-->

رواية جديدة لعبة قلب لعلا السعدني - الفصل 19 - 1 - الجمعة 17/1/2025

 قراءة رواية لعبة قلب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر

رواية لعبة قلب 

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة علا السعدني



الفصل التاسع عشر

1


تم النشر الجمعة

17/1/2025


خرج (حمزة) من الحمام بخطوات هادئة وقطرات الماء تتساقط من شعره الأسود المبلل وقف أمام المرآة الكبيرة في غرفة النوم، وهو يلتقط منشفة بيضاء ناعمة بدأ يمسح بها شعره بعناية وبهدوء ..

التف حيث (ليلى) جالسة على الفراش وجدها تبكى بهدوء والدموع تتساقط من عينيها دون صوت فشعر بالقلق عليها فاقترب منها مسرعا وهو يسئلها بقلق بالغ

- مالك يا (ليلى) ؟ حصل ايه ؟!

لم تجيب عليه لكنها اخذت هاتفها من أعلى الكومود وفتحته ثم أعطته له فنظر (حمزة) للهاتف ثم بدء بقراءة الرسالة التى من (عمرو) شعر بغضب شديد يعتريه لكنه صمت لم يطمئنها كما يفعل دوما نظرت داخل عينيه لتستمد منه القوة والدعم لكنه نظر للأتجاه الأخر وهو يشعر بالضيق مسحت دموعها وأمسكت يده ثم سئلته

- أنا عارفة أنه حقك تضايق ؟! بس أنا بحبك انت دلوقتى

اغمض عينيه وهو يحاول تهدئة نفسه والخروج من ضجيج أفكاره ثم وضع يده على يدها ومسد عليها بحنان ثم قال 

- أنا عارف انك بتحبينى.. وواثق من ده كويس .. مفيش حاجة هتفرقنا عن بعض متقلقيش

قالها وكأنه يحاول إثبات لنفسه ذلك الكلام قبل أن يثبت لها ابتسمت وشعرت بسعادة والقت رأسها على كتفه وهى تتأبط ذراعه ثم قالت

- انت عوض ربنا ليا يا (حمزة) أنا بثق فيك ثقة عمياء عمرى ما وثقت فى حد زى ثقتى فيك

اغمض عينيه بآسى وضغط على شفتاه بأسنانه محاولا تمالك نفسه ثم دثرها فى الفراش وقال

- نامى دلوقتى يا حبيبتى وارتاحى ومتفكريش فى حاجة

- سبنى انام على كتفك

ابتسم ابتسامة هادئة ثم هز رأسه إيجابا وحاوطها بيده كى تنام على كتفه حتى خلدت إلى النوم نظر لها وكأنه يملى عينيه منها وأخذ نفس عميق ثم همس بصوت خافت

- نفسى الثقة اللى بينا دى متتكسرش

❈-❈-❈

جلست (چايدا) على طرف سريرها في غرفتها وضوء الشمس يتسلل بخفة من خلال ستائر النافذة يضفي على المكان دفئًا هادئًا رفعت هاتفها واتصلت بصديقتها (دنيا) تنتظر لحظات حتى سمعت صوتها المألوف عبر الخط

- ألو

قالتها (دنيا) بهدوء لتجيب (چايدا)

- عاملة ايه يا قلبى ؟!

- أنا بخير الحمد لله

تنهدت (چايدا) ببطء قبل أن ترد

- عايزاكي تيجي عندي النهارده... في موضوع مهم لازم أتكلم معاكِ فيه

تساءلت (دنيا) بقلق 

-خير في حاجة حصلت؟

ردت (چايدا )وهي تحاول أن تبقي صوتها هادئًا 

- هتيجي بس وهنقعد نتكلم .. مش عايزة أقول كل حاجة على التليفون .. حاسة انى كنت مشغولة عنك الفترة اللى فاتت ونفسى اعوضك

ابتسمت (دنيا) وشعرت بسعادة ثم هزت رأسها إيجابا وهى تقول

- ماشي، أنا جاية حالاً

ارتدت (دنيا) ملابسها ثم هبطت من منزلها واستقلت سيارة آجرة وذهبت متوجهة لمنزل صديقتها فى غضون ربع ساعة كانت قد وصلت وصعدت حيث غرفة (چايدا) الذى ما أن وجدتها أمامها حتى احتضنتها ثم قالت لها

- وحشتينى اوووى يا (دنيا) ووحشنى الكلام معاكى 

قالتها (چايدا) وهم يتبادلا العناق ثم جلسوا سويا على الفراش لتقول (دنيا) بحماس

- (حسام) رجع ليا يا (چايدا) مش مصدقة .. أنا بحبه اوووى أنا حقيقى كنت مدمرة من غير وجوده

اخذت (چايدا) نفس عميق ثم قالت بهدوء

- كويس

شعرت (دنيا) بغرابة لهجتها فسئلتها

- مالك حاسة انك مش مبسوطة يعنى ؟!

هزت (چايدا) رأسها إيجابا ثم قالت

- أيوة .. لأنى لو كنت مكان (حسام) كنت ربيتك شوية 

رفعت (دنيا) إحدى حاجبيها بإندهاش فتابعت (چايدا) حديثها

- أنا مش شيخة ولا متدينة جدا كمان لا إنسانة عادية بغلط ومليانة غلطات بس على الاقل لما بغلط بعترف انى غلطت مش بكابر

- تقصدى ايه ؟!

- اقصد انك بتكابرى بموضوع أن الحجاب مش فرض ده وبتدى نفسك مبررات وعشان أنا لا أفقه شئ سئلت شيخ عشانك ورد عليا 

اهتمت (دنيا) وحديثها واعتدلت فى جلستها ثم قالت

- وقالك ايه بقى ؟!

- رد عليا بالأية دى

 "وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ..."

وده معناه أن المرأة عليها بستر زينتها والخمار هو غطاء الرأس على الجيوب وهو تغطية مكان الصدر كمان .. يعنى احنا مش بنعمل كده اوووى كمان وممكن الطرحة متغطيش الصدر بس ادينا بنحاول وقالى كمان

"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ..."

ومعناها أن لبس المرأة لازم يبقى واسع ومش يشف ولا ضيق

وقالى كمان حديث

"يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا" وأشار إلى وجهه وكفيه

استمعت (دنيا) جيدا وحديثها وصمتت ثم سئلتها

- طب ما كان فى شيوخ زمان بيسيبوا زوجاتهم من غير حجاب

اخذت (چايدا) نفس عميق ثم قالت

- ده كان فى فترة الستينات وده كان بسبب الاحتلال زى ما الخمرة كانت موجودة وفى ناس كانت كتير بتشربها هل ده معناه أنها حلال كمان احنا بناخد دينا من القرآن وأحاديث النبى والصحابة مش من شيوخ وارد جدا أنهم يغلطوا لأنهم بشر زينا

صمتت (دنيا) لبرهة لم تستطع الرد على (چايدا) ثم نظرت إلى أسفل فرفعت (چايدا) رأسها وهى تقول

- انتى تهمينى يا (دنيا) .. وعشان خايفة عليكى بقولك اعملى الغلط بس متقوليش أنه مش فرض وتبررى غلطك بغلط اكبر

اخذت (دنيا) نفس عميق ثم هزت رأسها إيجابا ..

❈-❈-❈

فى صباح اليوم التالى ..

كان الصباح مشرقًا لكن (حور) لم تشعر بدفء الشمس التي بدأت تشق طريقها في السماء لم تستطع أن تخترق الظلام الذي يسكن داخلها كانت في طريقها إلى السجن ذلك المكان الذي باتت تكرهه ليس بسبب المكان نفسه بل لأن كل زيارة كانت تزيد من ثقل الحقيقة التي تحاول تجاهلها وعليها مواجهتها الآن ..

عندما وصلت إلى بوابة السجن شعرت بتوتر يتصاعد داخلها رائحة المكان أصوات الحراس وجوه الزوار المنتظرين كلها كانت تزيد من شعورها بالخوف فاليوم ليست زيارة عادية هذه المرة كانت تأتي لتقول شيئًا سيغير كل شيء ..

بعد التفتيش الروتيني والدخول غرفة الزيارة وقفت (حور) أمام الحاجز الشبكي من خلفه كان (كريم) ينتظرها كان يبدو متعبًا وجهه شاحب ونظراته مليئة بالتساؤل جلس كلاهما على المقاعد المخصصة والهواء بينهما مليء بالتوتر ..

نظر (كريم) لها وقد اشتاق إليها وهو يقول

- وحشتينى 

ترددت (حور) فى حديثها لكنها قالت بصوت مرتعش

- فى موضوع لازم اكلمك فيه

نظر (كريم) إليها بعينين مليئتين بالقلق كان يشعر بأن هناك شيئًا مختلفًا لطالما عرفها جيدًا واليوم كانت هناك مسافة غريبة بينهما مسافة أكبر من هذا الحاجز الذى يفصلهم

سألها (كريم) بقلق ملحوظ

- مالك يا (حور) شكلك مش طبيعى

شعرت (حور) بالأختناق الذي يضغط على قلبها كلماتها كانت ترفض الخروج لكنها كانت تعلم أن هذه اللحظة لا مفر منها أخذت نفسًا عميقًا ثم نظرت إليه مباشرة محاولة جمع شجاعتها

- (كريم) ... في حاجات كتير حصلت وأنا مش قادرة أتحكم فيها حاولت أكون قوية... لكن لقيت نفسي ضعيفة

نظر لها بعدم فهم وسألها 

- ضعيفة إزاي؟ في إيه يا (حور)؟ قوليلي!

نظرت (حور) للأسفل للحظة ثم رفعت عينيها المليئة بالدموع

- حبيت حد تاني... غصب عني مش عارفة إزاي حصل بس .. مش قادرة أكون معاك زي الأول

في تلك اللحظة تجمد (كريم) في مكانه كلامتها الأخيرة كانت كالسيف الذي يخترق قلبه لم يستوعب ما سمعه وظل يحدق فيها بدهشة وصمت

- إنتي... إيه؟ بتحبي حد تاني؟ وأنا هنا بعد الأيام عشان أخرج وأرجعلك؟ بالبساطة دى يا (حور)

مسحت (حور) دموعها ثم قالت

- أنا آسفة يا (كريم) ... والله ما كنت عاوزة أجرحك أنا لسه واقفة جنبك وهفضل معاك لحد ما تخرج... بس علاقتنا ماينفعش تكمل زي الأول

أجابها (كريم) بغضب شديد

- جنبى؟ إزاي؟ إنتي أصلاً خلاص مبقتيش معايا!

إجابته بهدوء

- هفضل أساعدك مش هسيبك لوحدك لكن ماقدرش أكون معاك زي ما كنا مش هقدر كان لازم اصارحك

نظر (كريم) إليها بعينين مليئتين بالألم وكان الغضب مختلطًا بالمرارة في عينيه

- خلاص يا (حور) كل حاجة انتهت

نكست (حور) رأسها لأسفل وهى تقول

- ده أصعب قرار خدته في حياتي... لكن لازم أكون صريحة معاك

غادر الصمت الغرفة بعد تلك الكلمات كان (كريم) في مكانه غير قادر على استيعاب ما حدث بينما نهضت (حور) ببطء وهى تشعر بالحزن على حاله لكن كان عليها أخباره بكل شئ غادرت غرفة الزيارة بخطوات بطيئة تاركة خلفها حبًا قديمًا وذكريات لا تمحى ..

الصفحة التالية