-->

رواية جديدة نجمة أركان الجزء الرابع من سلسلة فرعون مكتملة لريناد يوسف - الفصل 40 - الخميس 26/6/2025

 

قراءة رواية نجمة أركان الجزء الرابع من رواية فرعون كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية نجمة أركان

الجزء الرابع من رواية فرعون

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف

الفصل الأربعون

تم النشر يوم الخميس 

26/6/2025



قاسم رد على جواهر بنبرة حادةوهو بيحط تليفونه فجيبه:

-ايه ياجواهر العبط اللي بتقوليه دا، اخونك ايه وكلام فارغ ايه، انتي واعيه ياجواهر للي بتقوليه، دي تهمه مسمحش بيها، مش بعد كل السنين دي وفي العمر دا تتهميني بالخيانة.. أنا أفضل حاجة إني امشي عشان بجد لو استنيت ممكن افقد اعصابي عليكي. 

وقف عشان يمشي لكن جواهر مسكته من هدومه وقالتله:

-لا وحياة امك ماهتتحرك من هنا ولا هتاخدني فدوكه زي كل مرة وتهرب مني، انا قتيلتك النهاردة ياقاسم، يانا ياأنت وتقولي مين كهرمانة دي وتفتحلي تليفونك على محادثتها ودلوقتي.


قاسم:

-اعقلي ياجواهر وبلاش جنان عشان لما اثبتلك اني مش بخونك وتشوفي بعينك هيبقى منظرك وحش اوي قدامي. 

جواهر:

-ايوه انا عايزه منظري يبقى وحش ياقاسم، ولو متلميتش وفتحت التليفون دلوقتي هخلي منظري ومنظرك زي الزفت قدام الناس. 


قاسم:

-جواهر

جواهر وهي بتهزه من هدومه جامد:

-مفيش جواهر.. افتح التليفون. 


بلع قاسم ريقه وحس انه محاصر ومفيش مفر من الإعتراف فقالها:

-طيب هقولك كل حاجة بس سيبي هدومي واقعدي ومش عاوز فضايح، واللي تسمعيه تنسيه فاهمه. 

جواهر سابت هدومه وربعت اديها قدام صدرها وقالتله:

-اتكلم ياقاسم، بس قبل ماتتكلم هات تليفونك خليه فأيدي. 

قاسم:

-ليه؟ 

جواهر:

-عشان عارفة حركات العيال بتاعتك وانك ممكن تسهيني وتجري تحذف المحادثه وتألفلي أي قصة وتوهمني اني كنت بتخيل وتطلعني مريضة نفسية ومحتاجة علاج..فهات التليفون ياقاسم احسنلك بدال مااصوت والم الكل علينا. 


قاسم:

- خدي الزفت على دماغك ياجواهر اهو واترزعي بدال مااناولك بأيدي فوشك أطبقهولك فبعضه. 


اخدت جواهر التليفون وقعدت وقاسم كمان قعد وقالها بهدوء:

-بصي ياجواهر.. كهرمانه دي وحده ومش وحده..يعني مؤنث ومذكر فنفس الوقت

جواهر:

-قاسم اتكلم عدل وقول كلام ناس عاقلين عشان على تكه وهصوت،يعني ايه ست ومش ست ومش مذكر، جنس تالت يعني ولا ايه؟ 


قاسم:

-يابقره افهميني.. انا قصدي إن كهرمانه دي ملهاش وجود، مجرد أكونت وهمي أنا عملته عشان اكلم من عليه أركان وألهيه عن الحزن والزعل اللي كان هيموته. 


جواهر:

-والمفروض اني اصدق صح؟ قولي الرقم الباسورد بتاع التليفون بدال مااكسره علي دماغك. 

قاسم:

- الباسورد تاريخ ميلاد حلا. 


اخدت جواهر نفس وكتبت الباسورد وفتحت الفيس بأيد بتترعش وخوف من إنها تلاقي غير اللي قاسم قاله، جابت المحادثه وفضلت تقلب فيها وبصت لقاسم وقالتله:

-انت بتكدب عليا؟ البنت مكلمه أركان صوت! 


قاسم:

-انا اللي مكلمه صوت. 

جواهر:

-قاسم انا فوعيي على فكرة يعني لا سكرانه ولا عبيطه. 

قاسم:

-لأ عبيطه؛ عشان عادي اعمل كده واغير صوتي الذكاء الاصطناعي يخليكي تعملي اي حاجة بس تعرفي تستخدميه.. وانا خليت حد بيعرف كويس في الحاجات دي علمني.. حملت برنامج تقدري تغيري من خلاله نبرة صوتك على اي تطبيق بتتكلمي عليه صوتك. 


جواهر:

_قاسم قول إنك بتهزر عشان لو الكلام دا كان بجد دي تبقى كارثه بكل المقاييس.. انت عارف انت عملت إيه فإبنك؟ 


قاسم:

-الكلام بجد ومفيش كوارث لانه انتهى خلاص.. انا حطيت لأركان سبب إستحاله بعده أي راجل يفكر انه يرتبط بالبنت اللي تعمله. 


جواهر سكتت مردتش عليه وهو استغرب سكوتها وبص لعيونها لقاها بتبص وراه، ولما بص يشوف مين وراه اتصدم إنه أركان! 

وقف على حيله وبصوت يادوب طالع قاله:

-أركان، انت هنا من إمتا؟ 

اركان سأله من غير مايجاوب عليه:


-ليه عملت فيا كده؟ انت عارف انا دلوقتي حاسس بأيه، انا حاسس ان كل الناس اللي حواليا وبحبهم اتراهنو عليا عشان يشوفوا مين يقدر يوجعني اكتر، بما فيهم انت. 


انت تعرف ان لولا شوية الشك اللي كانوا فقلبي من ناحية كهرمانة ولولا اني كنت كل مااجي احبها امنع نفسي كنت اتكسرت دلوقتي وكسرتين في القلب توجع. 

قاسم:

-بص ياأركان انا جايز اكون غلطت في الطريقة بس انا نيتي خير، مقدرتش اشوفك بتموت قدامي بالبطيء واقف اتفرج عليك، حاولت أصبرك، اقف جنبك، اعرفك ان الدنيا فيها بنات غير نجمه والقلب ممكن يحب تاني وتالت وعاشر. 


رد عليه اركان بوجع:

قصدك يتوجع تاني وتالت وعاشر، بص انا مش عارف اقولك ايه، ولا هعرف اوصفلك انا حاسس دلوقتي بإيه، بس حقيقي يابابا صدمتني وأذيتني. 


خلص كلامه وجري من قدام ابوه ومهما نادى عليه قاسم مردش لا عليه ولا على امه جواهر، وركب عربيته وجري بيها عالأكاديمية، وبدال ماكان جاي بوجع واحد رجع بأتنين. 


اما جواهر فبصت لقاسم وقالتله:

-حقيقي ياقاسم ولا انا عارفه اقول ايه على عملتك السودة دي. 


قاسم:

-والله قصدي خير وكنت عايز اساعده، يعني هو انا هأذي ابني ياجواهر، ولا هعمل حاجة عارفها هتضره بعدين، انا حبيت اسليه والهيه ايه عرفني ان قلبه خفيف وهيتعلق كده، وبعدين عايزين تفهموني ان حب العمر يتنسي فكام شهر والقلب يحب تاني بسهولة كده؟ 


وهنا رد عليه ماهر من وراه:

-ياأغبى المخلوقات اللي في الدنيا مش قصة حب يتنسي ولا ميتنسيش، القصة ومافيها انك تعود الولد على حاجة وترجع تحرمه منها، والتعود زيه زي الحب بالظبط، ونفس وجع الحب.. طول عمرك ياقاسم طريقتك في مساعدة حبايبك غلط والمفروض تعفيهم من خدماتك المميته، من أول غريب ومساعدتك ليه وهو متصاب وكلفته ٤ سنين من عمره لحد إبنك اللي محدش عارف عملتك هتكلفه ايه، يمكن تكلفه ثقته فكل اللي حواليه واهو قالهالك صريحة حاسس ان كل حبايبه اتفقوا يوجعوه.. لسه قاعد زي ماانت بعد كل السنين دي الدبه اللي بتقتل صاحبها من كتر الحب. 


قاسم بص لماهر وسكت مقدرش يتكلم لما ادرك بعد كلامه حجم الكارثة اللي عملها فإبنه وهو فاكر إنه بيساعده، ودلوقتي لازم يفكر يصلح معاه الغلطة دي ازاي. 



أما في البلد عند نواره..

نواره:

-يعني خلاص يابوي بكره هيفتحوا قبر وفقي وياخدو منيه العينه وكل حاجة تبان والحق يرجع لأصحابه؟ 


مؤمن:

-ايوه يانواره خلاص بكره، المحامي بعتلي مع عزام وقال لازمن نكونوا موجودين بكره مع الطب الشرعي وهما هيطلعوا وفقي.. انتي طبعًا مش هتقدري تروحي صح؟ 

نواره:

-ليه مقدرش، هخاف يعني ولا ايه، له اني معاكم ورجلي على رجلكم. 


عيشه:

-لو روحتك مش لازمه متروحيش يانواره احسن. 

نواره:

-له لازمه ياخالة.. لازمن اشوف بعيني كل حاجة، اشوف مصرية قدامي هي وعزام وهما واقفين سوا عالقبر بتاع وفقي. 


مؤمن:

-ومالك ومالهم يابتي؟ 

نواره:

-له دا مالي ومالي يابوي.. بصوا اني رايحه يعني رايحه، أصلي اتوحشت مصرية وعايزه املي عيوني منها ومن حالها من بعد موت وفقي، أصل هيقولوا إن الوحده بعد موت جوزها هتحلو وتصغر وتزغلل العين، وخصوصًا لو كانت غنيه كيف مصرية. 

بصتلها عيشه وفهمت قصدها وردت عليها بالمتغطي:

-ريحي عقلك هبابه وانفضي منيه الخرابيط اللي هتتعبه داي، مصريه مهتحلاش فعين حد ولا اللي حواليها مهبلين. 

نواره:

-ومين قال انهم مهبلين، دا لو شفت بكره بعيني وطلع اللي فبالي صوح يبقوا ناصحين ومفتحين. على العموم بكره مش بعيد وكل حاجة هتبان على عينك ياتاجر. 

عيشه:

يوبقى اني كمان هروح معاكي مينفعش اهملك. لحالك مع اني هخاف قوي من الحاجات داي وهتجيني مخوفات بالليل، بس اعمل ايه. 

نواره:

-ليهاشي عازه جيتك معاي، اقعدي انتي إهنه برزق واني هروح مع ابوي. 


خلص الكلام وطلع مؤمن لدكانته وعيشه راحت عالموطبخ اللي نواره اعتزلته من ساعة ماعزام بطل يجيهم، ونواره شالت ولدها وقعدت ترضع فيه وعقلها يودي ويجيب، وصورة عزام قدام عنيها مرايحاش، وإحساس مسيطر عليها مش عارفه ايه سببه بإنها بكره هتتصدم من حاجة هتوجع قلبها. 


أما عند مصرية فكان الوضع مريب وميطمنش.. 

مصرية في اليوم ده عملت وليمة وعزمت عليها شاكر وعزام جوا السرايا وعلي السفرة وأصرت ياكلوا معاها. كانت هاديه ومرتاحه ومش باين عليها أي قلق، حتى مسألة تصفية املاكها وبيع الأصول شالتها من دماغها ومتكلمتش فيها تاني.. 

فسألها عزام:

_شايفك يعني مدياش للي هيجرا بكره اهتمام ياست مصرية؟ 


مصرية:

-وليه اديه إهتمام ماللي هيحصل عارفاه ومرتاحه فيه. 


شاكر:

-يعني سلمتي خلاص بالحق؟ 

مصرية:

-ماني مسلمة بالحق ياشاكر وكل اللي ليه حق ياخده بس بالقانون. 

شاكر:

-طيب ماتحليها ودي بعيد عن القانون بدال مالغلبان ديه تقلقوا نومته بكره وتكشفوا ستره وتفضحوه وتفرحوا فيه جيرانه الأموات؟ 

مصرية:

-له خليهم يطلعوه اهو عالأقل يطلع يشم هوا ويدخل تاني. 

شاكر:

-على قولك أهو يغير جو. 

عزام كان مراقب تعابير وشها المرتاحه ويحاول يخمن ياترى إيه اللي مطمنها للدرجه دي، واكتر حاجة منطقية وصلها تفكيره انها مظبطه حد يزورلها نتيجة التحليل كيف ماقدرت تطلع لرزق شهادة وفاة لغاية دلوك ميعرفش كيف القادره عملتها ولوحدها؟! 


وعدت الليلة وجه الميعاد، وطلعت نواره مع ابوها ومصرية مع عزام وشاكر واتقابلوا عن قبر وفقي ووقفوا على حزبين قصاد بعض. 

ونواره ومصرية الاتنين عيونهم على بعض وكل وحده عيونها فيهم تحدي. 

أما عزام فكان طول الوقت متفادي النظر لنواره عشان مش هيتحمل اللوم اللي فيهم ولا العتب وهو عارف انه كبير،ونواره شايفه ان تجاهله ليها إهانة مابعدها إهانه، ووقفته جار مصرية قايده فقلبها نار كيف مايكون صاحب وراح جبهة العدو وأول ضربة غدر عطاها لصاحبة. 


اتفتح القبر وطلعوا وفقي، ومن اول ماحطوه على المشمع عشان يفتحوا كفنه نواره زاحت ابوها واتقدمت وقبل مايتفتح الكفن بصت لعزام وقالت بحسها العالي:

-بس ديه مش وفقي، وفقي كان طويل وديه قصير؟ 

الكل بصلها واتفتح الكفن وشافت نواره اللي اثبت كلامها فعلًا.. وفقي كان شعره اغلبه ابيض وده شعره أسود؟ 

وهنا بصت لمصرية وقالتلها:

-عميلتيها يامصرية؟! 

مردتش عليها مصريه والطب الشرعي كمل مهمته واخد عينه ورجعوا الجثة مكانها، وبعد مااتقفل القبر الظابط اللي كان واقف وحاضر خد حارث المقابر عشان يستجوبه بعد كلام نواره والحارث اصر على إن دي جثة وفقي وإنها من ساعة مااندفنت القبر متفتحش ولا حد جه ناحيته، وعشان العين خاصه بس بعيلة مصرية فالقبر مفهوش غيرة ودا يقطع الشك بأنهم حتى ممكن يكونوا اتلخبطوا في الجثة.


أما عزام فرجع مع مصرية عالسرايا بعد ماعرف عملتها اللي ضيعت بيها أي حق لولد وفقي اللي اتخلصت منه واختفى أثره من الدنيا ولا حد يعرف يثبت ان الواد ولده، لا ليه عم ولا حد من نسل وفقي حتى. 


وفعلًا بعد الأيام المحددة جات النتيجة سلبية و مفيش تطابق، وأن الولد مش ابن وفقي، ودي كانت أول قذيفة تضربها مصرية على نواره وولدها، والتانيه قطعت كل الأوراق اللي تثبت إن الأملاك وفقي كتبها لولده قبل موته، وبعد موت الواد رجعت الأملاك لأمه مرة تانيه، وبكده حتى نواره طلعت من المولد بلا حمص. 


أما عزام فبعد ماحصل دا كله وقف محتار مش عارف يعمل إيه؟ اللي عملته مصرية يعجز العقل عن إستيعابه، قفلت علي نواره وولدها كل بيبان الرحمة وحكمت عليهم بالفقر والحرمان والعار.. أمرهم انتهى معاها خالص، فكر يروحلهم ويديهم قرشين ويواسيهم بس اللي هتقولهوله نواره مش هيقدر يسمعه، فقرر انه يساعدهم عن طريق مؤمن من غير مانواره تعرف، عالأقل يحس انه بيعمل حاجة عشانهم، حتى عشان نواره متضطرش انها تطلع تدور علي شغل عشان تعيل ولدها بعد ماخسرت كل فلوسها في القضية. 


اما نوارة فمن ساعة النتيجة والحكم وهي قاعده ساكته.. باصه لولدها والندم قاتلها وتقول ياريتني سيبته لمصريه بس كان فضل بإسم أبوه، خايفه وحامله هم لما يكبر ويعرف اللي حصل وميلومش غيرها عاللي جراله.. الندم مع الخوف حاجة محدش يتحملها، ونتيجتهم إن نواره اكتأبت ومنعت الأكل ودخلت فحالة نفسيه صعبه لا ابوها ولا عيشه قادرين يطلعوها منها، والوحيد اللي يقدر يعمل دا معادش ليه وجود فحياتهم، بعد وراح وشاف حاله كأنه حلم وصحيت نواره منه. 


اما مصرية فكانت مستنيه من عزام وشاكر لوم أو عتب، سؤال عالأقل، إعتراض.. لكنها ملقتش منهم غير سكوت، فاتأكدت انهم باعوا قضية نواره وولدها وولائهم بقى للقمة عيشهم ودا خلى ثقتها فيهم اتضاعفت، ومع اهتمام عزام الزايد بيها وتلميحاته الواضحه بدأت تفكر في الموضوع وقالت لنفسها:

وليه لا.. حتى لو طمعان فمالي وإيه يعني، وهو اني هعمل ايه بالفلوس ولا أوديها فين؟ خليه ياخدها، وحتى لو اتجوز عليها وحده صبية عشان تخلف يتجوزها بعيد عنها وميعرفهاش، هي معاوزاش منه أكتر من ونس وحد تلاقيه واقف على خارجتها ودفنتها، واكيد من وسط دا كله هيديها مقابل حتى لو إهتمام كداب هي راضيه بيه.. الموضوع هيكون موصلحة متبادله، هات وخد.. ونس مقابل فلوس، صفقة رابحه للطرفين.. فأبتدت تدي إشارات لعزام بإنها موافقة، وهو بذكائة لقطها من أول إشارة، وعرف بيها إنه فاز على الدنيا فلعبتها وهياخد منها اللي اتمناه. 



أما في الأكاديمية... 

أركان قافل تليفونه، ابوه وامه وجده ماهر بيحاولوا يتصل بيه ومفيش حد عارف يوصله، أبوه راحله وحاول يتكلم معاه ملقيش منه أي رد علي كلامه مهما اتكلم فمشي وسابه وهو مغلوب على امره. 


حاول يمان لكنه قافل نهائي الكلام في الموضوع ده، فسكت يمان وخصوصًا انه معندهوش لا وقت ولا طاقة لآركان في الفترة دي. 

اركان نفسه بدأ يحاول يصرف نظره عن الموضوع ورجع لتدريباته وتمارينه


في الوقت الحالي في المكتب عند يمان كان بيتكلم في التليفون:


-تمام ياغريب انا هفتح المخازن وأجهزها متقلقش. 


غريب:

- بس أهم حاجة محدش من طلاب الاكاديمية. يشوف ولا يعرف حاجة عن المخازن ولا الأسلحة المتخزنة فيها، أنا هبعتهالك الساعة ١٢ توصل عندك الساعة ٣، هبعتلك معاها اتنين من رجالتنا، وانت وأركان هتقدروا فمتستعينش بحد تاني. 


يمان:

-متقلقش هعمل كل اللي قولت عليه وهاخد كل احتياطاتي.


قفل غريب مع يمان وكلم الناس اللي هتجهز شحنة الأسلحة، واداهم الميعاد.. قفل معاهم واتصل بليل إطمن عليها وحكتله عاللي عمله قاسم في أركان واللي معرفتهوش من جواهر غير من كام ساعة، فاتصل غريب بأركان اللي رد عليه بعد كذا رنه وإلحاح:


-ايوه ياعمي، معلش كنت في التدريب مكنتش فاضي ارد على التليفون. 

غريب:

-اركان هسألك سؤال هيختصر كل الكلام اللي ممكن يتقال"انت عندك شك فمحبة ابوك ليك؟" 

رد عليه اركان بنفي:

-لا طبعًا انا اغلى حاجة في الدنيا عند بابا. 

غريب:

-طيب ايه دلوقتي؟ أبوك زمانه دلوقتي منهار من الندم والزعل والخجل من نفسه، يرضيك حد يكون بيحبك الحب دا كله تسيبه للشعور المؤلم ده؟ ياخي بصلي وشوف هو عمل ايه فيا زمان وسامحته وغفرتله مع اني شفت الويل ٤ سنين بسببه، عارف لو واحد غيره كان زماني ماحيه من على وش الدنيا، بس عشان هو حبيبي وعارف إنه لا يمكن يفكر يأذيني وان كل اللي عمله فيا كان بحسن نيه سامحته..وانت مفيش قدامك غير إنك تسامحه، دماغه تركيبها كده ومش هناخد الحلو اللي فيه ونقفله قدام الوحش، إيه يعني لما يدمر صاحبه ويكسر إبنه ويجلط جوز أخته.. انت عارف ياأركان إن أبوك اللي شل أبويا بعمايله فيه وكلنا عارفين بس مبنقولش. 


ابتسم أركان ورد على غريب بهدوء:

-عندك حق انا جايز أكون أفورت في رد فعلي بس دا من صدمتي مش اكتر، انا لحد الساعة دي مش مستوعب ازاي بابا عمل كده؟ 


غريب:

-بص فيه حاجات كده بتتصنف على إنها خوارق للطبيعة بتحصل ومحدش يلاقيلها اي تفسير، وبعض تصرفات أبوك من ضمنها.. ودلوقتي نام شويه عشان النهاردة هتسهر للصبح، فيه شحنة أسلحة هتستلمها مع عمك يمان وتنزلوها المخازن،وأوعي حد من اللي حواليك يعرف بالكلام ده 


اركان:

-متقلقش ياعمي محدش هيعرف حاجة. 

قفل اركان مع غريب وبص في التليفون بتاعه وهو بيفكر وبعد تفكير اتصل على أبوه اللي رد من أول جرس، واول مارد عليه قاله اركان بهدوء:


-طيب انا حبيت كهرمانه وعايزها دلوقتي، تتصرف وتجيبهالي انا مليش دعوه. 


قاسم:

معلش ياأركان حقك عليا انا غلطان. 


اركان:

-طيب قولي بس انا بعد الإعترافات الصادمة والتفاصيل اللي حكيتهالك دي كلها وانا زي الجردل فاكرك بنت، اعمل فيها إيه وأبص فوشك ازاي بعدها. 

قاسم:

-لأ ولا يهمك انا ولا كأني سمعت حاجة، وبعدين دي حاجة تخليك فخور بنفسك، دانا من كتر ماأعجبت بشخصيتك المثالية المش موجودة اصلا اللي كنت بتوصفها للبنت حبيتك واتمنيت لو عندي إبن زيك. 


ضحك اركان وسكت بعدها وأبوه اتنهد وقاله:

-أركان.. كفايه كده ياحبيبي وأديك عرفت انك ممكن تحب تاني وتتعلق، نجمه خلاص بقى ليها حياة وكونت أسرة وقريب هتبقى أم، وأنت كمان إبتدي عيش حياتك واتأقلم على عدم وجودها. 


اتنهد أركان ورد عليه:

-والله بحاول وقريب هعمل كده، الموضوع مش سهل بس هيحصل اكيد، سيبك بس انت دلوقتي وخلينا في المهم، أنا شايف إن فيه خطوات فعلية بدأت في البلد من حيث الإستعدادات، هو الموضوع قريب! 

قاسم:

-أقرب مما تتخيل، أيام أو ممكن يوم، ساعات ربما، شرارة البداية بتنطلق في لحظة وساعة الصفر متوقفه على بوست من الثورجيه وتتفجر قنبلة التمرد. 


أركان:

-طيب وتوقعاتك ايه يابابا للموضوع ده؟ 

قاسم:

-خراب في البلد ياأركان، بس هيكون زي العاصفه اللي هتاخد معاها كل الحاجات الضعيفة اللي ملهاش جذور، وعلى قد حجم الخراب هيكون فيه عمار بعدها، كل حاجة هتتعوض إلا الأرواح اللي هتتحصد. 


أركان:

-هو فيه ناس ممكن تموت؟ 

قاسم:

-طبعًا يبني مش حرب والحرب لازم ليها ضحايا، ومعظم الضحايا هتكون شباب زي الورد. 

اركان:

طيب وإيه ذنبهم؟ 


قاسم:

-من غير ذنب، قرابين للثورة. 

أركان:

-ربنا يسترها عليهم 

قاسم:

-ربنا يسترها علينا كلنا..بقولك.. اقفل معايا واتصل على امك طمنها هتموت من القلق عليك. 


قفل اركان فعلًا مع ابوه واتصل على امه اللي اول ماردت عليه قالتله:

-عارف ياأركان انا طول عمري مبحبش اللي بياخد ذنب حد بحد، وانت عملت معايا كده وعاقبتني على حاجة مليش يد فيها، حقيقي زعلت منك قوي واخدت على خاطري وحسيت اني مليش اي قيمة عندك. 


أركان:

-حقك عليا ياحبيبتي، بس انا بجد مكنتش متحمل اي كلام ولا قادر أتكلم مع اي حد، وعارف اللي هيتقال، فكنت مستني لما أهدى عشان أعرف اتكلم. 


جواهر:

-أركان عايزه اقولك حاجة وشايفه إن دا وقتها. 

أركان:

-قولي ياأمي. 

جواهر:

-إيه رأيك أخطبلك زينب بنت رحاب، والله ماهتلاقي زيها لا فأخلاقها ولا تربيتها ولا طباعها. 


اركان:

-لا ياأمي انا مش مستعد لخطوة زي دي دلوقتي خالص، ومش هرتبط بوحده وأنا عندي ذرة مشاعر فقلبي لوحده تانيه، انا لما اجي ارتبط لازم يكون قلبي نضف من كل اللي فيه وتيجي بنت الناس تسكنه على نضافة لأنها تستحق.. أي وحده تستاهل انها زي ماسابت حياتها واهلها وكل دنيتها وراحت بيت جوزها واكتفت بيه عن الكل انها هي كمان تكون كل حاجة فحياته. 


جواهر:

- حبيبي براحتك طبعًا بس ياريت تحطها فبالك وتشوفها وتاخد بالك منها جايز تلاقي فيها اللي بتدور عليه .

اركان:

-أوعدك هيحصل لما يجي أوانه. 

خلص اركان كلامه مع أمه وقفل تليفونه وحاول إنه ينام شويه عشان المهمة اللي مستنياه بالليل. 


اما عند ليل... 

غريب اتصل بيها عشان يطمن عليها فلقى نبرتها مش تمام فسألها:

-ليل هو فيه حاجة.. انتي تعبانه؟ 

ردت عليه بتعب:

-له مش تعبانه بس مشتاقه. 

غريب:

-ياروح قلبي، والله هجيلك بس اخلص شغل. 

ليل:

-له مش قصدي عليك اني مشتاقة اني ازور البلد وقبر أمي وأبوي وسند وأطلع حاجة على روحهم. 


اتنحنح غريب ورد عليها:

- طيب محدش علمك لما تقصفي تقصفي بالراحة.. احرجتيني. 

ضحكت ليل وردت عليه بسرعة:

-لا والله ماقصدي، يتقصف عمري قبل مااقصفك يانور عيني..وبعدين انت خابر زين انك دايمًا عالبال والخاطر والحنين ليك موصول علي قول الست، وكنت زعلت صوح لو قولتلك انك هبيت على بالي النهاردة واشتقتلك، عشان ديه معناه إن عقلي فصل عن التفكير فيك ورجع افتكرك. 


ضحك غريب ورد عليها:

-طول عمرك بتعرفي تغلبيني بالكلام، مبعرفش آخد منك حق ولا باطل. 


ليل:

-يادقة القلب دا انت تاخد مني الحق والباطل والقلب والعين والأنفاس والعمر والروح وكل حاجة فيا. 


غريب:

-طيب كفاية ولا ابعتر الأوراق القدامي دي واقوم اجيلك دلوقتي وتولع البلد باللي فيها؟ 

ردت عليه ليل بضحكة:

-له يابوي وعلى ايه سكتنا اهه، مقولتليش هروح البلد ميته؟ 

غريب:

-مابلاش اليومين دول ياليل واقريلهم الفاتحه ووزعي اللي عايزه توزعيه هنا.. وضع البلد مش مستقر وممكن بين لحظة والتانيه الحال يتقلب..وغير كده انا مش فاضي. 

ليل:

- هروح واجي طوالي مسافة الطريق، ولو على جيتك معاي بلاها.. آخد أي حد يوديني ويجيبني. 


غريب:

-لا حيث كده بقى مادام مصممة مش هآمن عليكي مع حد غيري، هسيب كل حاجة واجي معاكي، حضري نفسك والبسي وهاتي علاجك مسافة السكة وجايلك. 


ليل:

-والشغل؟ 

غريب:

-يولع وتولع أي حاجة أهم حاجة عندي ان انتي تكوني مبسوطة ومرتاحة. 

ليل:

-ربنا يباركلي فيك ويخليك ليا ياضي عيني. 

قفلت معاه وابتدت تجهز قوام قوام واخدت علاجها وأكل ليه وليها ياكلوه في الطريق وزي ماقالها فعلًا مسافة الطريق وكان غريب سايب الدنيا وواقف قدام الفيلا بيتصل بيها عشان تطلعله. 


وراحو على البلد وغريب في الطريق سحب مبلغ كبير وقرر انه المرادي هيوزع صدقات على البلد كلها عشان يداوي ليل بالصدقة. 


وفعلًا أول ماوصلوا ليل راحت عالمدافن بمخبوزات وحلويات جابتها من الفرن، وغريب قعد مع الراجل اللي مكلفينه بحراسة البيت وطلب منه يجيبله ٣ عجول كبار عشان يدبحهم ويوزعهم على أهل البلد. 

وكل دا حصل في خلال ساعات معدودة، والدبايح جابلها ٣ جزارين عشان ينجزوا.

واتوزعت اللحمة على البلد كلها.. وزي ماكان فيه دبح عند ليل وغريب، كان نفس الشيء عند مصرية فسرايتها!! 


ومن ضمن البيوت اللي اتوزع عليها من لحمة غريب كان بيت مؤمن، واللي بعد شوية حد تاني خبط على بابهم وهما هيتغدوا وقامت نواره تفتحله، وأول ماشافته معاه كيس فيه لحمه قالتله:

-هو فيه إيه النهاردة ماخدنا يابوي انتوا اتخربطتوا في البيوت اللي وزعتوا عليها ولا ايه؟ 

رد عليها الواد الصغير:

له يابوي دوكها كانت من الباشا جوز خالة ليل، ديه من الست مصرية صاحبة السرايا. 

مدت نواره يدها مسكت منه اللحمة وبصتلها بإستغراب وسألته:

-ايه ديه يعني مصرية قالتلك ودي اللحمة دي بيت مؤمن؟ 

رد عليها وهي بيتحرك من قدامها:

-أيوه قالتلي وزع على كل أهل البلد واللي يسألك قوله ديه حلوان خطوبة الست مصرية. 

نواره:

-خطوبة مصرية؟ 

الولد:

-إيوه على الباشمهندز عزام واد عمي شاكر. 

قال كلمته وجري من قدامها وهي دخلت البيت وهي عامله كيف التور اللي شاوروله بقماشة حمرة، رمت اللحمة على الطبلية قدام عيشة وأبوها وقالت لعيشة بسخرية:

-خدي واد اختك باعتلك لحمة كلي وبري نفسك، عارفه اللحمة دي بمناسبة ايه، واد اختك طيب على مصرية وأكيد مستنيين عدتها تخلص عشان يتجوزوا.. شوفتي القضية مين اللي باعها وطرمخ عليها وليه ياخالة، عرفتي دلوك مين اللي من البداية دبر وخطط لمصرية وكان عينومنا عشان يعرف يطبخها على رواقة، عرفتي ان مفيش أمان لحد وان الكل كلاب فلوس. جالك كلامي وصدق عندك احساسي لما قولتلك، عرفتي اني كنت على حق وان قلبي كان دليلي؟! 


بصت عيشه لكيس اللحمة وبصت لنواره وهي مش مستوعبة اللي نواره قالته، عزام ومصرية؟ طب كيف.. حاجة تمخول العقل صوح؟! 


اما نواره فلبست طرحتها وخدت ولدها وطلعت من البيت جري، سألها ابوها قبل ماتطلع:

-رايحه فين يانواره؟ 

ردت عليه بعصبية:

-رايحه اجيب حقي وحقي ولدي يابوي. 


طلعت من بيتها وخدت الطريق فخطوتين وكانت واقفه قدام سراية مصرية هتزعق بعلو حسها وهي هتخبط عالباب:

-افتحوا ياضلاليه ياللي ماتعرفوش ربنا، افتح ياعزام خليني اباركلك على الجوازة والعز، افتح ياعم شاكر وهاتلي كيس لحمة تاني زيادة من اللي هتفرقوها من فرحتكم انى أولى بكيس زيادة عشان احن لبن لليتيم اللي حتى القرشين اللي كانوا فبيتي وكنت هتسند عليهم خليتوني صرفتهم وقعدت يامولاي كما خلقتني، قال واني اللي كنت عقول على وفقي شيطان، دا طلع جاركم ملاك بجناحين ياأبالسه. 


اتفتحت البوابه وظهر من وراها عزام واللي كانت ملامحه متبشرش بخير وقال لنواره بمنتهى الهدوء:

- إكتمي حسك ميعلاش وتاخدي ولدك وتعاودي من موطرح ماجيتي، ليكيشي حاجة إهنه ووقفتك دي وزعابيبك مفيش منهم اي فايده، عاودي ووفري على روحك التعب، ولو عايزه لحمة زيادة العيون ليكي لحد بيتك يوصلك اللي يشبعك. 


نواره سمعت كلامه واتصدمت ورجعت لورا، وابتسامة مصرية بشماته وهي بتظهر من ورا عزام كانت القاضية ليها، واللي خلت نواره قالتلها:

- اضحكي واتشمتي يامصرية يحقلك، طول عمرك شاطرة وقرشك صياد وهيشتري كل حاجة حتى الناس. 

كانت هترد عليها مصرية لكن عزام منعها وهو اللي رد علي نواره:

-. مصرية مش هترد عليكي عشان راجلها واقف وهو اللي يرد عنها، روحي هاتيلي راجل اتحدت معاه عشان اني معتحدتش مع حريم، ديه لو عندك. 


خلص كلامه وقفل البوابة فوشها ونوارة صرخت صرخة بغل وغيظ خلت عزام غمض عيونه من كتر ماحس انها طالعه من روحها. 

يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة