-->

رواية جديدة طُياب الحبايب مكتملة لرضوى جاويش الفصل 19 - 6 - الثلاثاء 18/2/2025

 

قراءة رواية طُياب الحبايب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية طُياب الحبايب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رضوى جاويش


الفصل التاسع عشر

6

تم النشر الثلاثاء

18/2/2025



استقامت مؤكدة: الحمد لله، تمام.. بس اتخضيت.. 

تطلع حبيب نحو زفراني الذي ظهر من العدم كعادته، لائما في هوادة: كده برضك يا زفراني! مش بالراحة علينا.. جولي بجى أنت كنت فين الفترة اللي فاتت دي، كنت مخباي فين!.. 

هتف زفراني هائما: كنت عند الحبايب يا الحبيب.. 

سأل حبيب مستفسرا في أريحية: يعني انبسطت الحمد لله!.. 

أكد زفراني وهو شاردا في الملكوت: وهو إيه يسعد الجلب إلا لقا الأحباب!.. 

هم زفراني بالرحيل، لكن حبيب أكد عليه: عدي ع السرايا يا زفراني، طبجك هناك عمران، كل يوم اچهزه واجول چاي، ومتچيش.. 

لم يعبء زفراني بكلام حبيب، وسار زاعقا من جديد: حي.. يا واحد.. 

هم حبيب بالحديث، إلا أن زفراني زعق من جديد ببعض كلماته التي ينشدها لا يلق لها بالا لكنها تصيب الهدف في سويداءه: 

الشكوى لغير الله مذلة.. 

وكتمان المحبة عن الحبيب علة.. 

لا ندم هيفيدك يا حزين..

إذا زمن البوح باللي فالصدور ولى.. 

ساد الصمت وكلاهما يستمع لكلمات زفراني، حتى أضحت مجرد همهمات بعيدة، لم يبق إلا أثرها في الأجواء حولهما، لتهمس أنس قاطعة ذاك السكون المضطرب بينهما: هو كان يقصد ب ايه، كان عند الحبايب! 

تنحنح حبيب في محاولة لإجلاء صوته الذي تحشرج تأثرا من كلمات زفراني، هامسا: أصلك زفراني ده له حكاية، هو مكنش كده كيف ما إنتي وعياله!.. كان كيفنا كده، بس العجل لما يعچز عن تحمل الصدمة، ممكن يتحول للي إنتي شيفاه ده.. 

هتفت في فضول: ايه اللي حصل له خلاه كده! أكيد حاجة كبيرة اللي وصلته للحال ده!

هز حبيب رأسه مؤكدا على صحة استنتجاها، مسترسلا: زفراني أو نجول سعد..

تطلعت مستفهة ليؤكد مستطردا: ايوه متسمي على اسم چدي سعد رسلان الكبير، لأنه واحد من أحفاد عم مصباح اللي كان بيخدم عندنا زمان.. المهم.. زفراني حب بت خاله، اللي كان حالف ميچوزهاله أبدا، حاول كتير وعمل اللي ما يعمل عشان خاله يرضى يديله بته، مأمكنش.. فضل مجهور مش عارف يسوي كيف لچل ما تكون له، إلا وربك چابها من عنده، وراح خاله مات.. بعد سنويته، طلبها من تاني وأمها جالت هو أولى بيها، وكانت الدنيا مهياش سيعاه، بنى لها دار صغيرة كده على كد حالها فغرب البلد، وكان يوم فرحه وجمعته بها تجولي طال نچمة من السما بكفه.. 

همست أنس في تعجب: للدرجة دي كان بيحبها!.. 

همس حبيب مؤكدا: ده عشج يا أستاذة، هو كله مكنش شايف إلا هي، العشج صحيح بلية كبيرة.. 

تطلعت نحوه ولم تعقب بحرف، ليستطرد حبيب الحكاية متنهدا: مشيت الدنيا بهم، وهم على حالهم، وربنا زاد فعطاياه ورزجهم ببتهم، لحد ما فيوم وهو فالغيط، جالوا له إلحج يا سعد، دارك ماسكة فيه النار.. 

شهقت أنس في رقة، متتبعة الحكاية بكل حواسها، وحبيب يروي: راح چري يطفي النار ويلحج مرته وبيته، لكن النار كلت الدار باللي فيها.. حاول على كد ما جدر إنه يدخل يلحجهم، كانت الناس تشده بعيد عن النار اللي كانت مشعللة، حتى إنه فلت منهم ف مرة ودخل ولجوه الناس وجسمه اتملى حروچ.. طلعوا به ع المستشفى عشان يعالچوه.. لكن فليلة ملجلوش أي أثر.. راح وغاب شهور.. وناس كتير هنا فالنچع جالوا إنهم كانوا بيشفوه عند مجتمع سيدي عبدالرحيم الجناوي.. ومن ساعتها.. يكون موچود بينا فالنچع عادي.. تبصي فيوم تلاجيه غاب، يومين ولا اسبوعين وتنه راچع، تسأليه كنت فين يا زفراني، بجولك عند الحبايب.. 

همست أنس في نبرة مشفقة: للدرجة دي مقدرش يستحمل صدمة موت مراته وبنته!.. 

أكد حبيب متنهدا: ايوه، مجدرش، مش كل الناس الحمل الواحد تجدر تشيله.. أصلها درچات.. 

هزت أنس رأسها توافقه الرأي.. هامسة في رجاء: نرجع السرايا بقى!.. 

رد حبيب وهو يستدير بالفعل ليأخذا طريق العودة: على راحتك، لو تعبتي نرچع.. 

أكدت في هوادة: يا ريت.. 

سارا طريق العودة للسراي معا، وكانت رحلة شملها السكون، فقد كان كل منهما غارقا في خضم أفكاره، التي نالت من راحة باله، حتى وصولهما للسراي..

❈-❈-❈

الإسكندرية ١٩٩١..

ما أن وصل سراج لاعتاب القسم، حتى انتفض العساكر مؤيدين التحية العسكرية في ثبات.. ليسأل سراج في رزانة: چمال بيه في مكتبه! 

نفى أحد العساكر: لا يا فندم، بس هيوصل كمان دقيقتين، مش هيتأخر.. اتفضل ارتاح في مكتبه لحد ما يوصل.. 

دفع العسكري باب مكتب جمال ليدخله سراج متعجبا من صاحبه الذي ترك جهاز الراديو مفتوحا يبث أغانيه، وكأنها إذاعة خاصة به.. ما جعل سراج يبتسم وهو يجلس في هوادة مراعيا موضع إصابته، ليجد نفسه يدندن مع عبدالحليم في سلطنة: على حسب وداد جلبي يا بوي.. ده أنا ليا معاه حكايات.. حكايات.. 

قاطعه جمال وهو يندفع لحجرة المكتب مرددا بصوته الزاعق يغني في صخب: حكايات حكايات حكاااايااات.. 

قهقه سراج على أفعال جمال الغير معقولة كعادته، مندفعا نحوه محاولا احتضانه، ليوقفه سراج محذرا: حاااسب عندك للچرح يتفتح.. 

هتف جمال متعجبا: يخرب عقلك، هو أنت يبني مش بتبطل إصابات، طب أقول ايه للعروسة اللي ربنا هيبتليها بك، اتفضلي الكهنة بتاعت حضرة الظابط!.. 

قهقه سراج حتى دمعت عيناه، هاتفا لجمال: والله وحشتني خفة دمك يا فجري، ايه الأخبار!..

هتف جمال: الأخبار عندك أنت يا خويا، أنت اللي هتقولي ايه اللي جرى معاك فالصعيد، باين الموضوع كبير جوي!.. 

ابتسم سراج مؤكدا: هو شكله كبير فعلا، بس أنا لسه معرفتش تفاصيله، بس اكيد هعرفها.. ما هي لازما لها حكاية.. 

هتف جمال متخابثا: هي!. أنت متأكد إنك بتحكي عن موضوع العيال اومات دقون اللي هربانين فالجبل!.. أشك!.  مناخيري جايبة ريحة حريم فالموضوع يا سراج، قب بالتفاصيل لاصور قتيل هنا.. 

هتف سراج معترضا: يا بني اهمد، هو أنا جبت سيرة حريم ولا نيلة! 

أكد جمال في إصرار: ايوه، انت قلت هي، يبقى فيه جنس لطيف في المواضيع، بص.. أنا هبعت العسكري يجيب لنا كوبايتين شاي، وحتتين هريسة معتبربن، وتحكيلي بقى برواقة.. 

اتسعت ابتسامة سراج معاتبا: يا بني والله أنت غريب، هو كل حاجة أكل كده، ارحم نفسك.. 

أكد جمال في مرح: يا بني هم حاجتين بس اللي لهم لازمة فالدنيا، الحريم والأكل.. وطالما مش طايلين الأولانية، يبقى ندوس بقى فالتانية.. هي هتبقى سواد من كله.. 

ليتنبه جمال فجأة، أن عبدالحليم يترنم برائعته قارئة الفنجال، ويؤكد في نبرة قوية: لكن سماءك ممطرة وطريقك مسدود ..مسدود .. 

هتف جمال في حنق: ليه كده يا حولم ده أنا بحبك.. تقفلها فوشي ليه كده، هو أنت وأمي عليا!.. 

قهقه سراج على أقوال جمال، الذي أغلق الراديو أخيرا، هاتفا في نبرة إذاعية: ولنكتفي بهذا القدر من برنامجكم، لا تعايرني ولا اعايرك.. الهم طايلني وطايلك.. قال قارئة الفنجان قال!.. قراية الفنجان حرام على فكرة.. 

وارتفعت عقيرة جمال مناديا العسكري، ليحضر لهما الشاي والهريسة، حتى يتسنى له التحقيق مع سراج حتى يقر ويعترف بما جرى فالصعيد، ومن تكون هي هذه، التي جاء على ذكر ضميرها المستتر وجوبا، وحياءً، وربما إنكارً..


يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رضوى جاويش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة