رواية جديدة نجمة أركان الجزء الرابع من سلسلة فرعون مكتملة لريناد يوسف - الفصل 22 - الثلاثاء 3/6/2025
قراءة رواية نجمة أركان الجزء الرابع من رواية فرعون كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية نجمة أركان
الجزء الرابع من رواية فرعون
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
الفصل الثاني والعشرون
تم النشر يوم الثلاثاء
3/6/2025
ساب حسام كل اللي فأيده ونزل جري على بيت راضي، لقاه مستنيه علي باب العماره، هو واخوها وكل واحد ماسك موبايله وبيتصل بحد ممكن تكون أميره راحتله ويسأله عليها، والإجابه دايمًا انهم مشافوهاش ومجاتش، موجه من القلق والخوف ضربت الكل، وإكتر واحد فيهم كان سامح اللي قال لراضي:
-معلش ياعمي ممكن اطلع أوضة أميره عايز ادور وراها ممكن تكون سابت وراها حاجة تدلنا هي راحت فين أو كانت بتفكر وناويه على ايه قبل ماتهرب؟
رد عليه راضي من غير تفكير:
-ممكن طبعًا، خده يا وطلعه الشقة فوق، وبالمره اتاكد اني طفيت البوتجاز بدال ماتبقى مصايب وحرايق.
طلع حسام مع...... الشقه ودخل أوضة أميره وفضل يفتش فيها، فضل يدور على اي دليل او خيط يوصله للمكان اللي ممكن تكون راحتله، أو للحاجة اللي بتفكر فيها لكنه للأسف ملقاش، بس لاحظ انها كانت مطلعه من دولابها هدوم كتيره ورامياها على السرير، ومن الواضح انها كانت بتختار مابينهم، وكمان التسريحه بتاعتها كان عليها قلم روج مفتوح، يعني اتشيكت قبل ماتخرج ودي تصرفات وحده مقبله عالحياه مش خارجه وناويه تأذي نفسها ودا اللي طمنه شويه.
خرج من الشقه ونزل لراضي وقاله اللي استنتجه، ودا وقع راضي في حيره اكبر، هتكون راحت فين ولمين، اخد عربيته وراح المقابر كمحاوله اخيره وساب سامح وإبنه بيفرغوا في الكاميرات اللي في الشارع، واللي وصلتهم انها نزلت في محطة الميترو ودا معناه انها راحت مكان بعيد!.
اما راضي هو كمان فراح المدافن ودور عليها هناك لما شك انها ممكن تكون راحت تزور قبر امها، وبرضوا مفيش، رجع وهو مليان يأس، ولقى إبنه هو كمان واقف محتار مع سامح، قرب منهم وسألهم وهو عارف الإجابه كويس:
-طمنوني وصلتوا لحاجة؟
الإجابة كانت سكوت عرف منه الرفض، فقعد على اقرب كرسي ودفن دماغه بين إيديه، الخوف سيد الموقف والسكوت مش حل ومحدش عارف يبدأ منين، فاتحرك اخوها على محطة الميترو وهو عازم انه يفرغ كاميرات كل محطه لحد مايعرف اخر محطه نزلت فيها ويستنتج منها مين اللي في المنطقه دي ممكن تكون راحتله من معارفهم.
اما سامح فرجع على بيته وهو متقيد بمواعيد شغله وفنفس الوقت حاسس بتأنيب ذنب رهيب وان هو المسئول عن هروب أميره بسبب نسيانه ليها وإهماله لحالتها الكام يوم اللي فاتوا، وخصوصًا بعد مااتأكد إن تحسن حالتها حتى ولو بشكل مؤقت بقي مرتبط بوجوده.
وصل البيت وطلع الشقه وفتح ودخل واتفاجئ بأخته وفاء جايه جري عليه وبتقوله:
-أبيه سامح أبيه سامح فيه مفاجأه هنا، حد مش هتصدق انه موجود عندنا.
ضم سامح حواجبه بإستغراب، ولسه هيسأل مين الشخص ده فاتصدم بظهور اميره من ورا وفاء وهي بتتقدم ناحيته بتردد وباصه للأرض بخجل ووقفت قدامه وقالتله:
- اتأخرت عليا كده ليه ياغريب، انت مش عارف اني بستناك كل يوم؟
سحب نفس عميق ونفخه بتعب وراحه فنفس الوقت وسألها:
-جيتي هنا ازاي ياأميره؟
ردت عليه بخجل:
-ماهووو.. انا عارفه عنوانك من لما سبق وبعت عامل من المستشفى الييت يجيبلك اوراق ناسيها وقولتله العنوان قدامي وانا حفظته.
إبتسم سامح لذكاءها لكن إبتسامته اختفت بسرعة ورد عليها:
-عارفه حالة ابوكي واخوكي حسام عامله ايه عليكي دلوقتي؟ مفكرتيش فيهم قبل ماتفكري تعملي العمله دي، لسه قراراتك متهوره وانانيه برغم كل اللي مريتي بيه، انتي ايه يااميره مبتتعلميش من اخطائك خالص؟
كشرت وحس انها هتبكي وفي الوقت دا جات امه وحضنت اميره من كتافها وقالتله:
بالراحه يبني عليها واتصل بأهلها وطمنهم وقول لباباها يجي ياخدها، وتعالا عشان تتغدى وتخليها هي كمان تاكلها لقمه البنت واضح انها مش واكله حاجة ورفضت حتى انها تشرب كباية عصير وكل اللي عليها فين غريب هاتولي غريب وانت تليفونك جرس ومبتردش.
ود عليها سامح وهو بيطلع تليفونه من جيبه ويفتحه:
-معلش ياأمي كنت مشغول مع عم راضي وحسام بندور على اميره ومكانش فيا دماغ لاي حاجة وقولت اكيد بتتصلوا بيا عشان الغدا.
خلص كلامه واتصل براضي وقاله:
- عم راضي انا لقيت أميره عندي في البيت.
الكلمة كانت بمثابة الغيث اللي نزل فوق قلب راضي اللي بيتحرق من الخوف والقلق برده، لثواني مقدرش يرد بس سامح كمل:
- الجماعه هيحضروا الغدا وانا مش هتغدي ولز هخلي حد يتغدى إلا لمل حضرتك وحسام تيجوا عشان ناكل كلنا سوا، ومن قبل ماتتكلم انا عارف إن الاكل اللي كنت بتطبخه اتحرق، وكمان عارف انك مفيكش اعصاب تطبخ غيره، وكده كده هتيجي تاخد اميره، فأرجوك مترفضش لاني مش هقبل رفض، وكمان عشان ناكل عيش وملح فبيتي زي ما اكلته فبيتك.
رد عليه راضي بإختصار: حاضر اديني العنوان.
اداه سامح العنوان واخد سامح وراحوا بسرعة، راح وغضب الكون كله فقلبه من اميره ، بس في نفس الوقت ميقدرش يلومها لأنه مش بأديها ولا مسئوله عن تصرفاتها وينفع تتحاسب عليها.
وصلوا واستقبلهم سامح احسن استقبال، وأمه واخته كمان رحبوا ببشاشة وش وضحكة دافيه، وبمجرد مادخل راضي وشاف أميره بصلها بعتب وقالها:
-ينفع كده يااميره، ينفع تعملي فابوكي كده، كنتي هتموتيني من الخوف عليكي وصدقيني قلبي كان هيقف لو سامح اتاخر شويه فإتصاله.
ردت عليه أميره بأسف:
- اسفه يابابا مش قصدي، بس انا كنت عايزه اشوف غريب.
خلصت كلامها فغمض راضي عنيه ونفخ بغلب وقال بهمس:
-يادي غريب وقصته اللي مش هتخلص.
سامح:
-طيب نأجل أي كلام دلوقتي لبعد الغدا، ودلوقتي نفرح بسلامة أميره وبس.
وفعلا قعد راضي وحسام وابتدت مديحه ام حسام ووفاء يحطوا الأكل عالسفرة، وقعدوا كلهم مع بعض يتغدوا، واللي الكل لاحظه واستغربله طريقة اكل أميره ونفسها المفتوحه، كانت بتاكل بإستمتاع وجوع كأنها اول مره تشوف أكل، وعينها على حسام اللي بيشجعها بإبتسامته وبيحط قدامها اكل كل ماتقرب تخلص اللي فطبقها.
خلصوا اكل وقعدوا كلهم في الصالون يشربوا الشاي، وطول الوقت الجو متوتر، راضي حاسس إن فيه حاجة. مش مفهومة برغم استقبالهم الجميل، بس ام حسام نظراتها لأميره مكانتش مريحه ابدًا.
خلص الشاي ووقف راضي وقال:
- تسلم الايادي الاكل كان جميل قوي، ربنا يجعله عامر والف شكر ليك يادكتور وللست الوالدة وللأموره، يلا ياأميره يابنتي كفايه كده ازعجنا الناس وتعبناهم بما فيه الكفاية.
ردت عليه اميره بغضب ورفض:
- لا يبابا انا مش عايزه اروح، انا عايزه افضل هنا مع غريب.. ومع ماما مديحه ووفاء، الله يخليك سيبني هنا معاهم.
رد عليها راضي بغضب:
-مينفعش ياأميره تفضلي هنا، تعالي هنروح والدكتور سامح هيبقى يجي يزورك فبيتنا زي الأول ومش هيتأخر عليكي مرة تانيه، مش كده يادكتور؟
رد عليه سامح بتاكيد:
-مظبوط ياعمي، انا فعلا مش هتأخر عليكي تاني يااميره وهجيلك بأستمرار، حقك عليا وسامحيني عالتأخير الغير مقصود لأني انشغلت فحاله اخدت كل وقتي.
ردت اميره برفض:
لا انا مش هامشي من هنا، انا مش بحب اقعد هناك الشقة بتخنقني ودايمًا بحلم بكوابيس واشوف قدامي وحواليا ناس مؤذيه عايزين يموتوني، طريقة كلامها ودموعها اللي اتجمعت فعنيها وخوفها الواضح وصدقها خلوا الكل أشفق عليها واكترهم وفاء اللي حضنتها بحب وقالت للكل:
-خلوها قاعده معانا انا حبيتها قوي ومادام هترتاح هنا سيبوها كام يوم تهدي اعصابها.
رد عليها راضي برفض:
-للاسف مش هينفع يابنتي.
خرجت اميره من حضن وفاء وراحت وقفت قدام ابوها ومسكت إيديه وبترجي قالتله:
- وحياتي عندك يابابا وغلاوة ماما عندك سيبني اقعد هنا، المكان هنا مريح ومن اول مادخلته وانا حاسه اني قادره اتنفس ومش مخنوقه.
سكت راضي شويه وهنا كان دور وفاء اللي راحت علي امها وقالتلها:
- قوليله ياماما انه ينفع، ابيه سامح اغلب الوقت فشغله ومش بييجي البيت غير في مواعيد الاكل والنوم بس، واحنا التلاته بس هنكون في البيت، قولي حاجة وحياتي عندك انا حبيت اميره قوي ونفسي تقعد معانا شويه.
سكتت مديحة لحظات وهي بتبص لوفاء، وبعدها نقلت نظرها لأميرة اللي كانت ماسكة في إيدين أبوها برجاء، قلبها رقّ قدام نظرتها الحزينة والخوف اللي مالي عنيها، وأخيرًا تنهدت وقالت لراضي بصوت هادي:
-خلاص يا حاج، سيبها تقعد معانا كام يوم، واضح إنها مش مرتاحة في بيتكم وعايزه تغير جو، وإحنا هنا أهلها برضو.
راضي بصلها شوية كأنه بيحاول يلاقي سبب يرفض، فبص لسامح وكان السبب واضح، فرد عليه سامح بحجة تطمنه وتخليه يوافق:
- علي فكرة انا راجع المستشفى وعادي ابات فيها كمان، انا اصلا ليا أوضه هناك وباخد نبطاطشية الليل فمتقلقش ياعمي من ناحية وجودي في البيت.
سحب راضي نفس عميق ونفخه ببطء وقال:
- ماشي موافق، بس يومين بس يا أميرة، وبعدها هرجع آخدك، اتفقنا؟
أميرة هزت راسها بسرعة وعينيها لمعت بسعادة، وحضنته بحب وهو طبطب على ضهرها بحنية وقال:
-ربنا يهديكي ويشفيكي يا بنتي.
بعدها استأذن ومشي مع حسام، أما سامح فبعد ماوصلهم للباب رجع تاني وقعد مع اميره في الصالون شويه واتكلم معاها كتير وهي بس كانت بصاله ومبتسمه، وهو قصاد ابتسامتها، قلبه دقّ بفرحة خفيفة كانت واضحة في عينيه، بس بسرعة أخفى مشاعره وقال لأمه بصوت هادي:
- أنا راجع المستشفى محتاجة حاجة يا أمي؟
مديحة هزت راسها بالنفي وقالت بحنان:
— لا يا ابني مش عايزه حاجة، روح ربنا معاك.
ابتسملها وبص لأميرة اللي كانت بتتلفت حواليها براحة وحس بحاجة غريبة جدًا، إن اميره أخيرًا بقت في المكان الصح واللي المفروض تكون فيه، في بيته.
خرج بسرعة وهو بيهرب من المشاعر الكتير اللي بدأ يحسها وراح علي المستشفى.
أما أميرة، فبعد ما مشي أبوها، بصت لوفاء ومديحة وقالت بابتسامة خفيفة:
- متشكرة قوي ليكم، انا مش مصدقه انكم فعلًا وافقتوا تخلوني معاكم فبيتكم وانتوا متعرفونيش.
وفاء ضحكت وسحبتها من إيدها وهي بتقولها:
-بقي بعد دا كله وبتقولي منعرفكيش؟ لا داحنا نعرفك ونعرفك، تعالي بقى شوفي أوضتي، هننام سوا النهارده، بدل ما تنامي لوحدك وتفكري في حاجات تضايقك.
أميرة بصتلها بشكر واضح وقالت:
-يعني مش هضايقك بوجودي فإوضتك؟
وفاء ضحكت وقالت بعفوية:
- هو انتي صغيرة عشان تضايقيني؟ وبعدين أنا اللي عرضت، تعالي بقى قبل ما أغير رأيي.
أميرة ابتسمت لأول مرة براحة حقيقية، ومشت معاها للأوضة، كانت حاسة إنها وسط ناس بتحبها بجد، ناس مفيش منهم أذى.
عدت الليلة وعدى تاني يوم وسامح متابع حال اميره بالتليفون مع وفاء، وطول الوقت دا كان قاعد في المستشفى،وعلى نص اليوم التالت رجع البيت بعد ماعرف من وفاء إن اميره بتسأل عليه بإستمرار، قعد معاها واتغدوا سوا ورجع على المستشفى، مع ان امه قالتله بات فأوضتك الليلادي أميره هتبات مع وفاء في أوضتها، إلا إنه كان عارف لو بات في البيت، وجود أميرة قريب منه هيخليه متوتر ومش قادر يتعامل براحة ولا يسيطر على لهفته عليها، فقرر يرجع المستشفى.
راح على امه المطبخ عشان يستأذنها ووصاها على اميره مرة تانيه أو عاشره، وهي طمنته وادتله اكل ياخده معاه المستشفى ووصته ياكل ومينساش نفسه بالجوع، وهو
هزّ راسه بإيجاب وأخد الأكل، وبص لوفاء وأميرة اللي كانوا قاعدين مع بعض مندمجين وبيتكلموا، وعينيه وقعت على أميرة للحظة، شافها بتضحك مع وفاء، ضحكة حقيقية مفيهاش قلق، وده طمّنه رغم كل حاجة.
وصل المستشفى واول ماوصل راضي كلمه عشان يروح ياخد اميره
ومع ان سامح كان رافض من جواه وشايف إن اميره بتتحسن في بيته كتير، إلا إنه مكانش يملك حق الإعتراض، فطلب منه يأجلها لتاني يوم عشان يكون موجود وقت مااميره تمشي ويحاول يقنعها.
وفعلا تاني يوم وصل سامح البيت وابتدا يقنع اميره انها ترجع مع باباها وانه هيزورها بإستمرار، لكن المفاجأة انها رفضت، رفضت رفض قاطع انها تسيب المكان وكأن وجودها فيه مسألة حياة أو موت.
ولما جه ابوها عشان ياخدها كان رد فعلها عنيف جدًا وكأنه واخدها على سجن مش على شقتهم!
وبناء عليه وقف راضي محتار وسامح شاف انها لو رجعت مغصوبه ممكن تعمل في نفسها حاجة، فأقنع راضي بأنها تفضل كمان كام يوم، وأقنع كمان والدته بكده، بس مديحه بعد مامشي راضي ادت لسامح أمر مباشر بإنه يبطل بيات في المستشفى، بس كمان مينفعش يبات معاهم في الشقة، والحل الوحيد انها توضبله الأوضه اللي عالسطوح يقعد فيها فترة لغاية ماموضوع اميره دا ينتهي.
وفعلا دا اللي حصل.
ومن يومها وأميرة بقت كل يوم في تحسن، دخلت المطبخ مع وفاء وابتدت تراقبها وتساعدها عشان تتعلم الطبخ منها وغير كده مديحه بدأت ترتاحلها وتشفق عليها لما اكتشفت انها طيبه وبريئة، وان تصرفاتها تشبه تصرفات طفلة لسه بتكتشف كل حاجة في الدنيا جديد
،
اما سامح فكان بيحارب قلبه اللي كل يوم يتعلق بأميره اكتر من اليوم اللي قبله، وخصوصًا لما بقت تتسحب كل يوم بعد مايناموا مديحه ووفاء وتطلعله السطوح ويفضلوا يتكلموا للفجر، لكن للاسف كانت طول الوقت بتتكلم معاه على انه غريب، مش سامح، ودا اللي كان مخلي سعادته ناقصه، حتي بحالتها اللي بتتحسن، لأنه عارف إن تحسنها مؤقت ومرتبط بقربها منه، ودا اللي مش حابه ولا عايزه، مش عايز يكون المخدر اللي بيغيبها عن الحياة فترة وترجع لنقطة الصفر تاني لما يزول ويبعد عنها.
لغاية اليوم اللي مديحه صحيت بالليل وقت ماكانت اميره بتتسحب وطالعه السطوح، مشيت وراها وفضلت واقفه بعيد تسمعهم بيقولوا ايه، ولما لقته كلام عادي وقاعدين بعيد عن بعض اطمنت، بس برضوا الوضع غلط ومينفعش ترضى بيه، فهجمت عليهم مرة وحده وقالت:
-الله الله ياسي سامح انت والست أميره، بقى بتخلوني أنام وتقعدوا لوحدكم عالسطوح وتستغفلوني؟
رد عليها سامح بضحك وهو بيرفع اديه
-بصي ياماما أنا قاعد فمكاني وكافي غيري شري وهي اللي بتجيني انا مليش ذنب.
برقت اميره عنيها وبصتله وهو اتراجع لورا وكمل:
- ايوه هو دلوقتي الغلطان مين اللي قاعد فمكانه ولا اللي جايله؟
ردت عليه امه وهي بتمسك اميره من هدومها:
-لأ اللي جايله طبعًا، معايا على تحت يابت انتي واياك اشوفك طالعه السطوح هنا تاني لأي سبب.
وفعلا نزلت مديحه وهي ماسكه اميره ماسكة حراميه وسامح كل اللي عليه انه بيضحك من كل قلبه ومش ببطل ضحك وبالذات وهو شايف اميره هتموت من الكسوف وفموقف لا تحسد عليه. ومن يومها وبطلت اميره تطلع السطوح وزادت وردية المراقبه عليها ، وكلامها مع سامح كله قدام عيون أمه.
وفي اليوم اللي كان راضي جاي يزورهم فيه ويطمن علي اميره قررت اميره انها هي اللي تعمل الاكل لوحدها لأول مره عشان تفرح ابوها وسامح يشوف شطارتها ويدوق اكلها، لكن للأسف غفلت عن الأكل وقامت حريقه خلت مديحه صوتت لغاية مالمت الجيران، وحرمت على اميره تدخل المطبخ مره تانيه،
واتبدل حماسها لإحباط وخصوصًا لما وفاء صورت الاكل المحروق ونشرته في جروب معروف عن الأكل وكومنتات السخرية بقت نازله ترف، وبرغم زعل اميره وكسوفها إلا انها ضحكت من قلبها مع وفاء.
ولما جه ابوها راضي واخدها على بيتهم وافقت.. مع ان الرفض كان فعيونها بس للأسف مكانش ينفع تعترض المرادي كمان وتفضل اكتر من كده، فرجعت معاه، رجعت وسابت فراغ كبير في حياة سامح وفراغ عند وفاء، وراحت هي كمان للفراغ والخنقة اللي حست بيها بمجرد مادخلت الشقة.
ورجعت مرة تانيه للكوابيس والصمت والتفكير، وحتى في وجود اختها فريده وبنتها متغيرش الحال، بالعكس دي بقت بتميل للعزلة اكتر، وميخرجهاش منها غير اتصال من وفاء أو من سامح، ومن مديحه احيانًا اللي بعد مامشيت اميره حست انها اخدت حاجة معاها من البيت وبقى ناقص في عدم وجودها، وحست انها وحشتها كلمة ماما ديحا اللي كانت دايما تقولهالها.
ورجع تاني راضي يشيل همها ويخاف عليها بعد ماكان باله مرتاح الاسبوعين اللي فاتوا.
وبعد كام يوم اتفاجئ سامح بيها واقفه علي مدخل العماره بتاعته مستنياه الصبح فميعاد مرواحه للشغل، قرب منها وسألها:
-أميره؟ جيتي ازاي وليه؟ وباباكي واهلك يعرفو؟
ردت عليه بهزة نفي من دماغها وبعدها قالتله:
-محدش يعرف ياغريب، أنا جيت عشان مش قادره اكون مع غيرك انا عايزه اكون معاك وبس.
رد عليها وهو بيسحب نفس وينفخه:
- غلط يااميره.. اكبر غلط انك تعملي حاجة من ورا اهلك وحبايبك، هفضل اقولهالك لحد امتا بقى متفهميها يابنتي.
ردت عليه وهي بتقرب منه:
- خليني معاكم هنا ياغريب واوعدك مش هخرج ولا اروح حته، هفضل قاعده في البيت مع وفاء وماما ديحا وبس، انا بحبكم اوي.
كلامها ليه على قد مازلزل قلبه وصحى جواه الحنين لقعدتهم سوا وقربها منه وكلامهم.. على قد مازعله عشان إسم غريب اللي دايمًا بتناديه بيه، فأخدها من غير مايرد عليها ورجع بيها لبيت اهلها، خبط وكان راضي لسه نايم صحي على صوت خبط الباب واتفاجئ بسامح واميره معاه عالباب وقال:
-أميره؟ انتي خرجتي امتا؟
رد عليه سامح :
-معلش ندخل الاول وانا هفهمك.
دخلوا وراحوا عالصالون فقعد سامح وقال لراضي:
-لقيتها واقفه علي باب العماره بتاعتنا مستنياني.
سكت راضي فكمل سامح:
-بص هي مش هتعمل كده تاني انا متأكد، والمرادي انا هحط كل ثقتي فيها ومش هتخزلني.
ضرب راضي اديه الاتنين فبعض بقلة حيله وقاله:
-اتمني يادكتور إن دا يحصل، عشان بجد انا تعبت ومبقتش عارف اعمل ايه.. المهم دلوقتي انا داخل اعمل فطار نفطر سوا وبعدها محتاج اتكلم انا وانت.
سامح:
-انا فطرت الحمد لله، ولو عالكلام هاجي لحضرتك بالليل ونتكلم براحتنا.
راضي:
-يبقا تشرب الشاي معايا.
سامح:
-هشربه في المستشفى معلش متأخر عن ميعادي.
خلص كلامه ومشي ناحية الباب ففضلت أميره تراقبه واول ماخرج جريت وراه وبترجي قالتله:
-غريب متسيبنيش.
لف وهو بيبلع ريقه وبصلها وشاف فعيونها نظرة استنجاد بيه مقدرش يتجاهلها، وكانها غريق ماددله ايده وبيترجاه ينقذه، فرد عليها بهدوء وهو بيلف عشان يمشي.
-أنا مش غريب ياأميره.
خطى خطوتين لكنه وقف لما قالتله:
-سامح متسيبنيش.. انا.. انا بحبك.. انا عايزه اعيش معاك ومع ماما ديحا، ومع وفاء.
في اللحظة دي حس بإنه انتصر انتصار ساحق، انتصر على تعبها وحالتها، وانتصر على رفضها للواقع، والاهم إنه في اللحظة دي انتصر على عقله اللي كان بيقنعه بإن هو وأميره طريقهم لا يمكن تتقابل زي شريط القطر،
بس بعد اعترافها بحبها ليه ونطقها لإسمه اتبدلت كل قناعاته وحس ان المستحيل أصبح جايز وممكن.
قرب منها وهو مبتسم ووقف قدامها وقالها:
- حاضر هاخدك تعيشي معانا ياأميره، بس هاخدك بصفة تانيه، صفه ينفع تقعدي بيها معانا بشكل دايم، وقدام الكل وبموافقتهم مش وانتي هربانه.
ضحكت وحطت ايدها على بوقها وهي مش مصدقه نفسها، فقرب منها سامح اكتر وسألها بهمس:
-إلا هو انتي قولتي انا اسمي إيه؟
ردت عليه اميره بخجل:
- سامح، اسمك دكتور سامح احسن واشطر دكتور في الدنيا.
اختفت ابتسامة سامح وبرق بذهول وقالها وهو بيمشي بسرعة:
-انا رايح اجيب المأذون واجيب مديحه، ولو مجيتش اعرفي إن مديحه خلصت عليا، بس الاكيد اني لو فضلت عايش مفيش حاجة هتمنعني عن اني اجيلك واخدك من وسط كل الفوضي دي.. عشان نصنع فوضى جديدة.
فاقت اميره من شرودها علي صوت سامح بيقولها:
- هييي، انتي ياست السرحانه تعالي دوقي ملح الاكل واظبطيه انا ايدي بتجري عالملح وعم راضي مبياكلش الأكل الحادق.
قفلت اميره الشباك وراحت علي سامح وابتدت تظبط ملح الأكل وتكمل تجهيزه عشان عزومة بكره اللي الكل متحمس ليها وقلبها بيدق من الذكريات الجميلة اللي إفتكرتها، ومن وسط انشغال سامح بصلها لقاها بتبصله ومبتسمه، سألها بحركة من وشه عن سر حالتها فهي ردت عليه وهي بتقرب منه:
-بحبك.
ساب اللي فايده وقرب هو كمان منها وحضنها من وسطها وهمسلها بحب:
-هو ضروري طبيخ النهارده وعزومه، مينفعش نأجل كل حاجة دلوقتي؟
ضحكت اميره وسندت دماغها على صدره وهو باس دماغها بحب والإتنين غمضوا عيونهم براحة وإحساس مش جديد عليهم وبيتكرر كل مايقربوا من بعض، إحساس بالدفى والأمان.
أما في الفيلا عند ليل وغريب..
غريب:
-نجمه كفايه ايه كل اللي بتحطيه في الشنط ده.. انا هشتريلها هدوم من هناك وكل حاجة هي محتاجاها.
ردت عليه ليل بعتب:
- ليه ناوي تسيبني لحالي إهناك ياك وتنزل تلف وتشتري هدوم وحاجات؟
غريب:
-ياستي مش هسيبك والله رجلي على رجلك هننزل نتسوق ونشتري سوا كل اللي نفسنا فيه.
ردت عليه ليل بوجع:
-واني ايه اللي هيقدرني الف ولا اتسوق لو خدت كيماوي من اللي عيهد الحيل والقوة ياغريب..ولا هشتري ليه جديد من اصلو واني يمكن...
قبل ماتكمل الجملة كان غريب باصصلها بنظرة ناريه خلاها قطمت الكلام وقالها:
خلي بالك ان كلامك بيوجع والمفروض تعملي حساب مشاعر الناس اللي قدامك وتقدري احاسيسهم.
ردت عليه ليل بأسف:
-معلهش حقك علي متزعلشي، اني والله قصدي يعني.
-انا عارف قصدك وعارف عايزه تقولي ايه فمتحاوليش تبرري، ودلوقتي انا خارج اريح الدنيا في الشغل وأوزع المهام على الظباط طول فترة غيابي وسفري.
ليل:
-طيب متعوقش عشان تشوف شهاب هو كمان عايز ايه منك كان عيقول عايز اشتري شوية حاجات لاصحابه قبل سفرنا .
رد عليها غريب وهو بيمشي:
- هاخده معايا فطريقي ويشتري اللي هو عايزه اطمني.
خلص كلامه وخرج قدامها بهامته المنصوبه وتماسكه الزايف اللي بمجرد ماوصل العربية اختفوا وسند دماغه على الدريكسيون بتعب، وقاطعه شهاب وهو بيركب العربيه جنبه ويقوله:
- متخافش وخلي أملك في ربنا كبير مش هيطلع خبيث بإذن الله وهتكون حاجة هينه وهتتحل بأبسط حاجة، وحتى لو لقدر الله دا حصل، الطب دلوقتي اتقدم و٩٠% من الحالات بيتم شفائها بالكامل.
رد عليه غريب بصوت يادوب طالع:
- يارب ياشهاب، ربنا يلطف بيا وبيها، انا على استعداد اني اعمل اي حاجة في الدنيا بس تخف، فلوسي وعمري وصحتى فداها، ياريت التعب بيتاخد مكان حد كنت اخدته منها.
رد عليه شهاب وقاله:
-بعد الشر عليك وعليها ياحبيبي، احنا ملناش غيركم وزي ماهي الهوا لينا انت الميه ومن غير واحد فيكم منقدرش نعيش.
خلص كلامه واتحرك ابوه بالعربيه ورن تليفونه، فبص فيه ومردش، وغريب بصله بطرف عينه وقاله:
-هي مش كده؟
رد عليه شهاب بخجل:
-ايوه يابابا بتطمن عايزه تشوفني حددت ميعاد للسفر ولا لأ،أصلها متعرفش لسه اني حجزت على النهارده.
رد عليه غريب وهو بيبص للتليفون اللي فأيده:
-تمام بس متنساش تفضيلي التليفون دا عايز اخدلنا كام صورة حلوين بيه انا وامك هناك في المانيا، صورة تليفوني عره انت عارف.
رد عليه شهاب بضحكة:
-متقلقش اعتبره بتاعك ومش عليه اي حاجةَ، هرجع البيت اعمله ضبط مصنع وخده، ولا ملوش داعي ضبط المصنع هو مساحته كبيره انا هحزف بعض التطبيقات بس واخد الشرايح وخلصنا.
سكت غريب وكملوا طريقهم لغاية القسم، فنزل غريب وشهاب فضل مستنيه في العربيه واستغل الوقت بإنه يكلم ايميلي...
-هاي ايم، كيف حالك؟
_انا بخير عزيزي كيف حالك أنت؟
-انا ايضًا بخير، لدي لك خبر مفرح، اليوم سأكون عندك.
-ماذا؟ هل تمزح معي؟
_ لا أنا اتحدث بجدية، وأمامي فقط بضع ساعات، وبالمناسبة هل لازالت هديتك موجودة أم غيرتي رأيك وتراجعتي، لأني سأعطي هاتفي لأبي، فلو تراجعتي اخبريني حتى لا اخسر هاتفي الحبيب.
سكتت ايميلي شويه وكأنها اتصدمت من اللي قاله وبعدها ردت عليه بصوت متغير وفرحان:
-جود شهاب، اتركه لوالدك ولا تقلق بشان هديتك، سآتي لك بعشرة هواتف إن أردت، انا كُلي لك.
ابتسم شهاب ورد عليها:
-شكرًا لك عزيزتي، وأعدك ستكون هدية عيد ميلادك مميزة،وأيضًا عندي لك مفاجئة ستعرفينها حين أصل.
ردت عليه بحماس:
-يبدوا أن اليوم هو يوم حظي، أنه يوم مليء بالمفاجآت السارة.. حسنًا انا بإنتظارك عزيزي.
انهى شهاب المكالمة ونزل يتمشى فى المنطقة وشاف محل بيبيع هدوم حريمي للمحجبات، فراح عليه ووقف قدامه وهو باصص لموديل معروض، عبارة عن فستان واسع وطويل وبطرحته، فإبتسم إبتسامه خفيفه ودخل المحل إشتراه.
خرج غريب من القسم وركب العربية وفضل يلف مع شهاب على كل الاماكن اللي عايز يروحها واختار معاه هدايا لأصحابه وكل الحاجات اللي كان محتاجها.
اما في الفيلا كانت ليل قاعده مع نجمه وبتقولها:
-نجمه انتي مش هينفع بعد سفرنا تقعدي إهنه لحالك، هتروحي على فيلا جدك ماهر وتقعدي إهناك معاهم لحدت مايعاود جدك او يعاود ابوكي،
اوعاكي تاجي البيت لحالك واحنا مش قاعدين ولا تروحي الفيلا لإيان لحالك برضك تحت أي ظرف، ديه شاب والشيطان شاطر يابتي.
ردت عليها نجمه بحسرة وغضب فنفس الوقت:
- أولًا متقوليش لما باباكي يرجع، قولي لما أنا وباباكي نرجع، أوعي تبعدي نفسك عن الصورة اللي انتي أساسها، ومن ناحية إيان اطمني، دا مش فاضى حتى أنه يدي فرصة للشيطان يلعب بيه.
ليل:
-والله داي احسن حاجة عجباني فيه، ضارب الدنيا طبنجة وعايش مع نفسه ولقروده وبس.. المهم دلوك جوهره هتاخديها معاكي وتخلي بالك منها وعينك عليها، البنيه هتستحي تاخد راحتها هناك وتاكل او تشرب، أوبقي اغصبي عليها في الوكل والشرب في الأول لحد ماتاخد عالمكان وأهله.
نجمة:
-حاضر ياأمي متقلقيش هخلي بالي منها حاضر.
رجع غريب من بره وشهاب كمان معاه، ابتدت ليل تلف في الفيلا وتشوف كل ركن فيها، مطبخها وأوضتها والجنينه، كأنها بتودع المكان، وفي الآخر راح عليها غريب مسكها من إيدها وقالها:
-كفايه لف في الفيلا مش هنطول فى المانيا وهنرجعلها بسرعة مش هتلحق توحشك صدقيني.
ابتدا يساعدها انها تلبس هدومها وهو غير هدومه وشهاب كمان استعد للسفر معاهم، واخدوا شنطهم ونجمه جهزت شنطتها وكل اللي هتحتاجه طول قعادها عند بيت جدها، وحتى جوهره اخدت حاجتها وكلهم ركبوا عربية نجمة عشان توصلهم المطار وترجع على بيت جدها ماهر.
وصلوا المطار ودخلوا ونجمه ودعتهم ورجعت، ركبوا الطيارة اخيرًا وأول ماطارت في الجو ليل مسكت ايد غريب وشدت عليها بخوف من مصير مجهول كلها ساعات وتكتشفه،
وهو حضن ايدها بايده التانيه يطمنها ويبعد عنها الخوف اللي هو ذات نفسه مش قادر يسيطر عليه، ولا عارف هيتحكم في اعصابه ازاي لو لا قدر الله ليل طلع فيها حاجة وحشة، واذاي هيتماسك قدامها عشان هي متنهارش، وألف ازاي وازاي وسؤال ملهمش إجابة ومجرد التفكير فيهم بيدب فقلبه الرعب.
اخيرًا حطت الطيارة ونزلوا، نزلوا على أرض المعجزات والأمل، في المكان اللي منه هيتحدد مصيرهم اللي جاي، واللي ياهيرجعوا منه بأمل وحياة جديدة، ياهيرجعوا منه اتنين أموات.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية