رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل الأخير - 2 - الثلاثاء 25/2/2025
قراءة رواية بحر ثائر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بحر ثائر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة آية العربي
الفصل الأخير
2
تم النشر الثلاثاء
25/2/2025
وقفت أمام الحوض تنتظر نتيجة الفحص المنزلي الذي ابتاعته من الصيدلية ، لن تهدأ حتى تتأكد مما تشعر به .
الثواني التي مرت عليها كانت كسنوات زواجها ، مرت أمنياتها أمامها ، كانت قد تقبلت ورضت بما قدره الله لها ، كانت قد اكتفت برزقها ولكن يبدو أن كرم الله لا يمكن أن توقعه ، يأتي فيبهر .
شرطتين ورديتين ظهرتا في الاختبار ، لا تصدق ، ذهول أحكم قبضته عليها فجلعها تحدق متجمدة لثوانٍ قبل أن تصرخ بسعادة وتنادي باسمه :
- ديـــــــــــاب ، ديـــــاب تعالى بسرعـــــــة .
لم يكن يعلم ما تفعله ولكن صراخها أفزعه لذا اندفع نحو الحمام يدفع بابه ويتجه نحوها متلهفًا يسأل :
- فيه إيه ؟ مالك ؟
التفتت تحدق به بملامح عم الفرح أرجاءها وعرضت عليه الاختبار فقطب جبينه واقترب قليلًا حتى بات أمامها مباشرةً ومد يده يستل منها الشريحة ويحدق بها لثوانٍ ثم تحرك من الحمام نحو الخارج وعينيه لا تفارق الشرطتين ، تبعته نحو الخارج بخطى متخبطة من فرط مشاعرها لتجده يتوقف ويلتفت لها وعينيه تسألها قبل أن يردف :
- إنتِ حامل ؟
خشت أن توميء ، خشت أن تثق في هاتين الشرطتين لذا نطقت بأمل ورجاء :
- ممكن !
تلك المرة هو من أعطاها الأمل فأومأ وعاد ينظر لما في يده ثم أغمض عينيه ورفع رأسه عاليًا يهمس بإيمان :
- يارب ، يارب ، اللهم لك الحمد .
بكت ، لم تعد تحتمل بكت من قوة المشاعر التي سيطرت عليها الآن ، امتدت يديها نحو رحمها تتحسه وتتساءل بعدم استيعاب ( هل يقطن داخلها طفل) ( هل تحققت أمنيتها ؟)
اتجه نحوها وعانقها ، عناقًا عاطفيًا احتوى به سعادتها وحيرتها وترقبها ودهشتها وردد بهمس :
- هنروح الصبح نعمل تحليل يأكد لنا الحمل ، دي معجزة يا يسرا ، ربنا أكرمنا .
تمسكت به بكلتا يديها كأنها تتمسك بكلماته ، تبكي داخله بسعادة وتومئ له بصمت ، لن تتحدث ولا تريد أن تثرثر بكلمات ليس لها قيمة في خضم ما يعيشانه الآن .
❈-❈-❈
في السابعة صباحًا
بعد رحلة دامت لساعات من الصراع والحزن وإجراءات تمت دون أي تركيزٍ منها ، تحركت نحو الخارج تبحث بعينيها عن السيارة التي تنتظرها .
تفاجأت برجلٍ يقف أمام سيارته ، هيأته منمقة يرتدي نظارة سوداء وحينما لمحها تقدم منها يردف برسمية وهدوء ولهجة مصرية مبعثرة :
- همدالله ألى السلامة يا أستاذة ديما ، اسمي خالد وهكون مآكي الفترة دي لهد ما أستاذ ثائر يرجأ .
ليس مصري ؟ هذا ما أدركته ولكنها أومأت له بتفهم تردف :
- أهلًا يا أستاذ خالد .
أومأ لها ونادا على السائق فأتى والتقط منها الحقيبة وتحرك بها يرفعها في صندوق السيارة بينما أشار خالد يستطرد :
- اتفضلي .
تحركت نحو السيارة تستقلها بهدوء وصمت واستقل السائق مقعده وجاوره خالد .
عبثت بحقيبة يدها لتستل هاتفها وتبدل شريحة الاتصال ببديلتها المصرية ، يجب أن تتحدث إليه وقبل أن تفعل سمعت رنين هاتف خالد وسمعته يجيب بتريث :
- أيوا يا صقر ، مدام ديما مئايا .
تحدث صقر بهدوء وهو يحتضن زوجته النائمة :
- تمام يا خالد ، افتح الموبايل اللي معاك وكلم ثائر .
أومأ واسترسل :
- تمام ، فيه جديد ؟
- لما نتقابل هقولك ، يالا سلام .
أغلق معه واستل الهاتف الآخر وفتحه يعبث به ويحاول الاتصال على ثائر الذي أجاب على الفور يردف بجدية مبطنة باللهفة :
- ألو ؟
أجابه خالد مطمئنًا :
- مدام ديما معايا يا أستاذ ثائر ، ورايهين ألى البيت دلوقتي .
تنهيدة عبأ بها صدره ، لم ينم منذ أمس ، يفكر بها وبحمايتها واحتواء قلقها وما هو مقبلًا عليه ، يفكر في كل شيء محوره هي ومتى سيعود إليها .
نطق بترقب :
- خليني أكلمها يا خالد لو سمحت .
ناولها الهاتف فالتقتطه منه ووضعته على أذنها تجيب بلهفة :
- ثائر !
ربما نطقها لاسمه بهذه الطريقة كان بديلًا لكلمة اشتياق أو حبٍ لذا زفر يجيب :
- نعم يا حبيبتي .
التمعت عينيها ونطقت بضعفٍ :
- أنا كنت لسة ببدل الشريحة وهكلمك .
نطق بجدية :
- بلاش مكالمات من الموبايل اللي معاكي ، الموبايل ده هتخليه معاكِ هكلمك منه ، بلاش تكلميني إنتِ .
صعوبة بالغة ، ما تعيشه الآن ستبتلعه بصعوبة بالغة ولكنها مجبرة ، غصة متحجرة مريرة عليها أن تبتلعها برضا .
ستفعل وليس أمامها خيارات أخرى ، الأمر لم يعد متعلقًا بهما بل بات أكبر من ذلك بكثير لذا ستفعل ، تنفست بقوة وأجابته بتريث حتى يطمئن :
- تمام ، هتعدي وهترجع مصر مرفوع الراس بإذن الله .
هذا ما يود سماعه منها لذا أردف بتأكيد وصدق :
- بحبك ، عايزك ترتاحي النهاردة ولما توصلي هتلاقي أمي وابويا ومعاذ في استقبالك ، هما مستنيينك .
- وانا مستنياك .
أغلقا معًا وسقطت دموعها لذا أسرعت تجففها لتستمع إلى رنين هاتف خالد الذي التقطه ليجد اتصالًا من زوجته لذا فتح يجيب بحب وخفوت وصل إلى مسامعها :
- هبيبتي .
أردفت خديجة متسائلة بغيظ :
- إنت فين يا خالد ؟ وإزاي اصحى من النوم واتفاجئ إنك مش جنبي ؟ روحت فين بدري كدة ؟
تحدث عبر سماعة الأذن وهو منشغلًا بالنظر حوله وفي المرآة :
- ماهبتش أزئجك يا خديجة ، أنا في شغل دلوقتي هخلص واطلأ ألى الشركة .
زفرت وهي تجلس وسط صغارها الذين يتصارعون ليتحدثون مع والدهم ولكنها تحتل الهاتف قائلة :
- طيب يا خالد ماتتأخرش عليا ، الأولاد عايزين يكلموك .
نظر نحو ديما من خلال المرآة وحينما وجدها تدعي شرودها في الطريق أردف بخفوت :
- يا شهية بقولك أنا في شغل ، لما أوصل الشركة هكلمهم ، يالا سلام .
أغلق الهاتف معها وتحمحم ينظر حوله ليلمح ابتسامة يحاول السائق إخفاءها لذا نطق بجدية :
- ركز في الطريق .
أومأ السائق .
زفر بعدها وشرد يفكر في صغاره ، من المؤكد سيأكلون رأس والدتهم الآن خاصةً وأنه رحل دون أن يرونه ويعبثون معه كعادتهم كل صباح .