-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل الأخير - 1 - الثلاثاء 25/2/2025

  

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل الأخير

1

تم النشر الثلاثاء

25/2/2025



تشتاقك ياروحي


أوردة القلب


سيدة قلبي


 الأولى 


والاخيرة... والوحيدة... 


بهجة أيامي.. 


سكر حياتي... 


من لأجلها أجرح ولجرحها أنجرح.. 


المطر الهادئ في حياتي


الراحة في حياتي... 


المطر الهادئ


لا تبرق ولاترعد 


ولو فَعَلَت.. أنا فداها.. 


فدا العينين الماطرتين


فدا الشفتين المسكرتين


دمتِ لي ولو كنت بأرض بعيدة


دمتُ لك ولو غبتُ مدة طويلة..


( بقلم فيروزة  ) 

 


❈-❈-❈


إنه لا يعني لها الأخ فقط  ، هو كل شيء لها  ، هو الأب الحامي والشقيق السند والصديق الوفي والطبيب المعالج  .


لذا فإنها تخشى عليه من غدر ذلك اللوتشو  ، تخشى أن يصيبه بأذى  ، لقد لمحت الغدر في عينيه .


ليتها لم تقابله يومًا  ، ليتها لم تخاطر بنفسها مع شخصٍ لا تعرفه جيدًا  ، ولكن فات وقت الندم  ، ماذا ستفعل الآن  ؟  وماذا إن تعرض شقيقها للأذى بالفعل  ؟ 


هل تقبل ابتزازه وتعود للعمل معه وتخبر عائلتها برغبتها في الارتباط به  ؟  هل تخاطر  ؟ 


منذ أن عادا وهي تفكر وتختلي بنفسها ولم تهتدِ لشيء ليطرأ على عقلها شخصًا يمكنه مساعدتها في إيجاد حلٍ ما  . 


- صالح  ! 


نطقتها تستجوب عقلها الذي أعطاها اسمه حينما ضاقت سبلها  ، تعلم أنهما مشغولان هذه الفترة بتجهيز مشروعهما ولكنها على يقين بأن صالح يمتلك الحكمة التي تؤهله للتعامل مع لوتشو على عكس داغر المندفع لذا  ...  هل تقصده  ؟ 


لقد رأى لوتشو من قبل وتصدر له وربما يجد لها حلًا أو يساعد داغر في ذلك  . 


تنفست بقوة وسمحت لنفسها أن تفكر مرة أخرى لتجد أنها وصلت إلى النقطة ذاتها لذا تحركت للخارج كي تستل هاتف والدتها خلسةً وتجلب رقمه منه  .


تسللت إلى الصالة لتجد أن منال في المطبخ كعادتها بينما بسمة ذهبت لترى شركتها والصغيران يلعبان في الشرفة الآمنة  .


اتجهت نحو طاولة الطعام واستلته من فوقها بحذر وعادت مسرعة نحو غرفتها تغلق الباب وتتجه إلى سريرها وهي تعبث بالهاتفين وتدون الرقم  .


سجلته وتركت هاتف والدتها بجوارها وقامت بالاتصال عليه لتجد أن قلبها يطلق العنان لنبضاته التي باتت تقرع كطبول حرب مقامة داخلها وحينما فتح الخط ونطق مستفسرًا عن هوية المتصل توقفت الطبول فجأة وتجمدت دون أن تشعر لتصمت لبرهة سمحت له أن يستفسر مجددًا ويتساءل  : 


- مين معاي ؟ 


تنفست بعمق ونطقت بعدما ازدردت ريقها  : 


- أزيك يا صالح  ،  أنا دينا  ، لو داغر جنبك ماتعرفوش إني بكلمك ؟ 


عملٌ شاق لهؤلاء الجنود الذين يتبادلون المهام وهم يركضون نحوه ويتولون مهمتهم بالقرع على طبول قلبه تلك المرة  ،  يستحقون مكافأة على هذا الجهد المبذول بين اثنين أحدهما يرفض البوح والأخرى تجهل هوية مشاعرها  . 


تنهيدة أطلقها، معبأة بنيران حبه الصامت ثم أجاب بنبرة رصينة تخفي عشقه  : 


- أهلين دينا  ،  خير إن شاءالله  ؟ 


توترت وأردفت بتردد  : 


- معلش يا صالح أنا عارفة إنك مشغول الفترة دي بس أنا واقعة في مشكلة ومالقتش حد غيرك يقدر يساعدني في حلها  ،  خصوصًا لو الأمر متعلق بداغر  . 


قطب جبينه مستفسرًا واتجه يجلس على مقعد في الورشة التي لم يتم بيعها بعد  ،  خاصة وأن داغر ذهب ليقضي أمرًا لذا تحرك بدون قيود وجلس يتنهد ويتساءل باهتمام  : 


- احكي يا دينا شو صاير معك  ؟ 


زفرت قليلًا بارتياح ثم بدأت تخبره بتروٍ قائلة  : 


- المدير بتاعي يا صالح  ،  اللي جه هنا قبل كدة وانت وقفتله  ،  هو كان متقدم لي وطلب ايدي من داغر وداغر رفض  ،  وللأسف أنا كنت موافقة عليه  . 


التقطت أنفاسها تسترسل وهي تعتدل في جلستها  : 


- بس بعد كدة لما فكرت وخصوصًا بعد مقابلة والدته لقيت إنه مختلف عني وإن موافقتي عليه كان هروب من حاجات تانية  ،  بلغته رفضي بس هو مش متقبل الرفض ده أبدًا  ،  كل اللي شايفه إني موافقة عليه وإن داغر هو السبب وهو اللي ضاغط عليا علشان كدة آخر مرة روحت النهاردة اقدم استقالتي حسيت إنه بيهددني بيه  ،  اسلوبه كان يخوف فعلًا ومن ساعتها وأنا خايفة على داغر جدًا  ،  خايفة إنه يئذيه  ،  وللأسف مش هعرف أقول الكلام ده لداغر لإن إنت عارف إنه ممكن يتهور والأمور تتعقد أكتر علشان كدة جبت رقمك من ماما وقلت أكلمك  ،  أنا فعلًا مش عارفة اعمل إيه  ؟ 


- تليفوني فين يا ولاد  ؟ 


قالتها منال من الخارج بصوتٍ وصل إلى مسامعها لتتوتر وتنهض مستطردة  : 


- صالح معلش هقفل دلوقتي  . 


أغلقت معه واستلت هاتف والدتها واتجهت تناولها إياه وتتمنى أن يجد صالح حلًا لهذا الأمر  . 


أما هو  ،  جلس يفكر  ،  لا يصدق أنها هاتفته  ،  تحتاج مساعدته  ،  تحدثت معه عن ذلك الصيني ورفضها له  ،  تتحدث بعفوية مطلقة ولا تعلم أنه يحبها حتى نخاعه وهذه المكالمة ما زادته إلا حبًا لها وتمسكًا بها لذا سيجد حلًا لذلك الرجل  ،  من المؤكد سيجد حلًا ومن ثم سيطلبها رسميًا من داغر  . 


❈-❈-❈


عقاب المُحب دومًا ثائر  ،  يحمل بين شدته السلام فلا يقسو ولا يهجر 

وإذا كان العتاب محبة فبعض الهمس أبلغ من الكلام  . 


يستند على فراشه ويحتويها  ،  ذراعه الأيسر يلتف حولها والأيمن خلف رأسه،  تتمدد بسلام تتوغلها تساؤلات عجز عقلها عن فهمها  ،  ذراعها الأيسر يحاوط صدره والأيمن يحتضنه  . 


نوبة المشاعر التي أطعمها إياها يجب أن تحترمها قليلًا وتقدر قيمتها لذا فهي صامتة تفكر وهو كذلك  . 


ليبدأ الحديث يأخذ مجراه بعد عدة دقائق لذا نطقت بهمس ناعم استهدف قلبه  : 


- ممكن تفهمني يعني إيه اللي قولته ده  ؟ 


تنهيدة حارة قوية أطلقها أعطته فرصة ضمها بشكلٍ أكبر ثم أردف ببعض الغموض  : 


- أنا عارف ومتأكد إنك لو فكرتي كويس هتفهمي حاجات كتير  ، إنتِ ديما الصابر وتقدري تقري شفرات كتير على عكس الكل تقريبًا . 


لف وجهه لها فوجدها شاردة في كلماته التي تشبه امتحانًا صعبًا وعينيها حائرتين تسبحان في تفاصيله فازدرد ريقه وتابع بمغزى  : 


- أنا عارف إنك هتتعبي معايا شوية بس إنتِ مش حد عادي  ،  مابقتيش الزوجة التقليدية ولا بقيتي المرأة العربية العادية  ،  إنتِ من زمان مميزة علشان كدة معلش اتحملي معايا الفترة دي وأجلي كل الأجوبة لما أرجع مصر هقولك عليها  . 


نظرت له بتشتت زائد فتعمق فيها وتساءل بجدية  : 


- بتثقي فيا  ؟ 


تعمقت فيه عينيه وطال صمتها  ،  عقلها يعمل في عدة محاور وأولها طفلاها اللذان لم يتجاهلهما وعائلتها التي طمأنها وحياتها التي أمنها وأيامها التي سكب فوقها السعادة والأنس لذا نطقت بعد وقتٍ سمح فيه لها أن تفكر جيدًا لتردف بخفوت عاجزة عن إخفاء حزنها وحبها  : 


- أيوا بثق فيك يا ثائر  ،  وربنا هو الشاهد الوحيد على ثقتنا في بعض وعلى علاقتنا ببعض وزي ما إنت وثقت فيا للدرجة اللي خلتك تبوح بسرك أنا كمان هثق فيك للدرجة اللي تخليني أصبر لحد ما تيجي وتعرفني كل حاجة بنفسك مع إن فيه أسئلة عقلي مش مستوعبها ،  لازم تعرف إنه مش سهل  ،  أنا مش المرأة الحديدية ولا عندي قوة خارقة علشان اتحمل كل الصراع اللي جوايا ده وأولهم جوازك من مارتينا  ،  مهما بلغت قدرتي على التحمل هيكون صعب عليا إن إنت تكون مع واحدة تانية غيري  ، صعب جدًا   . 


يعلم مقصدها جيدًا لذا عاد يعانقها واقترب من أذنها وهمس بنبرة فرنسية خافتة تحمل حبًا جياشًا  : 


- هناك تعويذة تدعى ديما هجمت على عقلي وقلبي وعيناي وجسدي فأغلقتهم جميعًا عن استقبال أي امرأةٍ أخرى  ،  أنتِ فقط حارسة مقبرتي يا فرعونية  . 


توغل همسه إلى قلبها فأفشى فيه السلام لذا تنفست بعمق ومالت تطبع قبلة تأكيدية بالحب والثقة على وجنته تطمأنه وتطمئن نفسها بها لذا تنفس بقوة وتضخمت بنيته فأخفتها عن الأعين وهو يعاود عناقها  ،  لا يود تركها قط ولكنه مجبر لذا أطلق زفيرًا قويًا واسترسل بحب  : 


- يالا  ،  لازم نجهز علشان هتسافري مصر دلوقتي  . 


تعلقت فيه فابتعد يطالعها فتساءلت بقلبٍ متلهف  : 


- ماينفعش أفضل معاك هنا  ؟  هستناك ونرجع سوا  . 


هز رأسه بأسف ثم ابتعد ينهض وقد تبدلت ملامحه من العاطفة إلى الجدية والصرامة وهو يعرض عليها جزءًا جديدًا من شخصيته المخابراتية ليردف بثبات  : 


- طبعًا ماينفعش  ،  يالا نجهز  . 


أدركت أنه يريها هيمنته وحساسية موقفه لذا أومأت بتفهم ونهضت تخطو أمامه ملتفة بالملاءة فازدرد ريقه حتى لا تسقط هيمنته صريعة في حضرة نعومتها لذا زفرت بقوة وابتسمت بخفة برغم أنها تتآكل داخليًا مما هو مُقدمًا عليه ولكنها باتت مجبرة وملزمة بالصمت والتحمل  . 


اتجهت نحو الحمام وقبل أن تدلف قبض على رسغها الحر فالتفتت له تطالعه بتساؤل فعاد لحنينه معها واقترب منها ورفع كفه يملس بإبهامه على ملامحها ويستطرد  : 


- بلاش نتكلم عن أي حاجة برا حدود الأوضة دي  . 


وقفت تحدق به فأخذ رأسها نحوه يقبل جبينها بعمق وتنهيدة ثم ابتعد لتدرك أنها لن تحصل على جواب  ،  يبدو أن عليها الإجابة بنفسها على أسألتها من الآن وصاعدًا .


❈-❈-❈


جلست في مكتب عمها تتحدث معه بأسلوب يطغى عليه الرسمية  ،  كلاهما يدركان نوايا بعضهما  ،  أتت لتقابله هنا حيث أنها تخشى من العودة لذلك البيت  . 


أتت لتتفاوض معه ليتركها تعيش في سلام  ،  لن تخبره عن زواجها من داغر ولكنها ستخبره عن رغبتها في البقاء بعيدة عنه . 


لن تقدم تنازلات  ،  يكفيه ما أخذه منها منذ وفاة والديها  ،  عليها أن تتحلى بالجسارة حتى تغادر من هنا بخير  . 


تحدث بهدوء ملغم بالغضب يتساءل  : 


- يعني إيه هتفضلي قاعدة هناك  ؟ هو انتِ مفكرة إني بهزر  ؟  


هزت رأسها وأردفت بتأكيد  : 


- لاء خالص  ،  أنا عارفة إنك جاد جدًا في تهديدك وبعتلي ماجد يأكدلي ده  ،  بس أنا جاية أقولك يا اونكل إني مش هتراجع  ،  تهديدك حتى لو نفذته هيخليني اتمسك بموقفي أكتر  ،  إنت عارفني كويس  ،  أسلوب التهديد مش هو أبدًا اللي بينفع معايا  ،  شغل الشركة كله متبعاه أونلاين كويس جدًا وهيكون ليا زيارة مرورية كل أسبوع  ،  بس أنا اخدت القرار الصح اللي كان لازم اخده من زمان  ،  ومش هتراجع عنه  ،  ياريت يا أونكل تحاول تتعامل معايا على إننا شركاء عمل وبس  ،  بيزنس يعني  ،  علشان لو اتعاملنا بالدم والقرابة للأسف هتطلع مديون ليا كتير جدًا   . 


أمعن النظر إليها  ،  كيف يتركها تفعل ما تريد  ،  تمتلك ثروة كبيرة وعقلًا حكيمًا تم تدريبه على يد شقيقه بعناية  ،  تمتلك خبرة في المجال لا يمتلكها لا هو ولا ابنه  ،  تمتلك ذكاء تحتاجه العائلة  ،  هي الثروة الحقيقة وهو محق في هذا الأمر  ،  كيف يتركها تذهب لذلك الفقير الميكانيكي  ؟  هذه ستكون خسارة فادحة له لن يسمح بها لذا  ...  احتدت ملامحه ونطق مهددًا بنبرة حادة تخلى فيها عن ثباته : 


- مش هيحصل يا بسمة  ،  مش هسمح لك تدمري اسم وسمعة العيلة بتصرفاتك المراهقة دي  ،  إنتِ مش عايشة في أوروبا  ،  إنتِ هنا في مصر وفيه عادات وتقاليد شكلك نسياها وماشية ورا مشاعر ساذجة وغبية  ،  فكري كويس هتلاقي إن معايا حق  . 


صمت لبرهة يتتطلع على ملامحها ثم استرسل بملامح خبيثة  : 


- واتأكدي إني مش بهدد  ،  أنا بنفذ واعرف كويس أزاي أخليكي تتراجعي عن قراراتك دي بس أنا لآخر لحظة بتعامل معاكي على إنك كبيرة وعاقلة  ،  فكري كويس في كلامي بدل ما تندمي  ،  وبلاش بقى حتة إنك هتتمسكي أكتر بموقفك لإنك هتتسببي في حزن ناس تانية مش إنتِ بس  . 


فهمت مغزى حديثه وتوغلها الخوف الذي تجلى في عينيها  ،  هو محق  ،  إن مس داغر أي أذى سيحزن الجميع حزنًا لن تكون قادرة على النهوض من أسفل ركامه  . 



لطف بها ربها حينما رن هاتفها لتخرج من حالتها التي جعلته يتباهى ودست يدها في حقيبتها تجيب لتجده داغر فتعلقت به كتعلق الغريق في القشة وأجابت وهي تنظر في عيني عمها بقوة انتشلتها من اتصاله  : 


- أيوا يا داغر  ! 


كان يقف أسفل الشركة ينتظرها  ،  منذ أن علم أنها آتية أتى خلفها وقرر عدم تركها بمفردها في مواجهة هذا القاسي لذا جاء ووقف ينتظرها ولم تكن تعلم  ،  أردف بترقب وعينيه على الطابق الذي تجلس فيه الآن  : 


- خلصتي  ؟  أنا تحت لو خلصتي انزلي يالا  . 


توغلها شعورًا بالأمان غلف قلبها لذا تنفست براحة وأردفت وهي تنهض  : 


- أيوا خلصت ونازلة حالًا  . 


أغلقت معه وحملت حقيبتها ونظرت نحو نبيل تردف بشموخ برغم قلقها الدائم منه  : 


- صدقني يا أونكل لو فعلًا نفذت كلامك وقتها فعلًا هخسر كتير  ،  علشان كدة وقتها ماهيبقاش عندي حاجة أخسرها  . 


تحركت تغادر بعدما ألقت تهديدها في وجهه  ،  هذه المرة تركته يتلظى في غضبه لذا انتفض ينهض ويتجه نحو النافذة يتطلع منها على ذلك الداغر الذي يقف له كالعلقة في الحنجرة  ،  يباغته بنظرات كارهة حاقدة ليجد أن داغر يبادله بابتسامة استفزازية وجسارة لم يدرسها نبيل طوال حياته ولا يعلم كيفية التعامل معها  . 


نزلت وغادرت الشركة لتجده يقف أمام سيارتها ينتظرها  ،  نظرته نحوها حملت دعمًا أشبه بالعناق الذي تحتاجه الآن لذا تنفست بعمق واتجهت نحوه حتى وقفت أمامه لتتساءل بعيون لامعة  : 


- جيت ليه  ؟ 


بحبٍ متبادل يتجلى في نظراتهما أجابها  : 


- مش هسيبك لوحدك  ،  إنتِ كويسة  ؟ 


أومأت له وابتسمت تجيبه بتأكيد خاصةً بعدما استلت منه الطمأنينة  : 


- كويسة  ، يالا نروح  . 


أومأ فناولته مفاتيح سيارتها ليتولى هو القيادة واتجهت تجلس في المقعد المجاور وغادرا تحت أنظار نبيل الذي  لن يهدأ إلا حينما يجد حلًا لتلك المسألة  .


❈-❈-❈


لم تتعجب حينما وصلت برفقته إلى المطار لتجده قد جهز كل شيء  ، ترجلا ودلفا سويًا بملامح لا تفسر  .


تتولى قدميها مهمة السير بينما عقلها منغمسٌ في أفكاره وسؤالًا واحدًا يتردد على ذهنها  ( كيف ستتركه وترحل؟) 


كان يجاورها صامتًا  ،  صفحة وجهه باردة كأول مرة رأته فيها عبر الصور على الانترنت  ،  ملامحه لا تفسر أي مشاعر ولكن عينيه تفسر اشتياقه لها من الآن  . 


وقف أمامها يحدق بها بعمق  ،  بتمعن  ،  لهنيهة حتى نطق بنبرة جادة  : 


- هتوصلي مصر على الساعة 6 الصبح أو سابعة  ،  هيكون فيه عربية في انتظارك هتوصلك لحد البيت  ،  بس مش بيتكوا يا ديما  ،  إنتِ هتروحي على بيتي كام يوم  ، علشان أهلك مايقلقوش  ،  وأنا هاجي وراكي علطول مش هتأخر  . 


يود عناقها ولكنه لم يفعل لذا أشار لها برأسه أن تتحرك نحو الداخل ولكنها نظرت في عينيه وأرادت أن تقول الكثير وتتساءل عن الكثير ولكنها أردفت  : 


- لا إله الا الله  . 


- محمد رسول الله  . 


قالها وودعها واتجهت تجر حقيبتها وتغادر عائدة إلى الديار ووقف يتابعها حتى عبرت نحو الممر لتصعد على متن الطائرة  . 


عاد أدراجه بخيبة تغزو قلبه  ،  سينام ليلته بدونها  ،  وغدًا هو الأصعب  ،  من الآن وصاعدًا لن يهدأ حتى يؤدي مهمته ويعود لأحضان وطنه  .


الصفحة التالية