-->

رواية جديدة طُياب الحبايب مكتملة لرضوى جاويش اقتباس الفصل 15 - الإثنين 3/2/2025

 

قراءة رواية طُياب الحبايب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية طُياب الحبايب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رضوى جاويش


اقتباس 

الفصل الخامس عشر


تم النشر الإثنين

3/2/2025


الرسلانية.. ١٩١٩..

هلت المغارب، فكان على شفاعات أن تتجه نحو دار الخالة مكحلة المهجورة منذ وفاتها، والتي لم تطأها قدم مخلوق منذ ذاك الحين، نهضت تستأذن على عجل، تاركة فُتنة في صحبة بناتها، والتي سألتها في تعجب: على فين الساعة دي! 

أكدت شفاعات في عجالة: خطوتين هنا چنب الدار ومش هتأخر عليكي.. 

أكدت فُتنة التي جلست في هوادة، وقد انتفخ بطنها قليلا مؤكدا حملها: أني بايتة الليلة دي معاكوا، أبو زكيبة سافر في مصلحة، جلت إيه اللي يسيبني لحالي، أچي أتونس بكم، بس برضك مجلتيش، على فين العزم!.. ما هو لو خالتي مكحلة كانت لساتها عايشة، جلت رايحة لها، لكن الله يرحمها، ويرحم المراحيم كلها.. 

أكدت شفاعات دون أن تجيب على سؤال فُتنة الملح: مش هعوج، مسافة السكة وراچعة طوالي..  هرولت شفاعات نحو بردتها، تدثرت جيدا بها،  وما أن خرجت من الدار، من ذاك المنفذ بالسور، بعيدا عن مرأى الخفير، حتى سترت وجهها بغطاء رأسها، كانت خائفة اعترفت لنفسها بذلك، ترتجف مع كل خطوة تقترب بها من الدار، لكن الفضول دفعها للمجيء لتعرف ما ينتظرها ها هنا، والءي قد يساعدها في تبدل حالها مع زوجها وامرأته.. درتها الحيزبون التي استولت على مجامع قلبه وعقله وزاد عليه إنجابها الصبي الذي ضاعف من محبته لها، وها هي في سبيلها لإنجاب صبي آخر قد يجعله يرمي بها وبناتها بعرض الطريق، إذا ما أمرت ست الحسن والدلال.. كادت أن تتعثر عدة مرات بطريقها، لا لسوء الطريق وذاك الظلام الذي بدأ ينشر أجنحته في الأفق، لكن لاضطرابها الذي أثر على ثبات خطواتها المهرولة في الأساس.. 

توقفت عند عتبة الباب الخشبي المتهالك، والموارب قليلا كعادته منذ أن كانت الخالة مكحلة على قيد الحياة، لم يتغير شيء في هذا المكان المتطرف، ولا تلك الدار الموحشة، إذن لم هذه الرهبة التي تكبل دواخلها!.. ربما ذاك المجهول الذي ينتظرها بالداخل، هو سبب تلك الارتجافة التي تملكت من كفها وهي تدفع الباب الخشبي الذي أصدر صوت أنين جعلها تكاد تفقد ما تبقى من ثبات، وتهرول عائدة من حيث أتت.. 

خطت داخل الدار بقلب ينتفض، واقدام مترددة الخطوة، منعدمة الثبات، حتى وقع ناظرها على ظل ما يوليها ظهره جالسا أمام الكانون، مشعلا نار في بعض الغصون الجافة، يحرك سائل ما عجيب الرائحة بفرع خشبي في هوادة.. 

همست شفاعات في أحرف مفككة، لا تكاد أن تبين ما تقول: خالة مكحلة!.  

كانت تعرف أن مكحلة قد رحلت عن الدنيا، لكن من تلك تلك المرأة التي تتستر ببردتها، ولا تبين من خلف سوادها الكالح، ليرد ذاك الصوت الأشبه الفحيح، قائلا: اعتبريني هي يا شفاعات.. ما هي كانت واحدة من صبياني.. 

همست شفاعات وهي تزدرد ريقها في اضطراب: أني چاية لچل ما.. 

قاطعها ذاك الصوت المخيف مؤكدا: عارف، بقولك مكحلة كانت واحدة من صبياني، يعني أنا المعلم الكبير، قربي متخافيش، كل خطوة قرب، فيها هناكي كله.. وكل طاعة منك لأوامري هتلاقي فيها نعيم الدنيا تحت رجلك.. 

هتفت شفاعات في لهفة، وقد بدأ يتبدد خوفها بعض الشيء: اللي تأمر به كله نافذ، أنت كنت فين من زمن! بعد الخالة مكحلة وأني حالي بجي عدم..

أكد صاحب الصوت في رزانة: كل حاجة ولها أوان.. والطاعة مفتاح العطايا يا شفاعات.. 

أكدت شفاعات في عزم: أني من يدك دي، ليدك دي، خدامتك، بس أشوف بعيني جهرة وذل بت الرسلانية اللي ركبت ودلدلت رچليها، ودايسة على رجاب الكل.. 

هتف صاحب الصوت في نبرة تحمل بوادر انتصار: هطيعي يا شفاعات مهما كان طلبي منك!.. 

أكدت شفاعات في صدق: ايوه، كل طلباتك مچابة، بس أشوف توحيد مذلولة ومجهورة، كل اللي أنت رايده هيكون تحت رچلك، بس.. 

أكد صاحب الصوت المخيف النبرة بلا مواربة: عايزك إنتي!.. 

شهقت شفاعات في صدمة، وساد الصمت لبرهة، قطعها ذاك المجهول صاحب الصوت الذي يحمل صدى تقشعر له الأبدان، وكأنه قادم من عالم آخر، متسائلا في تعجب: إيه يا شفاعات! مالك!.. هي أول مرة ولا ايه!.  ولا نسيتي أيام خيام الحلب، وبهوات البندر، والليالي إياها!.  

ردت شفاعات بأحرف مهتزة: لاه، مانسيتش، بس أصلك دي كانت جبل وهدان، وچوازي منِه.. 

أكد صاحب الصوت المجهول: وماله.. نعيد اللي كان، ده حتى من فات قديمه تاه، ولولا مكحلة ووصفتها اللي مخيبتش، ما كان وهدان ده يصلك من أساسه، ولا إنسطل يومها واتجوزك وإنتي معيوبة، بعد ما كنتي مع كل راجل شوية، وافتكرتي نفسك هانم، ومن ساعتها عاملة لنا فيها مرات البيه، وأنا وإنتي ومكحلة، عارفين تبجي إيه، ده حتى وهدان اللي بتجري وراه ده، الغمامة انزاحت من على عنيه وعرف اللي فيها!.. 

ردت شفاعات من جديد في اضطراب، وقد أدركت أن ذاك الذي ما زال يقف موليا لها ظهره، يخاطبها بذاك الصوت الذي يثير كوامن الرهبة في نفسها، ويعزز هرمون الطاعة بشرايينها، يعرف عنها الكثير، بل أكثر مما تعرفه عن نفسها، وأنه يدرك تمام الإدراك، أن رغبتها في استعادة زوجها، قد وصلت لحد الهوس، الذي قد يدفعها لارتكاب أي خطيئة مهما كان حجمها، في سبيل تحقيق هذه الرغبة، وبلوغ غايتها في تحطيم توحيد وإذلالها، ما دفعها لتهمس في وجل: أني ملك يدك.. بس أعرف مين أنت!.. 

ارتفع دخان رمادي غريب من ذاك السطل الذي تركه ذاك المجهول يغلي على النار منذ لحظة دخولها الدار، وملأ عبقه المكان بسحب من غمام أرجواني، وقد همس متسائلا: أنا مصباح علاء الدين لكل راغب أمنية، أنا خاتم سليمان لكل صاحب حاجة، أنا غفلة النشوان، وحلم الطامع، والشاري للي يبيع نفسه، أنا الدنيا والهوى والنعيم..


يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رضوى جاويش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة