رواية جديدة طُياب الحبايب مكتملة لرضوى جاويش الفصل 7 - 4 - الجمعة 3/1/2025
قراءة رواية طُياب الحبايب كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية طُياب الحبايب
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة رضوى جاويش
الفصل السابع
4
تم النشر الجمعة
3/1/2025
اندفعت سنية لداخل الغرفة، صارخة في زوجها بقهر: بجولك ايه يا سيد! أني كده ولدي هيروح مني! الواد اديله ليلتين محطش الزاد فچوفه، رسيني ع اللي بيحصل، وايه اللي شندل حال الواد كده!.. وايه الشبكة السودا دي، اللي وجعنا فيها مع الرسلانية! حبيب مش هيسكت ع الفضيحة اللي طالت أخته! الواد هيروح مننا يا سيد!
هتف السيد في حنق: بجولك ايه! أني مش ناجص نج حريم، لمي لسانك اللي فيا مكفيني وفايض..
زعقت سنية في قهر أم على ولدها الوحيد: مش مخروسة، وأني أهو جعدالك لحد ما أعرف ايه اللي شجلب حال الواد كده!.. وهنعملوا ايه مع حبيب لو طال ولدك، ده ضرب عليه نار يا عمدتنا!.. واعي ده معناته ايه يا كبيرنا!.. أني واعية إن مچية البهوات عشية ليلة الكتاب هو السبب فال..
انتفض السيد حين وعى أن سنية أدركت أمرا، لم يكن من المفروض على مخلوق إدراكه، ما دفعه للصراخ بوجهها ما أن همت بالاسترسال في استنتاجها: بهوات مين! وعفريت ازرج إيه!.. كنك كبرتي وعجلك خربط، لا في بهوات ولا يحزنون، واللي عمله ولدك كان اللي نفسك يحصل من زمن واهو چرا، يا رب تكوني هديتي!.. أني غاير من هنا، أصلك كان ناجصنا رط الحريم الماسخ!.. بلا هم..
اندفع السيد مهرولا من الغرفة قبل أن تقدر سنية على ابقائه بحيلها التي لم تفشل أبدا، ما جعلها تجز على أسنانها حنقا لإفلاته منها، عاجزة وهي ترى حال ولدها من سيء لأسوء بلا قدرة لها على التدخل.. وها قد مرت الليلة الثالثة، وهو على هذا الحال اللاواعي، بعد أن حطم بهو الدار ولم يعترض طريقه مخلوق، تاركين إياه يفرغ شحنة غضبه في كل ما قابله من تحف أو مزهريات، لكن سنية فاض صبرها وما عاد لها القدرة على الوقوف مكتوفة الأيدي وهي ترى ولدها وأول فرحتها، سيد شباب نجع الرسلانية يسقط للهاوية بهذه الطريقة ولا تحرك ساكنا.. ما دفعها للتدخل حين رأت مجيدة للمرة ربما العاشرة، خارجة من غرفته بصينية الطعام عامرة كما دخلت لم تمس، باكية حال أخيها الذي ما سمح لمخلوق بالولوج لحجرته غيرها.. والتي عجزت عن إقناعه بتناول الطعام..
كانت مجيدة تخرج بالصينية، فيغلق خلفها باب حجرته راغبا فالعزلة، لكن سنية ما أن همت مجيدة بالخروج هذه اللحظة حتى دفعتها مبعدة ابنتها عن الباب دافعة إياه لتصبح في قلب الغرفة قبل أن يعاود ولدها إغلاق بابها منفردا بحاله، زاعقة في حنق: وبعدهالك يا ولدي! مش بكفاياك اللي أنت عاملة فروحك ده! ايه چرا يعني! غارت مرا تاچي غيرها..
تطلع عزت نحو أمه ولم ينطق حرفا، ما دفعها للاستطراد وهي تقترب منه، تربت على كتفه في تعاطف: هو أنت جليل يا حبيبي، ده أنت عزت السيد أبو زكيبة، واد عمدة نچع الرسلانية وزينة شبابها، وألف بت غير المخفية دي يتمنوك يا غالي..
انتفض عزت زاعقا: مش هايچي غيرها، ولا في بت تبجى مطرح منيرة، بس ضاعت من يدي، منكم لله، راحت وارتحتي.. مش كده! ..
هتفت سنية بصدق: آه أني مكنتش طيجاها، ولا كنت راضية عن الچوازة دي من أساسه، لكن أني مليش صالح باللي چرا ده، ولا ليا يد فيه.. وأهي غايرة بره النچع كيف ما سمعت، روحة بلا رچعة.. و..
انتفض عزت صارخا: هتروح على فين!
أكدت سنية متعجبة: وأنت مالك تغور مطرح ما تغور، يمكن أخوها باعتها بعيد عن الفضيحة اللي چرت، ويمكن يچوزها من بره النجع بعد اللي حصل ونخلصوا كلنا، ونجفل الحكاية الماسخة دي من بابها، بلا وچع جلب، ونستحمدوه إن يوم ما أخوها ضرب عليك نار ربنا حفظك.. وندعي إن الموضوع يبجى خلص على كده، وإلا هتبجى جعدتك فالنچع من الأساس مصيبة على روسنا كلنا وأنت أولنا، أصلك حبيب مش هيسكت..
اندفع عزت للخارج كالصاروخ تاركا أمه خلفه تهرول محاولة اللحاق به، أمرة إياه في زعر: أرچع يا عزت، طب جول رايح فين يا ولدي! يا ويلي ع اللي هيچرالك! ارچع يا مخبل، أخوها هيجتلك وماليك عنده دية..
لم يستمع عزت لكلمة مما قالتها أمه، التي جلست تندب حظها في ولدها الوحيد، وقد عاجلتها مجيدة منضمة إليها تسأل في ذعر عن سبب اندفاع أخوها بهذا الشكل المهرول، لتزعق سنية في حنق: هيكون إيه غير بت الرسلانية واللي چانا من تحت راس الرسلانية وبناتهم.. اخوكي إدب يا مچيدة، كن الدباب والهوس ببنات الرسلانية مكتوب علينا يا رب..
بكت مجيدة بلا تعقيب على كلمات أمها الملتاعة، والتي استطردت زاعقة تطلب سعادات الخادمة التي هرولت ملبية، لتأمرها في شدة: غوري شيعي الغفير يشوف سيدك العمدة فين ويچيبه على هنا ولو كان فين، لو حتى مع زير الوزرا ياچي!..
نفذت سعادات في عجالة، بينما عادت سنية لعديدها من جديد مخافة وقوع ما تخشاه، ويضيع ولدها على يد حبيب.. الذي تعلم أن انتقامه قادم لا محالة.. لكن على ما يبدو أن ولدها يتعجله..
❈-❈-❈
ابتعدت العربة التي تقلهما عن مجال النجع، قادها شبل نحو أقرب محطة قطار، والتي تبعد ما يزيد عن ثلت الساعة، لا تدرك كلتاهما، أنس الوجود، وكذا منيرة التي عاودتها حالة التيه من جديد، أن عينى عزت الباكيتين كانت تتبع سيارتهما المبتعدة في لوعة، لا يصدق أن هذه التي كانت ملك يديه في ليلة، أضحت أبعد ما يكون في ليلة آخرى، يكاد يصيبه الجنون من جراء تلك التقلبات التي ما كانت لا على بال، ولا خطرت على خاطر..
حاولت أنس على قدر الإمكان جذب انتباه منيرة، وتجاذب أطراف الحديث معها، فقد أدركت أن شرودها لا معنى له إلا عودة حالة التيه التي اعترتها في بداية تلك الصدمة القوية التي انتابتها بعد حادث طلاقها، ما دفع أنس لتقترح عليها النوم لبعض الوقت حتى لا تمل الطريق الطويل لحين الوصول للقاهرة..
هلل ممدوح حين وصل القطار لمحطة مصر ورأى أنس تنزل من القطار ومن خلفها جاءت منيرة، حمل الحقائب نحو كافتيريا المحطة في انتظار القطار المتوجه للإسكندرية حيث انتظرتهما هاجر، التي تفاجأت أنس بوجودها فرحبت في فرحة لرؤيتها: ايه المفاجأة الحلوة دي! حاسة إني بقالي كتير مشفتكيش..
هتفت هاجر مازحة: طب نعمل لك ايه، ما انتي روحتي وقلتي عدولي! واضح إن جو الصعيد عجبك، وكنتي ناوية تقعدي هناك وتسبينا..
ابتسمت أنس ولم تعقب على ايحاء هاجر المبطن في كلماتها، فعلى ما يبدو أن ممدوح تمادى في ثرثراته معها، دافعة منيرة لإلقاء السلام وتعريفها على هاجر، التي احتضنتها مرحبة مشفقة على حالها بعد أن سمعت قصتها من ممدوح، مؤكدة: مبسوطة اوي إنك جيتي، بإذن الله تتبسطي في إسكندرية..
هزت منيرة رأسها شاكرة، وجلست في هدوء بلا محاولة لمجارتهم في الحديث، شاردة في كل ذاهب وآيب، يجذبها زحام المحطة عن متابعة الحديث الدائر في همس بين أنس وهاجر، التي مالت على الأولى وهي تضع مفتاح الشاليه بكفها محذرة: أنس!..ده شاليه نصير بيه الخاص، انتبهي لكل حاجة فيه، أنا لولا مدركة للحالة اللي هي فيها، وإنها لازم فعلا تبعد عن هناك بعد اللي حصل لها، مكنتش وافقت أبدا على دخول حد الشاليه، والصراحة كمان مجاليش الجراءة على استئذان نصير بيه، وهو بقاله فترة متغير ومش على طبيعته، خدي بالك وحياتي.. أنتي عارفة هو حريص أوي على حاجته، وخاصة بعض الأماكن اللي ليها عنده معزة خاصة..
أكدت أنس في جدية: متخافيش، هم يومين تلاتة ونرجع ولا من شاف ولا من دري..
زعق صوت أحد القطارات، ما أفزع منيرة ونبه الباقين أن موعد قطارهما للإسكندرية قد حان، فنهض الجميع لتستقل أنس بصحبة منيرة القطار صوب وجهتهما الأخيرة.. لتؤكد هاجر لأنس وهي تودعهما: مش هوصيكي يا أنس، ماشي!
هزت أنس رأسها في إيجاب تؤكد على إدراكها للمقصود، ملوحة بكفها قبل أن تصطحب منيرة نحو مقعدهما..
تحرك القطار، عينى منيرة على مشاهد الطريق المنسابة أمام ناظريها، ولم تتنبه إلا حين مدت أنس كفها بشطيرة طازجة تناولتها منيرة بلا اعتراض فقد اكتشفت أنها كانت جائعة بالفعل ولم تدرك، بدأت في قضمها في بطء بلا شهية على الرغم من سعادة معدتها بهذه اللقيمات، لكنها ما عادت تشعر بحلاوة كثير من الأشياء التي من المعتاد أن تبعث في النفس بعض الشعور بالفرحة والرضا.. همت أنس بمناولتها شطيرة آخرى لكنها رفضت في أدب، استدارت أنس لتعدل من جلستها فتنبهت لذاك الذي اكتشفت تحديقه في منيرة بهذا الشكل الملفت، وقد تنبه لادراكها فحاد بناظريه في عجالة، ما دفع أنس لتبديل المقاعد مع منيرة بغرض حمايتها من نظرات ذاك المتفرس، الذي قد تنتبه له منيرة صدفة فتسلب نظراته منها الراحة وتدفعها للاضطراب، وذاك غير مرغوب الحدوث في حالتها..
مرت الساعات الثلاث حتى وصولهما الإسكندرية في سرعة، وبدأت أنس في الاستعداد للمغادرة حين أقترب القطار من محطة سيدي جابر..
بدأ الركاب في النزول، واشتد الزحام بشكل عجيب، لكن أنس نزلت وتبعتها منيرة في صعوبة، ليحدث ما لم يكن في الحسبان، اندفع جمع من الرجال لداخل المحطة وكأنهم كانوا في انتظار شخص ما كانوا علم بوصوله بنفس القطار الذي كان يقلهما، ليبدأ الهرج والمرج وتتعالى الصرخات من هنا وهناك، وخاصة حين بدأ الرجال العراك، لتتوه منيرة عن أنس على الرغم من صرخاتها باسمها، وغاب محياها عن ناظرها في وسط هذا الصخب الدائر، والذي لم يسمح لها حتى بالقدرة على البحث عنها، الكل كان يتنجب المشاحنة المحتدمة على رصيف المحطة على الرغم من تدخلات الأمن، تحصنت أنس خلف أحد الجدران المنخفضة قليلا داعية الله بوجل أن تكون منيرة بخير، فهي لن تسامح نفسها لو أصاب هذه المسكينة المزيد من الضرر، ولم تكن تدرك وهي في خضم ابتهالاتها، أن منيرة قد ابتعدت بالفعل فذاك الرجل المتفرس بالقطار، قد دفع بها خارج مجال المعركة الحامية داخل المحطة مستدرجا إياها للخارج، حتى إذا ما أدرك أنه ابتعد بها قليلا، وأدركت هي بعد بعض من وعي متأخر أنها ضلت طريقها نحو أنس، وأصبحت خارج المحطة بالفعل، مدفوعة لأحد الأركان المتطرفة، يصرخ فيها ذاك الرجل الغريب وهو يخرج نصل ذاك السلاح الأبيض في حركة سريعة، جعلتها تنتفض مذعورة وهو يأمرها بنبرة حادة: اخلعي يا حلوة الدهب اللي انتي لبساه ده، واياكي تفتحي بقك، وإلا هدبحك وارميكي فالمالح للسمك يتسلى على جدتتك..
كانت منيرة ترتجف في ذعر حقيقي لا تعرف ما عليها فعله، إلا طاعة ذاك الرجل الذي تحاول استيعاب أوامره، وتنفيذها حتى تتخلص من صحبته التي تثير رعبها بهذا الشكل.. لكن ما أن شرعت في خلع إحدى اساورها، حتى دوى صوت إحدى الرصاصات، جاعلة ذاك الشقي يلوذ بالفرار، بينما صدرت عنها هي صرخة مدوية، تسد أذنيها بكفيها، فقد أعاد صوت تلك الرصاصة التي لم تدرك أين استقرت، ومن يكون مطلقها!.. تلك الذكرى القاسية التي عاشت لحظاتها منذ أيام خلت، لتضحى متجسدة أمام ناظريها بكل تفاصيلها، لتعاود الصراخ مجددا..
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رضوى جاويش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية