رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 30 - 1 - الثلاثاء 18/2/2025
قراءة رواية بحر ثائر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بحر ثائر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة آية العربي
الفصل الثلاثون
1
تم النشر الثلاثاء
18/2/2025
يتراقص لحن الحب بقلبي بسلام
وتتراقص حول الحب بقلبي الآلام
كيف أنجو بقلبي
كيف أنجو بحبي
أبيع مامضى من عمري
وأبيع الآتي منه
لأعيش معك لحظة.. فقط لحظة
لحظة معك تساوي عمرا...
والحب معك لا يُساوى بشيئ ولا يثمن..
اعلمي أني لأجلك سأحرق وأهدم و أَكْسِر
ولأجلك أيضا سأحترق وأَنْهَدم وأنكسر..
لطالما إنبهرت بكلماتي...
لا تقرئي بعد اليوم كلماتي... فهي ستؤلمك
أنظري لعيني واقرئيني أنا...
( بقلم فيروزة )
❈-❈-❈
أنهت صلاتها وخرجت من غرفتها تبحث عنه لتجده يقف في المطبخ مجددًا يعد الطعام لهما لذا تنفست ووقفت هي هذه المرة تتأمله وهو منشغلٌ ، نشيط ومراعٍ وحنون لذا لن تجعل ذلك الكابوس يؤثر على سعادتها بالرغم من أنه جزءًا من مشاعرها ، قبل أن تصلي كانت تشعر أن هناك موَلدًا للطاقة السلبية يعمل داخلها ولكنها الآن أقل خوفًا لذا اتجهت إليه وأرادت أن تكافئه على ما يفعله فاحتضنته من ظهره ووضعت رأسها عليه تغمض عينيها لتستريح ، تنهيدة قوية وصلت إليه فبادلها بتنهيدة أكبر وترك مافي يديه واحتضن كفيها التي حاوطته بهما ووقف يرفع رأسه ويفكر وحينما لم يجد شاطئًا آمنًا يهتدي إليه التفت لها ورسى في حضنها وانحنى مقبلًا عنقها قبلة تلو القبلة تلو القبلة مغمغمًا بحبٍ كبير فتجاوبت معه فحملها فابتسمت وظنت كالعادة أنه سيتجه بها نحو عشهما ولكنها تفاجأت حينما وضعها على رخامة المطبخ لتطالعه بتساؤلات تخفي حنقها من إحباط مشاعرها ولكن كما هو كاتب ماهر فهو كذلك قارئ بارع لذا غمزها وقرص وجنتها يردف بابتسامة هادئة وغمزة :
- نتعشى الأول .
ابتسمت بتورد وجنتين حينما أدركت أنه استشف أمرها ، ألهذه الدرجة باتت مقروؤة له ؟ أم أنه يعاقبها على مافعلته له آنذاك ؟
تحدثت وهي تحاول النزول :
- طيب خليني أساعدك !
ثبتها بكفيه يعترض بنظره فأومأت فالتفت يكمل ما كان يفعله حيث أنه يحضر شطيرتين وعصير برتقال طازج .
انتهى سريعًا وناولها الكوب الخاص بها وكذلك الشطيرة ووقف أمامها مباشرةً يأكل وتساءل وعينيه تحيط عينيها :
- نسيم قالك إيه ؟
سؤاله حمل غيرة تحيط بها الثقة فشهقت بخفة حيث أنها نسيت أمره تمامًا لذا أردفت تسرد وقد بدت منزعجة :
- إزاي أنسى حاجة زي دي ؟ هو كلمك ؟ أكيد عرفت اللي حصل ، إنت لازم تعمل حاجة يا ثائر ، مستحيل نسمح لهم إنهم يوقعوك بالشكل ده .
التقط كفها القابض على الشطيرة ورفعه يلثمه ثم عاد يصوب عينيه عليها وتحدث بمزاحٍ يشوبه اطمئنان لا يطمئن على الإطلاق بل أثار الخوف داخلها أكثر :
- محدش يقدر يوقعني ، وقتها هكشر عن أنيابي ومش هرحم حد فيهم .
قالها وهو يكشر عن أنيابه بالفعل فانقبض قلبها وهجم الكابوس على عقلها مجددًا لتبتسم وتتساءل :
- يعني هتعمل إيه ؟
لاحظ خوفها فحرر خبثه يردف :
- كلي الأول واشربي العصير وبعدين هقولك ، ماقولتليش إيه رأيك في السندوتش ؟
- تحفة .
قالتها وتبعتها بقضمة تلوكها وفعل مثلها إلى أن انتهيا فأنزلها والتقط ثغرها في قبلة متقنة وضع أسسها في عقله منذ أن بدأت تلوك الشطيرة لتحيط رقبته وتبادله بمحبة لتجد نفسها بين يديه ولم يخب ظنها هذه المرة حيث توجه بها نحو عشهما فحلقت بسعادة وهبطت على جنة من المشاعر حينما بدأ يحرر شفتيها ويتجه لعنقها وحينما تأوهت كشر عن أنيابه وقضمها فاختلط حلمها بمشاعرها لذا شعرت بهجوم مفاجئ من الخوف ولا إراديًا أبعدته عن عنقها ولأول مرة تشعر بالاختناق وكأنه بالفعل كان ينهل من دمائها لذا تعجب وهمس عند أذنيها مسحورًا بها ومأخوذًا داخل دوامة مشاعر تغلبت على تعجبه :
- وجعتك ؟
أومأت له فهمس :
- أنا آسف .
أنهى اعتذاره بحنانٍ ورقة متناهية في التعامل معها فالتقطت نفسًا تلاحق به الهجوم الكاسح للمشاعر الذي كانت تنتظره ليعيشا معًا السلام الممتع .
❈-❈-❈
يعلم أنه انشغل الأيام الماضية مع صالح وهذا يجعله يشعر، بالذنب تجاه شقيقته وبسمة ولكنه يحاول من أجلهما .
منذ أيام وهما يعملان بجدٍ لشراء الأرض وقد قام داغر ببيع سيارته وعما قريب سيبيع الورشة أيضًا .
اتجه إلى منزله ليرى شقيقته حيث قرر اصطحابها في صباح الغد إلى الشركة لتقديم استقالتها .
انتظر إلى أن باتت الساعة الحادية عشر حيث هدأت الأجواء قليلًا في الحارة .
طرق الباب ففتحت له منال تبتسم وترحب به بحنان فدلف يتساءل بعينيه عن الجميع فأردفت بهدوء وهما يتجهان ليجلسا :
- الولاد ناموا وزعلوا انهم مش شافوك النهاردة ، ودينا كمان نايمة من بدري وغلبت أنادي عليها تصحى تقولي سبيني ، وبسمة في أوضتها بتحضر اجتماع أونلاين مع الموظفين بتوعها .
أومأ بتفهم وتنهد بعمق فسألته بترقب وهى تملس على ظهره بحنو :
- مالك يا حبيبي ؟
بادلها الحركة وأجابها برصانة :
- زي الفل يا ست الكل بس النهاردة كان يوم طويل ولفينا كتير أنا وصالح ، بس الحمد لله كدة الأرض خلاص لسة بقى التراخيص ونتوكل على الله ونبدأ نبني المصنع .
رفعت كفيها وباتت تدعي له ولصديقه بقلبٍ سليم وهو يُأمن خلفها ثم نهض يردف بهدوء :
- هروح اصحي دينا ، عايزين بكرة نروح نخلص موضوع الشغل ده .
أومأت بتفهم فتحرك نحو غرفة شقيقته وطرقها ينتظر فلم تجِبه لذا فتح الباب ودلف ليجدها نائمة فاتجه ليوقظها ولكنه لاحظ احتقان ملامحها لذا تحسس جبينها بيده فتأكد من حرارتها لذا انفطر قلبه وناداها وهو يرنو منها :
- دينا ؟ إنتِ تعبانة ؟
تمتمت وتململت في نومها تجيبه بنعاس ونبرة متحشرجة :
- لا يا داغر أنا كويسة .
- كويسة إيه وشك أحمر اهو وصوتك رايح ، قومي لما اخدك للدكتور .
انكمشت وعادت تدثر نفسها تحت الغطاء بتذمر واعتراض فزفر بضيق وتحرك نحو المطبخ ليحضر وعاءً من الماء وقطعة قماش .
عاد إليها يحملهما ووضعهما على الكومود فانزعجت حينما رأته وقالت :
- يا داغر بقى ، هو أنا طفلة .
لم يعرها اهتمامًا بل عصر القطعة ووضعها على جبينها وثبتها يردف :
- أيوة طفلة ، ده مالك ورؤية أعقل منك ، نفسي أفهم بتخزني النوم ده كله فين ؟
جلس أمامها يتطلع على ملامحها وهي تطالعه بنصف عين ثم امسكت برأسها تتأوه :
- آه راسي تقيلة أوي .
زفر بضيق مما يصيبها ، لا يحتمل رؤيتها هكذا ، يحمل من الحنان ما يؤهله ليكون الشقيق الأفضل على الإطلاق لذا نهض مجددًا وتحرك نحو الخارج ينادي والدته التي كانت تصلي فأتته متسائلة فقال بعتاب :
- البت تعبانة يا ماما سيبينها كدة إزاي ؟
تعجبت منال واتجهت لتراها لتردف مبررة :
- مالك يا دودو ، مش كنتِ كويسة ساعة الغدا ؟
- أنا كويسة يا ماما داغر هو اللي بيأفور .
قالتها وهي تحاول النهوض ولكنها عادت تتألم فزفر داغر يردف بغيظ :
- ماتخلنيش أربطك في السرير ، قولنا تعبانة ، روحي يا ماما هاتلها حباية مسكن معلش وانا معاها أهو .
أومأت له وتحركت تغادر الغرفة وعاود يجلس أمام شقيقته العنيدة ويباشر حرارتها باهتمام ليردف كي يشغلها عن الألم :
- شدي حيلك كدة علشان نروح بكرة نقدم الاستقالة دي .
أجابته بوهن :
- مش عارفة ليه المشوار ده بقى تقيل على قلبي .
أجابها بنبرته المطمئنة :
- متخافيش أنا معاكي ، تيجي نكلم ديما؟
أومأت له فالتقط هاتفه وحاول الاتصال على شقيقته الكبرى التي لم تجبه بل أعادت الاتصال به بعدما نهضت من بين قبضة ثائرها وتحركت ترتدي إسدالها وتجلس في الصالة لتتحدث بأريحية مع شقيقها .
❈-❈-❈
صباحًا في المجلة
جلس كلٍ منهما في مكتبه سابحًا في أفكاره ، ثقلًا يكبح أنفاس ثائر ، ثقلًا يعلم مصدره ولكن لأول مرة لا يعلم كيف يواجهه .
ثقل يدوس على طمأنينة ديما لا تعلم مصدره ولكنها تجاهد لتواجهه .
يدٌ وحشيةٌ تعتصر منتصف صدرها مما يؤدي لانقباض معدتها خاصة وأن الكوابيس ترددت عليها ليلة أمس لذا شعرت صباحًا بأنها ليست بخير ولم تشتهِ تناول أي طعام ولكنه أرغمها على تناول الفطور فانجبرت لأجله .
والآن يلازمها شعورًا بالغثيان وتحاول تجاوزه بأخذ أنفاسٍ قوية لذا نهضت من مقعدها واتجهت نحو النافذة المطلة على الخارج ووقفت تتطلع على المارة وحركة المرور عل معدتها تهدأ ولكن عبثًا .
رفعت كفها تملس عند منتصف صدرها صعودًا وهبوطًا وتحركت تستل زجاجة المياه من فوق مكتبها وترتشف منها القليل ثم عادت تجلس وتحاول تجاوز تلك الحالة .
طرقتين تبعها اقتحام مكتبها منه حيث أغلق الباب خلفه واتجه نحوها يردف بلهفة واضحة :
- مالك يا ديما ؟
تعجبت من معرفته ولكنها لم تعد تندهش لذا حينما وصل إليها يتفحصها بعينيه أجابته :
- أبدًا يا حبيبي كويسة بس تقريبا أخدت برد على معدتي .
أومأ بتفهم وأردف بهدوء :
- طيب قومي نروح للدكتور .
هزت رأسها رفضًا وأجابته :
- لا خالص الموضوع مش مستاهل ، روح يا ثائر على مكتبك علشان محدش ياخد باله .
زفر بضيق ثم اعتدل يطالعها ويردف :
- طيب قومي يالا هوصلك البيت .
نظرت في مقلتيه فلمحت التصميم وهذا بالفعل ما تريده لذا أومأت ونهضت لتجده يستل معطفها ويلبسها إياه فسايرته بحبٍ والتقطت حقيبتها وتحركت معه نحو الخارج تتوارى خلفه عن الأنظار ، تشعر أنهم اكتشفوا أمرهما وربما هذا أحد أسباب توترها .
خرجا من المجلة وأردف وهو يفتح لها باب السيارة :
- اركبي يالا .
أطاعته وفعلت ليتجه للجهة الأخرى ويستقلها ويغادر فأردفت بنبرة معاتبة :
- ثائر الموضوع مش متحمل أصلًا وكفاية أوي الأخبار الذي بيحاولوا ينشروها عنك ، كنت هعرف أروح لوحدي ، علشان خاطري يا ثائر أنا مش هتحمل يصيبك أي أذى أو اسمك يتضر بسببي .
يا إلهي ، إنها تزيدها عليه ، تفكر فيه وتتألم من أجله ، تسعى لتحافظ على مكانته واسمه وماذا سيفعل هو بها !
لم يجبها ليس تجاهلًا ولكن انغماسًا في أفكاره فتنهدت والتزمت الصمت تميل على مقعدها حيث تشعر بالتعب .
❈-❈-❈
مساءً جلس على الأريكة يتطلع على التلفاز ويده تتوغل خصلاتها حيث رأسها المرتكزة على ساقه ، تنام بعدما تناولت وجبة خفيفة أحضرها لها وحبة دواء مسكنة .
يفكر ويفكر ويفكر ولم يهتدِ إلى حلٍ أيضًا لذا أطرق رأسه يطالعها ، تنام مكومة وتلف ذراعيها حول ساقه كقطة تأمن كنف صاحبها .
مد يده يرفع الغطاء عليها أكثر بحنانٍ خاص بها فقط لتتململ في نومتها فربت على كتفها فنظرت إليه بعينيها الثقيلتين ثم ابتسمت وتساءلت :
- بتفكر في إيه ؟
بادلها ابتسامة وأجابها بمراوغة :
- بتفرج على فيلم .
نهضت تعتدل وتلتصق به أكثر ثم رفعت الغطاء على ظهره ليتشاركا به ونظرت للتلفاز وهي تتثاءب وتستند برأسها على كتفه قائلة :
- اسمه إيه ؟
حتى أنه لا يعلم اسمه ولا يركز فيه مثلما قال لذا هرب من سؤالها بسؤالٍ صادق وهو يتفحصها بعينيه :
- معدتك عاملة ايه دلوقتي ؟
أومأت بارتياح :
- أحسن بكتير ، الأقراص دي حلوة جدًا .
تنهد بارتياح جزئي ومال يقبل رأسها ثم عاد ينظر للتلفاز وحاول أن يندمج مع الفيلم ولكن كيف يندمج ويفترض أن ينتشر الخبر في الصحف غدًا .
هجم عليها سؤالًا لم يكن ينقصه فسألته بشكلٍ مفاجئ ولكنه نتج عن أحلامها :
- ثائر هي مارتينا طليقتك كانت فعلًا على علاقة بعدوك ؟ ولو هي كدة إزاي لسة بتحبك ؟ وليه هددتني في المكتب ؟
زفر بقوة ثم قرر إجابتها فقال :
- مارتينا مش بتحب إلا نفسها وبس ، مريضة بالتملك وأي حاجة بتعجبها بتعمل المستحيل علشان توصلها .
التفتت تطالعه وتعلقت في عينيه وتساءلت :
- وهي عايزة توصلك ؟
لم يجبها بل ادعى التثاؤب فتضخمت بنيته فعاد يضمها بقوة ويردف بترقب يخفي وراءه إجابة سؤالها :
- قومي يا ديما ننام الوقت اتأخر وانا هنجت .
تنفست بعمق تومئ له ونهضا سويًا يتجهان لغرفة نومهما وكلٍ منهما يتمنى ألا يرى كابوسًٍا يؤرق نومهما أو صحوتهما .