رواية جديدة جونجان (غابة الذئاب والسحر الأسود) لفاطمة الألفي - الفصل 7
قراءة رواية جونجان (غابة الذئاب والسحر الأسود) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية جونجان (غابة الذئاب والسحر الأسود)
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة فاطمة الألفي
الفصل السابع
" متى ستنتهي اللعنة"
تحركها كدمية الماريونيت هي وحدها التي تمسك بخيوط اللعبة، تتقازف بها هنا وهناك، أرقت مضجعها، جعلتها تنظر للخواء بشرود.
بعدما استيقظت من نومها المتقطع أثر الكوابيس التي تلاحقها، وذلك الطبيب الغامض وفقدانها لصديقتها "ماري" ولا تعلم أين هي الآن، حية ام توفاها الله والأخرى "نيروز" لم تقلق عليها بقدر خوفها على أن تفقد ماري، فهي علمت بعشق "عزيز" لها ولن يتركها وحدها، كما شعرت باحتياج نيروز له، تنهدت بضيق وهي تتمنا ان يتنهي ذلك الكابوس.
غادرت الغرفة بخطوات حذره، تبحث بمقلتيها عن وجود ذلك الوقح فهي تبغضه منذ حديثه معها بالأمس
تنفست الصعداء عندما وجدت ورقة مثبته على البراد، قرأت محتواها
"ذهبت لعملي بالمشفى، ظلي اليوم بالمنزل وعند عودتي ساجلب لكِ ثياب خاصة"
ابتسمت بهدوء وقالت بحيرة من أمر ذلك الغامض:
- شخص غريب الأطوار
صنعت لها كوب من الشاي وقررت أن تجلس بشرفة المنزل ترتشف كوب الشاي بهدوء وهي تتطلع لتلك المدينة الساحرة، لطالما حلمت بالتفتل بين شوارعها
وكانت تحلم بزيارة" فنسيا" التي تقع في شمال إيطاليا، وهي جزيرة خلابة، بها بحيرة مائية، تشتهر بأجوائها الرومانسية، وشوارعها العتيقة، التي تشهد على حضارة المدينة.
طالعت الأفق بهيام شاردة بتلك الأجواء الساحرة والرقص مع فتى أحلامها تحت ضوء القمر الساطعة على معزوفة بيتهوفن رومانسية حالمة
بعد الانتهاء من ارتشاف كوب الشاي، شعرت ببردوة الطقس تسري باوصالها؛ فنهضت عن مقعدها وهي تحمل الكوب بيدها وغادرت الشرفة ولجت لداخل الشقة واغلقت الشرفة ثم سارت بخطوات واسعة متوجهة إلى المطبخ وضعت الكوب الفارغ أعلى المنضدة ثم قررت التفتل بالشقة، ساقها فضولها لمعرفة الطبيب الغامض
بدأت بغرفته وجلت داخلها لتتسع بؤبؤة عينيها وهي ترا الغرفة مطلية باللون الأسود، سارت بخطواتها الواثقة
تتجول داخل غرفته التي تحتوي على اثاث مطلي أيضا بالاسود، حيث يقبع الفراش بمنتصف الغرفة والكومود من كل جانب وتوجد منضدة زينه على جانب الغرفة وفي الجهة الأخرى خزانة الملابس خاصته، وكرسي هزاز بجانب الفراش مثل الارجوحة.
قادتها قدميها لتفتح خزانته لتجد ثيابه المعلقة بانظباط ولا يوجد إلا لونين فقط "الأبيض والأسود"
هذان اللونين عادت تغلقها وهي تهتف بدهشة:
- يبدو أنه شخص كئيب لما كل هذا السواد الكاتم، يبدو أن حياته لم يدخلها الألوان بعد
جلست باسترخاء على المقعد ثم اغمضت عينيها لتستشعر جمال اللحظة وهي تدفع المقعد برفق ولكن فتحت عينيها بفزع عندما استمعت لصوت أرتطام قوي يأتي من خلف النافذة
نهضت مسرعة تتفقد ماذا حدث، رفعت الستار لتجحظ عينيها بصدمة عندما وجدت الخُفاش سمندر أمامها
فتحت النافذة لتجده وقف على كتفها ودنا راسه منها يهزها برفق
رأت الشيء المتدلي من عنقه، نزعته بيد ترتجف ليفر سمندر طائرًا بسرعة البرق، قلبته بين راحتيها ثم أخرجت الزجاجة الصغيرة ووجدت ورقة مطوية فتحتها لتقرا المكتوب داخلها
(ضعي محتويات هذه القنينة داخل مشروب الطبيب، ولا تنسى وعدك لي، انتظر قدومكما اليوم)
فتحت غطاء الزجاجة ثم قربته لتشتم رائحة كريهة شعرتها بالاشمئزاز والنفور، اغلقتها ثانيا وهي تردد داخلها قائلة بحيرة؛
- أمن المعقول أن تلك الزجاجة تحتوي على سُم، ثم هزت راسها نافية ولسان حالها يقول
- لا.. لا هي لازالت بحاجته ولن تقتله ولكن أين علم سمندر بوجودي هنا؟
خبطت جبينها بتذكر وهمست بضيق:
-ماذا دهاكِ سيرين، نسيتي أن جونجان ساحرة وتتبع خطوات الشياطين فهي تابعة لجن الابالسة "المارد دهمان"
جال بخاطرها الان ان تترك تلك الغرفة وتذهب إلى حيث الغرفة المُغلقة لترا ما بداخلها فضولها يسوقها لمعرفة ماذا يوجد خلف الأبواب المُغلقة ورغم تحذيره من عدم الاقتراب إلا انها لن تستطيع منع نفسها من معرفة الحقائق المختبة.
وقفت أمام الباب المُغلق عازمة الأمر على فتحه بحماس وفضول يقتُلها..
❈-❈-❈
أستيقظ "عزيز" من نومتها الغير مريحة وهو يحرك عنقه يمنًا ويسرًا ثم وقعت عيناه على الملاك البريء النائم بالفراش ، استقام واقفا وسار بخطوات بطيئة لكي لا يُقظها ويستغل غفلتها وينظر لها دون أن يرا خجلها الزائد منه؛ جلس أمام فراشها على ركبتيه يتطلع لها بنظرات محب ودفئ ود لو خبئها داخل صدره وأبعدها عن الجميع .
أبتسم لملامحها الهادئة ورفع أنامله يتخلله داخل خصلاتها الشقراء بنعومة ، ثم رفع غرتها المتساقطة على صفيحة وجهها التي حجبت عنه رؤيتها داعب وجنتها بانامله برقة والإبتسامة لازالت تنير ملامحه
وجد تعقيدة جبينها قد انفكت يبدو أنها تشعر بملمسه وبعث لها الامان حتى وهي داخل أحلامها الوردية
شعر بتحرك جفنيها علم بأنها على وشك الايقاظ، رفع كفه مبتعد عن مداعبة وجهها واكتفى فقط بالتطلع إليها بنظرات عاشق ولهان
ثواني معدودة وانفرجت جفونها لتجده مبحلق لها بهيام
توردت وجنتيها بحمرة الخجل القاني ، همس عزيز قائلا:
- صباح الخير سندريلا قلبي
ابتسمت له ثم اعتدلت جالسة وهي تردد في استحياء :
- صباح الخير"عزيز"
رفع سبابته يداعب أنفها الصغير بمشاكسة وهو يقول بعشق جارف:
- لا أعلم بأن أسمي بهذا الروعة والجمال إلا عندما خرج من بين شفتيكِ الكريزتين هذين
بادلته نظرات العشق الذي سكن به قلبها دون أن تشعر وقالت بصوت هامس خجلاً:
-عزيز أنت أصبحت الآن ملاذي الوحيد ولن اتحمل الحياة دونك
انفرجت اساريره ونهض يجلس بجوارها وضمها لصدره بقوة وقال بصوته الحاني الذي يدغدغ به أوصالها بين أحضانه الدافئة:
- أعشقكِ "نيروزي" حد الجنون، عزيز مُتيم بكِ عشقًا
ليتني أستطيع أن أمحو كل ما يحزنك وأسكنك داخل حدود قلبي لا أحد ينظر لكِ غيري ولا تبتسمي إلا لي ونسرق لحظات من السعادة التي حُرمنا منها ..
لطالما كان الأمان واحد من أكثر المشاعر الجميلة التي يحسُّ فيها الإنسان، فكيف إذا لو ترافق هذا الأمان مع الحب؟!.. لا شكّ أنه سيخلق مزيجاً رائعا في قلب الإنسان من الطمأنينة والراحة والسلام.
ابتعد عنها برفق ثم طبع قُبلة حانية أعلى خصلاتها وقال بحنو:
- هيا انعشي جسدك بالماء لنغادر الغرفة ونتناول طعام الإفطار بالخارج لبدء يومنًا السعيد معًا
❈-❈-❈
داخل المشفى الخاصة بـ سادم ، شعر بالملل فقرر العودة لمنزله لمشاكسته تلك الجنية التي دخلت على حياته فجأة ، وقبل أن يعود للمنزل أراد أن يبتاع لها الثياب الذي يريدها أن ترتديها وسوف ينتقي على ذؤقه الخاص..
قاد سيارته متوجهًا لمتجر خاص للملابس الإيطالية وأحدث صحية في عالم الموضة كما أن الفتيات الايطاليات تميزون بطابع مختلف من الثياب الجذابة الساحرة ، تلفت لهن الأنظار
عندما وصلا المتجر وترجل من سيارته ودلف بحثًا عن مطلبه لتاتي فتاة رقيقة تتحدث معه بنعومة ، تركها وجذب انتابهه ثوب أحمر قصير مجسم على المانيكان من الأعلى وعند الخصر ينزل باتساع يصل طوله إلى أعلى الركبة بقليل ،محاط بحزام جلدي رفيع من اللون الأسود، أشار إليه وهو ينظر للفتاة قائلا بصوت حاد:
- ضبي لي هذا
اندهشت الفتاة من ذوقه وقالت :
- أحسنت الاختيار سيدي ،ذؤق رائع
أجابها بثقة وغرور:
- أعلم أنِ أمتلك ذؤقًا رائعًا
ابتسم بخفة وعاد يرمق الثياب التي يرتدوهن المانيكان ويدور بينهما بحثا عن مبتغاه وكلما وقعت عيناه على ثوب جذاب يضعه ضمن قائمة المشتريات، فهو يتفنن انتقاء الثوب بعناية ودقة تصميم ويريد رؤية الفتاة الشرقية الحسناء بذلك المظهر المُفضل لديه
وبعد الانتهاء أعطى الفتاة النقود وحمل الحقائب وغادر المتجر ثم استقل سيارته ووضع الحقائب بالمقعد الخلفي وجلس هو خلف عجلة القيادة وانطلق في طريقة إلي حيث منزله
وفي غضون نصف ساعة كان يترجل من سيارته أمام البناية التي يقطن بها وحمل الأغراض بين يديه وولج لداخل البناية ثم صعد إلى شقته وعندما وصل لباب الشقة دس كفه داخل جيب بنطاله يخرج ميدالية المفاتيح خاصته ثم وضعها بالمزلاج ودلف داخل الشقة ليجدها جالسة أعلى مائدة الطعام وتضع كفيها أسفل وجنتيها تنظر للخواء بعدما فشلت في محاولاتها لفتح باب تلك الغرفة المُغلقة..
وضع الحقائب أمامها على الطاولة ثم هتف بتسأل:
- ماذا بكِ ؟
كانت تشتعل غضبًا بسبب فضولها في معرفة ما يخفية هذا الغامض بتلك الغرفة، راودتها أفكار عدة ولن يهدأ لها بالًا إلا عندما تعلم الحقيقة الكاملة
تصنعت الابتسامة وقالت بهدوء :
- لا شيء سواء أننِ أشعر بالملل
رد قائلا:
- حسنًا سوف نتناول الطعام بالخارج ،ثم أشار إلى الحقائب قائلا:
- هيا أرتدي ثيابك لقد أحضرت لكِ أنواع مختلفة من الثياب أتمنى أن يعجبك ذوقي
شردت بحديثه اللبق معها وقالت داخلها :
- ماذا دهاه ؟ يتحدث معي بكل هذه اللباقة والله هذا الشخص سوف يجعلني أفقد صوابي حتماً
طرقع بأصابعه أمام وجهها الشارد :
- ها أين ذهبتِ؟ هيا أسرعي
وجدت هذا عرضًا لائق لتتقرب منه وتسبل أغاورها لتعلم كل ما يجول بخاطره وما يفكر به
نهضت منصاغة لحديثه والتقطت الحقائب لتعود إلى غرفتها ولكن استوقفها قائلا بنظرات ماكرة:
- سيرو الأحمر يليق بكِ
ولجت لغرفتها مسرعة دون أن تعطية رد واوصدت الباب خلفها بقوة ثم ألقت الحقائب بغضب وسارت بخطوات غاضبة تشق غرفتها ثم وقفت أمام المرآة تطالع انعكاس صورتها داخلها وهي تقول :
-ماذا يراني هذا الأحمق ؟تأفأفت بضجر والتقطت القنينة التي كانت تضعها أسفل وسادتها ونظرت لها بفرحة عارمة ثم قالت:
- حلال عليه ما تفعله"جونجان" به
عادت تلتقطت الحقائب ثم أخرجت ما داخلها وقررت ارتداء الثوب الأحمر لانه حقًا أعجبها تصميمه فهي الفتاة التي طالما حلمت بارتداء ثياب كهذا والسفر والتجول في رحلات حول العالم؛ تمنت لو كانت طائر الحسون يغرد ويرفرف بجناحي الملونة ذات الألوان الزاهية والخلابة وتحلق في الفضاء الشاسع
فهي تشعر دائما بأنها ينقصها شيء بسبب فقر عائلتها وكانت هذه السفرة طوق نجاة لتحرر من قيود الفقر والعوذ
زفرت تنهيدة عميقة وشرعت في أرتداء ملابسها وعندما انتهت وقفت في حيرة أمام المرآة هل ستترك خصلاتها البنية خلف ظهرها بهوجاء ام سترفعها على هيئة كعكة بمنتصف راسها
بالنهاية قررت ترك شعرها منسدلا على ظهرها وتركت خصلة متمردة تنساب على جانب وجهها الأيمن منما زاد من سحر جمالها .
غادرت الغرفة بخطوات واثقة وهي تنتعل ذاك الحذاء الأسود المتميز بسيوره المتشابكة ويصل إلى قبل ركبتيها.
كلما اقتربت خطواتها المتهادة في مشيتها ، كلما ترقب هو قدومها بانظار متلهفة لرؤيتها بذلك الثوب
طالعها من قدميها ورفع عيناه يجوب بنظراته على جسدها الممشوق إلى أن أستقرت مقلتيه الزرقاء على ملامح وجهها الشرقي الجميل
هتف بداخله يحدث نفسه :
- براقة ولامعة مثل الماس
استمعت لحديثه مع النفس وابتسمت بسعادة لا لغزله إنما لأنها تعلم الان بما يدور داخل خلده
تصنع هو عدم الابداء باعجابه ونظر لساعة يده قائلا:
- هل أنتِ مستعدة للمغادرة الآن ؟
هزت راسها نافية وقالت بصوت هادئ:
- ليس بمزاج يُدع للخروج، ما رأيك في تناول الطعام هُنا
زفر بضيق وقال ببرود:
- ليس هُنا طعام ، ما رأيك أنتِ في تناول البيتزا الايطالية اللذيذة
جر ريقها فهي حقا تضور جوعًا ، قبضت بقوة على القنينة لتخفيها بيدها وسارت تقترب منه قائلة بثبات :
- حسنًا موافقة
❈-❈-❈
بعد مرور ساعة كان يدلف بإحدى المطاعم الشهيرة بالعاصمة ودلفوا للداخل سويا ، جذب لها مقعدها لتجلس عليه ثم جلس هو بالمقعد المقابل لها
وعندما انا النادل أخبره بأنه يريد البيتزا ومشروب الكحول
وبعد لحظات قدم لهما الطعام وسكب لهم المشروب داخل كأس كل منهما ولكن "سيرين"
تفاجئت بذلك المشروب وقررت أشغال "سادم" لكي تسكب الزجاجة داخل كأسه التي تحتوي على التعويذة السحرية التي أرسلتها جونجان..
إنه التيه فٌرضت على خطواتك.. تعيش دون أن تحيا وتمر أيامُك سراعًا دون شيء يستحق الذكر! عالقًا تطلب من الأمنيات حبلًا ينقذك من الغرق، وحيدًا لا أنيس في ليلك الطويل.. غريبًا عن الدنيا والناس وبعيدًا عن حسابات المنطق والعقلانية.. لا تفكر إلا في الخلاص ولا خلاصَ كما يُخيّل إليك!
كانت تنظر حولها في حيرة وترقب، تنتظر الفرصة المناسبة لإنهاء مهمتها ، لا تجد مفرًا يجب سكب تلك القنينة داخل مشروبه ولكن لم تأتيها اللحظة المناسبة لفعل ذلك .
عندما أنهى سادم طعامه نهض عن مقعده وقال :
- سأذهب إلى المرحاض لغسل يدي
هزت راسها بايماءة طفيفة ولمعت عينيها بفرحة بعدما أبتعد الطاولة وأختفى عن الأنظار ، لم تتردد فتحت الغطاء وأفرغتها بأكملها داخل كأس المشروب خاصته ثم ألقت الزجاجة داخل احدى سلات القمامة القريبة من الطاولة التى تجلس عليها، ثم عادت تجلس مكانها بهدوء ريثما يعود "سادم"
عاد "سادم" بعد لحظات وجلس بمقعده بكل ثقة وثبات ثم مد يده يلتقط الكأس وقربه من أنفه يشتم رائحة المشروب
ازدادت نبضاتها تقرع داخل صدرها بخفقان متزايد وهي تنظر له بقلق وتوتر خوفاً من انكشاف أمرها
تقذذ هو وترك المشروب ثم رفع أنظاره لتتقابل بانظار "سيرين" المتعلقة به ، لاحت إبتسامة خبيثة أعلى شفتيه وعندما صدح صوت البيانو داخل المطعم، أستقام سادم واقفًا وسار خطوة للأمام ثم وقف أمامها ومد كفه لها قائلا بلباقة:
- تسمح لي الشرقية الفاتنة أن تلبي رغبتي في مشاركتي الرقص معكِ
دارت بؤبؤة عينيها بتوتر ملحوظ منما جعله واقفًا مندهشًا فمن هي لترفض ذلك العرض السخي؟
من تكون لترفض قربه ؟ الفتيات جميعهن يتهافتون عليه وهو لا يبالي أحد
وضعت كفها التي ترتجف أعلى كفه وأستقامت تسير معه
اقبض بكفه عليها وشعر بارتجافتها تحت قبضته وذلك الشعور يجعله يتلذذ بسعادة داخلية لا توصف
عندما وصلا لحلبة الرقص وقف يحاوطها بذراعه الأيمن ويضعه على منتصف ظهرها وبيد الأخرى يمسك أطراف أصابعها برقة مدروسة
أما هي فوضعت كفها الأيسر أعلى صدره والكف الآخر يحتضنه سادم بأنامله، تمايلت أجسادهم على سمفونية عزف البيانو
حاولت النظر داخل بحور عينيه لتتلاقي العيون في صمت تام ، يحاول هو أختراق حواجزها ولكنه فشل في الأمر ، أما هي فاسبلت مقلتيها عن التطلع له لأنها كلما تعانقت مقلتيها بنظراته يأتيها شعور خفي بالخوف والرهبة ولن تستطع اختراق أفكاره.
❈-❈-❈
أما عن الثنائي "عزيز" و " نيروز" بعد تناولهم لطعام الافطار استقلوا بسيارة أجرة من أمام الفندق وانطلقوا في شوارع العاصمة "روما" لانتقاء ثياب خاصة لهم ومن ثم ابدلوا ثيابهم وتوجهوا إلى السفارة المصرية وانتظروا مقابلة السفير المصري الذي قابلهم بترحاب شديد ، قص عليه "عزيز" ما حدث للطائرة المفقودة بتلك الغابة الملعونة والقضاء على جميع الركاب من قبل الذئاب ووحوش الغابة كما اخطرهم بغياب ماري وسيرين وخطورة وقوة الساحرة "جونجان"
وعده السفير أن يهتم بالأمر ويتابعه بنفسه واملاه عزيز عنوان الفندق الذي يمكثون به الآن ثم صافحه بأمتنان وغادروا مبنى السفارة المصرية، عائدين إلى الفندق ثانيًا..
قرر السفير حينها اخبار الشرطة الفيدرالية عن البحث عن الفتيات المصريات المفقودين كما تركت نيروز صورة معها كانت تجمعهن داخل الحرم الجامعي ، وات ضابط الي السفارة لتحقيق في أمر اختفاء الفتيات والابلاغ عن فقد الطائرة وركابها اللذين ماتوا أثر مهاجمة الذئاب لهم واعلام الطيران المصري بالأمر ليتم نقل الاخبار إلى الشرطة المصرية وأعلام أهالي الضحايا بما حدث لهم..
❈-❈-❈
في القاهرة ..
بعد عدة ساعات شاع الخبر بالجرايد المصرية عن وقوع الطائرة المصرية ووفات جميع ركابها من قبل وحوش مفترسة داخل الغابات وفقدان الفتيات الصغيرات فلم يتبقي سواهن على قيد الحياة ولكن مفقودات إلى الآن
داخل منزل (ماري) عندما قرأ والدها السيد "شوقي الياس" الخبر في جريدة المساء انتابة حالة من الخوف والقلق من خسارة ابنته ولا يعلم بما سيخبر زوجته بهذا الخبر المشئوم ، ترك المنزل مسرعًا يريد التوجه إلى مركز الشرطة لمعرفة ما حدث لابنته وصديقتيها وهل هذا خبر صحيح أم أشاعات يريدون منه اشغال البلد عما تفعله حركة الضباط الأحرار وما يسعون به من انقشاع الغمة عن المصريين وطرد الملك فاروق ومن يحكم البلاد إلا أبن من أبناء شعبها المناضل.
عندما تقابل مع رئيس المباحث وعلم بصدق الخبر ، خرت قواه وجلس بصدمة لم يقدر على التحرك واعلم الشرطة بأسماء صديقتها من أجل أعلام أهالهن ، وبالفعل ارسل الضابط عسكري يأتي بفرد من عائلة الفتيات.
(وبعد مرور ساعة )
اجتمع داخل القسم والد "سيرين" السيد " منصور الهادي" عندما أتاه الخبر وتحدثت عنه قنوات الإذاعة الإخبارية عن وقوع الطائرة وقتل ركابها وتصادف بقدم العسكري لياتي بصحبته داخل قسم الشرطة للاطمئنان على الأوضاع وما حدث لابنته..
حالة من الحزن سيطرت على الجميع وهم ينتظرون مقابلة رئيس المباحث لاعلامهم الخبر
واتا الجد وابنه يريدون الإطمئنان على صغيرتهم "نيروز"
كان يتكى الجد " محمود" على يد ابنه "عبدالله" ودموعه تنهمر بغزارة على تجعيد وجهه السابعيني ولسان حاله لا ينطق إلا " لطفك بي يا ربي لطفًا لم أتحمل فقدان حفيدتي كما تحملت فقد والدها قُرة العين "مصطفى "
شعور بالعجز لم يشعر به سواهم ، نيران تضرم داخل الفؤاد، حالة من الرهبة والخوف سيطرت عليهم جميعاً، خفقات قلب تقرع كالطبول، يخشون القادم ، يتبادلون الأنظار بينهما في عجز ليس لديهم فعل شيء سوا الدعاء بقلب مكلوم
على صوت الجد وهو يتضرع للمولي عز وجل (اللهم أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي ، اللهم ردهم الينا رد جميلا ، كما رددت يوسف لأبيه، اللهم ردهم ردًا جميلاً)
تاذمت الأمور عندما حدثهم الضابط بذلك الخبر المؤسف ولازال البحث جاري بمدينة إيطاليا عن اختفاء الفتيات وهم سيتواصلون مع الشرطة الفيدرالية لمعرفة كل ما هو جديد اولا بأول.
نكث الجميع رؤوسهم بعجز وقلة حيلة فقط دموعهم تنساب دون توقف ، نبضات قلوبهم تصخب ، تكاد تخرج من بين ضلوعهم من شدة اليأس والحزن والاستسلام..
لا شيء أصعب على الإنسان من شعوره بالعجز، كل شيء ممكن أن يهون في حال قدرتك على التعامل معه أو مع تداعياته.. لذلك فإن المشكلة تبدأ حين تجد نفسك خاليا من أدوات التعامل والفعل ورد الفعل، متمترسًا خلف قواعد دفاعك الهشة لا تملك سلاحًا تقي به نفسك وأحبابك، وما أنت إلا عرضة هجمات الحياة وتجاربها.. الشعور بالعجز موت بحد ذاته، لكنه ليس كأي موت، موت بطيء مؤلم يقتل روحك رويدًا رويدًا ويشلّ جسدك خليةً خلية.
❈-❈-❈
عودة إلى إيطاليا داخل غابة المستذئبين، الكوخ الخاص بالذئب ماكسر
أغلال تُقيده من الاقتراب إليها ومواساتها ليس بيده فعل شيء لهذه الملاك الذي وقع ضحية "جونجان" وسحرها.
فاقت "ماري " من أحلامها الوردية وهي بوسط عائلتها ووجدت الذئب يتطلع لها وعيناه تذرف الدمع ، أشفقت على حاله وأقتربت هي منه لم تعد تخشاه وتلاشى خوفها منه ولم تجد مأمن لها سواه داخل كوخه الصغير
جلست بجواره ورفعت أناملها تلامس جسده الرمادي الالمس بود ثم مسحت دموعه العالقه منما جعله يدفن رأسه باحضانها ، لا تعلم مما تسترد قوتها وامانها من ذاك الذئب الذي لا حول له ولا قوة ام منما جرت إليه المقادير وأصبح مصيرها دون ملامح بعد تحولها لمستذئبة خاضعة لقوانين الذئاب،تشعر بالتيه بين هذا وذاك
كيف لها أن تتحمل هذا العالم وأين ستنتهي تلك اللعنة
علم ماكسر ما يدور بخلدها فهو لديه قوة خارقة على فهم وقراءة أفكار البشر ، هو من فصيلة قوية من الذئاب، "الألفا" الأقوى والامهر والاشرس ، ولكن لن يستطيع التحدث معها بلغتها لذلك هو عاجز في أمره من اخبارها متى ستنتهي اللعنة؟؟
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة فاطمة الألفي من رواية جونجان، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية