-->

رواية جديدة طُياب الحبايب مكتملة لرضوى جاويش اقتباس الفصل 19 - الإثنين 17/2/2025

 

قراءة رواية طُياب الحبايب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية طُياب الحبايب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رضوى جاويش


اقتباس 

الفصل التاسع عشر


تم النشر الإثنين

17/2/2025



صرخات توحيد المتعاقبة، والتي كانت تأتيه من داخل الحجرة التي تقبع فيها، كانت تمزع قلب سعد الذي ذاب من الأوجاع.. فقد كانت هذه اللحظات تعيد عليه ذكرى لا يرغب في تكرارها.. خرجت القابلة من داخل الغرفة بوجه مكفهر، ليعاجلها سعد متسائلا: ايه في! انطجي.. 

أكدت القابلة في اضطراب: معرفاش يا سعد بيه، دي حاچة موردتش علي جبل سابج، ربنا ينچيها.. 

هتف سعد صارخا: يعني ايه! اعملي كل اللي تجدري عليه، چيبي اللي يساعدك وهتاخدي اللي تجولي عليه كله، بس تلحجيها.. 

هتفت القابلة في توتر: والله يا سعد بيه عملت، ومعدش ف يدي حاچة أعملها اكتر من كده، غير إننا ندعيلها إن ربنا يخفف عنها.. 

تطلع سعد حوله في اضطراب لا يعرف ماذا عليه أن يفعل، واندفع للخارج يتطلع للطريق، لعل الطبيب في طريقه للدار فيتعجله.. لكن لا أثر لقادم إلى دار الرسلانية في هذه الساعة.. 

ضرب سعد جانبي جسده بكفيه في قلة حلة، وهو يهتف متضرعا: يا رب، يا رب نچيها.. 

تحولت صرخات توحيد التي كانت تصدرها من قلب الوجع الكامن بجوفها، وكأن روحها هي التي تصرخ بهذا الشكل المتألم، إلى أنات متكررة صادرة من جسد فقد قدرته على المقاومة.. كانت تزوم في صوت أشبه بصوت ماكينة تعطلت تروسها عن العمل، وما من أحد قادر على تقديم يد المساعدة لها، وانتشالها مما تعاني، حتى جاء الفرج أخيرا، وهل الطبيب مهرولا لداخل دار سعد متسائلا في قلق: خير يا سعد بيه! 

هتف سعد دافعا به لداخل الحجرة حيث ترقد توحيد: ادخل إلحجها يا باشحكيم، دي ع الحال ده بجالها كام ساعة دلوجت، اتأخرت علينا جوي.. 

أكد الطبيب معتذرا وهو يجهز نفسه للكشف وقد ارتدى معطفه الأبيض: كنت فالعمليات، أنا آسف.. 

غاب الطبيب لدقائق، قبل أن يخرج مؤكدا: الهانم نزفت كتير فعلا، والحالة صعبة يا سعد بيه، أنا هطلب دعم من بعض الزملاء، وربنا يجيب العواقب سليمة.. 

هتف سعد في ذعر: اهم حاچة هي، مش مهم أي حاچة تاني، واعيلي يا باشحكيم، هي وبس.. 

هز الطبيب رأسه مؤكدا على ما يرم إليه سعد من تأكيده، فلو كان في اضطرار للتخلص من الجنين حتى تعيش أمه، فلا مانع في ذلك.. 

جهز سعد ما استطاع حتى يأتي الفريق الطبي الذي أمر الطبيب باحضاره لمساعدته في إنقاذ توحيد.. وأصبحت دار الرسلانية كخلية نحل عاملة.. لم تهدأ فيها الحركة لساعات.. وخاصة مع وصول باقي الأطباء.. وما أن بزغ الفجر.. حتى كان الطبيب يخرج من الغرفة متنهدا وهو يدفع قناعه الطبي عن وجهه، مؤكدا في نبرة صوت منهكة: الحمد لله، ربنا قدرنا وولدت على خير.. 

انتفض سعد صوب الطبيب متسائلا من جديد: هي بخير طيب!

أكد الطبيب: الحمد لله، لكن الطفل مولود ميت للأسف، ومشوه.. 

هتف سعد حامدا: الحمد لله إنها جامت بالسلامة، المهم هي، أي حاچة تتعوض.. 

أكد الطبيب: الحمد لله، بس حقيقي، دي أصعب ولادة صدفتني طوال مسيرتي الطبية.. عمري ما شفت حالة بالشكل ده.. 

تنبه سعد أن كلام الطبيب يتوافق مع كلام القابلة، يبدو أن هناك أمرا غير طبيعي، هل تكون اللعنة التي حلت بوهدان، قد لحقت بأخته وأطفالها!.. لا شك في ذلك.. فكل تلك الأحداث التي ما لها من تفسير منطقي، تؤكد أن هذا هو التفسير الوحيد المقبول لتعليل كل ما يقع.. 

هتف سعد في نبرة ممتنة: أني ممنون لوچود حضرتك.. وتعبك معانا.. 

ابتسم الطبيب في دبلوماسية: معلمتش إلا الواجب يا سعد بيه، ربنا يتمم نفاسها على خير.. 

أنهى الطبيب عمله وزملائه، وقام مصباح بأوامر من سعد بمرافقتهم إلى حيث أرادوا.. فقد مرت هذه الليلة بسلام وكُتب عمر جديد لأخته بعد ما سمع عن صعوبة حالتها، دخل في هدوء لحجرتها، يتطلع لوجهها الشاحب ليجد الممرضة التي تركها الطبيب برفقتها تجلس بالقرب من فراشها ساهرة على راحتها، ألقى التحية وسأل في هدوء: هتفوج ميتا!.. 

أكدت الممرضة هامسة: هي نزفت جامد ولازم تنام وترتاح، بس لازم خلال ساعة تفوق.. عشان تاخد الدوا.. متقلقش.. هتبقى كويسة.. 

هز سعد رأسه متفهما، وحاد بناظريه عن محيا توحيد الشاحب، متطلعا صوب ذاك الجسد الملفوف بغطاء أبيض.. حمله سعد في هدوء للخارج، حتى إذا ما استفاقت أخته لا تصر على رؤيته فيزيد حالها سوءا.. 

خرج سعد حاملا جثمان طفل توحيد المتوفى ليدفنه، وقد انفطر قلبه لتخيله حزنها حين تعي ما حدث، يدرك ذاك الشعور تماما، فقد جربه ثلاث مرات، والمرة الأخيرة حين رحل طفله جنينا مع أمه حتى قبل أن تنضره عيناه، رفع الغطاء عن وجه الطفل فكاد أن يدفعه بعيدا عن كفيه، كان الوجه بشع المنظر، فانقبض قلبه، معيدا تغطية الجسد من جديد، مندفعا لخارج الدار، حتى يواري ذاك الجسد الثرى، وقد حمد ربه أنه قرر دفنه سريعا فما كان لتوحيد من قدرة على مجابهة ذاك المنظر الذي جاء عليه ولدها.. وما أن هم بالخروج من بوابة الدار حتى كاد أن يتعثر بجسد وهدان، الذي جلس على الاعتاب ينظر نحو جسد الطفل الذي يحمله سعد في حرص، هامسا في نبرة موجوعة: ده ولدي يا سعد! .. 

هز سعد رأسه مؤكدا ولم ينطق حرفا، فقد كانت هيئة وهدان كافية لتجعله على الرغم مما جرى، يشفق على حاله، فقد كان مترب الوجه والكفين، عيناه تحمل وجعا قاهرا، وهو ينهض متخبطا، يمد يده نحو سعد مطالبا: أني أولى بدفنه.. 

سلم سعد وهدان الجسد المتدثر بكفنه الأبيض، فضمه وهدان لصدره، هامسا وقد سالت دموعه: توحيد زينة يا سعد! جولي إنها بخير!.. 

هز سعد رأسه مؤكدا: ايوه بخير، كانت بتموت وربك نچاها.. 

هز وهدان رأسه متفهما: معلوم، ربك نچاها، ما هو لو توحيد راحت، وهدان هيروح وراها.. 

هم سعد بالكلام، لكن وهدان ابتعد ضاما جثمان طفله، هامسا من جديد: وهدان هيروح وراها.. 

وهدان هيروح وراها.. 

تطلع سعد نحوه وهم بأن يلحق به، لكنه أشار إليه ألا يفعل، ما جعل سعد يتسمر موضعه، متعجبا مما آل إليه حال وهدان، ومندهشا أنه على الرغم مما يدعي من محبة لتوحيد، إلا أنه لم يفكر حتى في طلب الدخول لرؤيتها والاطمئنان عليها!..


يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رضوى جاويش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة