-->

رواية جديدة غصات الحب والقدر لعلا السعدني - الفصل 1 - الثلاثاء 29/4/2025

 

قراءة روايةغصات الحب والقدر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية غصات الحب والقدر 

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة علا السعدني


الفصل الأول

تم النشر الثلاثاء 

29/4/2025


وقفت أمام الفيلا التى تبدو كتحفة معمارية بديعة تقف شامخة في قلب حي راقٍ تصميمها يعكس مزيجًا مثاليًا بين العصرية والكلاسيكية مع واجهة بيضاء ناصعة تحيطها أعمدة رخامية منحوتة بدقة و النوافذ الزجاجية الكبيرة كانت تعكس ضوء الشمس مما أضفى عليها بريقًا إضافيًا ..

أمام المدخل امتدت حديقة خضراء مترامية الأطراف تم تنسيقها بعناية فائقة الأشجار العالية والأزهار متعددة الألوان كانت تشكل لوحة فنية متناسقة يتوسطها نافورة رخامية تتوسط الممر الرئيسي تصدر صوتًا خافتًا لخرير الماء يبعث الهدوء في النفس ..

كان وجهها شاحب وملامحها مشدودة كوتر على وشك الانقطاع كانت يداها ترتجفان بخفة وهي تمسك طرف حقيبتها وكأنها تحاول السيطرة على فوضى داخلها فيما هى مقبلة عليه شعرها المصفف بعجلة يعكس اضطرابها وعيناها الواسعتان تحملان مزيجًا من القلق والخوف خطواتها كانت بطيئة ومترددة لكنها مضت للأمام وكأنها تقاوم رغبة ملحة في الهروب من تلك المواجهة طلبت من الخدم انها تريد مقابلة السيد (ممتاز أشرف الصاوى) هو وشقيقه السيد (سامر) ..

كانت تنتظره فى الغرفة الخاصة بالجلوس وهى لا تعلم ماذا سيكون ردة فعله وضعت يدها على بطنها وهى تشعر بالخوف من مقابلته استمعت إلى صوت خطواته الآتية من الخارج فرفعت رأسها لتراه فقد كان يتمتع بوسامة رجولية آسرة بملامح حادة وبشرة حنطية تزيده جاذبية عيناه البنيتان العميقتان تحملان نظرة واثقة وغامضة طويل القامة متناسق الجسد وحضوره القوي كانا كافيا ليفرض احترامه دون أن ينطق بكلمة بينما كان يتبعه (سامر) كان اقل طولا منه ولكن متشابه فى كثير من الملامح مع (ممتاز) بنيته الجسدية اقل من (ممتاز) ولكن للوهلة الأولى تعتقد انهم شقيقان بالفعل لتشابه الملامح ازدردت ريقها بصعوبة وصرحت بالأمر الذى جعلها تأتى إلى ذلك المنزل واخبرت (ممتاز) بحملها وأن عليه ان يوافق على توثيق زواجها من أجل الجنين الذى تحمله فى احشائها حينها ابتسم (ممتاز) بسخرية حادة وكأنه يسمع نكتة سخيفة عيناه حملتا مزيجًا من عدم التصديق والازدراء ثم انحنى قليلًا إلى الخلف في مقعده وكأنه يحاول استيعاب الكلمات التي سمعها للتو شعور ثقيل من الغضب والدهشة اجتاحه لكنه أخفاه ببراعة خلف قناع اللامبالاة صوتها المرتجف وهي تنطق تلك الكلمات جعله يشعر وكأنها تحاول خداعه بحكاية مستحيلة مما زاد من برودته ونبرته الساخرة فى حين تلاقت عينان (ممتاز) ب (سامر) الذى شعر وكأن دلوا قد سكب عليه للتو من ذلك الحديث فتلاشى (ممتاز) ردة فعله الجبانة وقال ببرود تام

- روحى شوفى الطفل ده انتى جيباه من مين احسن لك؟! ومترميش بلاكى علينا

اضيقت عينيها وهى لا تصدق ما سمعته للتو منه كانت تعلم ان ردة فعله ستكون عنيفة ولكن لم تتخيل ان يكون بتلك الوقاحة فقالت

- انا مش هنا عشان نفسى .. انا لولا اللى فى بطنى مكنتش جيتلك ولا لجئت ليك يا (ممتاز) .. بس فى طفل فى النص لازم اجيب ليه حقه 

هز رأسه بآسى ثم قال رافضا سماع المزيد من الحجج الواهية منها 

- اطلعى بارة ومشوفش وشك هناك تانى .. وروحى شوفى ده ابن مين يا شاطرة

ترقرت الدموع فى عينيها فمسحتها ابت ان يشعرا بضعفها وعجزها الذى استحوذ عليها ثم امسكت حقيبتها واتجهت نحو الخارج وهى لا تعرف ماذا عليها ان تفعل ولمن تلجأ بينما نظر (سامر) إلى (ممتاز) نظرة غامضة ولكنه لاحظ كمية الغضب الذى تجمعت فى وجهه فخرج خارج الغرفة وقرر متابعة تلك الفتاة ومعرفة المزيد منها فتبعها نحو الخارج مسرعا حتى وجدها تسير نحو البوابة الحديدية فقال لها بصوت مرتفع قليلا

- استنى .. يا .. استنى هنا

استمعت إلى صوته فمسحت عينيها من الدموع المتجمعة فى مقلتيها وقالت ببرود

- عاوز ايه انت كمان ؟!

ابتسم على هيئتها وظل يتطلع لها فقد كانت تتمتع بجمال بسيط وأنيق، عيونها الواسعة العسلية كانت تلمع ببراءة لكن فيها لمحة من الحزن العميق شعرها الأسود كان ينسدل برقة حول وجهها، يبرز نعومة ملامحها بشرتها الفاتحة كانت تضفي عليها مظهرًا ناعمًا، وابتسامتها الهادئة كانت تحمل دفءًا خفيفًا رغم التوتر الذي يكتنفها، جسدها ممشوق ظل يتفحصها لوهلة بعينيه الماكرتان فطفح بها الكيل وقالت 

- عاوز ايه انت كمان ؟!

انتبه لحديثها ثم نظر فى عينيها وهو يقول

- انتى معاكى ورقة تثبت الزواج ده ؟ اى دليل يثبت ان كلامك ده صحيح 

اخذت نفس عميق واغمضت عينيها وهى تهز رأسها نافية ثم قالت بهدوء

- العقد مع (ممتاز) انا متأكدة اكييييد موجود فى الأوراق المهمة اللى فى الخزنة

هز كتفاه بإنه لا يستطيع مساعدتها فى ذلك الأمر ولكنه قال وهو يتفحص جسدها دون ان تلاحظ

- الموضوع مش سهل .. بس اوعدك انى هحاول اقنع (ممتاز) .. عموما ادينى رقمك وانا لما الاقى حل معاه هكلمك 

اخرجت هاتفها ببراءة من حقيبتها ثم اعطته له وهى تقول

- اكتب رقمك وانا هرن عليك

اخذ منها الهاتف ودون رقمه ثم قام بالأتصال بنفسه واعطاها الهاتف وهو يقول 

- اسجله ايه بقى ؟! اسمك ايه ؟!

اخذت نفس عميق وقالت

- اسمى (رؤى شريف البلتاجي)

ابتسم ابتسامة هادئة وقال وهو يحك يده فى ذقنه وهو يقول

- ماشى يا (رؤى) هكلمك قريب

فانصرفت من أمامه دون ان تلاحظ سوء نيته ونظراته المتدنية فهى لا تفكر سوى بذلك الجنين الذى فى احشائها الذى ليس له ذنب كما انها ليست لها ذنب فى تلك الزيجة العرفية التى تورطت فيها يكفى ما عاشته طوال السنوات الماضية بسبب تلك الزيجة لما لم تنتهى تلك الزيجة دون ذلك الحمل فآخر ما تتمناه ان تحمل طفل من ذلك الشخص الذى جعل حياتها كمقبرة تدفن بها يوميا وهى على قيد الحياة تبا لوالداها هو الذى زوجها من اجل المال قررت العودة إلى منزل ابيها كى تخبره بما حدث لها فهو من ورطها فى ذلك الأمر وعليه أن يجد حل لها ..

❈-❈-❈

بعد مرور أسبوع ..

كانت الشمس تشرق ببطء ترسم لوحة ساحرة على الأفق بألوان متداخلة من البرتقالي والذهبي بينما أشعتها تتسلل برفق فوق المباني المحيطة تملأ السطح بضوء دافئ جلس على كرسي خشبي بسيط مع فنجان قهوته الساخنة بين يديه يتأمل السماء وألوانها الخلابة ..

نهض بهدوء واتجه نحو ركن السطح حيث يقبع بيت صغير للكلب الخاص به أخرج (رعد) كلبه الوفي ذو اللون البني المائل للذهبي حين فتح الباب اندفع (رعد) بخطوات مفعمة بالحيوية يهز ذيله في سعادة وهو يدور حوله فانحنى قليلاً ليربت على رأسه بحنان فهو ليس لديه أى صديق سوى (رعد) الذى يحكى له همومه ومشاكله ويضمن انه لن يقول لأحد تلك المشاعر فرغم مرور تسعة أشهر على طلاقه إلا انه لم ينسى زوجته يوما واحدا فهى كانت اول حب بحياته وآخره كما يظن لا يعتقد انه سيحب امرآة بعد (رانيا) ابدا فهى استحوذت على قلبه وعقله ولكن ما باليد حيلة فقد استحالت العشرة بينهم رغم كل ذلك الحب التمعت عينيه بدموع جاهد ان لا تسقط فهو لن يبكى مجددا على فراقها ابتلع ريقه ودموعه معا حتى لا تسقط ومسح اثر تلك الدموع ثم اعاد (رعد) إلى بيته وقرر ان يستعد للذهاب إلى المشفى لكى يبدء يومه وينسى ذكرياته الأليمة تلك كما يفعل منذ تسعة أشهر ولكنه فى الحقيقة لا يزداد إلا شوقا وحنينا لها ..

هبط بالأسفل حيث شقته الذى يعيش فيها مع والداته وشقيقته الصغرى وجد والداته تعد طعام الأفطار اندهش لأنها استيقظت فى ذلك الوقت المبكر وعقد حاجبيه وهو ينظر لها وهى ممسكة الأطباق لتضعها على طاولة الطعام وهو يقول

- ايه اللى مصحيكى دلوقتى يا ماما ؟!

شعرت والداته ببعض التوتر ووضعت الأطباق مسرعة على الطاولة ثم قالت

- مفيش شايفاك خاسس اليومين دول يا (حازم) وملكش نفس لأى حاجة وبعدين بتمشى من صبحية ربنا وترجع تنام شوية وبعدها تنزل على العيادة بليل مش بشوفك فقلت نفطر سوا

لم يصدق حديثها ذاك فهو يعلم ان هناك امر ما تريد اخباره به ولكنه لن يسبق الأحداث فهز كتفاه بلا مبالاة وقال

- طيب انا هروح البس وهاجى افطر معاكى يا ست الكل

ذهب نحو غرفته ليرتدى ملابسه ليذهب للمشفى التى يعمل بها بينما ظلت عينان والداته معلقة عليه ثم نظرت للسقف وكأنها تدعو الله بشئ بعدها دلفت إلى المطبخ لتحضر بقية الأطباق ..

انتهت من اعداد مائدة الأفطار وجلست منتظرة إياه وفى خلال دقائق كان قد خرج من الغرفة وجلس بجوار والداته وبدء فى تناول طعامه فظلت والداته تنظر إليه وكأنها تريد قول شئ ولكنها مترددة بعض الشئ فقرر أن يسئلها كى يجعلها تتحدث

- فى ايه يا ماما ؟! ماهو صاحية من صباحية ربنا وعاملة فطار فى حاجة كده قولى وريحينى وريحى نفسك

ابتسمت له على مضض ثم قالت

- صاحبتى (سعاد) ليها قريبة كده هى مطلقة برده بس بتقول اخلاقها جميلة وهى حلوة شكلا انا شفت صورتها .. معايا صورتها لو تحب تشوفها بصراحة شايفة انها خسارة تكون مش ليك ايه رأيك تروح تشوفها يمكن .. يمكن يحصل نصيب

تجهم وجه (حازم) وتوقف عن تناول الطعام وترك الطعام الذى بيده واغمض عينيه بآسى ثم حاول ضبط نفسه قبل التحدث ثم قال بهدوء رغم البركان الثائر داخله 

- ماما انا مش هتجوز تانى خلصت يا ماما مينفعش اصلا .. ياريت تشيلى الموضوع ده من دماغك خالص زى مانا ما شيلته من دماغى ومتوعيديش حد بحاجة عشان انا مش هروح وانتى اللى هتكسفى فى الاخر

انهى حديثه ثم نهض من مقعده وسط ذهول والداته التى قالت

- طب جرب البنت عارفة كل حاجة و ..

قاطعها قائلا بضيق ملحوظ

- ماما!! انسى جواز تانى مش هجوز الموضوع ده ميتفتحش تانى 

ثم تركها وتوجه نحو خارج المنزل فسقطت الدموع من اعين والداته فهى ترى معاناته يوميا منذ انفصاله وهى لا تريد منه سوى ان يكون سعيد فهو يستحق ان يعيش بسعادة ولكن ما باليد حيلة فهى تعلم ابنها جيدا وان لا احد سيردع قراراته ابدا ..

❈-❈-❈

فى المساء ..

 فتح الباب بخطوات مثقلة بالتعب دخل المنزل وهو يوفر بضيق بعد يوم طويل من العمل المضني رفع عينيه فجأة ليجد الضوء خافتًا والشموع تزين أركان الغرفة في تناغم ساحر انعكاس ألسنة النيران الصغيرة على الجدران خلق أجواءً دافئة والمائدة التي تتوسط الغرفة كانت مزينة بأطباق مرتبة بعناية ومزهرية ورد صغيرة تتوسطها ..

وقف في مكانه للحظة يتأمل المشهد بدهشة وارتباك قبل أن يسمع صوتًا ناعمًا يأتي من خلفه

- نورت بيتك يا حبيبى 

استدار ليرى زوجته الحبيبة ترتدي فستانًا بسيطًا ولكن جذابًا وابتسامة هادئة تعلو وجهها تقدمت نحوه بخطوات خفيفة وهي تحمل طبقًا صغيرًا وضعت فيه المقبلات ثم قبلته من وجنته فابتسم قليلا

- إيه المفاجأت الحلوة دى كلها

قالها بصوت مبحوح محاولًا إخفاء انزعاجه من يومه الطويل

تقدمت نحو مائدة الطعام لتضع طبق المقبلات وهى تقول

- قلت لازم أغير مودك طول اليوم مشغول في الشغل ودايمًا راجع متعصب إيه رأيك؟ عجبتك المفاجأة؟

نظر إليها بنصف ابتسامة وهو يخلع سترته ويرميها على ظهر الكرسي

- لو قلت لا .. طبعا هتطردينى بارة وتبيتينى عند امى مش كده يا (رغد) ؟!

ضحكت (رغد) وهي تضع الطبق على المائدة ثم أمسكت بيديه وسحبته ليجلس

- تعالى بس كل لقمة وريح أعصابك لسه عندى مفاجاءت هتخليك اسعد واسعد يا (حسن)

جلس (حسن) على المائدة يشم رائحة الطعام الذي أعدته بحب بدأ يأكل ببطء، محاولًا قراءة تعابير وجهها التي تحمل شيئًا أكثر من مجرد محاولة لتغيير مزاجه بعد دقائق من الصمت وضع الملعقة جانبًا وقال

- عاوزة اقولك ان طعم الأكل وحلاوته مخلينى مش بفكر غير بس هخلص كل الأطباق دى ازاى

ابتسمت (رغد) ثم شعرت ببعض من التوتر ثم فركت كلتا يديها بحماس بعدها وضعت يدها على بطنها بينما عيناها تلمعان بشيء من التوتر الممتزج بالفرح

- أنا .. انا حامل يا (حسن)

تجمد حسن في مكانه، عيناه مثبتتان عليها وكأن الوقت توقف حملق فيها للحظات دون أن ينطق بكلمة قبل أن يرتسم على وجهه مزيج من الصدمة والدهشة

- بجد ؟! .. يعنى هبقى اب بجد ؟!

هزت (رغد) رأسها بابتسامة خجولة وأكملت

- آه .. عرفت النهارده تعبت شوية الصبح وشكيت بصراحة قلت اروح احلل وحللت ولاقيت نفسى حامل

مرر (حسن) يده على شعره وضحك بخفة ضحكة مليئة بالدهشة والفرح ثم نهض فجأة واحتضنها وقال بصوت مفعم بالمشاعر

- انا بحبك اووووى يا (رغد)

ثم ابتعد عنها ونظر فى عينيها الخضراء التى يعشقها وقال بنبرة حنونة

- انتى المفروض تستريحى ايه خلاكى تتعبى نفسك كده .. انتى تقعدى وانا اللى هخدمك بعد كده

ارتفع صوت ضحكاتهم بين الشموع التي ظلت تشتعل تنير تلك اللحظة السعيدة التي كسرت إرهاق اليوم الطويل وحولت التعب إلى فرحة لا توصف ثم اجلسها برفق على المقعد الذى تجلس فيه واطعمها فى فمها بحنان ولكنه تذكر شئ ما وتجهم وجهه لبعض الوقت فاخذ نفس عميق شعرت هى بتغير ملامح وجهه فسألته

- فى حاجة يا حبيبى ؟!

ابتسم على مضض ثم سألها متلعثما

- ا.. انتى قلتى لماما ؟!

تجهم وجهها لبعض الوقت وفهمت ما يدور فى رأسه ولكنها هزت رأسها نافية وقالت 

- اطمن مقولتش حاجة ؟! .. وبعدين انت عارف يعنى انا ومامتك مش قريبين من بعض رغم اننا ساكنين فى نفس البيت بس انا مش بحب الأختلاط واصلا انا مش فارقة معاها فى حاجة ووجودى زى عدمه عندها

ازدرد (حسن) ريقه بصعوبة وهز رأسه بآسى ثم ربت على يدها بحنان وقال

- امى ست طيبة وبتحبك يا (رغد) .. بس هى حاليا مركزة مع اخويا وبالأزمة اللى بيمر بيها من بعد ما طلق (رانيا) الموضوع كان صعب علينا كلنا مش على (حازم) لوحده .. فبلاش تظلمى ماما 

اشاحت بوجهها بعيدا غير عابئة بحديثه فأخبرها قائلا

- عموما مش عاوزك تقولى لماما موضوع حملك دلوقتى .. انا هقولها فى الوقت المناسب

زفرت بضيق ثم نظرت داخل عينيه وهى تبتسم بسماجة فقد فهمت ما يجول فى خاطره ولا تعلم لما يضيع احتفالهم السعيد بحملها بتلك الترهات التى فى رأسه ..

❈-❈-❈

وسط صمت الشوارع وهدوء الليل عادت (رؤى) إلى المنزل بخطوات متثاقلة كانت تحمل بين يديها حقيبة صغيرةأدارت المفتاح في القفل ودلفت إلى المنزل الذي غلفته العتمة باستثناء ضوء خافت يتسلل من إحدى زوايا الصالة ..

خطت ببطء نحو غرفتها وأغلقت الباب خلفها بهدوء وكأنها تخشى أن تزعج اى شخص توجهت نحو غرفتها ألقت حقيبتها على السرير وجلست على طرفه ثم دفنت وجهها بين كفيها عيناها اللتان جابتا كل زاوية وكل درج وكل صندوق في منزل والديها ومنزلها الخاص لم تعثرا على ما تبحث عنه قلبها ملئ بقلق لا ينتهي والدموع التي حبستها طوال الطريق الآن بدأت تجد طريقها على وجنتيها ..

كانت تبحث مرارًا وتكرارًا عن عقد زواجها المفقود ولكن كل محاولاتها باءت بالفشل لم تجده شعور بالعجز والخوف اجتاحها فقد سُلب منها اثمن شئ لديها دون رجعة ..

بينما كانت غارقة في أفكارها انفتح الباب ببطء دلفت أختها الصغرى بخطوات هادئة التى تبلغ من العمر السادسة عشر كانت تبكى هى الآخرى وعندما رفعت عينيها لتلقي التحية لاحظت الدموع التي تغرق ملامح (رؤى) تجمدت للحظة ثم اقتربت منها بقلق وهي تقول بنبرة حنونة

- مالك يا (رؤى) ؟ بتعيطي ليه ؟

جلست بجانبها على السرير ووضعت يدها على كتفها بحنان محاولة فهم ما يثقل قلب أختها التفتت إليها (رؤى) بوجه غارق في الحزن ولكن الكلمات بدت ثقيلة وكأنها لا تريد أن تخرج تاركة الغرفة في لحظة مليئة بالصمت والمشاعر المتشابكة ازدردت ريقها فى محاولة منها ان تزدرد الشعور بالخزى والألم وهى تقول 

- دورت فى كل مكان يا (جود) فى كل مكان مش لاقية العقد كأنه فص ملح وداب .. وابوكى .. ابوكى مش حاسس بالمصيبة اللى انا فيها انا فى مصيبه فعلا هجيب ابن بدون عيلة طفل مشرد وكل ده بسبب ابوكى ...

ثم نظرت للأعلى وهى تبكى بغزارة وتقول

- ليه كده بس ليه مانا عشت معاه اربع سنين بحالهم ليه يحصل حمل دلوقتى اشمعنا الحمل ده جاه فى الوقت ده !!

فاقتربت منها (جود) واحتضنتها بشدة لعلها تخفف من وطأة ما تشعر به شقيقتها وظلت تربت على كتفاها بحنان حتى بكت هى الآخرى وزادت فى بكائها فى البداية شعرت (رؤى) بإنها تواسيها وتبكى من اجلها على حالها ولكن لم تتوقف (جود) عن البكاء بل كان يزداد نحيبها فمسحت (رؤى) دموعها وابعدت (جود) عنها ورأتها منهارة من البكاء وكأن حلت عليها مصائب الدنيا كلها فاضيقت عينيها بدون فهم ثم سئلتها بفضول قاتل

- مالك حصل ايه ؟!

لم تجيب (جود) بل كان يزداد نحيبها اكثر واكثر فهزتها (رؤى) من كتفيها وهى تسألها بنفاذ صبر

- انطقى فى ايه يا (جود) ؟!

ازدردت ريقها بصعوبة ثم نظرت فى عينان شقيقتها

- لما انتى نزلتى روحتى بيتك .. ا.. ابوكى جاب واحد هنا وعاوزنى اجوزه عرفى زى ما جوزك يا (رؤى) ..

يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة علا السعدني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة