رواية جديدة طُياب الحبايب مكتملة لرضوى جاويش الفصل 20 - 5 - الجمعة 21/2/2025
قراءة رواية طُياب الحبايب كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية طُياب الحبايب
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة رضوى جاويش
الفصل العشرون
5
تم النشر الجمعة
21/2/2025
هتفت أنس موضحة: إني أطلق بالمعروف وبالأدب، زي ما دخلت بالمعروف، عادي وبتحصل، لكن اقف ارمي يمين الطلاق قدام ناس النجع كلهم، واقول لها متلزمنيش! أنت متخيل ده معناه ايه هنا!..
هتف سراج في حنق: طبعا متخيل، أنا لو أخوها كنت ضربته بالنار..
قهقهت أنس مؤكدة: ما ده كان بالظبط رد فعل حبيب بيه، لولا ربنا ستر والرصاصة طاشت، كانت بقت مصيبة..
واستطردت أنس متطلعة نحوه، متسائلة في تخابث: هو مش الشال ده، هو اللي كان مع منيرة في إسكندرية! إزاي بقى مع حضرتك!..
اضطرب سراج يحاول أن يجد إجابة شافية تنقذه من هذا الحرج، حتى ظهر حبيب من طريق جانبي، منفذا إياه حين هل عليهما ملقيا التحية: السلام عليكم يا سراج بيه.. كيفك النهاردة!..
أكد سراج: الحمد لله..
ساد الصمت لبرهة، فشعر سراج بالحرج، فاستأذن متعجلا، تنهد حبيب في محاولة لضبط أعصابه، هاتفا وهو يشير لطريق العودة للسراي: أني كنت رايح للشيخ معتوج المحمدي، نرچعوا، ولا ليكي شوج فالمشي تاني وتاچي معاي!..
ردت في هوادة: نرجع..
استدارا نحو درب العودة، وسارا لدقيقتين دون أن ينبس أحدهما بكلمة، استشعرت هي أنه يحمل الكثير يرغب في قوله، لكنه يتمنع لسبب مجهول، ما حثها لتسأل في سلاسة: شكلك عايز اقول حاجة!
تنهد حبيب مؤكدا: الصراحة آه، بس من غير زعل..
ابتسمت أنس مؤكدة: قول طبعا ومش هزعل..
هتف حبيب في هدوء مصطنع، محاولا أن يسيطر على الحنق في نبرة صوته: يعني مشيك مع سراچ بيه كده جدام النچع كله، مش زينة، يجعدوا يجولوا دي كانت ومكنتش، ملهاش لازمة.. وده برضك غريب، والكلام مش هيبجى تمام..
هتفت أنس في هدوء مستفسرة: طب ما أنا ماشية معاك أهو، ومشيت قبل كده، مقلتش ده ليه!..
أكد حبيب يحاول أن لا يهتف في حنق لمقارنته بغريب: يا أستاذة ده غريب، راچل بعيد عن النچع وناسه، لكن هنا لو واحدة ماشية وقابلها حد جريبها واد خالها ولا واد عمها بيسالها رايحة فين، وبيوصلها مطرح ما هي رايحة، وتلاجيه سابجها بخطوة ولا اتنين، لكن مع غريب، ميصحش..
هتفت أنس باسمة: طب ما أنا ماشية جنبك اهو، عمرك ما قدمت عني خطوة.. ليه!..
ابتسم حبيب مفسرا: عشان انتي غريبة مش من بنات النچع ومش متربية هنا وحافظة طرقه رايحة فين وجاية منين، فلازما حد يمشي چارك، وطالما جريب محدش يجدر يجول عليكي كلمة..
قررت مشاكسته: يعني لو مظهر مشي جنبي يوصلني، عادي مفيهاش حاجة مش كده!
تنهد حبيب موضحا: بصي، هو مظهر ده مش برتاح له، وبيجف لي زي عُجلة الجصب فالزور..
قهقهت أنس مقاطعة، مستفهمة في مزاح: هي مش كانت اللقمة في الزور، جت منين عقلة القصب دي!..
اتسعت ابتسامة حبيب مؤكدا: لاه، اللجمة تنزل بشوية ميا، تعدي يعني.. لكن عُجلة الجصب توديك سكة اللي يروح ميرچعشي..
قهقهت أنس من جديد: للدرجة دي مش طايقه!
أكد حبيب: أني لا بحبه ولا بكرهه، بس مبرتحلوش، ربنا يصلح حالنا وحاله.. بس مجلتليش، ايه اللي لم الشامي ع المغربي!
تطلعت له لبرهة لتدرك أنه يسأل عن سبب تجمعها مع سراج، ما دفعها لتؤكد: كنت مع سالم رايحين لنجية، وقابلته اتمشينا سوا لحد ما حضرتك ظهرت يا حبيب بيه، بس كده!..
سأل حبيب مستفسرا في فضول مدفوعا بغيرة مبطنة: وايه بجى اللي اتكلمتوا فيه طول الطريج!..
زمت أنس ما بين حاجبيها في تعجب، إلا أن ملامحها لانت حين استشعرت أنه ما سأل إلا رغبة في مزيد من الحماية التي يبرع في فرضها على كل من يهمه أمره، ما حثها لمشاكسته: عادي بقى مواضيع مختلفة، ما أنت عارف إنه صديق العيلة..
هز حبيب رأسه متفهما ظاهريا، مشتعلا داخليا، تاركا إياها على باب السراي، وهو يبرطم مبتعدا في حنق فاض به كتمانه، لم يتناهى لمسامعها ما قال، لكنها انفجرت ضاحكة وهي تتابعه راحلا في ذاك الحنق، الذي أسعدها على عكس المتوقع..
❈-❈-❈
القاهرة ١٩٩١..
جلست برلنت على كرسيها المفضل، وكذا فعلت درية.. وحمدية تضع قبالتهما على الطاولة المستديرة صينية الشاي، منصرفة لشأنها بالمطبخ، تاركة درية تصب الشاي في فنجال برلنت تناولها إياه، هاتفة في محاولة لتهدئتها: بالراحة على نفسك يا برلنت، الدكتور قال مفيش انفعال أو توتر.. وبعدين أنا مش فاهمة، إنتي ايه اللي مزعلك دلوقت!.
هتفت برلنت في ضيق: يعني بذمتك يا درية مش عارفة ايه اللي مزعلني! يعني ده عقل! يجي لي فرصة محترمة تريحني من كل وجع القلب وارفضها!.. قال بتدرس فلسفة ومنطق!.. فين المنطق ف اللي بيحصل ده!..
هتفت درية مفسرة: يا ستي دي وجهة نظرك انتي، مش وجهة نظر أنس، وهي اللي هتتجوز، يبقى هي اللي تقول ايوه أو لأ.. وطالما العريس مش على هواها، يبقى خلاص.. بلاه يا برلنت..
تنهدت برلنت معترضة: يعني وهو عاجبك تجري ع النجع، وترمي نفسها وسط مشاكلهم وخناقاتهم على ورث، هي مش هتعرف تطول منه حاجة، وربنا بعت لها الراحة هنا، من غير لا مشاكل ولا خناقات..
صمتت برلنت، ولم تعقب درية وهي ترتشف بعض الشاي من فنجالها، لتستطرد برلنت متعجبة: وبعدين أنا مش فاهمة، هي ايه اللي مش عاجبها في نصير الراوي!. لو على فرق السن، وايه يعني.. مهواش سبب للرفض، وبعدين أصلا فرق السن مش كبير، دول كلهم ١٥ سنة.. وياما في جوازات كان فرق السن فيها أكبر من كده، وكانت ناجحة..
هتفت درية مؤكدة: عندك حق في كل اللي قلتيه، ومعاكي في خوفك على أنس وهي هناك في الرسلانية، دول على ما سمعت منك، ناس دماغهم صعبة، وممكن أنس متعرفش تاخد منهم حق ولا باطل.. لكن برضو أنس حرة في قبول أو رفض الإنسان اللي هتكمل معاه حياتها، وبعدين مش يمكن تكون بتحب!
تطلعت برلنت نحو درية في اضطراب، وكأن ذاك الخاطر لم يمر ببالها مرة، هاتفة في قلق: هو ممكن حقيقي أنس تكون بتحب!.. معقول!..
ضحكت درية متعجبة: مش معقول ليه! هي مش بنت زي كل البنات! وبنت زي القمر كمان، يعني رجالة كتير ممكن يخطبوا ودها، ويقعوا فهواها، لكن هي بقى بتحب مين!.. ده السؤال..
انتفضت برلنت معترضة: لا، أنس مش بتاعت الحب والكلام ده، لا.. أنس بتمشي كل حاجة بعقلها.. موضوع الحب والمشاعر ده بعيد عن دماغها..
تعجبت درية من رفض برلنت لهذا الخاطر، الذي لم يكن إلا افتراضا، فلم يواجه بهذا الاعتراض السافر من برلنت، منكرة على ابنتها أبسط حقوقها كفتاة، يمكن أن تقع فالحب، وترغب في الارتباط بمن تحب..
رن جرس الباب، فتوجهت حمدية لتفتح الباب، لحظة صمت سادت قبل أن تسأل برلنت في فضول: مين يا حمدية كان ع الباب!..
لم تجب حمدية، بل ظهر أمامها نصير الرواي بكل هيلمانه، مؤكدا: أنا يا برلنت هانم.. جاي وطالب منك خدمة..
لم تجب برلنت فقد أخذتها صدمة ظهوره، بينما هتفت درية في ترحاب: طبعا، اتفضل يا نصير بيه..
جلس، وبدأ في الشرح بلا مقدمات..
يتبع...