-->

رواية جديدة طُياب الحبايب مكتملة لرضوى جاويش اقتباس الفصل 21 - الخميس 27/2/2025

 

قراءة رواية طُياب الحبايب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية طُياب الحبايب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رضوى جاويش


اقتباس 

الفصل الواحد والعشرون


تم النشر الخميس

27/2/2025

❈-❈-❈

الرسلانية ١٩٢١.. بيت الحرانية.. 

رأته شفاعات من نافذة حجرتها قادما من المقام كعادته يوميا، يسير ساحبا قدميه في وهن، وقد نفض الدنيا خلفه جالسا هناك بالساعات، مهملا أرضه، داره، ماله ودنياه كلها منذ أرغمته على ترك هذه الحقيرة بنت الرسلانية التي فضله عليها وشاركتها فيه لسنوات دون أن يكون لها القدرة بعد فقد مساعدة الخالة مكحلة بموتها، وفقدت استطاعتها على إخراجها من حياتهما بعد أن احتلتها عنوة.. 

اندفعت شفاعات مغادرة حجرتها في ثورة ما أن رأت وهدان يتخطى الطابق الذي تقبع فيه وبناتها، متجها صوب الطابق العلوي حيث كانت تقيم توحيد وولدها، قبل أن يطلقها وتترك لها النجع كله وترحل إلى المحروسة بصحبة أخيها، صارخة في زوجها بحنق تستوقفه: أنت رايح على فين! دي مبجتش عيشة! 

تجاهل وهدان اعتراضها دون أن يلتفت لصراخها، مستمرا في الصعود صوب حجرة توحيد، وما أن دفع بابها التي كانت موضع اجتماعه بتوحيد، حتى لحقت به شفاعات مهرولة، صارخة من جديد بصوت جهوري ينضح غضبا: لاه، بجولك ايه شغل الدراويش اللي أنت طالع لي فيه ده، ميخليش علي، ده إحنا دفنينه سوا!.. 

تطلع نحوها وهدان في لا مبالاة، لا رغبة لديه لمعارضتها، ولا طاقة لديه يهدرها في الرد على ترهاتها، لتستطرد بنفس النبرة الحانقة: ايه چرالك يابو عيالي! يا عيني ع الرچالة لما تخيب! .. مش هي دي توحيد اللي جلت لي چوازك منها  مصلحة لچل ما أرض البركة تكون لينا،  بإس من المدعوج الخواچه نعيم وشورته المنيلة! ايه في! اهي غارت وراحت ولا خدنا من وراها أرض ولا يحزنون، ما چانا من وراها إلا الهم والغم.. مش نرچعوا نشوفوا حالنا اللي هملناه ده بعد ما راحت السنيورة!.. 

ظل وهدان على صمته لا يحر جوابا، وقد جلس على اريكته المفضلة يخلع عنه حذائه في هوادة وكذا عمامته، وما أن هم بخلع جلبابه، حتى اندفعت شفاعات صوبه تساعده، دافعة إياها عنه، مقتربة منه تحاول أن تمارس عليه آلاعيبها التي تجيدها، ملقية نفسها بأحضانه، هامسة بصوت يقطر دلالا: واااه يا وهدان! متوحشتش شفاعات! وينها راحت أيام شفاعات يا وهدان! حلا نسيتها!.. 

أبعدها وهدان عنه قليلا في بطء،  متطلعا نحوها وهدان بنظرات خاوية لا تحمل معنى أو حتى ترسل مدلولا وكأنه لا يراها من الأساس، راسما على شفتيه ابتسامة باهتة، هامسا في نبرة عجائبية كأنها تأتي من بُعد آخر، حين وجدها تعاود الاندفاع لأحضانه مجددا، تتشبث به في استماتة، وهي تجاهد بكل ما أوتيت من فنون الهمسات والسكنات في إعادته لسابق عهده، مولعا بها، راغبا فيها كالأيام الخوالي، لكن وهدان قرر قطع محاولاتها التي لن تجدي نفعا، دافعا بها عنه، هاتفا في نفور: معادش ينفع يا شفاعات، عمايلك معدتش فارجة لي، ولا أني بجيت رايدك، ولا رايد حتى غيرك.. 

ابتعدت شفاعات عنه متطلعة نحوه في حنق، زاعقة في غضب هادر: ليه! هي إن مكنتش بت عبدالمچيد رسلان، يبجى مليكش فالنسوان عازة!.. ربطتك بالاعمال والسحر عن الحريم من بعدها يا وهدان يا حراني!.. كيف ما سحرتك وخلتك مبجتش شايف م الحريم غيرها!.. 

ابتسم وهدان بوجع مبطن: ربطتني باللي مفيش عمل ولا سحر يجدر يعمله، ربطتني باللي لا إنتي ولا ألف مرا تجدر تربطني به يا شفاعات.. 

هتفت شفاعات في غيظ: الواد! صح!.. 

هتف وهدان متحسرا: والله إنتي ما واعية لحاچة! واد مين بس! ولا واد !لا عشرة، توحيد لو مخلفتش مني حتى، كانت هتبجى برضك توحيد.. 

صرخت شفاعات في غل: متچبيش اسمها جدامي، عفاريت الدنيا كلها بتتنطط جصاد عيني دلوجت، أهي خفيت وغارت.. غورة بلا رچعة..

همس وهدان: لا اچيب سيرتها، ولا تچيبي انتي سيرتها، راحت لحالها، وخليكي فحالك.. 

ابتعد وهدان عن شفاعات التي كان حقدها يتآكلها حرفيا، وقد أدركت أن شيء ما يحدث وأنه على الرغم من تحقق ما كانت تصبو إليه، إلا أن عودة وهدان كسابق عهده معها، قبل أن تظهر توحيد ورغبته في الزواج منها، لم تتحقق، بل إن الأمر يزداد سوءا وما عاد لها القدرة على تحمله، وعليها أن تتصرف حيال ذلك.. 

صعد وهدان الفراش النحاسي العالي في هوادة متدثرا، أمرا شفاعات في نبرة مجهدة مستطردا: روحي يا شفاعات، روحي وسيبي وهدان فحاله، مش خدتي اللي كنتي ريداه يا بت الناس وطلجنا البنية، وبعدت عن النچع كلاته وولدي معاها، ووهدان أها جصاد عينك، لا بجي ينفع لا طبلة ولا تار، معدوم ذكره بين الرچالة، لچل ما ترتاحي، ايه في تاني! حلي عني بجى.. بكفاياكي.. 

تطلعت شفاعات نحو وهدان في حنق بالغ دون أن تنطق حرفا، فلم تكن تلك هي المرة الأولى التي تحاول فيها استمالته نحوها بسحرها، لكن حتى فنون الاغواء التي كانت تعتقد أنه عصي على أي رجل مهما كانت درجة استقامته مقاومتها، لم تفلح في استمالة وهدان لقربها من جديد، فقد كانت توحيد هي المنتصرة دوما في غيابها كما حضورها، وما عاد لسحرها من مفعول أمام سحر من نوع آخر، سحر لم تدرك كنهه، ولا تعرف له أصل.. ما دفع شفاعات لتخرج من الغرفة مهرولة، مغلقة الباب خلفها في عنف، تاركة وهدان يتنهد في قهر، مغمضا عينيه على وجعه، مكررا اسم توحيد كالممسوس وكأنه يستحضر صورتها، ليحدثها في وله كأنها ها هنا، هامسا لطيفها الذي يستحضره دوما كلما جلس وحيدا: واااه يا توحيد، واااه يا حبة الجلب، اتوحشتك يا ست الناس، تعالي ضللي على وهدان بدراعاتك.. خبيه م الدنيا وما فيها، وهدان من غيرك عدم،  والدنيا من غيرك ما تتعاش يا غالية.. 

بكي وهدان منكمشا على حاله، وطيف توحيد يهدهده في محبة.. 


يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رضوى جاويش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة