رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 24 - 3 - السبت 25/1/2025
قراءة رواية بحر ثائر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بحر ثائر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة آية العربي
الفصل الرابع والعشرون
3
تم النشر السبت
25/1/2025
وقف أمجد في المطار تجاوره علياء ينتظران ظهور حفيدهما ، قلبيهما ينبضان بصخب لا يصدقان أنهما بعد لحظات سيلتقيان بحفيدهما للمرة الأولى .
حماسهما وصل لدرجةٍ غير مسبوقة حتى أن علياء سبقتها دموعها فرحًا تستعد لرؤيته .
دقائق قليلة وظهر معاذ يدفع حقيبته وينظر في وجوه الموجودين وما إن رآهما حتى هرول إليهما يناديهما فلم تتردد علياء في الذهاب إلى وضمه بقوة اشتياق اهتز لها جسديهما .
تعانقه وتقبله وتبكي وتنادي على ابنها ثائر كأن هذا الصغير نسخة طبق الأصل منه .
حاوطهما ماجد وانتظر دوره ليعانق حفيده ولكن دموعه لم تنتظر بل سبقته على هذا اللقاء الممتلئ بالمشاعر .
لسنوات عدة حرما من ولديهما والآن يعانقان حفيدهما لأول مرة ، لم تحل علياء وثاقها من حوله فضحك أمجد من بين دموعه وتحدث بمحبة :
- يالا بقى يا علياء سيبي الباقي لما نروح ، عايز أحضن ابن ابني .
ابتعدت علياء بامتعاض ولكنها رفعت كفها تتحسس وجه الصغير الذي سكنت السعادة خمائل قلبه من هذا العناق وهذا الكم من المحبة لذا وجد جده يبادله هو الآخر فرحب به واتجهوا سويًا الى السيارة عائدون إلى المنزل برفقة الغالي ابن الغالي .
❈-❈-❈
انقضى الأسبوع سريعًا ، سريعًا جدًا لدرجة أنها لم تشعر به هنا ، لقد ظنت أنه كثيرٌ جدًا لتفكر وتقرر رفض طلب ماجد ولكنها اكتشفت أنها تحتاج للبقاء هنا ، تعلم أن هذا يعد ضربًا من ضروب الخيال ولكنها ستحاول ، سترفض عرض ماجد ولترى ماذا سيحدث بعدها .
لقد غمروها بمشاعر لم ترَها أو تعيشها طيلة حياتها ، منال كانت لها أمًا حنونة ، ودينا شقيقة صغيرة وديما صديقة وفية والطفلان ونسًا لا يُمَل منه .
أما داغر فهو حبيب غلف قلبها بالطمأنينة والراحة ، الآن ترى محبته وليست صداقته ، نعم باتت ترى حبه لها ولا يمكن أن تكون مشاعرها من طرفٍ واحدٍ لذا سترفض الزواج من ماجد ثم ستتحدث معه عن شيءٍ كانت قد اتخذت القرار بعدم أخذ خطوتها فيه .
قطع حبل أفكارها رنين هاتفها برقم عمها لذا حينما رأته زفرت بضيق وقررت أن تنهض وتذهب للشرفة لتجيبه .
وقفت تردف بترقب وهدوء :
- أزيك يا أونكل ؟
أجابها دون عناء الرد على سؤالها بعدما فاض به من غيابها عن العمل :
- الأسبوع خلص ، هترجعي امتى يا هانم ؟
زفرت تحاول فك الحظر عن صدرها فأجابته :
- مش هرجع يا أونكل ، أنا بدور على بيت اشتريه وهتنقل فيه .
- نعم ؟
نطقها باستنكار وهو يجلس خلف مكتبه فتابعت بنبرة جادة تهاجم بها حدته :
- اللي سمعته يا أونكل ، ماينفعش أكون في نفس المكان مع ماجد اللي طلب إيدي للجواز ، خصوصًا إني فكرت في عرضه ولقيت إن الأفضل نكون اخوات زي ما احنا .
بهدوءٍ مخيف كشر عن أنيابه وسألها باستهزاء متجسدًا في نبرته :
- وده طبعًا بسبب الاسطى داغر .
تنهدت بعمق ولم تجبه سريعًا حيث أنها التفتت تنظر إلى داغر الذي ناداها يردف مبتسمًا :
- يالا يا بسوم الغدا اتحط ، سيبك من الفون وتعالي علشان تاكلي .
سمعه نبيل ليشعر أن عالمه ينهار وأن ذلك المهندس خطط لينتقم ويستولي عليها وعلى ثروتها لذا تأججت أنفاسه ونطق بتوعد مخيف :
- تمام يا بسمة ، روحي علشان الغدا مايبردش ، وابقي سلميلي على الاسطى داغر وبلغيه إن اللي بياكل لوحده بيزْور .
تعجبت حينما وجدته يغلق الخط في وجهها وانقبض قلبها بشعورٍ سيء من كلماته وخشت أن تتجسد فكرتها التي راودتها للتو لذا نفضت رأسها تجبر عقلها ألا يصدق هذه الأفكار ، فمهما كان نفوذ عمها لن يفعل ذلك أبدًا .
❈-❈-❈
ليلا جلست تشاهد التلفاز بعينيها وعقلها منشغلٌ بطفليها ، لم تعد تحتمل بعدهما عنها برغم عدم انقطاع تواصلها معهما طوال اليوم ولكنها اشتاقت لضمهما لذا فقد آن الآوان لتحضرهما ولكن كيف ؟
هل تأخذ أجازة أسبوعية وتعود لتجلبهما سريعًا أم سيكون هناك عائق ؟ كثيرًا عليها قضاء ستة أشهر بدونهما ، هل تتحدث معه عن ذلك ؟
وكالعادة حينما تفكر به يهاتفها لذا ابتسمت وهزت رأسها تجيبه بترقب :
- سلام عليكم !
تنهد صوته ثم أجابها بدفء :
- وعليكم السلام ، أنا قاعد دلوقتي في المكان بتاعنا ، ممكن تيجي شوية!
تنهدت تسبل أهدابها وتفكر قليلًا ، برغم هالة الهيمنة المحيطة به إلا أنها تلاحظ إلحاحه عليها منذ أن اعترف بتلك المشاعر لذا لم تستطع الرفض ، ستذهب وتتحدث معه عن أمر طفليها الذي يشغلها لذا أردفت بهدوء خافت :
- تمام ، جاية .
- مستنيكي .
أغلقت معه ونهضت متجهة نحو غرفتها لتبدل ثيابها ، كانت تشعر بالوحدة وأحيانًا تخاف من مكوثها في هذا المنزل البارد وأوقاتًا كثيرة تمل ولا تستطيع الخروج والتنزه لذا فإن اتصاله أتى في الوقت المناسب .
دقائق وكانت تخطو باتجاهه فرآها لذا اتخذ جانبًا يفسح لها المجال لتجلس ففعلت تبتسم بهدوء مردفة :
- شكرًا .
تحدث وهو يتكتف وينظر أمامه :
- المكان هنا بقى بتاعنا رسميًا ، مابقتش أشوف حد بيقعد هنا غيرنا .
التفت يطالعها ويسترسل :
- تفتكري دي مقصودة !
ابتسمت ساخرة تجيبه بثبات :
- أكيد لاء ، يمكن لإنه هادي شوية وبعيد عن الدوشة .
أومأ يجيبها بمغزى :
- زينا .
تنفست بعمق فيبدو أن كلماته ستأخذ منحى آخر لذا أرادت أن تتحدث عما يشغلها فقالت :
- فيه موضوع مهم شاغلني عايزة أسألك عنه .
والاها انتباهه واهتمامه قائلًا :
- أكيد اتفضلي .
بدأت تخبره بما يشغلها وبحنانٍ وقلبٍ ملتاع قالت :
- يعني بما إن السكن موجود والشغل كويس الحمدلله كنت عايزة أجيب ولادي معايا هنا ، أنا اضطريت أسيبهم في مصر غصب عني بس قلت أشوف الوضع الأول هيكون إيه هنا وبيتهيألي إنه مناسب ولا إيه ؟
تمعن فيها قليلًا ثم أجابها بغموض :
- الأفضل يكونوا مع عيلتك في مصر يا ديما ، وجودهم هنا معاكِ هيقيدك عن حاجات كتير .
لم ترُق لها كلماته وظنتها أنانية منه لذا جابهته :
- حضرتك ليك شغلك وبس ودي حاجة مش هقصر فيها ، أنا بسألك علشان لو ينفع آخد أجازة أنزل أجيبهم وأرجع ، وطبعا قبلها داغر والمحامي هيتمموا اجراءاتهم .
مسح على وجه ثم أجابها موضحًا :
- فكري شوية يا ديما ، ماتنسيش أنك استهدفتي مرتين هنا ، وده مش معناه إن هنا مش أمان بس انتِ محتاجة حد بتثقي فيه يكون معاهم وأظن مافيش أفضل من عيلتك .
هو محق وكلامه أقرب إلى المنطق ولكنها استرسلت بنبرة مشتتة :
- يمكن معاك حق ، يمكن هناك أأمن ليهم شوية عن هنا بس أنا مش بثق في باباهم علشان كدة فكرت إنهم يبقوا قريبين مني ، أصلًا بعدهم عني صعب أوي ، حاسة إني كنت أنانية لما اخترت الشغل هنا وسيبتهم ، أنا مش عارفة أعمل إيه ؟
نكست رأسها تضعها بين كفيها وتخفي وجهها بحيرة وحزن ، أصبحت مشتتة بين أمرين حلوهما مر ، لأول مرة تفصح عن همٍ يعتليها أمامه ورؤيتها هكذا لم ترُق له على الإطلاق ، ليست هي المرأة التي تحني رأسها أبدًا لذا كان عليه أن يعيدها إلى صوابها فأردف موضحًا بنبرة يسكنها الغموض :
- اصبري شوية يا ديما ، فيه احتمال آخد عفو ولو ده حصل هقدر أرجع مصر ووقتها هفتح فرع للمجلة هناك وإنتِ هتكوني مسؤولة عنه ، وحتى لو مارجعتش ممكن إنتِ اللي تقومي بالمهمة دي .
رفعت رأسها والتفتت تحدق به باندهاش ثم اعتدلت تتساءل :
- ده بجد ؟ إزاي ده هيحصل ؟ وامتى ؟
زفر وتابع بثبات وشرود :
- محامي العيلة فتح قضيتي تاني وهنشوف هيحصل إيه ، علشان كدة أنا بعت معاذ على مصر ، هناك أأمن ليه ، ونفس الأمر بالنسبة لأولادك ، وأوعدك إن قريب جدًا هتشوفي أولادك سواء أنا كنت معاكِ أو لاء .
وعده كان بمثابة عهد وثقة طمأنتها ، برغم كل أفعاله وكلماته ومنشوراته إلا أن شيئًا داخلها أجبرها على الوثوق به لذا زفرت براحة ونظرت له بامتنان تجيبه :
- شكرًا .
ابتسم لها ولكن رنين هاتفه أخذه عن تأملها لينتشله من صفو أفكاره حينما وجد المتصل هو توماس لذا تجهمت ملامحه وأجاب بنبرة جليدية :
- اسمعك .
تحدث توماس بتخابث :
- جهز نفس غدًا أيها الثائر ، موعدك مع خصمٍ جديد ، كن مستعدًا .
فاجئه بالأمر ولكنه لم يندهش بل توقع أن يفعلها توماس معه فهو في نهاية الأمر عدوه لذا لم يبدِ انزعاجه بل تساءل بنفس وتيرته الباردة :
- من هو ؟
ابتسم يجيبه باستفزاز ونبرة تحمل من الشماتة أطنانًا :
- أندريه أودلف .
لاحظت ديما تجهم ملامحه وتصلب فكه ولكنه أجاب بصقيع جعلها تتعجب من كم ثباته :
- حسنًا ، جهز حفلتي .
أغلق معه وشرد قليلًا يفكر ، يريدون سقوطه بأي ثمن ، يسعون ليهدموا شخصيته التي شيدها لتكون حصنًا وواجهة لبحره لذا لن يسمح لهم ولكن ....
كان ابنه يمده بالدعم ، نظرات الفخر والثقة في عينيه كانت نقطة قوته والآن هو ليس هنا ، التفت يقابلها فوجدها تحدق به منتظرة تفسيرًا لا تود السؤال عنه لذا سألها يأمل ألا ترفض طلبه :
- عندي منافسة بكرة مع شخص بيكرهني ، إيه رأيك تيجي معايا ؟
كلمة يكرهني كفيلة لتؤكد لها أنه بحاجتها ولكن من هي لتقدم له أي مساعدة ؟ وهل من الصحيح أن تذهب معه ؟
لا ليس صحيحًا كل ما يحدث معها خطأ وعليها أن تعود لرشدها لذا زفرت بضيق واستغفرت والتفتت تجيبه :
- تمام ، هاجي معاك .
تفاجئت من نفسها قبله ولكنها قالتها وانتهى الأمر
❈-❈-❈
لم ينتظر إلى أن يعود إلى المنزل بل تحرك بعدها نحو المصنع ليرى ويتحدث إليه .
جلس معه في مكتبه المغلق ونظر له والشر يتحالف مع عينيه وأردف بغضبٍ سافر :
- رفضت عرضك ، رفضت الجواز منك ، وقريب جدًا هنلاقيها متجوزة الواد الميكانيكي ده .
هاج ماجد وحاوط عقله بعدم استيعاب بعدما نهض يتحرك بعبثية ويردف :
- أنا مش مصدق أنها بتتحدانا كدة عيني عينك ، دي مابقتش تخاف من أي حاجة خالص .
نظر نبيل نحو ابنه الذي يدور حول نفسه وصرخ :
- اقعد .
طالعه بضيق ولكنه جلس ينفذ أمره فتابع يبصق أحرفه الخبيثة :
- هي فعلًا مابقتش تخاف ، علشان كدة لازم نخوفها ، أنا كنت غلطان لما فكرت آخدها بالسياسة ، بس هي محتاجة قرصة ودن .
قطب ماجد جبينه مستفهمًا وتساءل :
- يعني إيه يا بابا ؟ ، ناوي على إيه ؟
نظر نحوه شزرًا وهمس بفحيح :
- ناوي أضغط على نقطة ضعفها ، مهي لازم تقبل بالجواز منك يا ماجد سواء بالرضا أو الغصب ، ثروة الراوي مش هتروح لحتة ميكانيكي زي ده .
❈-❈-❈
في اليوم التالي
يجاوران بعضهما متجهان إلى الصالة الرياضية ، عقله شاردٌ حتى أنه لم يباشر عمله اليوم بشكلٍ جيد .
طوال ليله يتدرب ويشاهد مقاطع لخصمه ويركز عليها ، يعلم كيف يفكر ولكن أحيانًا يخدع من أمامه ، خبيث لدرجة تجعل منافسه يصاب بالحيرة لذا عليه أن يكون مستعدًا لأي شيء منه لأنه مجبرٌ على لعب هذه المصارعة تحديدًا .
تجاوره وتلاحظ شروده وصمته وليس الآن فقط بل هو كذلك منذ الصباح ، هناك أمر يخفيه وليس مجرد مصارعة فهذه ليست مرته الأولى ولكن ما هو؟ .
قاد حتى توقف أمام الصالة الرياضية ثم نظر لها يحاوطها بنظراته وأردف محذرًا :
- هتقعدي في الصف التاني بعيد عن الشغب ومهما حصل ماتتحركيش من مكانك ، هتلاقي بنات من المجلة جوة ممكن تقعدي معاهم .
أومأت له وترجلا ودلفا سويًا وبالفعل اتجهت تجلس مع زميلاتها ولكنها اتخذت مقعدًا منفردًا حسب رغبتها .
نظرت حولها وشعرت بالضيق ، المكان معبأ بجمهورٍ أكبر من المرة السابقة وعلى ما يبدو أن هذه المباراة هامة حيث لمحت القليل من المصورين في الأرجاء لذا توغلها التوتر ولكنها لن تتزحزح من مكانها ، أتت معه وستغادر معه وانتهى الأمر داخلها .
بعد قليلٍ خرج المنافس الأول والذي كان ضخم البنية بجسدٍ غرق في الوشوم وملامح وجهٍ مكفهره تثير الريبة فيمن يطالعه لذا انسحبت أنفاسها وفرت دماءها خوفًا منه ليس عليها ولكن على ثائر الذي ظهر يرتدي مئزرًا قاتم اللون وتحرك نحو ركن الحلبة يخلع مئزره لتظهر عضلاته ووشمه وملامحه الوسيمة أمام الجميع فتعالت التصفيرات وسمعت الهتافات باسمه بينما هو ثابت متأهب لا يتزعزع به إنشًا واحدًا .
بدأت الجولة الأولى ونشب العراك الذي تفادى فيه ثائر لكمات خصمه ببراعة والآخر يبتسم له بشرٍ وتوماس يقف في الأرجاء متحمسًا ومستمتعًا كما لم يكن من قبل ضامنًا تحطيم شموخ ثائر وطوي صفحته في مجال المصارعة ثم يليه مجالًا آخر .
كلما حاول الآخر إطاحة ثائر وجده مستعدًا للكماته وكأنه درس طريقته جيدًا لذا بدأ يشعر بالغضب وصاح يزأر بجنون :
- سأقتلك الليلة أيها الحقير .
تعالت الصيحات وعم الصخب فتوترت ديما كثيرًا بل هجم عليها الخوف خاصةً وأنها لا تنتمي إلى هذا المكان ولكنها متجمدة كمن التصقت بالمقعد لترى ما سيحدث مع ثائر الذي يؤدي أداءً جيدًا .
لم يبالِ ثائر بتهديدات الآخر له بل استمر في الهجوم عليه حتى كاد الآخر أن يسقط لولا صراخ توماس باسمه يحثه بنظراته على فعل شيء ما لذا اختطف نظرة سريعة عليه فوجده يشير له نحو جانبه لذا انخلع من قبضتي ثائر بعنفٍ وأسرع يسدد له لكمة غير قانونية في جانبه الذي جرح فيه من قبل .
كانت ضربة عنيفة لم يتحملها ثائر وتألم ينحني ويتمسك بجانبه الذي نهشه الألم وجعلته يحني ظهره ليستغلها الآخر حيث رفع قبضتيه ونزل بهما على ظهره بقسوة جعلته يركع أمامه فضحك بشر وتبعه توماس يضحكان بشماتة وتهاوى قلب ديما على هيأته وهو راكعًا أمام هذا الحقير الذي تأكد أنه دمر مقاومته .
تعالت الصيحات وأصبح الأغلبية ينادون باسم ثائر ويجشعونه ولكن ألم ظهره وجنبه لا يحتملان لذا لم ينتظر الآخر بل ركله بساقه بقسوة مفرطة أسقطته أرضًا في الحال .
ليهلل ويستعرض نفسه كأنه فاز قبل أن تُعلن النتيجة حتى ، يتباهى بأنه الوحيد الذي غلب أسطورة ثائر ذو الفقار التي دامت لسنوات لم يغلبه فيها أحد .
صمتٌ وحزنٌ استحوذ على الجميع إلا من صرخات قليلة مؤيدة للآخر وعلى ملامح توماس تجسدت سعادة ليس لها مثيل .
تجمدت كليًا وهي تراه يصارع الألم ولم تحتمل ذلك بل تناست هويتها ولقبها وسلامها وتناست كل شيء لذا نهضت تنزل من مقعدها وتتجه نحوه فلن تحتمل أن يصاب بأذى ، هي هنا في حمايته ، وقلبها الآن يرتجف خوفًا .
اتجهت نحوه وقبل أن تنطق وجدته يصارع لينهض ويتمسك في الحبال فاستردت روحها وابتسمت تحفزه بتشجيع وتومئ له بأن ينهض وينهي حفلته .
بنظرة خاطفة حدق بها ويكفيه فرحتها بنهوضه لذا أومأ لها بثقة واعتدل يرى الآخر يتباهى بما حققه ، يواليه ظهره ولم يلاحظ نهوضه فقد كان منشغلًا بانتصاره العظيم لذا أسرع يقبض على رأسه من الخلف وقبل أن يستوعب الآخر كان ينزل به أرضًا بحركة مميتة ولكنه يتقنها ويؤديها بشكلٍ دقيق حتى لا يقتل خصمه ، حاوطه مقيدًا حركته فبات الآخر يهتز ويتلوى محاولًا النجاة من قبضته عبثًا حيث أن ثائر جمع جُل طاقته ليحطم غروره ويهدم سعادة توماس .
وفعلًا تهاوى الآخر على الأرض معلنًا عن استسلامه وسط صدمة توماس آور ليان وفرحة لم تسع ديما التي قفزت تصفق بحماس ليراها ويبتسم حيث باتت تشبه صغيره وتناست أنها امرأة السلام .
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة آية العربي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية