-->

رواية جديدة طُياب الحبايب مكتملة لرضوى جاويش اقتباس الفصل 22 - الخميس 3/4/2025

 


قراءة رواية طُياب الحبايب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية طُياب الحبايب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رضوى جاويش


اقتباس 

الفصل الثاني والعشرون


تم النشر الخميس

3/4/2025


الرسلانية ١٩٢١.. 

علا نحيب ما من أحد أركان المكان الذي لم تطأه قدماه من قبل، فأخذ يتطلع حوله في توتر، يبحث عن صاحب ذاك النحيب، فصوت ذاك النحيب الرقيق يعود إليها، وهو يدرك من تكون صاحبته تمام الإدراك، إنها هي، أنيسة الروح ولو غابت، أنس الوجود.. لكن لمَ تبكي يا ترى!.. صرخ باسمها مذعورا.. يتطلع بكل موضع ولا يرى لها طيفا، ليعاود الصراخ باسمها من جديد وصوت النحيب يعلو متوسلا.. ولكن لا مجيب.. ليصرخ للمرة الثالثة باسمها في لوعة.. ليجد سعد نفسه على فراشه، وأن ما كان.. إلا أحد مناماته العديدة التي تراوده منذ رحيلها، والتي يزوره فيها طيفها، لكن هذه المرة هي الأكثر وجعا.. فما نال حتى الأنس بطيفها كالمعتاد، بل كان صوت بكائها يدمي القلب وأنينها يقهر الروح.. ترى ما الذي يجري لكِ يا أنس الوجود في تلك البلاد البعيدة!.. أما آن لك من عودة!.. 

مسح سعد وجهه في اضطراب، وتطلع لساعته الموضوعة جانبا قرب الفراش، لتشير عقاربها لاقتراب صلاة الفجر.. نهض من موضعه، وقد قرر المسير للجامع متنسما هواء الفجر البارد لعل فيه بعض الراحة لفكره المكدود، مقررا أن ينتظر الشيخ رضا هناك، ليقص عليه رؤياه فربما يستطيع تأويلها بما قد يريح باله على الغائبين ولو قليلا.. فها هو يحث المهندس الايطالي والعمال على العمل ليل نهار في تشييد تلك الدار التي أكد عليه الشيخ رضا المحمدي أن تمام البناء مرتبطا بعودة الغائبين، حتى أنه حدد موقعا متميزا وغرس فيه تلك البذور التي استيقظ في المسجد بعد رؤياه ووجدها بحضن كفه، حتى تنمو وتصبح منتجة الثمار مع توقيت إتمام بناء الدار.. 

خرج بالفعل سائرا في الدرب باتجاه المسجد، حتى أن مصباح عرض عليه صحبته، لكنه رفض متعللا بضرورة بقائه لإبلاغ الشيخ رضا حين يمر على الدار، أنه سبقه للجامع وينتظره هناك للضرورة.. 

قطع سعد خطوات لا بأس بها مبتعدا عن داره، وما أن هم بالانحراف متخذا الطريق المعتاد صوب المسجد، حتى ظهر له أحد الرجال، حاملا أحد المصابيح، معتذرا في تأدب: السماح يا بيه، الخواچه الطلياني رايدك على عچل عند مكان الحفر.. 

تطلع صوبه سعد في توجس متسائلا: أنت واحد من خدمه!.. 

هز الرجل رأسه مجيبا في تأكيد، ليستطرد سعد متعجبا: وايه اللي يصحي الخواچه بدري كده على مكان الحفر!.. 

همس الرجل في نبرة آلية: معرفش يا بيه، هو جال لي روح استعچل سعد بيه، واديني چيت.. 

هز سعد رأسه متفهما، وأشار للخادم بعصاه الابنوسية ليتقدم خطوة أمامه منيرا الطريق بمصباحه وقد غيرا طريقهما نحو أرض البركة المعتمة الدرب في مثل هذه الساعة من بواكير الفجر.. وقد اطمأن أنه ما زال هناك بعض الوقت ليلحق بصلاته حاضرا في المسجد، بعد أن يعرف ما الأمر الهام الذي دفع الباشمهندس الايطالي لطلبه اللحظة على وجه الضرورة!.. 

اقترب الخادم من موضع الحفر الذي بدأت تعلو فيه الأعمدة ويستطيل فيه البنيان، وخلفه سعد يتطلع حوله ولا يرى مخلوق، ما دفعه ليهتف متعجبا: فين يا واد الباشمهندس! 

انطفأ المصباح، وحلت العتمة، وتبخر الرجل كأنه ما كان، ليستشعر سعد الخطر المحدق، هم بالهرولة مبتعدا عن ذاك الموضع الذي يتراكم فيه بقايا حفر ذاك الأخدود العميق.. لكن كفين دفعتا به في قوة نحو الهوة السحيقة، ليصرخ ما أن استقر بقاعها صرخة مدوية وحيدة.. ساد بعدها الصمت.. 

اندفع نعيم لداخل داره في حذر، لكنه انتفض فزعا عندما هتفت به رحيل زوجته متسائلة في ذعر: اوعى تكون رحت عملت اللي فدماغك يا نعيم!.. أنت مش هتتهد إلا لما ننطرد م النجع كله من تحت راسك.. واتشرد تاني أنا وعيالك!.. 

همس نعيم في حنق، وهو يزيح عن كتفيه بعض الغبار: مفيش حد هيكون سبب في طردنا إلا صوتك العالي ده يا رحيل! ما تعليه أكتر وسمعي النجع كله خلينا منبتش فيه!.. 

همست في حنق بدورها: وهو في حد عاقل يفكر يعمل اللي أنت جاي من بره وشكلك نفذته، والانشراح باين على وشك أهو! 

همس نعيم في نشوة: ايوه خلاص، نفذت اللي كان مفروض يتعمل من زمان، خلصت من سعد رسلان، العمود اللي الكل كان بيتسند عليه وميقعش.. ومع موته هيتوقف البنا لحد كده، وهيهجروا المكان وأرجع أشوف أنا بقى حالي من جديد.. 

تطلعت رحيل نحوه في ريبة: أنت خلصت عليه بحق يا نعيم!.. 

أكد نعيم في تشفي: أيوه، زقيته لجوه الحفرة الغويطة بأيدي، وسمعت صرخته بوداني لحد ما خرس، مكنش ينفع أخلي حد ينول الشرف ده إلا أنا.. أنا أستحق أكثر من أي يهو..دي.. مؤمن.. مباركات الرب.. بالخلاص من راس الأفعى اللي اسمه سعد رسلان ده، وأكون جدير بدفنه في الأرض اللي فكر يحرمني من عطاياها.. 

ضربت رحيل صدرها بباطن كفها في ذعر حقيقي، وهي تتطلع حولها في تيه هامسة: لا، أنا مش قاعدة فيها، مش هستنى يعرفوا حتى باللي أنت نيلته، أنا ماشية وواخدة عيالي معايا، قبل ما يعرفوا إنك أنت اللي قتلت كبيرهم.. 

همت بالاندفاع للداخل منفذة تهديدها لكن نعيم جذب ذراعها في عنف مستوقفا إياها، مؤكدا في نبرة حازمة: مفيش حد هيتحرك من هنا، لا إنتي ولا العيال، وأنا هاخد اللي ليا غصب عن عين التخين فيهم، وبعدين هو في حد شافني، ولا هيتوقع إني أنا اللي عملتها من أساسه!.. يبقى مالك مرعوبة كده!.. إحنا ناس غلابة ماشيين جنب الحيط لا لينا ولا علينا.. فهماني يا رحيل!.. 

تسمرت رحيل موضعها ولم تنطق حرفا، فقد كانت نظرات نعيم المتطلعة نحوها في هذه اللحظة.. نظرات شيطانية بخق.. جعلتها تبتلع ما كان على طرف لسانها من اعتراضات، واومأت برأسها في طاعة دون جدال.. 

يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رضوى جاويش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة