رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الخاتمة - 3 - الخميس 9/1/2025
قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ظننتك قلبي
« لكن بعض الظن إثم »
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة قوت القلوب
الخاتمة
3
تم النشر يوم الخميس
9/1/2025
ألم يخلف ألم وخزلان يكسر النفوس ، هكذا كان بقية يوم "صباح" وإبنتها بعد ترك "فخري" لهم ، حتى لو توعدت بإنتقام يشفي صدرها إلا أن تحسرها اليوم لا يقارن بما تفكر به ...
جلست محطمة الفؤاد تعيسة القلب تندب حظها العسر وما حل بها بدلًا من "زكيه" لتنظر نحو "راويه" بروح مهشمة ..
- تفتكري أبوكِ حيرجع تاني ، ولا خلاص كدة ؟!!
لم تبوح "روايه" بما تشعر به فتلك أول مرة ترى والدتها القوية صاحبة السطوة والمال محبطة يائسة مجروحة بهذا الشكل لتردف بتلطيف وطأة الأمر على والدتها رغم عدم يقينها بذلك ..
- أمال حيروح فين يعني ، حتلاقيه شوية وراجع ، هو أبويا ليه غيرنا ، إهدي بس وحتلاقيه يرجع تاني ...
وضعت يديها الغليظتان فوق رأسها المتألم تتأوه بقوة ...
- اااه يا دماغي ، الصداع حيموتني ، أنا ضغطي عالي ...
رغم رفض "راويه" للكثير من حديث والدتها الجاف معها إلا أنها تظل والدتها لتنهض ببطء قبل أن تجلس إلى جوارها تساندها ألمها وتحسر قلبها ...
❈-❈-❈
المطعم ...
لم يكن الأمر صدفة حين إصطحب "محب" لـ "وعد" لمطعم راقي لتناول الطعام ولم يكن صدفة إختياره لتناول السمك ، تلك الوجبة المفضلة لـ"وعد" ، تفضيل تناول السمك لهو أمر نادر بين الناس وبالأغلب حينما تتم دعوتك لتناول الطعام سوف تتوقع أى شئ إلا السمك ...
تفاجئت "وعد" بوجودها بهذا المطعم لتناظر "محب" بإندهاش ...
- سمك !!!!!
نظر نحوها كمن يحفر تفاصيل ملامحها بدقة داخل عيناه قبل أن يردف بحالمية ...
- عارف إن ده أكتر أكل بتحبيه ، عشان كدة قلت لازم أجيبك هنا ، ومن النهاردة كل إللي بتحبيه وبتتمنيه حتلاقيه قدامك ...
أليس كل ذلك شئ يدعو للسعادة ، أن تترك كل الظنون جانبًا وتنتهز من الحياة لحظاتها السعيدة ، ألم يحين وقت الهدنة وإنهاء هذا الصراع ...
لم تجد سوى كلمة هامسة تخرج من بين شفتيها تقابل بها حفظه بدقة لتفاصيلها الصغيرة وإدراكه لما تحب ...
- إنت بجد ؟!!
سحب "محب" المقعد لتجلس أولًا وهو يميل إلى جانب أذنها أثناء جلوسها ...
- إنتِ إللي بجد ؟! أنا لحد اللحظة دي مش مصدق نفسي ...
تعالت ضربات قلبها بقوة لتتورد وجنتيها خجلًا قائله ..
- إنت حتخليني أحبك ولا إيه ؟!!
تنهد "محب" بقوة مردفًا بتمني ...
- يااااه ، ده أنا كدة أبقى وصلت للسحاب ، تبقى أحلامي كلها إتحققت ، ده كل أملي إني بس أكون جنبك ، تخيلي بقى لو كمان تحبيني ...
جلس "محب" إلي المقعد المجاور لها ليرفع "زين" فوق ساقيه قائلًا ..
- من النهاردة أنا وإنتِ و "زين" حاجة واحدة ، لا يمكن نفترق أبدًا ، أنا نفسي أقولك كل إللي جوايا بس كل كلام الدنيا حاسس إنه ميقدرش يوصف قد إيه بحبك ، لكن لو كانت الكلمة دي تقول إللي جوايا ، فأنا حقولهالك دايمًا ، أنا بحبك بحبك بحبك ...
لف الصغير ذراعه خلف رقبة "محب" مرددًا بإبتسامته العذبة وكلماته المتقطعة ..
- أنا حِبك عمو ، أنا حِبك ...
هالة أحاطت تلك الأسرة الجديدة بروح من السعادة كقمر يسطع بسماء سوداء حالكة لينير طريقهم الجديد ...
❈-❈-❈
هويت من قمة جبل وتلاشت أمانىّ التى كنت آملها ، هل أعلن فشلي أم أن علىّ الإنتظار ولتكن مساحة هُدنة لترتيب أوراقي المبعثرة ...
وقفت "عتاب" تتطلع نحو الطريق بعيون حاقدة وهي تحدث نفسها المشحونة ...
- بقى كدة يا "محب" ، هو ده إللي إتقفنا عليه ، أه قلت له يوقعها فيه وفي غرامه بس مش لدرجة ياخدها يغديها بره ، يا ترى في دماغك إيه ...؟!!!
قضبت حاجبيها بتفكير متمعن قائله ..
- ولا يكون ده قصده فعلًا ، إنه بالصورة دي يكسب قلبها ويخليها تطمن له ، ده لو كدة يبقى جدع بصحيح ، أيوة ، هو ضروري كدة ده أخويا وأنا عارفاه ولا بيهمه حد غير مصلحته ، ومصلحته ترجع الفلوس لينا ، يبقى لازم أستنى وما أتسرعش ، "محب" أكيد أكيد في دماغه حاجة ...
مالت بفمها بزهو فما دبرته أوشك على التحقق ما عليها سوى الصبر والإنتظار ...
❈-❈-❈
بين كل كلمة وأخرى العديد من المسافات لكن هناك وقت لا يسعنا وضع الفواصل بينها بل يتوجب علينا إيقافها بنقطة تنهى سبيل الكلمات ...
هكذا ظن "بحر" أن لكل شئ نهاية وعليه وضعها بيديه ، فلن ينتظر أن تضيع "نغم" من بين يديه ولن يطيق ذلك ...
سيمفونية تغريد الطيور حلقت بإبداع تتراقص لها إبتسامة تلك المتشوقة بالشرفة فقد لاح طيف الحبيب ...
وقفت "نغم" تنتظر مرور "مأمون" لتسقى قلبها المتعطش لرؤياه فكم غاب بسفرته الأخيرة وإشتاقت له ...
مر "مأمون" يسير بخطواته الواثقة دون حياد يدرك تمامًا أنه قوى قادر على تغيير واقعه للأجمل ...
دون أن يرفع بصره تجاه بيت النجار كان متيقنًا من أن "نغم" تنتظر مروره ، إنه ليس بساذج ولم يدري عن عشقها له فهو يعرف ذلك جيدًا والأمر لم يكن وليد اللحظة وإنقاذ لموقف بمحض الصدفة ، لقد طلب زواجها وهو يعرف حقيقة مشاعرها تجاهه فهي واضحة لكل العيون إلا عيونها فقط من ظنت أنها تخفي ذلك عن بقية البشر ...
تلقائية سطحية عاشقة تميل لكونها طفلة ذات مشاعر فياضة لكنها نقية ، لم تتوقع سوى كلمة عابرة أو إسلوب حسن ، لم تكن تتخيل أن لعشقها مردود سيتحقق واقعًا ...
قبل أن يرفع "مأمون" عيناه البنيتان تجاه "نغم" إقتحم "بحر" طريقه بأعين تضج شراسة وغضب ليهتف بـ"مأمون" ...
- بقولك إيه ، أنا جاي لك بالطيب أحسن وبقولك إبعد عن "نغم" ...
رفع "مأمون" رأسه بغرور محقرًا من "بحر" ودس أنفه فيما لا يعنيه ليحدثه بإستهزاء ...
- وإنت مالك ، بت عمي وأنا أولى بيها ...
إتسعت عينا "بحر" بغضب فلن يتركها له ولن يسمح له بأن يهنأ بها ...
- إوعى تكون فاكرني ظريف و لطيف ومش حقدر أقف لك ، أنا بكلمك بالهداوة أحسن ما تندم ، أنا مش حسيبهالك ...
تطلع به "مأمون" بإشمئزاز يرمقه من أعلى رأسه لأصمخ قدميه ليردف بهدوء دون أن يؤثر به تهديد "بحر" مطلقًا ...
- إللي تقدر عليه يا شاطر ، إعمله ...
غرس "بحر" أصابعه بساعد "مأمون" تحفزًا لضربه فهو يستحق ذلك وعليه الإبتعاد عن "نغم" ولو كان بالإجبار ...
- يبقى إنت إللي جبته لنفسك بقى ...
وقبل أن ينهال "بحر" على "مأمون" بالضرب توقف لسماعه نداء "نغم" بتلهف فقد أسرعت نحوهم لتنهى هذا الشجار الذى لابد وأنها السبب به ..
- "بحر" ، بس كفاية ...
إلتفت كلاهما نحوها وهي تقف ناهجة الصدر إثر ركضها لدرجات السلم للحول بينهم ، حين إستطردت بوجه مقتضب تنهر "بحر" عن تدخله لهذا الحد ...
- فيه إيه ، ما تفهم بقى ، أنا مش عاوزاااك ، أنا عاوزة "مأمون" وبس ...
مال "مأمون" بفمه ساخرًا من "بحر" ليعقب بإستهزاء ..
- أهي صاحبة الشأن قالت لك بنفسها ، يا ريت تبطل برود وتورينا عرض أكتافك الحلوين دول ، بدل ما تتأذى يا شاطر ...
أشار "بحر" نحو "نغم" بينما وجه حديثه لـ"مأمون" ..
- دي طيبة وعلى نياتها ، متعرفش إنت إيه ، سيبها في حالها أحسن لك ..
ترك "مأمون" الرد لـ"نغم" حين أشار نحوها بكفيه يخبره بأنها هي من تختار ، توقع لم يخطئ به حين نهرته "نغم" بحده ...
- أنا مش صغيرة ومش محتاجة حد يقول أنا عايزة إيه ومش عايزة إيه ، ويا ريت متدخلش بينا تاني ، لأن وجودك أصلًا مرفوض ، الظاهر إني حكمت عليك غلط وإفتكرتك إنسان محترم ، لكن الظاهر إني كنت غلطانه ، إمشي من هنا ويا ريت منشوفش وشك تاني ...
أراد "بحر" لو يصرخ بها ليفيقها من تلك الغفلة ، لكنه إكتفى بترديد إسمها فقط ...
- "نغم" ...!!!
زجره "مأمون" يدفعه بقوة لينحيه عن طريقهم كما لو يطرده من أمامه ...
- ما كفاية بقى ، يلا إتكل على الله ، بني آدم سمج ...
تهدج صدر "بحر" بقوة فلم يكن هذا ما يسعى إليه ، لكن "مأمون" لن يحظى بـ"نغم" مهما كلفه الأمر سواء بطريق مشروع أو غير مشروع لكن عليه الآن أن يأخذ هُدنه لإيجاد مخرج لإيقاف تلك الزيجة بأى شكل كان ...
تركهم "بحر" مرغمًا لكن عازم على العودة ، بينما لاقت "نغم" نظرة خيلاء من "مأمون" سقطت ببحور عسلها لتهيم بهذا الرجل الذى كان دومًا قمة أحلامها ليردف بصوت رخيم ...
- بلاش تقفي في الشارع كدة ، إطلعي البيت فوق ، بغير عليكِ ...
تراقص قلبها بسعادة فهو يخشى عليها من عيون الناس ، إنه يحبها ويغير عليها ، إنها لن تجد بطلًا لقلبها مثل هذا المأمون الذى يستحق حبها وقلبها عن جدارة ، إنه من تستطيع أن تضحي له بحياتها وقلبها فدائه وهي راضية وسعيدة تمامًا ...
أومأت بخفة وقد إحتلت بسمة بلهاء فوق شفتيها الصغيرتين لتعود لبيتهم راكضة لا تشعر بملمس الأرض أسفل قدميها فيبدو أنها من السعادة تطير ...
❈-❈-❈
حل المساء وأخذت السماء تطل بظلامها المعهود ليبث بعض التوجس بقلب تلك المسافرة من طريق لطريق ومن حافلة لأخرى ، توقفت الحافلة الأخيرة بقارعة الطريق ليلتف السائق نحو الخلف قائلًا ...
- هو ده طريق المدخل يا أبله ، إدخلي شمال كدة حتلاقي الموقف ، إسالي هناك ألف مين يدلك ...
أومأت "شجن" بخفه تفهمًا لتترجل من تلك الحافلة باحثة عن آخر وسيلة نقل لإيصالها لبيت العم "أيوب" فيبدو أن بيته بعيد للغاية ، لم تكن تظن ذلك بالمرة ...
تحركت بدون وجهة تبحث عن تلك السيارات التى أخبرها بها هذا السائق لتجد سيارات بالفعل بالجانب الأيمن لتستفسر أولًا قبل أن تستقل إحداهم رغم تخوفها من المجهول القادم ...
- لو سمحت ، العربيات دي رايحه فين ؟؟!
تطلع نحوها أحد السائقين مستغربًا من هيئتها المدنية للغاية بهذه المنطقة الريفية ليجيبها بتساؤل آخر ...
- إنتِ رايحة فين يا أبله ...؟؟
لم لا يجيبها أحد بدون فضول لمعرفة من أين أتت وأين ستذهب ، ألا يكفيها شعورها بالتخوف ورغبتها بالعودة ، ذلك الشعور الذى أخذ يلح عليها منذ قليل بأنها أخطأت لترك بيتهم ، هل كانت أمها محقة ؟؟! هل بيتهم القبيح وساكنيه قساة القلوب أرحم من غربتها وتشتتها ...
مطت شفتيها بإمتعاض لتجيبه بضجر ...
- أنا عايزة العربية اللي بتحمل طريق النوبارية ...
أشار لها السائق على الفور تجاه إحدى الحافلات الصغيرة قائلًا ...
- إركبي العربية دي ( ثم أعلى صوته مناديًا أحدهم) ، يا "جمعة" ، ركب الأبله معاك ...
إتجهت "شجن" نحو هذا المدعو "جمعة" لتصعد لتلك الحافلة تستقر بأحد مقاعدها بهدوء ...
بعد إنتظار القليل من الوقت بدأت الحافلة بالتحرك لتسأل "شجن" تلك المرأة الريفية إلي جوارها بنبرة منخفضة ...
- لو سمحتي عايزة أروح مزرعة إسمها الأيوبي تعرفيها ؟؟!
بإيمائة قوية وصوت رنان أجابتها تلك السيدة بتلقائية ...
- إلا عارفاهي ( عارفاها) ، هو فيه حد في الناحية كُلِهي (كلها) ميعرفش المزرعة ، لما تيچي مجربة (مقربة) حجولك (حقولك) ...
إنتظرت "شجن" إعتمادًا على تلك السيدة بينما إمتعضت ملامحها قليلًا فيبدو أن العم "أيوب" رجل ريفي بحال بسيط وستثقل عليه ببقائها ، ليتها لم تأتي وتحاملت على نفسها وتقبلت أمر زواج "نغم" وأعلنت الهُدنة مع "صباح" و أبناء عمها ...
على الرغم من أن الحافلة إتخذت هذا الطريق الفرعي إلا أنها وجدته أكثر إتساعًا وترتيبًا عن الطريق الذى كان ببداية تحركهم ..