رواية جديدة طُياب الحبايب مكتملة لرضوى جاويش اقتباس الفصل 12 - الخميس 23/1/2025
قراءة رواية طُياب الحبايب كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية طُياب الحبايب
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة رضوى جاويش
اقتباس
الفصل الثاني عشر
تم النشر الخميس
23/1/2025
الرسلانية.. بيت الحرانية ١٩١٦..
مر على زفاف توحيد ووهدان ما يقارب الشهر، كان تقريبا لا يخرجها من غرفتها إلا فيما ندر، حتى أن أهل الدار تعجبن مما يجري وخاصة الخدم الذين بدأوا في الهمس والغمز فيما بينهم، و شبت النار في أحشاء شفاعات غيرة وقهرا، فما يحدث لم تر مثله ما بين عروس ورجلها، الذي يبدأ في الابتعاد عن العروس، وإعادة حياته لسيرتها الأولى بعد ما لا يزيد عن أسبوع، يكون قد نال فيه ما زاد وفاض عن حاجته من دلال ودعة.. أما ما يحدث بين زوجها وتلك الحية التي دخلت دارها لم يرد عليها بأي حال من الأحوال.. ما دفعها لتصعد للطابق العلوي حيث العروسين، لتقف عند أعتاب الردهة الواسعة، هاتفة في حنق وبنبرة تنضح غلا: مش بكفياك يا سيد الرچالة كده! ايه في! هو إحنا ملناش حج فيك ولا ايه!..
خرج وهدان لها من داخل غرفته التي تضمه وتوحيد، هاتفا في حنق: ايه في يا شفاعات! ايه وچع الراس ده ع الصبح!
هتفت شفاعات حانقة: فيه إن الحكاية مسخت يا رچلي! وأني عايزة حجي فيك، حج ربنا بجى!
هتف وهدان بنبرة هادئة تمتزج بالسخرية: إنتي عايزة حج ربنا يا شفاعات!.. طب أجول لك على حج ربنا ومتزعليش!..
اضطربت شفاعات ولم تنطق حرفا، ليهتف وهدان أمرا في نبرة حازمة: موعاش لضلك فوج تاني، ويوم ما هاچيكي، هيبجى بخطري، وبمزاچي، غير كده ملكيش عندي، إنتي واخدة مني حجك كامل مكمل من سنين يا بت الحاوي.. غوري..
انتقضت شفاعات مندفعة تهبط الدرج في عجالة، وما أن وصلت للأسفل حتى وقفت تلعن تلك العقربة التي ابتليت بها في عقر دارها..
جلست تشتعل غضبا، فإذا بتوحيد تهل هابطة الدرج في هوادة وكأنها تبدلت، ما جعل شفاعات تشهق شهقة مكتومة في انبهار، فما كانت عليه طلة توحيد من رقة ونعومة جمدها موضعها وهي تبصرها اللحظة تهبط الدرج درجة درجة في نعل مقصب وبخطوات متمهلة تفيض أنوثة، ترتدي مئزرا من الحرير الزهري يظهر من أسفله قميص حريري باللون ذاته، تاركة شعرها مسندلا كشلال من ليل معتم، تفوح منها أزكى العطور، ما جعلها تدرك أي سحر تملكه هذه المرأة لتجعل زوجها يترك الدنيا كلها خلفه، منعزلا عن العالم مكتفيا بها..
غابت توحيد بالأسفل وعادت حاملة طشت واسع من النحاس، به بعض الماء الدافئ قليلا، اعترضت شفاعات طريقها، متسائلة في حنق ساخرة: على فين يا بت الأصول! ورايحة بالميا دي فين! الطشت ده لغسيل الرچلين، ولا متعرفيش كده يا تربية السرايات!..
هتفت توحيد مؤكدة في نبرة قوية: عارفة إنه لغسيل الرچلين، ما هي تربية السرايات ست مكملة وتعرف كل حاچة.. ولا إنتي معندكيش خبر بالليلة دي! معلوم.. هتعرفي منين تربية السرايات هتكون كيف!..
جزت شفاعات على أسنانها غيظا، وقررت مهاجمتها من جديد: يا عيني ع الحوچة بتذل، بجى طالعة تغسلي رچل وهدان، بعد ما كنتي ست الرسلانية كلها!.. معلوم، ما اللي مكنش لاجي يعمل اكتر من كده!..
ابتسمت توحيد في هوادة مؤكدة وهي تترك شفاعات خلفها وتهم بصعود الدرج لزوجها: اتأخرت على سيد الناس، أصلك علمونا فالسرايات، إن بنات الأصول چوزها ده على راسها، والجعدة تحت رچله دي عِزة كبيرة مهياش عيبة.. خديلك چنب كده..
صعدت توحيد حاملة الطشت تاركة شفاعات تغلي في صمت، متعجبة مما تفعله هذه المرأة، والتي اعتقدت أنها جاءت لتقاسمها الدار وسيادتها، فإذا بها ودون أدني مجهود يذكر، تكون هي السيدة والكل يأتمر بأمرها، لا خدمها وحدها، والذين اوكلهم وهدان لخدمتها، بل كل من بالدار حرفيا، لا يجرؤ مخلوق على عصيان أمرها ، وقد اقسمت أن ما نالها من هذه المرأة يكفيها، ولن تقف مكتوفة الأيدي بعد كل ما يجري..
وصلت توحيد للحجرة، دافعة الباب بقدمها في هوادة، فهي قد تركته مشرعا من الأساس، وما أن وعى وهدان لحملها، حتى هب مندفعا صوبها، معترضا في مودة: ليه مخلتيش واحدة من الخدم تچيب الطشت، تجيل عليكي!..
لم ترضى أن تمنحه إياه، وسارت نحو موضع جلوسه المحبب، وحينها تركته يمد يده، واضعة الطشت بمساعدته أرضا، هاتفة في محبة: مفيش خدامة تحط يدها فأي حاچة تخصك وأني موچودة..
مدت كفها وأجلسته على الأريكة المفضلة له، وجلست قبالته أرضا، وقد شرعت في تناول إحدى قدميه لتضعها بالطشت، وما أن همت بتناول الآخرى لتضعها بالطشت كأختها، حتى انتفض وهدان متسائلا في تعجب: هو إنتي بحج هتغسلي رچلي يا توحيد! ده أني كنت فاكر إن اللي جولتيه تحت ده كيد حريم، ورد على حديت شفاعات الماسخ وبس!..
تطلعت توحيد نحوه باسمه، مؤكدة وهي تحمل قدمه لتضعها بالطشت من جديد بعد أن احرجهما مندهسا، لتعاود غمرهما بالماء: لاه، أني لا ليا فكيد الحريم، ولا بحبه من أساسه، وكل كلمة جلتها تحت كانت صح يا وهدان..
همس وهدان في وله: يعني أني عندك سيد الناس يا توحيد!..
همست توحيد في عشق: واه يا وهدان، ده أنت مش سيد الناس وبس، ده أنت عند توحيد وفجلبها بمجام الناس كلها..
تطلع وهدان مشدوها نحو توحيد، التي بدأت تغسل قدمه وقد أضافت للماء بعض العطور وماء الورد، هامسة بصوت رقيق مترنمة، وهي تتطلع إليه ما بين اللحظة والآخرى نظرات باسمة مغوية:
وآه يا خلي.. لغسل لك بالدمع مناديلك..
بس تاچيني يا غالي لما الجلب يناديلك..
ده أني دايب دوب وشحيحة والله مراسيلك..
ميتا الهوى يكون سوا، ومراكب هواك.. تسكن بجلبي.. مراسي..لك..
مال وهدان رافعا بكفه وجه توحيد متطلعا لعيونها في عشق، وأخيرا مد كفه مانعا كف توحيد التي كانت تملس على قدمه في رقة من الاستمرار في غسلهما بالماء المعطر، جاذبا إياها لتنهض في هوادة، ليدنيها منه قبل أن يجذبها نحوه في لهفة، لتهمس باسمه في عتاب وهو يطوقها بين ذراعيه، لكنه لم يعبأ باعتراضها الواهن، الذي ما زاده إلا رغبة في وصلها، الذي ما عاد يطفئ نار شوقه إلا المزيد من الوصل..
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رضوى جاويش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية