-->

رواية جديدة طُياب الحبايب مكتملة لرضوى جاويش الفصل 18 - 6 - الجمعة 14/2/2025

 

قراءة رواية طُياب الحبايب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية طُياب الحبايب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رضوى جاويش


الفصل الثامن عشر

6

تم النشر الجمعة

14/2/2025



هتف نصير في هوادة: بطلبي أيدها، أنا طلبت الجواز من الآنسة أنس، وهيبقى من دواعي سروري قبولها طلبي.. 

شهقت برلنت في رقة، وتطلعت لأنس في فرحة، ثم حادت بنظراتها نحو نصير، هاتفة في نبرة مضطربة: أنا مكنتش أعرف إن حضرتك طلبت أيد أنس، وأكيد دي حاجة تسعدني، أنت غني عن التعريف، وكنا بنسمع عنك كل خير من هاجر، بس طبعا لينا حق في بعض الوقت نفكر ونرد على حضرتك.. 

ابتسم نصير متفهما: طبعا يا برلنت هانم، لكم الوقت كله، أنا مسافر باريس أسبوع، اعتقد ده وقت كافي عشان اسمع بعد رجوعي الرد النهائي.. تمام!.. 

هتفت برلنت: آه طبعا، كافي جدا.. 

نهض نصير مستئذنا، ما دفع برلنت لدعوته للغذاء تأدبا، وقد اعتقدت أنس التي فاض بها الكيل، وما عادت قادرة على تحمل نظرات أمها اللائمة أكثر من هذا، أنه سيرفض عرضها، لكنه وللمصيبة قبل في أريحية عجيبة، كادت أن تدفع أنس الوجود لكسر عنقه حنقا، لكن ما كان عليها إلا القبول بوجوده فترة الغذاء، وقد جلس على المائدة في تباسط كاد أن يدفع أنس دفعا لقتله، لكنها ابتلعت حنقها، مع كل نظرة لوم من والدتها، تدفع الدقائق لتنتهي هذه المهزلة، لكن ما أن دق جرس الباب حتى فتحت حمدية، وظهرت هاجر تتطلع نحو الجمع السعيد، حتى فاض الكيل بأنس، التي كانت تفكر في الأيام الماضية، كيف يمكنها إصلاح ما عطب بسبب عرض نصير، لكن ما يجري اللحظة دمر أي أمل في ذاك الإصلاح، الذي بات الآن درب من خيال.. ما حث أنس للاندفاع هربا للداخل، تاركة الجميع بلا استثناءات.. ولم تقبل بفتح باب غرفتها الذي اغلقته عليها بالمفتاح.. 

❈-❈-❈

الرسلانية ١٩٩١.. 

كان نجع رسلان يعمل على قدم وساق منذ الصباح الباكر، فاليوم هو يوم المرماح.. وككل عام في المولد، تجتمع النجوع في تلك الساحة الكبيرة الفاصلة بين نجعي رسلان وساحل تمام.. ليتبارى الجميع في مسابقات عدة بخيولهم، وكان لنجع رسلان من جوائزها نصيب الأسد، فقد كان أليف فرس حبيب بيه هو الأشهر سمعة بين جميع الخيول المتسابقة، فقد كان نسلا نقيا من فرسة جده سعد رسلان العربية الأصيلة.. 

هم حبيب بالخروج لتجهيز فرسه، لكن ظهور سراج على أعتاب الردهة مناديا: حبيب بيه! دجيجة بعد إذنك.. 

اندفع حبيب صوبه متسائلا: ايه اللي جومك من مطرحك يا سراچ بيه! ناجصك حاچة!..

ابتسم سراج مؤكدا في نبرة ممتنة: ناجصني ايه بس! ده انتوا كتر خيركم جوي على كده.. وعملتوا الواچب وزيادة حبتين، بس كفاية كده أنا لازما أمشي.. 

هتف حبيب متعجبا: تمشي كيف! لاه، مفيش مرواح إلا لما تطيب ع الآخر.. سيبنا نرد لك الچميل بالمظبوط يا سراچ بيه.. 

أكد سراج مبتسما: ده اترد بالمظبوط وزيادة وحملني چميل على راسي، كتر خيركم.. بس أنا فعلا لازما أرجع لشغلي واكتب تقرير عن اللي حصل، وازور اهلي كمان.. أنا منزلتش اچازة من يوم ما اتنجلت ع الصعيد.. 

هتف حبيب متفهما: في دي عندك حج، منجدرش نتكلم، شوف حابب تمشي ميتا، وإحنا معاك لمطرح ما تحب.. 

أكد سراج باسما: لاه، مش للدرچة دي، كفاية كرمك لحد كده، أنا همر ع الاستراحة أخد شوية حاجات واطلع ع المحطة على طول.. متشكر جدا يا حبيب بيه على تعبكم معايا.. 

هم حبيب بالرد، فظهرت صفية تدفع كرسيها المدولب، قادمة من الخارج حيث كانت تجلس تتناول فنجان قهوتها الصباحي، لتنضم لحبيب وضيفه، متمعنة النظر في محياه، كانت تعلم أن ضابط النقطة المصاب يتم علاجه هنا فالسراي، لكنها لم تطل عليه ولا لمرة، وما طالعت محياه إلا اللحظة، تبسمت ملقية التحية، وما أن عرف سراج نفسه، حتى هتفت متسائلة في فضول: جلت الحفناوي!.. من هنا فالصعيد صح!.. 

أكد سراج مقرا: أيوه يا حچة، بس بجالنا زمن براه.. في إسكندرية.. 

هزت صفية رأسها متفهمة، وما أن استأذن سراج راحلا، حتى تطلعت نحو موضع رحيله، هامسة في تعجب من تقلبات الدهر: عچايب الدنيا والله، كن الزمن بيعيد حاله، والچمايل بتترد ولو بعد سنين طوال، معدش باچي للرسلانية چمايل عند حد، ولا بجى لها عشم ف حد.. 

هتف حبيب وقد كان ملتهيا في استكمال استعداده للمرماح: بتجولي حاچة يا ستي!.. 

همست صفية: بجول كل خير يا ولدي.. تچي مچبور الخاطر إن شاء الله.. 

طبع حبيب قبلته الاعتيادية على هامة جدته، مندفعا نحو الخارج، مصطحبا فرسه أليف وقد زينه بسرج جده سعد الفضي، الذي كان إرثا عائليا على مر أجيال.. متجها لأرض المرماح التي عجت بكل رجال النجوع المحيطة بالمولد، والتي تتجمع هنا كل عام في نفس الموعد، من أجل مسابقات ومنافسات الفروسية.. 

غادر سراج السراي نحو استراحته، محاولا قدر استطاعته جذب ناظريه للطريق بعيدا عن السراي وبالأخص، بعيدا عن موضع نافذة حجرتها، التي رآها تطل منها يوم أن منع خطيبها من التعدي على أخيها.. ولام نفسه حين لاحت منه نظرة خاطفة نحو نافذتها، صارخا في نفسه بعتاب، ايه اللي چرا لك يا سراچ! من ميتا عيونك بتسوح على بيوت الناس! .. إلزم أدبك يا واد الحچ صبري الحفناوي.. 

اسرع من خطاه، حتى يجنب نفسه الوقوع في الزلل من جديد.. متجاهلا النافذة مع سبق الاصرار والترصد.. حتى غاب مبتعدا، وما كان يدرك أن منيرة كانت تقف بالصدفة خلف خصاص النافذة تتطلع على تجهيزات المرماح، فلمحته مغادرا السراي، وظلت تتبعه بناظريها حتى غاب، وابتسامة تلوح على شفتيها، حين وجدته يتدثر بشال والده، وقد ارتاحت أن الأمانة عادت لصاحبها.. 

في قلب الساحة الشاسعة الاتساع، بدأ الطبل وصدح المزمار، والشباب يتبارون باستعراض خيولهم، والتنافس داخل الحلقات المختلفة من أجل الفوز بذاك الكأس الذي يعد شرفا كبيرا الحصول عليه.. المنافسات حامية، والصرخات التي كانت تعلو من هنا وهناك لا تحمل إلا الرغبة في الفوز والحمية لاسم النجع الذي يتبارى الفارس حاملا شرفه.. بجانب منافسات التحطيب بالعصا التي كانت تقام كاحتفال جانبي يحفز الرجال ويلهب الحماس للفوز.. 

وأخيرا.. انتهت الجولات، واحدة تلو الآخرى، حتى إذا ما جاءت آخرها، حتى كان الفوز من نصيب حبيب، الذي حمل الكأس مجددا ولعدة سنوات على التوالي.. 

ليعود للنجع مكللا بالنصر، راقصا على فرسه التي كانت تبتهج بنصرها، وفرحة فارسها، والطبول تثير فيها كوامن الانتشاء فتتمايل في سرور، وحبيب على صهوتها حاملا كأس الانتصار، وحوله رجال النجع مهللين والمزمار يدفع الفرس المنتصرة لمزيد من الخطوات الراقصة التي أسعدت الجميع.. حتى إذا ما وصل حبيب لقرب بوابة السراي، رأي شبل يمسك بيده الشيخ محمود، الذي هبط من حجرته ما أن سمع بشارة النصر قادمة من مطلع النجع، ما دفع حبيب ليشير لشبل حتى يأتي بمحمود، الذي ارتسمت السعادة على محياه، فقد ترك حبيب إحدى مسندي قدمه ليضع شبل قدم محمود مستندا عليه، دافعا جسده للأعلى ليتلقفه حبيب واضعا أخاه أمامه على الفرس، مسلما إياه الكأس ومحمود يرفعه في فرحة، وحبيب يؤمن سلامته وهو يحيطه بذراعيه فوق صهوة الجواد الراقص، كانت الزغاريد تتابع في فرحة، والطبول تُدق في قوة، والكل يرقص منتشيا، إلا حبيب الذي ولسبب غير معلوم، شعر أنه مراقب، ما حثه على التطلع نحو موضع ما هناك، خلف شجرة الجميز الضخمة، ليجدها هناك، قابعة تتطلع نحوه في نظرة طويلة، وعلى خدها شبه ابتسامة مخلوطة بالدموع، فهل هي حقا هناك، تلك التي سلبت منه القلب وراحة البال!.. أم إنه يهزي وذاك طيفها!.. 


يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رضوى جاويش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة