها يبتسم وتحدث بنبرة لينة محبة  : 


- مبسوطة  ؟ 


رفعت حاجبيها تردف بسعادة  : 


- جدًا  ،  طول ما إنت مبسوط أنا هكون مبسوطة  . 


رن هاتفه فالتقطه لتتساءل بفضول  : 


- مين  ؟ 


- ده محمد  ،  ثواني هرد عليه  . 


فتح الخط يجيب على صديقه وبات يحدثه وهي تتأمله وتستند على قبضتيها شاردة فيه وفي تقاسيم وجهه  ،  وهو يتحدث وهو يبتسم وهو ينكمش معبرًا عن كلماته  . 


سمعت صوت شغب خلفها قطع تفكيرها فالتفتت تنظر لأثر الصوت لتجد صغيران يركضان خلف بعضهما وعلى الطاولة التي تسبقها يجلسان والديهما يحذرانهما من السقوط  . 


تأملتهما وابتسمت بحنين ثم لم ترد هدم سعادتها لذا عادت تتأمل ملامح زوجها لتبعد عنها الأفكار التي تحاربها ولكنها أجفلت حينما انتفض دياب من مكانه يركض نحو الصغير الذي سقط يبكي نسبةً لجرح ركبته وتألمها  . 


حتى أنه ترك الهاتف على الطاولة دون أن يغلقه وانحنى يحمل الصغير الذي يبكي ويهدهده قائلًا بابتسامة وحنان ووالده يجاوره  : 


- معلش معلش بسيطة  . 


أخرج من جيبه محرمة ورقية يمسح بها جرح الصغير ليحمله الأب ويردف بنبرة ودية  :


- متشكر جدًا  . 


اتجه بصغيره إلى طاولته وتنهد دياب ثم عاد إلى يسرا يبتسم ويهز رأسه مردفًا بنبرة عفوية تحمل حنانًا غريزيًا  : 


- رجله اتعورت يا حبيبي  ،  المكان هنا ماينفعش للجري خالص  . 


لم يلحظ بعد تجهم ملامحها وقد انقشعت سعادتها في لمح البصر وحل محلها الخوف الذي تلجمه  ، ردة فعل زوجها هذه واندفاعه العفوي أكدا لها أنه يشتهي أن يكون أبًا لذا ظلت تطالعه بصمتٍ مبهم فتعجب يسألها  : 


- فيه إيه يا يسرا مالك  ؟ 


ازدردت ريقها وهزت رأسها تجيبه بقلبٍ مرتعش  : 


- مافيش  ،  أنا كويسة  . 


لولا مجئ النادل بطلبهما لكانت طالبته بمغادرة المكان ولكنها باتت مجبرة على التعامل حتى لا يلاحظ   . 



❈-❈-❈


جئت لأعالج جرحًا فاسدًا فتدنست روحي وعم فساده في قلبي و بات يدللني حتى ضحكت . 


كررت سؤالها حينما لم تجد إجابة منه لذا نظرت لمن تلتصق به وسألتها بترقب شاعرةً بأنها تقف في عالمٍ موازي: 


- انتوا اتجوزتوا ؟ 


تعلقت زينة أكثر في هذا الواقف الذي تحمحم يردف بنبرة مترددة شاعرًا بالضيق من نظراتها ورؤيتها لهما هكذا : 


- أيوة اتجوزنا . 


هجم جيشًا من الحسرة عليها لتقف ذاهلة لثوانٍ قبل أن تضحك ضحكة عالية لم تضحكها طوال سنين زواجها منه ، ضحكت حتى أدمعت وانحنت تلتقط أنفاسها من كثرة الضحك ثم اعتدلت تسعل بخفة وتشير عليهما مسترسلة : 


- اتجوزتوا ؟ يا زين ماخترت يا كمال ، لايقين على بعض جدًا . 


باغتته بنظرة انقشع الاحترام منها لتُظهِر نفورها أمامه بوضوح كشمسٍ سطعت وتتابع : 


- من تاني يوم مشيت فيه اتجوزت ؟ وجايبها تتفرج على شقتي بقميص نوم  يا و*** . 


جحظت عينيه من لفظها الذي لم تنطقه طوال حياتها وانخلع من قبضة زينة يردف متوعدًا بملامح شرسة ونبرة متبجحة : 


- اتلمي يا ديما بدل ماعرفك شغلك كويس ، أنا ماعملتش حاجة غلط ، أنا اتجوزتها على سنة الله ورسوله . 


التفت يطالع زينة التي تحدق في ديما بغلٍ علني خاصةً وهي لا ترى قهر حبيبة بل ما تراه منها هو حسرة فائضة من امرأة استنزفت حتى الرمق الأخير .


عاد يتابع ويسلط نظراته المترقبة عليها : 


- زينة شقتها فوق بس نزلنا نشوف أكل ، وانتِ شقتك زي ماهي ماحدش جه جنبها من ساعة ما مشيتي .


ابتلع لعابه يسترسل متسائلًا حينما وجدها صامتة لا تفعل شيئًا سوى الصمت :


- أومال فين العيال ؟ 


أصابتها دهشة ليس لها مثيلًا ووقفت تحدق به ولم تجد في قاموس عقلها أي كلمات مناسبة ولكن رنين هاتفها فصل نظراتها عنه وعمن تجاوره لتمد يدها في حقيبتها وتنتشله ناظرةً له لتجده داغر لذا أجابت تضعه على أذنها بينهما عينيها استقرت على كمال وأردفت بنبرة رسم فيها العجز لوحته : 


- داغر ؟ كمال اتجوز يا داغر . 


أغلقت بعدها تطالعه وهو يبتلع لعابه خوفًا من مواجهة شقيقها بينما اهتاجت زينة تردف بردحٍ وتوبيخ : 


- اللا إنتِ هتهددينا بسي داغر ده ولا إيه ؟ ماقالك إنه جواز وحقه ، ولا إنتِ فاكرة إنه هيفضل متحمل عمايلك دي كتير ؟ 


التفت ينظر لها بجمود تمثيلي وقال بنبرة آمرة : 


- زينة اطلعي فوق . 


كادت أن ترفض وتحتد ولكنها تحمل من الخبث ما يؤهلها للوصول للنصر الذي تريده لذا ربتت على صدره وأردفت بغنج متعمد : 


- إنت تؤمر يا سي كمال . 


تحركت تباغت ديما بنظرات شامتة قبل أن تتريث في خطواتها وتصعد الدرج . 


وقفت تجرده بنظراتها من كل صفات الرجال والابتسامة الساخرة على محيّاها لا تفعل شيئًا غيرها ليتحمحم ويقول بنبرة ذكورية : 


- ماتخربيش على نفسك يا ديما وكلمي اخوكي يجيب العيال واقعدي في شقتك واللي هيمشي عليها هيمشي عليكي من هنا ورايح . 


حتى أنها ترى أن الحوار معه كثيرًا عليه ، لا يستحق كلمة واحدة تنطقها خاصة وأنها تشعر بثقل أصاب لسانها وجانب وجهها وخشت أن تنطق فتندفع الكلمات متعثرة لذا التفتت لتتحرك ولكنها كادت أن تسقط وشعرت بشيءٍ أقل وحشية منه يهجم عليها ويحاول هدمها لتتحامل على نفسها وتتحرك مغادرة قبل أن تسقط أمامه وهذا آخر ما تتمناه . 


رآها تغادر فتحرك يناديها بتعجب من صمتها وقلق حيال ما تفعله ولكنها لم تجبه بل نزلت الدرج بتمهل وحذر يصدره عقلها الذي لا يستوعب ما يحدث ولكن كأنه فقد السيطرة على جسدها فبات كلٍ منهما في وادٍ غير معلوم .


زفر بضيق ليسافر عبر ردة فعل داغر والعواقب التي يمكنها اللحاق به ، هو لا يريد الانفصال عنها ولا يسعى لإطلاق سراحها ، أناني ونرجسي للدرجة التي تجعله يريدها منحنية لسلطانه بكل مميزاتها . 


انتبه أنها غادرت من أمامه فتحرك يتبعها وينزل الدرج مناديًا باسمها . 


وصلت إلى الشارع ترى الناس من حولها بشكلٍ ضبابي وغشت عينيها بسحابة مضللة وغزى جسدها تنميلًا حادًا ولم تنتبه لشقيقها الذي جاء يركض نحوها وأمسك بها يطالعها وتهيأت على وجهه جنود الحرب متسائلًا بذعر من هيأتها : 


- إنتِ جيتي ليه ؟ جيتي ليـــــــــــــــــه  ؟ وهو فين ؟ 


كان قد وصل عند باب البيت ووقف يطالع داغر بقلق ليراه الآخر فعماه الغضب وترك شقيقته واتجه نحوه يمسكه من تلابيبه ويسحبه للخارج أمام المارة فقد طفح الكيل منه لسنوات من الصمت والكظم  .


تمسك كمال به يجابهه ويحاول منعه من هجومه ولكن داغر أردف بهياج وحرقة جعلته أقوى : 


- اتجوزت عليها يا كلب يا ندل يا واطي ؟ اتجوزت عليها بعد كل اللي شافته منك ومن امك ؟ 


حاول كمال نزع نفسه منه وفشل وقد تجمع الناس من حولهما وباتوا يحاولون تخليصه بالكلمات والقبضات ولكنه كان متشبثًا به بشكلٍ حاد وغضبٍ عاصف فأردف كمال بنبرة مستفيضة غير مباليًا بأي شيء : 


- حقي ، ماعملتش حاجة غلط ، وهي عارفة أنا اتجوزت عليها ليه ، اسألها . 


وقفت ديما ترى وتشاهد ما يحدث بتشوش كلي وشريط حياتها معه يمر على درب عقلها ، تتذكر كل لحظة قاسية معه كأنها تراها ، كل شيء وكل مظلمة تعرضت لها أتت ووقفت في محطة عقلها الآن . 


باغته داغر بلكمة قوية في أنفه جعلت الدماء تسيل وهو يستطرد : 


- اسألها إيه ؟ هو إنت كنت تطول تتجوز واحدة زيها ؟ طلقها يا واطي ، طلقها . 


عند ذكر الطلاق ورؤية الجيران لما يحدث وكلمات داغر التي رأى أثرها في أعينهم استباح الحديث عن محميتها مردفًا بثورة غضبٍ بعدما نفض نفسه بعنف يبتعد خطوة للوراء ويصيح وقد نزلت زينة مرتدية عباءة سمراء تجاوره وتسانده : 


- دانتوا متعودين بقى ع الطلاق ! اشهدوا يا عالم ، أنا مش عايز اخرب بيتي بس أخوها عايز يطلقها ويخرب عليها زي ما أمها عملت ، أنا اتحملت كتير أوي ، دي واحدة مش بتديني حقوقي الشرعية وباردة معايا وكل اللي شاغلها الزفت الموبايل واللي بتكتبه عليه ، عاملة فيها ياما هنا وياما هناك وهي مش عارفة ترضي جوزها ولا تشوف طلباته ، اتجوزت علشان أعف نفسي ولا أمشي في الحرام يا عالم ؟ 


لم يحتمل داغر سماع تلك الكلمات في حق شقيقته أمام الناس لذا نزع نفسه من قبضاتهم بعدما تضاعفت قوته البدنية على أثر الخوض في عرض شقيقته واتجه نحوه يباغته بلكمة أشد قوة وفتكًا من الأولى فصرخت على أثرها زينة صرخات متتالية تسب داغر وتلعنه وهو يسدد لزوجها لكمة تلو الأخرى والآخر يستقبلهم بدون فواصل يدافع فيها عن نفسه . 


- أختك وقعت ، أختك وقعت الحقها . 


اخترقت تلك الجملة مسامعه من إحداهن فانتفض يلتفت وينظر نحوها ليجدها مفترشة الأرض فاقدةً للوعي . 


انقشعت نوبات غضبه وحل محلها الرعب وهو يركض وينادي باسمها حتى وصل إليها وارتطم بالأرض يحملها ويحاول إفاقتها ولكنها باتت كمن فارقت تلك الحياة القاسية . 


حملها بين ذراعيه وبات يركض بها ويبكي على ما تعرضت له ، هيأته مشعثة وملامحه حادة يتمنى لو يختفي كمال من على وجه الأرض . 


سيطلقها منه ولو كان هذا آخر يومٍ له في الحياة ولكن ليطمئن عليها أولًا . 


أما الآخر فساعده أحد الجيران لينهض واقتربت منه زينة تتفحصه بلهفة وتصيح داعية : 


- أشوف فيكي يوم يا ديما إنتِ وأخوكِ شلفطوا وش الراجل . 


وقف يتحسس ملامحه ويتوعد لداغر بعقابٍ قاسٍ خاصةً وهو يرى على وجه جيرانه التعاطف مع ديما والنفور منه فهم يعرفونها جيدًا منذ أكثر من ثمانِ سنوات ويعرفونه أيضًا . 


نظر لزوجته التي تجفف له الدماء بكم عباءتها ليقول بنبرة يسعى ليسترد بها شموخه المفقود : 


- هسجنه ، اللي عمله ده مش هيعدي كدة أبدًا . 


- اسجنه ياخويا طبعًا ده بلطجي ، وطلقها دي ماتتعاشرش ، أنا عارفة إيه بس اللي وقعك في نسب عرة زي ده؟ 


هكذا شجعته بملامح واجمة ونفسٍ خبيثة ضاحكة على ما سعت له وما ستحصل عليه حينما يطلقها . 


يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة آية العربي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة